عضو «مجلس الأمناء»: المشهد الحضاري لإقبال المصريين على الانتخابات الرئاسية إحدى ثمار الإصلاح
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
أكد دكتور محمد فايز فرحات، عضو مجلس أمناء الحوار الوطنى، أن الرئيس السيسى يؤمن بأهمية الحوار ويراهن عليه لإدخال العديد من التغييرات الاقتصادية والاجتماعية، مشيراً إلى أن الحوار الوطنى إحدى أدوات عملية الإصلاح الشاملة، وأسهم فى تشكيل المشهد الحضارى الذى قدمه المصريون فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة.. وإلى نص الحوار:
كيف أثرى الحوار الوطنى الحياة السياسية فى مصر؟
- واقع الأمر أن الحوار الوطنى حقق مكاسب كبيرة منذ أن دعا إليه الرئيس السيسى فى أبريل من عام 2022، وتأكدت هذه المكاسب عبر مسيرة عملية الحوار، سواء من خلال جلسات مجلس الأمناء أو الجلسات العلنية أو الجلسات المتخصصة، ويمكن أن نميز هنا بين نوعين من المكاسب، الأول هو المكاسب القيمية، وأعنى بذلك أن الحوار الوطنى أسهم فى تعزيز مجموعة من القيم المهمة التى تراجعت داخل المجتمع المصرى بشكل عام، وبين القوى السياسية بشكل خاص.
وما تلك القيم؟
- أولها هى قيمة «الحوار» ذاتها، فالحوار الوطنى أسهم فى تأكيد وإعادة الاعتبار لقيمة الحوار المهمة داخل المجتمع، وبين القوى والتيارات السياسية، أما الثانية التى لعب الحوار الوطنى دوراً فى تأكيدها وتعزيزها فى الحياة السياسية والحزبية، فهى «التوافق الوطنى»، وهى قيمة لم تأخذ الاهتمام الكافى خلال العقود السابقة، ولا شك أن تعزيز هذه القيمة يعزز من قيم أخرى داخل المجتمع، وعلى رأسها الاستقرار وغياب الاستقطاب.
هناك قيمة ثالثة عززها الحوار الوطنى خلال الفترة السابقة هى العمل وفق أولويات وطنية، ذلك أن الحوار الوطنى يقوم فى جوهره وفلسفته الأساسية على تعزيز قيمة الأولويات الوطنية خلال المرحلة المقبلة. أخيراً، وليس آخراً، يمكن القول إن الحوار الوطنى عزز من قيمة الإصلاح بمعناه الشامل داخل المجتمع، السياسى والاقتصادى والاجتماعى.
وما المستوى الثانى من مكاسب الحوار الوطنى؟
- المستوى الثانى من المكاسب هو المكاسب المتعلقة بمخرجات الحوار الوطنى نفسه، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الحوار قد انتهى من حزمة أولى من المخرجات، وهى تتعلق بالنسبة الأهم من أجندة الحوار الوطنى، فى المحاور الثلاثة السياسى والاقتصادى والمجتمعى.
تكريس مبدأ المشاركة خلق قناعة بوجود أفق لحياة حزبية.. ولولاه لما شارك قادة 3 أحزاب في سباق الرئاسةوكيف أسهم الحوار الوطنى فى التعددية الحزبية؟
- هناك عوامل عديدة تفسر لنا المشهد الحضارى الذى قدمه المصريون فى الانتخابات الرئاسية، سواء المصريون فى الخارج أو فى الداخل، ومن بين هذه العوامل بالتأكيد الحوار الوطنى وما كرسه من قيم جديدة داخل الحياة السياسية على نحو ما سبقت الإشارة إليه، وفيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية تحديداً كان للحوار الوطنى تأثيره من زوايا عدة، أولها بناء قناعة لدى الأحزاب السياسية بأن هناك حياة سياسية حقيقية يجرى بناؤها وإعادة تنظيمها فى مصر، وأنه لا بد من المشاركة فى هذه العملية.
