قال الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: يوجد ارتباط وثيق بين زيادة الوعي عند الشعب المصري، كما ظهر بوضوح في الإقبال على التصويت في الانتخابات الرئاسية الأخيرة وبين عودة الثقة بمؤسسات الدولة، ومنها المؤسسات الدينية، وخاصة دار الإفتاء، وهذا يظهر بوضوح في إقبال أفراد المجتمع على خدمات الدار، ومن أهمها الزيادة المطردة في عدد الفتاوى الصادرة في كل عام عن العام الذي قبله.

جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية صدى البلد، مضيفًا فضيلته أن دار الإفتاء لديها منهجية متكاملة نابعة من فهم العلماء الأوائل على مدى التاريخ، ومن حضارة فقهية ومنهجية لم يشهد التاريخ مثلها حيث إن منهجية دار الإفتاء تراعي السياق المجتمعي والواقع المعيش فيه والقوانين مع مراعاة ضوابط وأحكام الشرع وقت إصدار الفتاوى، وهذا يؤكد عراقة دار الإفتاء التاريخية باعتبارها المؤسسة الأهم في مجال الفتاوى ومعالجتها، وكونها أول مؤسسة دينية تغزو الفضاء الإلكتروني لنشر صحيح الدين ومواجهة الفكر المتطرف.

وشدَّد مفتي الجمهورية على أن هناك جملة من المعاني تؤكد عدمَ جمود الفقهاء في المجالات العملية، خاصة في الفتوى على رأي واحد، بل راعوا الرأي الآخر المخالف ولم ينكروه ولم ينسبوه إلى الخطأ والقصور، بل نظروا في كيفية الاستفادة منه باعتباره يمثل فسحة وسَعة على المكلف، ما دام قد صدر عن مجتهد من أهل الاختصاص، وها هو الإمام القرافي يدعو للإفتاء بعُرف المستفتي فيقول: "وعلى هذا تراعى الفتاوى على طول الأيام، فمهما تجدد في العرف اعتبره، ومهما سقط أسْقِطه ولا تجمد على المسطور في الكتب طول عمرك، بل إذا جاءك رجل من غير أهل إقليمك يستفتيك لا تُجْرِه على عرف بلدك واسأله عن عرف بلده، وأَجِرِه عليه وأفته به دون عرف بلدك والمقرر في كتبك، فهذا هو الحق الواضح، والجمود على المنقولات أبدًا ضلالٌ في الدين وجهلٌ بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين".

واستشهد المفتي على تلك الخبرة المتراكمة والمقترنة بإدراك الواقع بفتاوى الطلاق مشيرًا إلى أن الدار استقبلت أكثر من 300 ألف فتوى طلاق خلال آخر 5 سنوات أغلبها عبارة عن أيمان وحلف بالطلاق، يقع منها حالات معدودة وقليلة جدًّا، وذلك لأن علماء دار الإفتاء لديهم من الخبرة ما يستطيعون به معرفة هل كان هذا طلاقًا واقعًا أم يمينَ طلاق؟ وذلك من خلال خبرتهم المتراكمة التي تلقَّوها عن مشايخهم ولا توجد في الكتب.

واختتم مفتي الجمهورية حوارَه بالتأكيد على أنَّ دار الإفتاء المصرية حرصت في عملها وفتاواها أن تعمل على حفظ استقرار المجتمعات والدولة الوطنية، والدعوة إلى قَبول الآخر والتناغم معه في سبيل البناء الحضاري للإنسان والتعاون المشترك، مشيرًا إلى أن المصريين -مسلمين ومسيحيين- عاشوا على أرض مصر عبر التاريخ جنبًا إلى جنب، بيوتًا متجاورة، ومصالح مشتركة، وأهدافًا واحدة، متضامنين متحابين في سبيل الوطن، رخاءً وأمانًا، حربًا وسلامًا، حتى يَئِست منهم كل محاولات الوقيعة التي تتعمَّد نشر الفوضى وزعزعة الاستقرار، فهؤلاء المغرَّر بهم من المتطرفين والأعداء لم يقرءوا التاريخ جيِّدًا ولم يعرفوا تلاحم هذا الشعب الصامد عبر العصور ضد الوقيعة.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية مؤسسات الدولة دار الإفتاء المصرية فتاوى خدمات دار الإفتاء مفتی الجمهوریة دار الإفتاء

