خلال 2023.. شيخ الأزهر يستقبل العديد من الرؤساء والشخصيات العالمية والوفود المهمة
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
استقبل الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، خلال العام 2023م العديد من الرؤساء والشخصيات العالمية والوفود المهمة على مستوى العالم بمشيخة الأزهر الشريف، لبحث العديد من القضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك، فاتحًا أبواب مشيخة الأزهر أمام الجميع، كما ألقى العديد من الكلمات الملهمة والمهمة للعديد من المؤتمرات والقمم العالمية نشرا لرسالة الأزهر الشريف، وتسجيلا لموقف الأزهر في العديد من القضايا التي باتت تؤرق العالم والإنسانية جمعاء.
وبداية كانت كلمة شيخ الأزهر المهمة لأعضاء مجلس الأمن الدولي بالولايات المتحدة الأمريكية عبر الكونفرانس والتي جاءت بعنوان: «أهميَّة قِيَم الأُخوَّة الإنْسَانيَّة في تَعزيزِ السَّلام والحِفاظ عَلَيْه» من أهم الكلمات، والتي أكد خلالها أنه في ظلِّ النَّظَريَّة القُرآنية في العلاقات الدولية لا مكانَ لنظريَّاتِ الصِّدام والصِّراع ولا لهيمنة الرجل الأبيض على باقي العباد، كما وجه خلالها الشكر لدولة الإمارات، بصفتها رئيسًا للدورة الحالية لمجلس الأمن، وكذلك للسيد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، مثنيًا على إيمانه الواضح بأهمية دور الأديان وقيم الأخوة الإنسانية في تحقيق السلام العالمي.
واهتمامًا من شيخ الأزهر بقضية التغيّر المناخي، شارك فضيلته بكلمة فيديو في حفل توقيع بيان أبو ظبي للأديان من أجل المناخ وافتتاح أول جناح للأديان في COP28 معربًا عن تقديره للالتزام الاستثنائي الذي تضطلع به دولةُ الإمارات، تحت قيادة سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لمُواجَهة أحد أكبر التَّحديات التي تُعاني منها الإنسانيَّةُ اليوم، وهي: تغيُّر المناخ وتراكمُ آثاره السَّلبيَّة.
كما شارك فضيلة الإمام الأكبر العالم الاحتفال باليوم الدولي للأخوة الإنسانية، وقال فضيلته خلال كلمته بالاحتفالية إن «وثيقة الأخوة الإنسانية» لا تزال وستظل، تمثل بادرة أمل - للخروج من «الأزمة» الإنسانية، التي يمر بها عالمنا اليوم.
وأعرب شيخ الأزهر عن أمله أن تؤتي وثيقة الأخوة الإنسانية، ثمارها يوما بعد يوم، وأن تبلغ غايتها، وتحقق هدفها النبيل، موضحا أن السبيل لتحقيق ذلك يكون من خلال وضع تلك الوثيقة موضع البحث والتأمل والنقد، في المدارس والجامعات والمنظمات التربوية والسياسية: الإقليمية منها والدولية.
كذلك استقبل الإمام الأكبر الرئيس محمد ولد الغَزْواني، رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية، لبحث سبل تعزيز التعاون العلمي والدعوي المشترك، وسبل تعزيز الاستفادة من الدعم الأزهري لأبناء موريتانيا، مؤكدًا اعتزاز الأزهر بالعلاقات التي تربطه بالشعب الموريتاني.
فيما استقبل الإمام الأكبر ميجيل موراتينوس، المُمثِّل السَّامي للأمم المتحدة لحوار الحضارات، وخلال اللقاء أكد فضيلته انفتاح الأزهر على الحوار مع كل المؤمنين بالأديان، والثقافات والحضارات، وأن العالم الآن يواجه أزمة شديدة التعقيد، وهي أزمة إقصاء القيم الدِّينية والأخلاقية عن حياة الناس، مشددًا على أنَّ هذه الأزمة لا يقع صداها وتأثيرها على صانعيها ومقرري مصيرها، ولكنها ممتدة للإنسانية جمعاء شرقًا وغربًا.
وعلى الجانب الإيطالي، فقد استقبل الإمام الأكبر أنطونيو تاجاني، وزير الخارجية الإيطالي، نائب رئيس الوزراء، وخلال اللقاء أكد شيخ الأزهر أنَّ الحوار طوق النجاة للإنسانية للخروج من أزماتها المعاصرة، وأنَّ أية رؤية للحوار لا تستند على القيم الدينية والأخلاقية لا يمكن أن تفيد.
