بوابة الوفد:
2024-07-05@23:44:22 GMT

خطاب مفتوح إلى الحكومة القادمة

تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT

لما كان من الطبيعى أن يشكل الرئيس حكومة جديدة بعد الانتخابات الرئاسية التى شرفه المصريون فيها بهذا الإجماع الشعبى غير المسبوق لولاية جديدة، فإن من حق شعبنا الرائع أن يتطلع لتشكيل حكومة على قدر مسئولية المرحلة وتحدياتها الداخلية والإقليمية والدولية، حكومة واعية بمكانة مصر التى تتنامى فى محيطها الإقليمى وعلى المستوى الدولى، حكومة واعية بمصالح الشعب الآنية والمستقبلية وقادرة على تحويل دفة الاقتصاد من استسهال الاستدانة والاعتماد على الغير إلى نمط الاقتصاد الإنتاجى الربحى، ولعله من المفيد هنا أن نذكر حكومتنا الرشيدة القادمة بأن مصر غنية بمواردها الطبيعية والبشرية معاً وإلا ما قال النبى يوسف عليه السلام لفرعون وقت الأزمة العنيفة التى حلت بمصر فى عصره «اجعلنى على خزائن الأرض»!، ولعل من المناسب هنا التأكيد أيضاً على أهمية الثروة البشرية التى تملكها مصر وتفشل الحكومات المتعاقبة فى استغلالها الاستغلال الأمثل!، وكم يحزن الإنسان المصرى أن تعتبره حكومته عبئاً ثقيلاً عليها بدلاً من أن تجتهد فى الحرص على رعايته صحياً واجتماعياً وتعليمه التعليم الجيد الذى يؤهله للإبداع وإتقان العمل فضلاً عن خلق فرص عمل مجزية له تمكنه من الإحساس بجودة الحياة والعيش سعيداً فى وطن يحميه ويرعاه! ولعلى أذكرها هنا أيضاً بمقولة الفيلسوف الفرنسى الشهير جان جاك روسو حينما أراد أن يضع معياراً يفاضل به بين أنواع الحكومة فقال «إن أفضل أنواع الحكومات هى تلك التى يكثر فى عهدها الناس وينعمون بالاستقرار والرخاء»! وبالطبع فإن هذا هو التحدى الحقيقى أمام أى حكومة ناجحة تعمل لصالح الشعب كله وليس لمصلحة أفرادها وذويهم وطبقتهم!

إن المصريين أيها السادة هم خير شعوب الأرض كما أنهم خير أجنادها، وهم لا ينقصهم الجدية ولا العزيمة والإصرار، فقط يريدون أن يروا حكامهم قدوة لهم فى الالتزام بالقانون والحرص على أداء الواجب الوظيفى بتجرد وأمانة واخلاص، يريدون أن يشعروا بأن حكومتهم تحرص على العدالة وإتاحة الفرص المتساوية أمام الجميع بلا وساطات ولا محسوبيات، يريدون أن يشعروا بأن حكومتهم قادرة على ضبط الأسواق ومنع الاحتكار، وتحرص على إتاحة الخدمات والسلع للجميع بلا تمييز، يريدون أن يروا أن الكل أمام القانون سواء، يريدون أن يروا أن شوارعهم نظيفة ومنضبطة كما يرون ذلك فى دول العالم الأخرى.

يريدون مرتبات مجزية تكفل لهم بالفعل حياة كريمة دون أن يتسولوا الدولة والجمعيات الأهلية! ودون أن تحولهم الدولة إلى شحاذين ينتظرون أهل الخير والصدقات لتعطف عليهم وهم فى الأصل أصحاب الحق وملاك الثروة!!

