شهدت العلاقات الأردنية مع الاحتلال الإسرائيلي، هذه العام توترات عديدة على خلفية استمرار الاحتلال الإسرائيلي في شن حرب مدمرة على قطاع غزة، سبقها تهديدات مست الوصاية الهاشمية الأردنية على المقدسات الإسلامية، إذ بدا الخطاب الرسمي أكثر حدة مما سبق، إلا إنه يجمع خبراء أن الأردن لا يسعى للصدام مع "إسرائيل".

 

بدأ العام 2023، بتحذيرات أردنية من تفاقم الأوضاع في القدس والضفة الغربية وانعكاساتها على المنطقة، وختم العام بتهديدات من تفاقم الحرب الإسرائيلية على غزة التي جعلت من "كل الخيارات مطروحة على الطاولة"، تمسكا برفض الحرب على غزة من جهة و انصياعا وراء ضغوطات شعبية من أجل إنهاء التطبيع مع الاحتلال الإٍسرائيلي من جهة أخرى. 

تحدي الاحتلال الوصاية الهاشمية 
رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، خالد شنيكات يقول لـ عربي21 إن العلاقات الأردنية الإسرائيلية  بدأت في العلن عام 1994 وفقا لاتفاقية وادي عربة والتي تضمنت ملاحق تعاون في عدة مجالات، وتطورت تلك العلاقات بحكم انقطاع الغاز المصري في 2011 وأصبح الأردن بحاجة لغاز بديل وتم توقيع اتفاقية الغاز مع إسرائيل .

ويرى شنيكات أن دخول الولايات المتحدة وهي الحليف الرئيسي للاحتلال،  كخط ثالث ساهم في انفتاح الأردن على الاحتلال وتطور العلاقات أكثر. 

ويقول شنيكات أن" العلاقات في عام 2023 واجهت مشكلة تكمن في تحدي الاحتلال للوصاية الهاشمية من خلال اقتحامات متكررة للمسجد الأقصى، والتي احتج الأردن عليها كثيرا، إلا أن الاحتلال استمر في التحدي وممارسة الاقتحامات أملاً في تغيير الوضع الراهن ". 



وتعد دائرة أوقاف القدس، التابعة لوزارة الأوقاف والمقدسات والشؤون الإسلامية في الأردن، هي المشرف الرسمي على المسجد الأقصى وأوقاف القدس، بموجب القانون الدولي. 

وقام الاحتلال الإسرائيلي خلال العام 2023 عشرات الاقتحامات، بدأت في الثالث من يناير، إذ اقتحم الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير المسجد الأقصى عبر باب المغاربة في الجدار الغربي، وسط حراسة مشددة، وأجرى جولة في باحاته، وقام الأردن بإدانة الاقتحام ووصفها بـ" الاستفزازية".  

مضى أسبوعان على الحادثة، لتعلن الخارجية الأردنية استدعاء سفير تل أبيب لدى عمان إيتان سوركيس، وأبلغته رسالة احتجاج شديدة اللهجة، على منع الشرطة الإسرائيلية السفير الأردني في تل أبيب غسان المجالي من دخول المسجد الأقصى، قبل أن يتمكن من دخوله بعد ساعات.

بعد أسبوع واحد من الحادثة دعا الملك عبدالله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في العاصمة عمان، إلى ضرورة الالتزام بالتهدئة ووقف أعمال العنف في الأراضي الفلسطينية.

في الشهر الرابع من العام استضاف الأردن اجتماعا ولقاء يعد الأول من نوعه بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي  بحضور ممثلين عن الولايات المتحدة والأردن ومصر، إلا أن تل أبيب لم تلتزم بمخرجاته.

وفي الثاني من شهر مارس / آذار، دعا وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، إلى تدمير بلدة حوارة الفلسطينية، قائلاً: "إن قرية حوارة يجب أن تُمحى، أعتقد أن على دولة إسرائيل أن تفعل ذلك لا أفراد عاديون".

الأردن أدان تلك التصريحات ووصفها بـ "التحريضية"، معتبرا أن "الدعوات المؤججة للعنف تنذر بعواقب خطيرة، وتمثل انتهاكا للقانون الدولي الإنساني".

وبعد أسبوعين من تصريح سموتريتش، اقتحم الجيش الإسرائيلي مدينة جنين، وقتل 4 فلسطينيين، وأصاب 23 آخرين، لتدين عمان ذلك وتدعو إلى وقف الحملات ضد الشعب الفلسطيني "بشكل فوري".

لم يمر سوى 4 أيام، حتى عاد سموتريتش إلى الواجهة مرة أخرى، بعد استخدامه خريطة تضم حدود المملكة وفلسطين إلى إسرائيل، وإنكاره "وجود الشعب الفلسطيني"، ليصف الأردن ذلك بالموقف "العنصري الأرعن".

واستدعت الخارجية الأردنية حينها سفير تل أبيب لديها، إيتان سوركيس، وأبلغته "رسالة احتجاجٍ شديدة اللهجة لنقلها على الفور لحكومته".