من جانبه، أعرب وزير الخارجية الايطالي عن سعادته وحرصه للقاء شيخ الأزهر، والاستماع إلى كلماته معربا عن تقديره لمقترح فضيلة الإمام الأكبر بعقد مؤتمر لعلماء الأديان لمناقشة التصرفات المسيئة لرموز الأديان ومقدساتها.
أما على الجانب المجري، فقد استقبل الإمام الأكبر فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، والوفد المرافق له، وخلال اللقاء أكد شيخ الأزهر ورئيس وزراء المجر رفضهما لمحاولات تطبيع الشذوذ الجنسي في المجتمعات.
كما أعرب شيخ الأزهر عن تقديره لموقف المجر من التمسك بقيم الدين والأخلاق، ورفض الأمراض والسلوكيات المجتمعية التي يحاول البعض ترويجها لهدم كيان الأسرة ونشر العلاقات الجنسية خارج منظومة الزواج.
كذلك استقبل الإمام الأكبر أرارات ميرزويان، وزير خارجية أرمينيا، والوفد الرسمي المرافق له، حيث أكد فضيلته حرص الأزهر على تعزيز التعاون العلمي والثقافي مع أرمينيا انطلاقًا من العلاقات التاريخية بين مصر وأرمينيا ودور الأزهر في نشر سماحة الإسلام وقيمه التي تدعو للسلام والتعايش بين الناس على اختلاف معتقداتهم وثقافاتهم.
وعلى الجانب الهندي، فقد استقبل الإمام الأكبر فيكرام ميسري، نائب مستشار الأمن القومي الهندي، يرافقه السيد أجيت جوبتيه، السفير الهندي لدى القاهرة، لبحث سبل تعزيز الحوار بين الأديان والتعاون المشترك، وخلال اللقاء أكد فضيلته أن علاقة الأزهر والهند علاقة قديمة متجددة، حيث يصل عدد الطلاب الهنود المسجلين في مختلف المراحل التعليمية بالأزهر الشريف قرابة الـ٥٠٠ طالب وطالبة.
من جانبه، أعرب نائب مستشار الأمن القومي الهندي عن تقدير بلاده لما يقوم به شيخ الأزهر من جهود كبيرة في نشر قيم الأخوة والحوار والسلام العالمي، مقدمًا دعوة رسمية لشيخ الأزهر لزيارة الهند وعقد مباحثات مع كبريات المؤسسات الدينية والثقافية في البلاد.
كما استقبل فضيلة الإمام الأكبر السيد الدكتور فارح شيخ عبد القادر، وزير التربية والثقافة والتعليم العالي بجمهورية الصومال، وخلال اللقاء أعرب شيخ الأزهر عن تضامن الأزهر الكامل مع الشعب الصومالي فيما يمر به من أزماتٍ وظروفٍ قاسيةٍ، وجماعاتٍ إرهابيةٍ استغلت ثروات البلاد من خلال نشر الفقر وتفشي التخلف والأمية، داعيًا المولى عز وجل أن يرزق الصومال الأمن والأمان.
وعلى الجانب الإندونيسي، استقبل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور نصر الدين عمر، رئيس جامعة علوم القرآن وإمام مسجد الاستقلال بالعاصمة الإندونيسية جاكرتا، بحضور السيد لطفي رؤوف، السفير الإندونيسي لدى القاهرة، مؤكدا أن الأزهر يعتز بعلاقاته التاريخية مع الشعب الإندونيسي.
وعلى الجانب العراقي، فقد استقبل فضيلة الإمام الأكبر العديد من الوفود والشخصيات العراقية والتي حملت دعوة رسمية لزيارة العراق والذي أكد شيخ الأزهر ترحيبه بالزيارة، وتقديره لدعوة رئيس الوزراء، وعزمه الصادق لتلبية الدعوة في القريب العاجل، مؤكدا أن العراق عزيز على قلب كل عربي ومسلم ويتطلع لزيارته.
وكان من بين الشخصيات والوفود محمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، يرافقه وفد عراقي رفيع المستوى من السادة نواب رئيس الوزراء، والوزراء والمستشارين العراقيين، وكذلك وفد عراقي رفيع المستوى برئاسة الدكتور مشعان الخزرجي، رئيس الوقف السني، وحضور السيد أحمد نايف رشيد صالح، سفير العراق لدى القاهرة، ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، كذلك عمار الحكيم، رئيس تيار الحكمة الوطني العراقي.
