جميع شعوب الأرض تطمح اليوم إلى السلام الذى يستجيب لآمالها وأمنياتها، ويؤمِّن لها حياة آمنة ومستقرة دون أى شكل من أشكال الخوف والرعب، فقد خلق الإنسان ليعيش فى سلام وأمان واطمئنان، ولم يخلق ليُقتل ويباد.
إن ما يمكن تحقيقه فى أوقات السلام لصالح البشرية هو أضعاف ما يمكن تحقيقه فى النزاعات الدموية والحروب والكوارث البشرية، فالسلام لا يعنى زوال الصراع والخصام فقط، إنما يمكن أن يكون تأسيس حزمة من القيم والأفكار والمواقف والعادات التى ترتكز على الاحترام الكامل لمبادئ السيادة والحريات الأساسية وحقوق الإنسان، والحوار والتعاون بين الشعوب والثقافات المتعددة، ونبذ ثقافة القوة واستخدامها، وإكراه الشعوب على خوض خيارات ضد إرادتها.
لقد أجهدت الحروب والصراعات على مر الزمان شعوب الأرض كلها، وأصاب انعدام السلام الإنسان بعدد من الاضطرابات والأمراض النفسية، والتى قد تجر إلى أمراض جسمانية أيضاً، وهذا ما ظهر جلياً وحدث للشعوب المشاركة فى الحربين العالميتين الأولى والثانية، فصارت أعداد المصابين بالاكتئاب والهستيريا والفوبيا والفصام والقلق وأمراض القلب فى تزايد.
عموماً السلام يمكِّن الإنسان من بث أفكاره التى من الممكن أن تندثر خلال الحروب بالعنف والتدمير، أو على الأقل تم تشويهها، وهو يمكِّن الشعوب من التعلم، واكتساب ونشر الثقافة وبناء الحضارات والنهوض بالدول اقتصادياً واجتماعياً، فالبناء لا يكون إلا فى أوقات السلم والأمن، وهو يجعل الناس على وعى كافٍ لخطر الدخول فى الحروب والانشغال بها وبمتطلباتها وتأثيرها عليهم، والتى ستكلفهم حياتهم مقابل هذه الغطرسة البشرية.
كما يغلق السلام الطريق أمام تجار الحروب الذين يربطون مصلحتهم بافتعال الحروب وإشعالها، والذين يرغبون بدوامها وقتاً طويلاً من أجل زيادة أرباحهم من بيع الأسلحة والذخائر.
من مساوئ الحروب أنها تقدم أسوأ ما فى الإنسان وتقويه لصالح الشر ودمار البشرية، والسلام يقدم أفضل ما بداخله، عندما يتحول إلى بيئة مشجعة للإبداع وزيادة الإنتاج، على عكس الحروب التى تنتج الدمار والخراب والفساد.
الجنوح إلى السلم يجعل الناس واعين ومدركين لمغبة الدخول فى الحروب التى ستكلفهم حياتهم مقابل هذه الغطرسة البشرية. كما يوفر السلم الاستقرار الاجتماعى والسياسى فى المجتمعات، ويسهم فى بناء بيئة تعايش سلمى بين الأفراد والمجتمعات المختلفة، ويعزز التعاون والتضامن ويحقق التنمية المستدامة.
لقد قام مؤرخ بريطانى يدعى «أرنولد توينبى»، بتلخيص معنى السلام، فقال: «عش ودع غيرك يعيش»، وقصد بهذه المقولة أن تعيش الشعوب بعضها بجانب بعض، وأن يعيش الأفراد بعضهم بجانب بعض، فلا تعتدى دولة على أخرى، ولا فرد على فرد، ويعد السلام نعمة لكل البشرية، بغيضة الحرب وهى لعنة تقضى على الأخضر واليابس.
إن عكس كلمة السلام هى الحرب، وقد قامت حروب كثيرة بين الشعوب على مر العصور فى كل أنحاء الأرض. تلك الحروب التى أنهكت شعوبها، واليوم تتمنى شعوب العالم أن يسود السلام حتى يستكملوا حياتهم دون خوف من قذائف أو رصاص أو قنابل أو أسلحة نووية تؤذى الجنين فى بطن أمه، وتقضى على طفولة الأبرياء، وتهدم أى صرح من المبانى والحضارات وتدمر الميراث التاريخى لأى وطن.
فعملت الشعوب على المناداة بالسلام لعل أحداً يستمع إليها، خاصة أن السلام قد جاء ذكره فى مختلف الديانات السماوية، فتجد أن المسيحية كان أساسها هو المحبة والرحمة. كما أن الدين الإسلامى الحنيف أمر بالسلام، وكذلك اليهودية، ومن عظمة معنى كلمة السلام أن الله سبحانه وتعالى اختاره ليكون أحد أسمائه الحسنى، كما أنه هو التحية التى نادى بها كل الأنبياء وهو ختام الصلاة.