وعلى إثر ذلك، وافق مجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى للبرلمان) على مقترح بطرد السفير الإسرائيلي من المملكة، إلا أن ذلك لم يحدث.

وفي اليوم التالي، أدان الأردن تصديق الكنيست الإسرائيلي، بالقراءتين الثانية والثالثة على ما يعرف بـ"قانون الانفصال" الذي يسمح للمستوطنين بالعودة إلى 4 مستوطنات في الضفة الغربية أخليت عام 2005، معتبراً حينها بأنها إجراءات "تعرقل" الوصول إلى السلام.

في إبريل/ نيسان، أوقفت إسرائيل، البرلماني الأردني عماد العدوان، أثناء مروره بسيارته من أراضي المملكة إلى الضفة الغربية عبر جسر الملك حسين، وزعمت أنه حاول تهريب أسلحةً وذهبا، وبعد أسبوعين، قامت بتسليمه لسلطات بلاده، وتم رفع الحصانة عنه وجرى تحويله لمحكمة أمن الدولة.

وفي مايو/ أيار، اقتحم بن غفير المسجد الأقصى للمرة الثانية، كما قام بذلك مئات المستوطنين، بينهم وزير تطوير النقب والجليل الإسرائيلي إسحاق فاسرلاف، وأعضاء من الكنيست عن حزب "الليكود" الحاكم.

أدانت عمان وقتها الاقتحام ووصفته بأنه "تصرفات استفزازية مرفوضة".

كما أدان الأردن، منتصف يونيو/ حزيران اعتزام الحكومة الإسرائيلية إصدار قرار يُسرّع من إجراءات بناء المستوطنات وتوسيعها في الضفة الغربية المحتلة، وعملية عسكرية في جنين، قُتل خلالها 4 فلسطينيين.


تذبذبات سياسية ودبلوماسية 
أستاذ العلوم السياسية نضال أبو زيد يقول لـ عربي21 " أن العلاقات الثنائية بين البلدين تضبطها بنود اتفاقية السلام وخاصة مواضيع  التنسيق والحدود والمياه، إلا إنها شهدت مؤخرا تذبذبات سياسية ودبلوماسية، وفي ظل حكومة نتنياهو تعمقت الخلافات بشكل أكبر،  ووصلت لمرحلة القطيعة الغير معلنة".  

وأَضاف أبو زيد :" أصبحت الدبلوماسية الأردنية الإسرائيلية خشنة، والسبب هو وجود الأحزاب اليمينية الدينية داخل الحكومة الإسرائيلية، والتي حاولت خلال العام فتح ملفات حساسة بالنسبة للأردن وهي ملف أراضي الأغوار الشمالية والوطن البديل، وتعمقت الخلافات أكثر عندما عرض وزير المالية خارطة تتضمن فكرة الوطن البديل على حساب الأردن، مما تسبب في تصعيد حدة الخطاب الأردني".  

وتابع:" رغم وجود اتفاقية إلا أن الجانب الإسرائيلي منع قوافل التزويد من الدخول لإغاثة غزة، الأمر الذي دفع الأردن لكسر القرار وقام بعمليات إنزال متكررة، كما نجح الأردني في حشد دولي لتكذيب الرواية الإسرائيلية و إيصال حقيقة الانتهاكات التي ارتكبها الاحتلال في غزة وهو ما أغضبهم ". 

وقال شنيكات " أن الخطاب الرسمي الأردني يتحدث عن ضرورة وقف الحرب، والاحتلال يرفض ذلك، مما أدى إلى وجود فجوة سياسية قام الأردن على خلفيتها إعادة الحديث عن الاتفاقيات التي تجمعه مع الاحتلال إلا أن الحديث ما زال في إطار الدائرة الدبلوماسية".  

وعن السيناريوهات المتوقعه قال أبو زيد : "في ظل كل هذه المؤشرات وفي ظل وجود حكومة نتنياهو، لا أعتقد أن العلاقات ستعود كما كانت، وسيقوم الأردن بإقامة علاقات مع المعارضة التقليدية لأن المصلحة الاردنية تكمن في إسقاط الخطاب التصعيدي لليمين المتطرف". 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتلال غزة الضفة الغربية الاردنية الاردن غزة الضفة الغربية الاحتلال المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المسجد الأقصى مع الاحتلال تل أبیب إلا أن

إقرأ أيضاً:

الخليل أبدى ارتياحه لما تم انجازه من سياسات هادفة الى التعافي المالي

عقد في وزارة المالية اجتماع عبر تقنية الزوم رأسه وزير المالية الدكتور يوسف الخليل، في حضور مدير المالية العام جورج معراوي والمستشارة الاقتصادية زينة قاسم مع مجموعة استشاريي وكالة التصنيف العالميةStandard & Poors جرى في خلاله عرض لنتائج المالية لسنة 2024 ، التي اعدتها الوزارة حيث كشف الخليل عن فائض يساوي 27 تريليون ل.ل. في نهاية العام 2024 (بحسب احصاءات دائرة السيولة في مديرية الخزينة) وذلك نتيجة سياسة تعزيز الواردات وجهد الادارة الضريبية في تفعيل الالتزام والتحصيل حيث بلغت الايرادات النقدية 366 تريليون ل.ل. (4.1 مليار $) أي 19% زيادة عن ما كان مرتقبا في موازنة 2024 ، ورغم بعض التباطؤ في وتيرة التحصيل جراء تمديد المهل وظروف الحرب التي نتجت عن العدوان الاسرائيلي على لبنان و ما ادى الى نزوح و دمار.
 