كما استقبل الإمام الأكبر باحثي ومديري أكاديمية "بلوريال البحثية"، والتي تهتم بالبحث في شؤون الإسلام في أوروبا، حيث أوضح فضيلته خلال اللقاء أن الأزهر خطى خطوات كبيرة لترسيخ قيم الأخوة الإنسانية ونشر قيم السلام العالمي داخليًا وخارجيًا، مؤكدًا أنَّ الأزهر من قديم الزمان باحثٌ عن السلام، والسلام جزء لا يتجزأ من فلسفته، وهو في الأصل رسالة الإسلام بشكل عام.
وعلى جانب السفراء فقد استقبل فضيلة الإمام الأكبر العديد من السفراء لدي العديد من دول العالم وناقش فضيلته معهم العديد من القضايا ذات الاهتمام والمشترك، وأوصاهم فضيلته بملفات مهمة على رأسها نشر ثقافة الاندماج في المجتمعات والإخاء والعيش المشترك والاهتمام بالطلبة الوافدين وتذليل العقبات لهم، والعمل على نشر الصورة الصحيحة للإسلام في دول العالم.
ومن بين السفراء الذين استقبلهم فضيلته خوسيه خيسوس، سفير جمهورية بيرو لدى القاهرة، و بنجيران محمد داود، سفير سلطنة بروناي لدى القاهرة، والسيد ضراب الدين القاسمي، سفير طاجيكستان لدى القاهرة، والسيدة السفيرة فوزية عبد الله زينل، سفيرة مملكة البحرين لدى القاهرة، والسيدة السفيرة مريم الكعبي، سفيرة دولة الإمارات العربية المتحدة لدى القاهرة، والسيد/ أوكا هيروشي، سفير اليابان لدى القاهرة، والسيد السفير عبد العزيز المطر، المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى جامعة الدول العربية، والسفير بوتابوران آيوتوكسان، سفير مملكة تايلاند لدى القاهرة.
كذلك فقد استقبل فضيلته خالد الشاذلي، سفير مصر الجديد لدى جمهورية جيبوتي، والسفير ثابت سوباشيتش، سفير البوسنة والهرسك لدى القاهرة، والسفيرة نرمين الظواهري، سفيرة مصر لدى رواندا، والسيد أنيق أحمد، الوزير الفيدرالي للشؤون الدينية والوئام بين الأديان في باكستان، والوفد المرافق له، والشيخ شكر الله باشازاده، رئيس إدارة مسلمي القوقاز، عضو مجلس حكماء المسلمين، والسفير كيموكو دياكيت، سفير جمهورية السنغال في القاهرة، والسفير شريف ندا، سفير مصر الجديد لدى بوركينا فاسو، والسفيرة هالة يوسف، سفيرة مصر لدى تايلاند، والسفير ياسر الشيمي، سفير مصر لدى إندونيسيا، والسفيرة ابتسام رخا، سفيرة مصر لدى كازاخستان، وكيم يونج هيون، سفير كوريا الجنوبية لدى القاهرة، والوفد المرافق له.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الإمام الأكبر الجمهورية الإسلامية الموريتانية الوفود الأخوة الإنسانیة رئیس الوزراء لدى القاهرة وعلى الجانب على الجانب شیخ الأزهر المرافق له العدید من مصر لدى رئیس ا
إقرأ أيضاً:
وزير الأوقاف يكتب: الإمام الطيب قائد الأزهر في زمن التحديات وصوت الحكمة في عالم مضطرب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. الحمد لله الذي أفاض بنعمه على عباده، وهي نعم إنْ تُعدَّ لا تُحصى. ومنها أن قيّض سبحانه للأمة علماء ربانيين يضيئون دربها بالعلم والحكمة، ويبنون بالعلم والتحصين الفكري أسباب المنعة للدين وأتباعه، ويحملون بالفقه الواسع والعلم المتبحر راية الوسطية والاعتدال.