إقرأ أيضاً:

"اعتبروه ضالًا".. مفتي الجمهورية يكشف محاولات الإخوان لهدم منهج الأزهر (فيديو)

قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إنه منذ عام 1928 - وهي سنة تأسيس الإخوان- كانت هناك محاولات واضحة لإقصاء العلماء ووصفهم بأنهم علماء سلطان لضرب مصداقيتهم، بعد أن قام هؤلاء العلماء ببيان فساد منهج هذه الجماعة التي كانت ترى منهج الأزهر الشريف منهجًا ضالًّا.

مفتي الجمهورية: ثورة 30 يونيو حمت مصر من حرب أهلية (فيديو) مفتي الجمهورية: عماد عملية الفتوى الإجابة عن 4 تساؤلات (فيديو)

وأضاف المفتي خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق ببرنامج "اسأل المفتي"، المذاع على فضائية "صدى البلد" اليوم الجمعة، أن منهج الأزهر يعتمد على التعددية دون إقصاء من خلال دراسة كافة المذاهب الإسلامية وَفْقَ منهجية علمية، وهي تعددية تُحدث حالة من عدم الإقصاء والاحتواء والتقارب بين المسلمين جميعًا، والجميع يتَّفق على أن المذاهب هي مناهج لفهم الفقه الإسلامي، وجميعنا على قلب رجل واحد.

خطف المنهج الأزهري 

وبيَّن المفتي أنَّ جماعة الإخوان أرادت أن يُختطف المنهج الأزهري ولا يكون موجودًا، وظهرت دعوات تدعو إلى كل ما يخالف المنهج الأزهري، مثل محو فكرة المذهبية الفقهية والعودة إلى الكتاب والسُّنة فقط دون الاعتراف بالمذاهب الفقهية المعتبرة.

وتابع: جماعة الإخوان ثارت دعوات مثل نحن رجال وهم رجال، ونسوا أن الدين علم ومنهج ولا بد من إيجاد قواعد وأصول وتخصص للتعامل مع النص الشرعي وفهمه، وهو ما توفر في المذاهب الفقهية وعلمائها، ولكنهم أرادوا محو كلِّ هذا والاعتماد على تفسيراتهم الخاصة.

استهداف الفكر الأزهري

وأكمل: الأزهر يُعلم ويبني العقول دون غرض سوى العمران في الأرض وتحقيق الاستقرار في المجتمعات، وكل من درس في الأزهر متحققًا بمنهجه لا يصدر عنه إلا ما يحقق البناء في كافة المجالات، فالأزهري الحقيقي هو عنصر بناء وليس عنصر هدم.

وأكَّد المفتي أن الفكر الأزهري مستهدف، وعلينا التمسك بالأزهرية مع تطوير أفكارنا، فلا نقف عند حدود الماضي وأن يكون هناك تطور ونقد وبحث، وأن يطور الأزهري من نفسه، مشددًا أنه ما دام الأزهر موجودًا فهو السد المنيع أمام الأفكار الفاسدة والمتطرفة.

مقالات مشابهة

  • مستشار مفتي الجمهورية يكشف أهم ملامح المؤتمر العالمي التاسع للإفتاء
  • خلال 14 عاماً.. تسجيل نحو 130 ألف حالة طلاق في كوردستان واتحاد الرجال يحدد سببين
  • وزير الأوقاف يستقبل مفتي الجمهورية ونقيب الأشراف
  • أمين الفتوى: “الأمل” درس مستفاد من الهجرة النبوية الشريفة
  • مفتي الجمهورية: الهجرة النبوية تمثل حدثًا تاريخيًّا فارقًا في الإسلام
  • 6 سنوات «حياة كريمة».. 45 ألف متطوع في خدمة أكثر من 4 ملايين مواطن
  • النيابة الإدارية تستقبل الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية
  • «الإفتاء»: غدا السبت المتمم لذي الحجة وأول السنة الهجرية الأحد
  • "اعتبروه ضالًا".. مفتي الجمهورية يكشف محاولات الإخوان لهدم منهج الأزهر (فيديو)
  • وزيرة التنمية المحلية تهنئ مفتي الجمهورية بالعام الهجري الجديد