ولفت الوزير الخليل الى "ان المالية العامة عاودت، خلال العام 2024، تسديد جميع المستحقّات من ديون داخلية (28 تريليون ل.ل.) و خارجية (القروض الميسّرة وغيرها من الاشتراكات في المؤسسات الدولية مع تسديد لبعض المتأخّرات أيضا عن السنوات 2002-2023 بمبلغ $368 مليون)"، معربا عن "أهمية الالتزام بالمتوجبات، بحسب الامكانيات المتاحة بغية اعادة الثقة و دعم مكانة لبنان في المجتمع الدولي والحفاظ على امكانية استقطاب المساعدات المالية و القروض الميسرة التي يبقى لبنان بحاجة ماسة اليها، خاصة في المرحلة المقبلة".
 
وشدّد الخليل على" ضرورة وضع ملف اعادة هيكلة محفظة اليوروبند على جدول الأولويات، و أسف للظروف التي سادت فترة توليه حقيبة المالية والتي لم تكن مواتية للتداول مع الدائنين"، مؤكدا "أهمية تجاوز أزمة المديونية والتعثر عن الدفع وأبعادها السلبية، لتمكين لبنان من العودة الى الاسواق المالية واستقطاب التمويل اللازم للنهوض باقتصاد فعال".

وتطرق الى النتائج المالية للعام 2024، مشيرا الى "ان مجموع الانفاق بلغ 340 تريليون ل.ل. (3.8 مليار $) مع التأكيد على الجهد في صرف الاعتمادات و سلف الخزينة التي أصدرتها الحكومة لاغاثة النازحين و المصابين جرّاء الحرب المدمرّة، الى جانب ما تم تسديده من مستحقات للضمان الاجتماعي والبلديات في موضوع النفايات وسواها، وشركة كهرباء لبنان"، مشددا على "أهمية الالتزام بمبدأ التمويل الذاتي، مع اليقين أن الملاءة المالية تبقى اليوم، في غياب أي مصادر تمويلية أخرى، ضمانة الاستقرار المالي والنقدي، لتفادي انزلاق البلاد في حلقات التدهور التي شهدتها قبل البدء بتنفيذ السياسات التصحيحية في موازنات 2022 و 2024 الى جانب الاجراءات التي أصدرتها وزارة المالية في ما خص ادارة السيولة خلال الاعوام 2023-2024".

واعتبر الخليل "أن الفائض التي حققته الخزينة في العامين 2023 (364 مليون $) و 2024 (298 مليون $) كان الركيزة الاساس في استقرار سعر الصرف، و التراجع الملحوظ في التضخم، وذلك بحسب مؤشّر الاسعار (الذي تنشره ادارة الاحصاء المركزي) والذي انخفض الى 18% نهاية العام 2024 (و كان بمعدّل 56%خلال العام)  بعدما كان يعادل 222% في العام 2023 و 184% في العام 2023 .
 
وختم الخليل معربا عن ارتياحه لما "تم انجازه من سياسات هادفة الى التعافي المالي، وذلك رغم التحديات العديدة التي واجهتها البلاد في الاعوام الثلاثة الاخيرة رغم أن العقبات أمام النهوض باقتصاد فعال لا تزال قائمة"، آملا من العهد الجديد "السير قدما بازالة العوائق في سبيل اعادة الاعمار والازدهار".

مقالات مشابهة

  • أستاذ علوم سياسية: صمود الشعب الفلسطيني رسالة للعالم بفشل خطط الاحتلال
  • بنغلاديش تمنح السفير الدحيلان “وسام التميز الدبلوماسي”
  • "ثقافتنا في الأردن".. ندوة تستعرض أواصر الثقافة المصرية الأردنية بمعرض الكتاب
  • مدبولي: مصر حققت في 2023 أعلى رقم في تاريخ السياحة المصرية (فيديو)
  • الطلاب اليمنيون المبتعثون في الأردن ومصر يشكون تأخر مستحقاتهم ومواجهة ظروف معيشية قاسية
  • الخليل أبدى ارتياحه لما تم انجازه من سياسات هادفة الى التعافي المالي
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: لن نسمح بالعودة إلى واقع ما قبل 7 أكتوبر 2023
  • عاجل | القناة 12 الإسرائيلية: قوات الجيش الإسرائيلي تبدأ بالانسحاب من محور نتساريم
  • المقاطعة الشاملة: هل تُغيِّرُ قواعد اللعبة الاقتصادية ضد الكيان الإسرائيلي؟
  • نحن الان فعليا في المرحلة الثالثة وفي كل مرة الاهداف غير معلنة