والأزهر ليس كمثله مؤسسة، فهو أقدم جامعات الدنيا استمرارًا في أداء رسالته، وقد حباه الله بشيوخ أجلاء، وقدّر للعالمين خيرًا عميمًا من علمائه الأكفاء. وقد تسلم شيوخه الأكابر راية العلم وأمانة المسئولية عالمًا تلو عالم على مر نحو من 1085 عامًا، وصولًا إلى إمامنا وشيخنا فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الطيب. وها هي خمسة عشر عامًا تمر منذ تولي فضيلته مشيخة الأزهر الشريف.
وهي خمسة عشر عامًا من العطاء المستمر، والجهود الحثيثة في خدمة الإسلام والمسلمين، وتعزيز قيم السلام والتسامح، وحمل هموم الأمة والدفاع عن قضاياها العادلة، والصدوع بكلمة الحق في القضايا المصيرية على الساحة الدولية. وفي هذه المناسبة المباركة، أتشرف بأن أتقدم -بالأصالة عن نفسي ونيابة عن وزارة الأوقاف جمعاء- بأسمى معاني التقدير والإجلال لفضيلته، اعترافًا بدوره الرائد ومكانته السامية، وتقديرًا لما قدمه من جهود خالدة ستظل علامة مضيئة في تاريخ الأزهر والأمة الإسلامية.
لقد شهد الأزهر الأنور في عهد فضيلة الإمام الأكبر نهضةً متكاملةً امتدت إلى كل المجالات، فحرص على تطوير منظومة التعليم الأزهري بكل مراحلها، فجعلها تواكب العصر دون أن تحيد عن ثوابتها الراسخة، وسعى إلى الارتقاء بالمناهج العلمية، وتعزيز دور البحث العلمي، وربط العلوم الشرعية بالقضايا المعاصرة، فجمع بين الأصالة والمعاصرة، بين آفاق التطور ومآرب المصلحة العامة، حتى يبقى الأزهر الشريف نبراسًا علميًّا يهدي البشرية إلى صراطٍ مستقيم.
أما على صعيد إعداد الدعاة وتأهيل الأئمة، فلم يدخر فضيلته جهدًا في تذليل الصعاب أمامهم وتأهيلهم بأحدث العلوم والمعارف، عبر برامج تدريبية مكثفة داخل مصر وخارجها، ليكونوا قادرين على التصدي للأفكار الهدامة، ونشر خطاب ديني مستنير، يُعلي من قيم التعايش السلمي، ويفند مزاعم الغلو والتطرف. واقترن ذلك بإيفاد الكفايات العلمية لنشر رسالة الأزهر بين العالمين في المواسم الدينية وخارجها.
وأما على الصعيد الإنساني والإغاثي، فلفضيلة الإمام الأكبر مواقف مشرفة خالدة، تجسد رسالة الأزهر العامر في نصرة المظلومين والمستضعفين، إذ أطلق حملات إغاثية شاملة لدعم اللاجئين والمنكوبين في فلسطين وسوريا واليمن وميانمار وإفريقيا، وغيرها من المناطق التي كابدت ويلات الحروب والصراعات والنزاعات.
ومما زاد تلك القوافل والحملات تميزًا أن ظهر فيها الزي الأزهري بين القائمين على توزيعها وإيصالها في بعض الأماكن، وازدانت كذلك بسيدات الأزهر الفضليات اللاتي حمّلهن فضيلة الإمام الأكبر المسئولية إلى جانب رجال الأزهر، فأضحى للأزهر في المحافل الدولية صوت من أجل نصرة المقهورين وإغاثة الملهوفين، ولم تكن مواقفه مجرد بيانات أو تصريحات، بل كانت خطوات عملية، تمثلت في دعم مباشر لمشاريع الإغاثة، ورعاية للأسر المتضررة، واستقبال الدارسين من أبناء تلك المناطق وممن تقطعت بهم سبل التعليم والعيش، وتقديم المساندة الإنسانية دون تمييز.
وما فتئ فضيلة الإمام الأكبر يبث رسالة الأزهر في الخارج كما في الداخل، ففي رحلاته الخارجية كان صوت الأزهر حاضرًا في المحافل الدولية، إذ حمل قضايا الأمة إلى كل مكان، وانبرى مدافعًا عن حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، محذرًا من محاولات تهويد المقدسات الإسلامية والمسيحية، ومؤكدًا أن القدس ستظل عربية إسلامية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
كما نهض فضيلته بدور بارز في مكافحة ظاهرة العداء للإسلام والمسلمين، فكان خطاب فضيلته واضحًا في تفنيد المزاعم التي تربط الإسلام بالعنف والتطرف، بل خاطب قادة العالم بلغتهم، كاشفًا زيف الاتهامات وتهافتها، ومفندًا الاتهامات الباطلة، ومقدمًا الصورة الحقيقية للإسلام بوصفه دين رحمة وسلام، وساق في سبيل ذلك التعاليم النبوية الإنسانية الخالدة، وبسط معاني القرآن الكريم، واستدل بالتراث المضيء للمسلمين، بما يؤكد أن الإسلام جاء ليقيم العدل ويحفظ كرامة الإنسان في كل زمان ومكان.