إن مصر غنية بمفكريها ومثقفيها وفنانيها، فقط افتحوا النوافذ على مصراعيها ولا تكبلوهم بفرض الضرائب والجمارك على المواد الخام التى يحتاجونها لصناعاتهم الثقيلة التى كفلت لمصر دائماً الريادة فى الفكر والأدب والفن، ارفعوا القيود عن التأشيرات والزيارات حتى تعود لمصر الريادة فى السياحة الثقافية وسياحة التعليم والتعلم والمؤتمرات والمهرجانات! فمن غير المعقول مثلاً أن يدفع الطلاب العرب للدراسة فى مصر ضعف ما يدفعونه للدراسة فى أوروبا وأمريكا ثم نشتكى من قلة الموارد الدولارية والنقد الأجنبى!! ومن غير المعقول كذلك أن يمنع أوأن توضع القيود على تصوير الأفلام الأجنبية فى مصر وهى تروج لآثار مصر وحضارتها!!. إن الروتين الحكومى والقيود والعوائق أمام الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية فى كل المجالات لا تزال موجودة رغم ادعاء أننا دخلنا عصر الرقمنة!. إن أعضاء حكومتنا الجديدة التى لم تتشكل بعد يجب أن يتحلوا بأكبر قدر من الجدية والتجرد حتى يعطوا المثل والقدوة للجميع أننا بالفعل نطمح إلى دخول عصر جديد وجمهورية جديدة تعمل لخير ورفعة شأن ورخاء شعبها بكل أطيافه وطبقاته. إن عليهم أن يعووا حقيقة «أن الحكومة فى خدمة الشعب وليس الشعب فى خدمة الحكومة»!! وأن يوظفوا قدراتهم وخبراتهم لتحقيق طموحات المصريين فى دولة عادلة؛ «فالعدل أساس الملك» ولنا فى تاريخنا العريق العظيم القدوة والمثل الأعلى حيث كان دستور مصر القديمة وأساس الملك فيها يتلخص فى «الماعت» وهى كلمة تعنى ببساطة «العدالة والنظام»، فهما متلازمات لتحقيق الاستقرار والرخاء. 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: خطاب مفتوح الحكومة القادمة نحو المستقبل الرئيس الانتخابات الرئاسية محيطها الإقليمي المستوي الدولي یریدون أن

إقرأ أيضاً:

رائد سلامة يكتب: توصيات الحوار الوطني حلول جاهزة أمام الحكومة

لقد كانت تجربتنا فى الحوار الوطنى تجربة بالغة الثراء وفى غاية الأهمية، فقد كانت بمثابة الملتقى لأبناء الوطن المختلفين فكرياً وسياسياً فتوافرت لهم أرضية للحوار والنقاش فى قضايا محددة دون غرض وبلا أى مقابل أو هدف سوى صالح الوطن والمواطنين من خلال طرح حلول للمشكلات التى تعانيها مصر بالمحاور الثلاثة: السياسى والاقتصادى والاجتماعى بطرق غير تقليدية تسعى للتوافق لا للمغالبة.

ولقد نتج عن المرحلة الأولى من تجربة الحوار الوطنى حزمة من التوصيات شهدت توافقاً ملموساً سواء بالجلسات العامة أو بالجلسات التخصصية.

حين أحال السيد رئيس الجمهورية توصيات الجولة الأولى إلى الحكومة السابقة، فقد قامت الحكومة بإعداد جدول زمنى لتنفيذ تلك التوصيات، وتم تشكيل لجنة مشتركة من الحكومة ومن أمناء الحوار الوطنى للتنسيق والاتفاق ومتابعة التنفيذ حسب ذلك الجدول.

يتعين هنا أن نشير إلى أن رئيس الحكومة السابقة هو نفسه رئيس الحكومة الحالية، وبالتالى فهو لن يبدأ من الصفر فى الملفات المختلفة حيث يتوافر لديه إلمام بتلك الملفات وجدول زمنى ألزم حكومته السابقة به.

من المهم أيضاً أن نشير إلى أن تعيين المستشار محمود فوزى، الرئيس السابق للأمانة الفنية للحوار الوطنى، وزيراً للمجالس النيابية من شأنه، بالإضافة إلى اضطلاعه بمهام وزارته، أن يساعد رئيس الوزراء ونوابه والوزراء فى إتمام خطط الحقائب التى يتولونها بصورة تتيح تيسير تدفق المعلومات والأفكار التى نتجت عن الحوار الوطنى.

فى المحور السياسى، فمن أهم الملفات على طاولة الحكومة الجديدة، هو ملف مكافحة التمييز تفعيلاً لأحكام المادة 53 من الدستور، وقد تقدمت للأمانة الفنية بمسودة قانون لتعريف وتجريم التمييز وإنشاء المفوضية المستقلة لمكافحته فى أولى جلسات المحور السياسى بالحوار الوطنى والتى شهدت توافقاً غير مسبوق.

ويعتبر هذا القانون بمثابة التطبيق الفعلى للمسارات الثلاثة التى وردت بالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان من زوايا التطوير التشريعى والتطوير المؤسسى والتثقيف وبناء القدرات، بالإضافة إلى كونه مؤشراً مُطَمئِناً على اهتمام الدولة المصرية بمفاهيم المواطنة والمساواة.سنجد أيضاً فى هذا المحور ملفات أخرى ذات أهمية قصوى، مثل ملف تعديلات قانون الانتخاب وقد صارت الانتخابات البرلمانية على الأبواب، وكذا قانون الحبس الاحتياطى بالإضافة إلى أهمية إحراز مزيد من التقدم فى ملف سجناء الرأى على غرار ما حدث بالجولة الأولى من الحوار.

