أسطورة انتهاء ثقافة المركز
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
قرأت على موقع جريدة العرب الإماراتية التى تصدر فى لندن، فى 13 نوفمبر الماضى مقالا للاستاذ « كرم نعمة «يتساءل فيه كم عبدالحليم حافظ فى مصر اليوم ؟ وفى سعيه للإجابة عن سؤال مقاله يقول الكاتب بأن السؤال لا ينطبق على على عبدالحليم وحده، الذى أحبه ملايين العرب، بل يمكن أن ينطبق على أى فنان مصرى فى وقت، يقول: «سادت فيه ثقافة المركز، وغابت عنه ثقافة الأطراف بإجحاف تاريخى».
وبداية فإن اصطلاح المركز والأطراف، كما هو معروف،هو اصطلاح اقتصادى بالأساس، ظهر فى كتابات مفكرين غربيين فى القرن التاسع عشر، وأرجع مفكرون عرب أصوله إلى مقدمة ابن خلدون، أى قبل ذلك بنحو أربعة قرون، لاسيما وقد وتُرجمت المقدمة إلى عدة لغات غير عربية، بينها اللاتينية واليونانية. وفى المقدمة التى شكلت مرجعا لعلمى الاجتماع والاقتصاد السياسى، تحدث ابن خلدون عن نشوء الدول وانهيارها، وعن بداوة الأطراف وحضرية المركز -من الحضر - وعن أن العمران البشرى «لا يتوزع بكيفية مماثلة على المركز والأطراف، ففى المركز تتركز الثروات..وعمران البادية ناقص عن عمران الأمصار.. ومن ثم كان أهل البدو بالضرورة مغلوبين لأهل الأمصار.. ويصير المغلوب مولعا بالاقتداء بالغالب فى شعاره ورأيه وعوائده لاعتقاد منه بكمال الغالب».
وجاء عالم الاقتصاد المصرى الدكتور سمير أمين ليطور فى الثلث الأول من القرن العشرين نظرية المركز والأطراف القائمة على تحليله أن المركز الغربى الرأسمالى حقق الهيمنة الاقتصادية عبر تراكم من النهب والعبودية والاستعمار والتفوق التكنولوجى. ولأن تطور الأطراف تمنعه أنظمة التبادل غير المتكافئ الدولية، فلا يمكن لاقتصاديات تلك الأطراف –ويعنى دول جنوب العالم- أن تخرج من الحلقة المفرغة للتبيعة إلا عبر خلق مراكز أخرى، والتوجه نحو أنماط تطور، يكون لها مركزية خاصة بها.
أطلت فى تلك النقطة لكى أقول بأن لجوء الأستاذ نعمة إلى نظرية المركز والأطراف فى هذه الحالة، ينطوى على كثير من المبالغة، أما اللجوء إلى نظرية القسر والفرض التى صنعت نجومية عبدالحليم حافظ، ففيه كثير من التمنى وقليل من الإنصاف وبعض تأسى على مرارة الواقع المصرى لكى يبرر به إمعانه فى قراءة ظاهرة عبدالحليم من خارج واقعها، فضلا عن تعسف عقد المقارنات بينها وبين غيرها من مطربين عرب كبار. وللبرهنة عن خطأ الاستدلال والتحليل، فإن نجومية الفنان الكبير صابر الرباعى لم تزدهر وتنتشر فى ربوع المنطقة وفى عصر الانفجار المدوى لثورة الاتصالات، إلا بعد مشاركته فى مهرجانات الموسيقى العربية فى القاهرة لسنوات متوالية. فضلا عن ظهور مراكز تقافية جديدة بدعم من ثروات عوائد النفط، التى أعادت عقب حرب أكتوبر المجيدة عام 1973موقع القوة الإقليمية، لصالح القدرة المالية والقوة الاقتصادية، وهى مراكز تتكامل مع الدور المصرى ويخطئ من يسعى إلى تصويرها بأنها منافسة له، لأنها ببساطة تقوى وتزدهر بالفن المصرى وبالفنانين المصريين : مطربون وملحنون وشعراء ومخرجون وكتاب، وتراث فنى لا ينضب من كل ألوان الفنون.
أما عبدالحليم حافظ فلم يصنعه القسر والفرض الإعلامى لدولة المركز الناصرية كما ذهب كاتب المقال، فهو صناعة عبدالحليم حافظ الذى عمل على موهبته بجد واجتهاد، وساعده على ذلك الظرف العام الذى بدأ فيه رحلته الغنائية، حيث أنصفته ثورة 23 يوليو هو وغيره من فقراء الوطن، بأن فتحت لهم ابواب الصعود الاجتماعى لكل حسب مواهبه وكفاءته وعمله، فانتمى إليها بكل جوارحه، حبا وامتنانا وليس تملقا، فبات أيقونة للاجتهاد والفنان المبدع صاحب الموقف.