وعلى الصعيد الوطني، لم يدخر فضيلة الإمام الأكبر جهدًا في تعزيز الوحدة الوطنية، فظل امتدادًا لنهج الأزهر الأصيل في مواجهة دعاة الفُرقة والانقسام، داعيًا إلى التماسك المجتمعي، ومؤكدًا أن التنوع سنة الله في كونه، وأن قوة الوطن في وحدة أبنائه، وأن الإسلام يحض على التآخي والتلاحم بين أبناء الوطن الواحد، لا فرق بينهم على أساس من الدين أو العرق أو اللون أو الغنى؛ فضلًا عن إذكاء دور "بيت العائلة المصرية" الذي يتناوب فضيلته على رئاسته مع قداسة بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية.
وللأزهر في عهد فضيلة الإمام دور فاعل في مواجهة التطرف الفكري ودعاته، ومواجهة حبائلهم الشيطانية، وتجلى ذلك في جهود جبارة من بينها إطلاق عدد من البرامج والمبادرات الفكرية والثقافية التي تصدت للفكر المنحرف، وواجهت خطاب الكراهية بالبيان والحجة والبرهان، مقدمةً خطابًا دينيًّا يقوم على العلم الراسخ والتحليل الموضوعي، مترفعًا عن آفات الجمود والتعصب، ومستعينًا بأكابر العلماء والأساتذة والباحثين لتأصيل الخطاب العلمي وبثه عبر قنوات الإعلام التقليدي والجديد. وليس ببعيد عن ذلك إحياء هيئات علمية وإنشاء مراكز ومراصد متخصصة في درء التطرف وخطابه في الداخل والخارج.
وبالحديث عن المجال الاجتماعي والتنموي، فالواقع شاهد على حرص فضيلة الإمام الأكبر على أن يكون للأزهر دور بارز في دعم المستحقين، فوجه بإطلاق جمهرة من المبادرات الخيرية، من بينها تقديم الدعم إلى القرى الفقيرة، وتوفير منح تعليمية للطلاب غير القادرين، والمساهمة في علاج المرضى، وتعظيم دور بيت الزكاة والصدقات المصري الواقع تحت إشراف فضيلته، إيمانًا بأن رسالة الأزهر لا تقتصر على التعليم والدعوة، بل تمتد إلى خدمة المجتمع والمساهمة في تنميته بكل جهد ممكن.
لقد تجلى -بشواهد الواقع- أن مسيرة الإمام الأكبر خلال هذه السنوات الخمس عشرة جديرة بأن تكون نموذجًا يُحتذى في مجال القيادة الدينية الحكيمة، ذلك بأنه جمع بين الأصالة والمعاصرة، وأثبت قدرة الأزهر على التجدد والانطلاق في كل عصر، دون أن يتخلى عن الثوابت أو أن يفرط في مبدأ، أو أن يحيد عن النهج القويم.
إن هذه الذكرى العطرة إذ تظلنا بكريم ظلها فإننا نستقبلها بأسمى آيات التقدير والإجلال إلى فضيلة الإمام الأكبر، قولًا وعملًا، معنى ومبنى، لفظًا وشعورًا؛ سائلين المولى عز وجل أن يمد في عمره، وأن يبارك جهوده ويجزيه خير الجزاء على ما قدم، وأن يحفظه ذخرًا للأمة الإسلامية، ليظل الأزهر الشريف قلعةً للوسطية، ومنارةً للعلم، وحصنًا منيعًا في وجه التحديات.
حفظ الله شيخنا الأجلّ فضيلة الإمام الأكبر، وأدام الأزهر الشريف سامقًا ساميًا، ووفقنا جميعًا إلى خدمة الوطن والدين والأزهر والإنسانية بصدق وإخلاص.
د. أسامة الأزهري وزير الأوقاف