وهل ترى علاقة بين الحوار الوطنى ومشاركة 3 رؤساء أحزاب فى الانتخابات الرئاسية؟
- تكوّن لدى الأحزاب السياسية قناعة بأهمية أن تكون جزءاً من المشروع الوطنى وعملية الإصلاح الجارية فى مصر، من خلال تعزيز مبدأ المشاركة بشكل عام، انطلاقاً من قناعة بأن هناك أفقاً لحياة حزبية فى مصر، ولولا هذه القناعة لما شارك قادة ثلاثة أحزاب سياسية فى هذه الانتخابات، لقد أسهمت هذه المشاركة الحزبية فى إعادة الاعتبار للأحزاب السياسية، باعتبارها الأطر التنظيمية الأهم لبناء الكوادر السياسية، والمدخل المؤسسى لتفعيل الحياة السياسية. وقدمت الانتخابات للأحزاب فرصة كبيرة للتفاعل مع الناخب، وتقديم برامجها وتنظيم حملاتها الانتخابية.
ما دلالة دعوة الرئيس فى أول كلمة له عقب فوزه بالانتخابات لاستئناف جلسات الحوار؟
- حملت دلالات عديدة مهمة، أبرزها إيمان الرئيس العميق بأهمية الحوار الوطنى، ومراهنته على هذا الحوار لإدخال العديد من التغييرات على السياسات الاقتصادية والاجتماعية فى مصر، بجانب التعديلات المقترحة على العديد من التشريعات المنظمة للحياة السياسية. بل وإيمانه بأن الحوار الوطنى يمكن أن يلعب دوراً كبيراً فى تطوير الثقافة السياسية فى مصر.
فى تقديرى أن المرحلة المقبلة من الحوار ستشهد تفاعلاً قوياً لأكثر من سبب، فبالإضافة إلى الدعم الكبير الذى يلقاه الحوار من جانب الرئيس نفسه، فقد نجح الحوار فى بناء قناعة قوية لدى القوى السياسية الوطنية بأهمية هذا الحوار، وما اتسم به من منهجية وفلسفة واضحة تحكم عمله، وأهمية البناء على ما تحقق من نجاحات حتى الآن. ومرة أخرى، فإن كل ذلك يعكس الفلسفة الواضحة والمتكاملة التى يعمل بها الرئيس السيسى فى مختلف المجالات.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الحوار الوطنى المحاور الثلاثة الجمهورية الجديدة الانتخابات الرئاسیة الحیاة السیاسیة داخل المجتمع العدید من فى مصر
إقرأ أيضاً:
الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش.. من التشدد القومي إلى البراغماتية الأوروبية
ألكسندر فوتشيتش، سياسي صربي وُلد عام 1970 في العاصمة بلغراد، وبدأ مسيرته السياسية من صفوف القوميين المتشددين في الحزب الراديكالي الصربي إلى زعامة الحزب التقدمي الذي يُوصف بالاعتدال.
شغل مناصب وزارية عدة، وأصبح رئيسا للوزراء ثم تولى رئاسة صربيا عام 2017. قاد إصلاحات اقتصادية أثارت جدلا، وسعى إلى موازنة علاقات بلاده بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، مع تعزيز قبضته على الحكم وسط اتهامات بتقويض أسس الديمقراطية.
المولد والنشأةوُلد ألكسندر فوتشيتش يوم 5 مارس/آذار 1970 في العاصمة الصربية بلغراد، وهو يتحدر من عائلة، أصلها من قرية تشيبولجيك قرب بلدية بوغوينو وسط البوسنة، وهاجرت أثناء الحرب العالمية الثانية واستقرت قرب بلغراد.
كان والده أنجلكو خبيرا اقتصاديا، ووالدته أنجيلينا فوتشيتش صحفية.
تزوج فوتشيتش من الدبلوماسية الصربية تامارا فوتشيتش، ولهما 3 أبناء، هم دانيلو وميليتسا وفوكان.
الدراسة والتكوين العلميأكمل فوتشيتش تعليمه الابتدائي في مدرسة "برانكو راديشيفيتش" في بلغراد، وواصل دراسته الثانوية في مدرسة "زيمون" التي كانت آنذاك مدرسة مهنية، إذ تخصص في مجال الثقافة والإعلام.
تخرج عام 1994 من كلية القانون بجامعة بلغراد. كما درس اللغة الإنجليزية في مدينة برايتون بالمملكة المتحدة، وهو يجيد اللغات الروسية والفرنسية والألمانية.
بين عامي 1992 و1993، عمل فوتشيتش صحفيا في "قناة سي" في مدينة بالي بجمهورية "صربسكا" -جمهورية صرب البوسنة- وكان يُعد ويقدم نشرات الأخبار باللغة الإنجليزية.