وفى بداية ثورة يوليو،قادت مؤسسة أخبار اليوم ومجلاتها حملة شعواء على عبدالحليم حافظ، وأعلنت عن مسابقة لاكتشاف الأصوات الجديدة للبحث عن منافس لحليم، فاز فيها صوت جميل هو المطرب كمال حسنى. وتولت المؤسسة التبشير ب « صوت جديد يهز مصر « وبدأت حملة التشهير بنشر أخبار وتحقيقات تؤكد أن حليم يخشى صوت منافسه، ويحرض الملحنين على عدم تقديم الحان له، وأنه دبر مؤامرة ضده، قضت على الصوت الذى هز أفئدة المصريين. وتم إنتاج فيلم له مع الفنانة شادية لم يعد أحد يذكره. شاعت هذه التهمة الملفقة بعد ذلك،أن عبدالحليم انتشر وذاع لمساندة السلطة الناصرية له، وأنه يكره ظهور مواهب غنائية شابة جديدة، ويسعى لتحطيمها.
فى مارس القادم تمر الذكرى السابعة والأربعون لرحيل عبدالحليم حافظ. أوشك نصف قرن يمضى على غيابه، ولم تظهر فى الساحة الغنائية المكتظة بالصخب الغنائى موهبة تضاهى موهبته لا فى الغناء ولا فى التمثيل ولا فى الوعى المجتمعى والسياسى برغم أسطورة الانتهاء المزعوم لدولة المركز. فموهبته نمت وأينعت فى ظلال نهضة ثقافية جادة تواجه ثقافة الاستهلاك والعدم، وحركة تحرر وطنى وتقدم اجتماعى فاضت بآثارها على الفضاء العربى، وهى أشياء لا تشترى وتعجز الفضائيات والتمدد التكنولوجى على إنتاجه أوصنعه.
فى قصيدة من أجمل قصائده بعنوان زمن عبدالحليم كتب عبدالرحمن الأبنودى يقول : فينك يا عبدالحليم ؟فين صوتك اللى كان سما ونجوم، اللى طلع من قلبك الشايف، حالف يعيش ويدوم، فى زمن غدره كريم، فينك ياعبدالحليم؟.فينك ياأحلا من يغنى الفراق، تيجى تغنى زحمة الشهداء، والدم فى فلسطين، وفى لبنان، وعلى توب العراق، الموت صبح ساهل، وإحنا اللى نستاهل، ألهّنا على روسنا الذليلة كل شيطان رجيم.
صحيح فينك يا عبدالحليم؟
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: على فكرة مصر الغناء العربى غير المصرى عبدالحلیم حافظ
إقرأ أيضاً:
برج الأسد .. حظك اليوم الأحد 20 أبريل 2025: حافظ على حماسك
برج الأسد (23 يوليو - 23 أغسطس)، إنهم مغرمون جدًا بالاهتمام والعشق، من المعروف أن الأسد يميل نحو الأعمال الدرامية ، خاصةً إذا شعروا أنهم لا يحظون بالاهتمام الكافي أو العاطفة التي يشعرون أنهم يستحقونها.
تعرف على توقعات برج الأسد وحظك اليوم الأحد 20 أبريل 2025 على المستوى العاطفي والصحي والمهني خلال التقرير التالي.
مشاهير برج الأسدهدى سلطان وفريد شوقي وكارول سماحة وحسن شاكوش وشيماء سيف ومنة شلبي .
توقعات برج الأسد وحظك اليوم الأحد 20 أبريل 2025من المرجح أن تظهر فرص للنمو الشخصي، فاغتنمها بثقة. ثق بحدسك، ولكن خذ بعين الاعتبار أيضًا نصائح الآخرين. سيساعدك الموازنة بين مشاعرك ومسؤولياتك على الحفاظ على الانسجام في علاقاتك وتحقيق النجاح.
برج الأسد وحظك اليوم عاطفياقد يكتشف الأسد العازب روابط غير متوقعة من خلال اهتمامات مشتركة أو أصدقاء مشتركين. دع دفئك الفطري يُرشد تفاعلاتك، ولكن انتبه لمشاعر الآخرين لتجنب سوء الفهم ثق بحدسك واستغل اللحظة، فاليوم يُتيح لك فرصًا للنمو والانسجام في علاقاتك.
برج الأسد وحظك اليوم صحياقد يكون هناك شيء رقيق في داخلك يحتاج إلى عناية. قد يساعد التحرك برفق، وامتصاص ضوء الشمس، والتأمل بهدوء، على استعادة بعض التوازن.
برج الاسد مهنياإذا واجهتَ خلافًا مع زميل أو إذا كنتَ تناقش فكرةً ما، إذا كنتَ قدوةً حسنةً ووطّدتَ علاقاتك، فقد تجد حلًا وسطًا للتفاهم.
برج الأسد وتوقعات الفترة المقبلةقد يُثمر التعاون مع الزملاء عن وجهات نظر جديدة، مما يُؤدي إلى نتائج أفضل. كن منفتحًا على الآراء، فقد تُقدم رؤى قيّمة تُحسّن نهجك. من المُرجّح أن يُسفر العمل الجاد والتفاني عن نتائج إيجابية، لذا حافظ على حماسك. ثق بحدسك، ولا تتردد في إبراز مواهبك الفريدة