ومن هذا كله جاء ميثاق تأسيس هيئة اليونسكو، ليؤكد المعنى الحقيقى للسلام فقال: «لما كانت الحروب تتولد فى عقول البشر، ففى عقولهم يجب أن تبنى حصون السلام».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية وطن شعوب الأرض حقوق الإنسان
إقرأ أيضاً:
الشرع: سوريا منهكة من الحروب ولن تشكل أي تهديد لأي دولة
سرايا - قال القائد العام للإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، إن البلاد منهكة من الحروب وبحاجة لتنميتها وتقويتها، ولا تشكل أي تهديد لأي دولة في العالم.
وبشأن توغل الجيش الإسرائيلي في أراض سورية، علق الشرع خلال مقابلة مع المحرر الدولي لبي بي سي، جيريمي بوين بقوله: "كان لدى إسرائيل حجج لتدخلهم في سوريا تتعلق بالمليشيات الإيرانية وحزب الله، ولا مبرر لتقدم القوات الإسرائيلية في سوريا".
وتحدث عن مواجهة إسرائيل بالضغط الدولي والأمم المتحدة.
وأضاف الشرع: "لسنا على قدر كافٍ من القوة لمجابهة روسيا والولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل ويجب أن نكون حلقة وصل بين هذه الدول".
ودعا الشرع من دمشق، إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا.
"الثورة ليست انتقامية"
وبدأت هيئة تحرير الشام كجماعة منشقة عن تنظيم القاعدة، وأكد الشرع أن هيئة تحرير الشام ليست جماعة إرهابية.
وقال إنهم لم يستهدفوا المدنيين أو المناطق المدنية، بل هم يعتبرون أنفسهم ضحايا لجرائم نظام الأسد. وأشار إلى أن الضحايا لا ينبغي أن يعاملوا بنفس طريقة التعامل مع الظالمين.
وأكد الشرع أن الثورة السورية ليست انتقامية، وتعهد بملاحقة الأسد بشكل قانوني وقال إنه أخذ معه أموالاً طائلة عند فراره، وأكد أن سوريا ستطالب بتسليمه.
سوريا لن تكون نسخة من أفغانستان
ونفى الشرع أنه يريد تحويل سوريا إلى نسخة من أفغانستان، قائلاً إن البلدين مختلفان للغاية ولديهما تقاليد مختلفة، باعتبار أن أفغانستان مجتمع قبلي.
وأوضح أن سوريا لديها عقلية مختلفة، مشيراً إلى أنه يؤمن بتعليم النساء.
"يمكنهم البقاء مبدئياً"
وحول وجود قوات روسية في قاعدتين روسيتين في اللاذقية وطرطوس، علق الشرع بقوله إن سوريا وروسيا تتمتعان بعلاقات استراتيجية قديمة، مضيفاً: "مهتمون ببناء علاقات استراتيجية مع روسيا على أساس سيادة سوريا واستقلال قرارها".
وقال: "الروس يمكنهم البقاء في سوريا مبدئياً"، و"لا أعتقد أن سوريا يمكن أن تنفك بشكل سريع عن روسيا".
وأشار إلى عدم وجود استعجال من طرفه لخروج روسيا من سوريا، مضيفاً: "هناك قنوات تواصل مع الروس"، واستدرك قائلاً: "هناك اتفاقيات جائرة جرت بين النظام السابق وروسيا".
السلاح والأكراد
وأكد الشرع في المقابلة أكثر من مرة، على أن سوريا لا تحتمل التقسيم، وأشار إلى أن الأكراد جزء من الشعب السوري.
"هناك تنظيمات غير سورية موجودة في سوريا وتستخدم القضية الكردية لمحاربة جهات أخرى"، يقول الشرع الذي أضاف: "يجب أن يكون السلاح فقط لدى وزارة الدفاع السورية".
وعبر عن رفضه لأن تكون الأراضي السورية مهددة لتركيا.
ثلاث مراحل
واختار الشرع أن تكون المقابلة مع بي بي سي داخل القصر الرئاسي الذي بناه الأسد، ورد على سؤال بشأن إمكانية توليه الرئاسة، بقوله إن موضوع الرئاسة السورية القادم سابق لأوانه.
وأشار إلى أن سوريا يجب أن تمر بثلاث مراحل، الأولى تسلم حكومة سورية وذلك تحقق.
وبعد ذلك، مؤتمر وطني جامع لكل السوريين يصوت على مسائل مهمة مثل حل الدستور والبرلمان وتشكيل مجلس استشاري يملأ الفراغ البرلماني والدستوري في المرحلة المؤقتة، حتى تكون هناك بنية تحتية للانتخابات في ظل وجود قرابة نصف السوريين خارج البلاد.
كيف حكم أحمد الشرع إدلب؟
وتحدث الشرع عن الحاجة لإحصاء شامل والتواصل مع الجاليات في المهجر، وقال إن من حق الناس أن يختاروا من يحكمهم ويمثلهم في مجلس النواب.
"لا أحد يستطيع إلغاء الآخر في سوريا وسنحاول الوصول عبر الحوار لعقد اجتماعي كامل يحافظ على أمن مستدام للسوريين"، وفق الشرع.
وأوضح أن الحكم في سوريا سيكون متناسباً مع ثقافة وتاريخ البلد.
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
طباعة المشاهدات: 1722
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 20-12-2024 10:22 AM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...