بتأثير من النزعة القومية الصربية المتشددة، انضم فوتشيتش إلى الحزب الراديكالي الصربي عام 1993، أحد أحزاب أقصى اليمين، وانتخب في العام نفسه عضوا في الجمعية الوطنية (البرلمان).
وكان من أسس الحزب الراديكالي الزعيم القومي "فويسلاف شيشلي"، الذي وجهت له تهم لاحقا بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أثناء الحروب التي أعقبت تفكك جمهورية يوغسلافيا مطلع تسعينيات القرن الـ20.
إعلانوكان الحزب يدعو إلى إنشاء "صربيا الكبرى" بضم أراض من الدول المجاورة، التي كانت جزءا من جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية الاشتراكية التي تفككت رسميا عام 1992.
في عام 1994، انتخب فوتشيتش أمينا عاما للحزب الراديكالي الصربي، وظل في هذا المنصب حتى عام 2008.
أثناء حرب البوسنة والهرسك (1992-1995)، برز فوتشيتش على الساحة السياسية واحدا من الشباب القوميين الذين دافعوا بشدة عن القومية الصربية. واشتهر بتصريح مثير للجدل أدلى به في البرلمان الصربي بعد أيام من بدء "مجزرة سربرينيتشا" في يوليو/تموز 1995، وقال فيه "إذا قتل واحد من الصرب، سنقتل مئة مسلم".
في عام 1996، تولى فوتشيتش إدارة مركز "بينكي" الرياضي والتجاري في مدينة زيمون، ثم عينه الزعيم الصربي سلوبودان ميلوسوفيتش عام 1998 وزيرا للإعلام في حكومة الوحدة الوطنية.
أثناء توليه الوزارة، أشرف فوتشيتش على تطبيق بعض من أكثر القوانيين تقييدا لحرية التعبير في أوروبا. وقد وصفت السياسية الصربية زورانا ميهايلوفيتش تلك المرحلة بأنها "حقبة اتسمت بالعقوبات والحروب وبالتطهير العرقي والكراهية تجاه الكروات والمسلمين".
انتُخب فوتشيتش عضوا في الجمعية الفدرالية لجمهورية يوغوسلافيا الاتحادية 3 مرات، في فبراير/شباط 1998 وفي مايو/أيار 2000، وفي الانتخابات الفدرالية التي أجريت في سبتمبر/أيلول 2000.
وفي الانتخابات المحلية لرئاسة بلدية بلغراد عام 2004 حصل على 29% من الأصوات في الجولة الأولى و48% في الثانية. أما في انتخابات مايو/أيار 2008، فحصل على 34.7% من الأصوات.
في سبتمبر/أيلول 2008، وبعد الانقسام الذي حدث داخل الحزب الراديكالي، استقال فوتشيتش من منصبه أمينا عاما للحزب. وفي الشهر التالي شارك مع السياسي توميسلاف نيكوليتش في تأسيس "الحزب التقدمي الصربي"، الذي يؤيد انضمام صربيا إلى الاتحاد الأوروبي، والذي يوصف بأنه "يميني معتدل".
بعد الانتخابات البرلمانية عام 2012، وفي إطار الحكومة الائتلافية التي تم تشكيلها، أصبح فوتشيتش نائبا لرئيس الوزراء، وتولى مسؤوليات شؤون الدفاع والأمن ومكافحة الفساد والجريمة. كما شغل في الوقت نفسه منصب وزير الدفاع.
وبعد استقالة نيكوليتش من رئاسة الحزب التقدمي بعد الانتخابات الرئاسية عام 2012، أصبح فوتشيتش رئيسا مؤقتا للحزب، ثم انتخب رسميا رئيسا له في سبتمبر/أيلول من العام نفسه.
شارك فوتشيتش في المفاوضات التي جرت بين حكومة صربيا والمؤسسات المؤقتة للحكم الذاتي في كوسوفو، تحت رعاية الاتحاد الأوروبي. وأسهم في التوصل إلى اتفاق بروكسل في أبريل/نيسان 2013، الذي وضع أساسا عمليا لتمكين الصرب المقيمين في كوسوفو وميتوهيا من إنشاء مؤسسات تحظى باعتراف دولي.
في سبتمبر/أيلول 2013 استقال فوتشيتش من منصب وزير الدفاع وواصل عمله نائبا لرئيس الوزراء مكلفا بمكافحة الفساد والجريمة.
