[email protected]
تأتي المقاربة هنا؛ من أن رفع القلم لا يكون إلا عمّن يكون خارج المرحلة الزمنية من اللاوعي، ومن يكون في هذه المرحلة الزمنية، لا يمكن؛ في المقابل محاسبته، أو تحميله شيئا من المسؤولية الشرعية، أو القانونية، أو الاجتماعية، أو الثقافية، ويأتي هذا الغياب انسياقا طبيعيا؛ كحالات: النوم، أو الجنون؛ ويمكن القياس عليه بالإغماء أو عدم البلوغ، وهذه الحالات هنا تقع تحت فعل غير العمد المطلق، لأن العمد المطلق تترتب عليه المسؤوليات الأكبر عن التي تم ذكرها أعلاه، وفي الحالات المذكورة يترتب على فاعلها الجزاء، دون التغليظ في العقوبة، والمناقشة هنا لا تنحصر تحت النص المطلق للمفردات التي جاءت في نص الحديث؛ فهذا شأن آخر، وإنما -كما قلت- هي مقاربة مفاهيمية لما نعيشه على الواقع، سواء عبر ممارساتنا اليومية غير الواعية؛ كأفراد، أو مجموعات، أو أكبر من ذلك، وهي ممارسات كثيرة، ومتنوعة، ومتعددة، يركن فيها العقل جانبا، وتظل العاطفة الإنسانية «الشعورية» أو الغريزة «البهيمية» هما المسيطرتان على مختلف السلوكيات التي نقوم بها، ويظهر أثرها على الواقع، وأنها فعل مخز، نتوارى به بعيدا عن أعين الناس «وإذا لم تستح فافعل ما شئت» ومن كان هذا حاله، فمن سوف يعاقبه؛ عندما يأتي بالموبقات في سلوكياته؛ صغيرها وكبيرها على حد سواء؟
ولأن العالم كله اليوم يتجمهر حول ما يحدث في فلسطين؛ الأرض المقدسة؛ بقداسة المسجد الأقصى، فإن ما يحدث على أهلها؛ هو ضرب من الجنون، ومن استعار الغريزة للبهيمية المطلقة، التي تنأى عنها سلوكيات غريزيات البهائم الطبيعية، ولكن لأن شياطين الإنس يسوغون ما يحدث بمبررات الهدف منها «رفع القلم» وإذا كان هناك صوت للعقل يتعاطف مع من شملهم الحديث؛ في اللحظة الزمنية لمبرر رفع القلم، فإن ما يحدث اليوم في فلسطين لا مسوغ له على الإطلاق، ولكن؛ ازدياد سمك طبقة عمى الألوان للذين يفرضون سياسة أمر واقع، وعلى مسمع من البشرية كلها، هذه البشرية التي تمتحن دائما في إرادتها، وفي عقليتها، وفي إنسانيتها، وفي حريتها، وفي عفتها، ولأجل خاطر نوع من الناس ينحدرون من شياطين الإنس.
أصبح في حكم المعتاد، أن تنتهك العدالة والكرامة، على مرأى من البشرية كاملة، وبرضاها التام، المشفوع بالتصفيق والمباركة، وإذا كانت القضايا الكبرى التي تهم البشرية ذاتها المباركة للشر والأشرار، فإن هناك قضايا صغيرة؛ ولكنها مؤلمة؛ وهي لا يقل ألمها وتأثيرها على نفس تأثير أمهاتها من القضايا الكبرى، فالفساد الذي يؤمن بممارسته الفرد الواحد في المجتمع، ويغض المجتمع ذاته عن محاسبته هو يندرج تحت من رفع عنهم القلم، فالمسألة لا ترتبط فقط بالقضايا الكبرى، وإنما تختزل حجمها وهول تأثيرها إلى الأدنى، وهي كما تقض مضجع البشرية كلها في حجمها وشموليتها، هي في الوقت نفسه تقض مضجع الفرد الواحد في المجتمع، ولا بديل تلك عن هذه، فلماذا يتألم الناس ويصرخون لقضاياهم الكبرى، ولا يحدث الألم نفسه لما صغر من قضاياهم، مع أن وخز الألم ذاته، ومع ذلك يمارسونها مع سبق الإصرار والترصد، وبمباركة الجميع؟
روى أبو داود والنسائي بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رفع القلم عن ثلاثة؛ عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق». - وفق المصدر- فهل يكفي أن يتموضع الفهم عند نص الحديث فقط؟ وهل هناك من خوف لو تجاوز الفهم في تطبيق العدالة على كثير من مقاربات الممارسات السيئة فلا يرفع عن أصحابها القلم؟
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ما یحدث
إقرأ أيضاً:
خبير استراتيجي: ما يحدث في غزة خطة لتفريغ الشمال بالكامل
أكد اللواء عادل العمدة، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، أن خطة القوات الإسرائيلية كانت تهدف إلى تفريغ المنطقة الشمالية من قطاع غزة بشكل كامل.
أوضح أن قوات الاحتلال ركزت ضرباتها على مناطق بيت لاهيا وبيت حانون ومخيم جباليا، وكانت تهدف إلى جرف السكان ونقلهم إلى مناطق الجنوب، مما أدى إلى فصل المناطق الشمالية عن الجنوبية.
وأضاف العمدة، في مداخلة هاتفية ببرنامج "الساعة 6" مع الإعلامية عزة مصطفى، المذاع على قناة الحياة، أن الهدف الأساسي من هذه الخطة هو تحويل شمال غزة إلى ثكنات عسكرية، مشيرًا إلى أن هذه الاستراتيجية كانت مدروسة ومعدة منذ فترة طويلة، خاصة بعد أحداث السابع من أكتوبر.
وتابع قائلاً: “بالنسبة للمفاوضات والجهود المبذولة من مصر وقطر، فإنها مستمرة، ومصر تسعى جاهدة في إطار دورها الإقليمي لتحقيق تقدم في المفاوضات، من أجل الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ودخول المساعدات الإنسانية. فالأوضاع أصبحت كارثية، حيث تجاوز عدد الشهداء 50 ألفًا، ووصل عدد الجرحى والمصابين إلى أكثر من 107 ألفًا، فضلًا عن المفقودين”