فى المحور الاقتصادى، وهو المحور الذى يضم قضايا تشكل تحديات حقيقية أمام أى صانع قرار ينبغى معها النظر فى حزمة متكاملة من الحلول التى يؤثر بعضها على بعض، فلا يمكن الفصل بين حلول كبح جماح التضخم وبين حلول العجز فى الموازنة والدين العام وبين حلول التنمية المستدامة والاستثمار الأجنبى.

كنا فى الحوار الوطنى قد اقترحنا تعيين نائب رئيس وزراء للشئون الاقتصادية أو على الأقل تعيين وزير للاقتصاد يلعب دور منسق السياسات المالية والنقدية والاقتصادية والترتيب بين الوزارات المعنية، كما كنت قد تقدمت شخصياً باقتراح لإنشاء المجلس الاقتصادى والاجتماعى والبيئى وهو مجلس استشارى يتبع السيد رئيس الجمهورية بشكل مباشر تحقيقاً لأهداف التنمية المستدامة (وثيقة تغيير عالمنا) التى اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 2015 ولضمان تنسيق السياسات المالية والنقدية والاقتصادية وما يرتبط منها بعدالة توزيع الدخل والاهتمام ببيئة الأعمال النظيفة ومحو آثار سوء المناخ. وقد أدرجنا هذا الاقتراح بالتوصيات النهائية للمرحلة الأولى الأمر الذى يستوجب من الحكومة دراسته.

فى المحور الاقتصادى أيضاً، تقدمنا بلجنة التضخم التى أشرُف بكونى مقرراً مساعداً لها، فى ضوء إقرار جميع القوى السياسية والاجتماعية بلا استثناء أن مشكلة التضخم راجعة بالأساس إلى العرض لا الطلب، بحلول تتعلق بالسياسات النقدية والمالية وكذا بمبادرات تشمل رفع الحد الأقصى للإعفاء الضريبى وزيادة الرواتب والمعاشات وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية وزيادة الرقابة على الأسواق، مع الاهتمام بالاقتصاد الحقيقى وزيادة المنافسة.

من ناحية أخرى، قدمنا حلولاً غير تقليدية لمشكلات المالية العامة والعجز والديون بشكل لا يؤثر على تصنيف مصر الائتمانى ويساعد فى نفس الوقت على تخفيض الأعباء العامة.

تقدمنا كذلك بمبادرات متنوعة لتطوير الصناعة وتحديث الزراعة وإحداث نقلة نوعية فى السياحة كأهم مصدر من مصادر الدخل. حظيت صناعات صديقة للبيئة على رأسها صناعة السيارات الكهربائية بنقاشات جادة حيث تتوافر أمام مصر فرص هائلة لاستثمار العلاقات المتميزة مع بعض التجمعات كالبريكس ومنظمة دول شنغهاى والاتحاد الأوروبى لتحقيق الاستخدام الأمثل لطاقات مصر الطبيعية والبشرية والفنية، تقدمنا كذلك بتوصيات تتعلق بتطوير مناخ الاستثمار وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر من خلال تمويل غير تقليدى لا يلقى بأعباء سداد أصل ديون أو فوائد على عاتق أصحاب مشروعات ذات أحجام ضئيلة ولا خبرة إدارية لديهم من خلال تقديم تمويل مُحَوكَم ومنضبط ولتشجيع ضم الاقتصاد غير الرسمى.

كل هذه توصيات يمكن أن تكون بمثابة برنامج عمل تتبناه الحكومة، وأتمنى أن يبادر رئيس الحكومة بدعوة مقررى لجان الحوار الوطنى للقاءات فنية مباشرة متعمقة مع كل وزير للاستماع والنقاش ومزيد من مرونة الحوار.

مقالات مشابهة

  • أهلا بالحكومة الجديدة.. حكومة التحديات والآمال
  • أسامة فهمي يكتب: حكومة ما بين الأولويات والتحديات
  • دبرنا يا دكتور مدبولى
  • رائد سلامة يكتب: توصيات الحوار الوطني حلول جاهزة أمام الحكومة
  • بوراس: لا مفر أمام حكومة الدبيبة من التقارب مع القاهرة
  • فكر جديد
  • الحكومة التى طال انتظارها 
  • وائل سعد يكتب: حكومة تغيير الواقع
  • ملفات ساخنة وحكومة حائرة
  • حكومة حل الأزمات