وبعد فوز الحزب التقدمي في الانتخابات البرلمانية التي جرت في مارس/آذار 2014، أصبح فوتشيتش رئيسا لوزراء صربيا، واحتفظ بالمنصب لولاية ثانية حتى أبريل/نيسان 2017.
إعلانويعتبر مؤيدوه أن حكومته قد حققت نجاحا تاريخيا بتنفيذ إصلاحات اقتصادية جريئة شملت خفضا مؤقتا للمعاشات والرواتب في القطاع العام، ما أسهم -في رأيهم- في إنقاذ البلاد من الإفلاس واستعادة التوازن في الميزانية وبدء تقليص الدين العام.
رئيس صربيافي الثاني من أبريل/نيسان 2017، فاز فوتشيتش في الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى، متفوقا فيها على 10 منافسين اتهموه أثناء الحملة الانتخابية بأنه "يقود البلاد إلى حكم استبدادي".
حصل فوتشيتش على 55.08% من أصوات الناخبين، وتسلم رسميا منصب رئيس الجمهورية في 31 مايو/أيار 2017.
وبعد وصوله إلى قمة السلطة، عمل على ترسيخ نفوذه السياسي وتعزيز صلاحياته، في حين رأى معارضوه أنه رسخ سلطته بإضعاف المؤسسات الديمقراطية بأسلوب يشبه النمط السلطوي الذي ميز حقبة تسعينيات القرن الـ20 في صربيا.
وتقول زورانا ميهايلوفيتش، التي شغلت سابقا منصب نائبة رئيس الوزراء، إن صربيا في ظل حكم فوتشيتش "بدأت تبتعد تدريجيا عن الاتحاد الأوروبي وعن القيم الديمقراطية".
أما الخبير الأكاديمي في شؤون القومية الصربية، فلوريان بيبر، فرأى أن الحكومة الصربية "تُحكم سيطرتها بشكل شبه كامل على جميع مستويات المؤسسات العامة ووسائل الإعلام".
من جهتهم، رأى مؤيدو فوتشيتش أن هيمنته على السياسة الصربية جاءت بعد نجاحه في الحكم، وأن فترته شهدت نموا اقتصاديا غير مسبوق، مؤكدين أن صربيا، التي كانت تعاني من تبعات المرحلة الشيوعية والحروب، استطاعت أن تخطو خطوات كبيرة نحو التحول إلى اقتصاد أوروبي متقدم.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، انتهج فوتشيتش سياسة توزان بين القوى الكبرى، فسعى إلى تعزيز علاقات بلاده مع الاتحاد الأوروبي، لكنه في الوقت ذاته عزز علاقاته مع روسيا وفتح الباب أمام الاستثمارات الصينية.
وقبيل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022، أثار الجدل بعد تصريحه بأنه لن يعارض سياسات الكرملين الروسي، وأن "85% من الصرب سيقفون دائما إلى جانب روسيا مهما حدث".
كما عارض بشدة فرض العقوبات الغربية على روسيا، متعهدا بأنه "طالما بقي رئيسا لصربيا، فلن تُفرض أي عقوبات على موسكو".
في أبريل/نيسان 2022، فاز فوتشيتش بولاية رئاسية ثانية بعد حصوله على 58.59% من الأصوات في الانتخابات المبكرة.
وفي 27 مايو/أيار 2023، أعلن استقالته من رئاسة الحزب التقدمي الصربي الحاكم، عقب احتجاجات واسعة مناهضة للحكومة اندلعت إثر حادثتي إطلاق نار جماعي أسفرتا عن مقتل 18 شخصا.
وفي يونيو/حزيران 2025، خرج عشرات الآلاف من المتظاهرين المناهضين للفساد إلى شوارع صربيا مطالبين بإجراء انتخابات مبكرة وإنهاء حكم فوتشيتش.
ويتهمه معارضوه، بأن له صلات بالجريمة المنظمة وممارسة العنف ضد المعارضين، هو وحلفاؤه، مع فرضه قيودا على حرية الإعلام، وهي اتهامات نفاها مرارا.
ومن جهته، اتهم فوتشيتش منظمي الاحتجاجات بالتحريض على العنف ومهاجمة أفراد الشرطة، وطالب باتخاذ إجراءات قانونية بحقهم.
وقال في خطاب له "فازت صربيا، ولا يمكنكم هزيمتها بالعنف كما يود بعضهم"، مضيفا أنه "لن تكون هناك مفاوضات مع الإرهابيين أو الراغبين في تدمير الدولة".