الوطن:
2024-12-23@20:22:15 GMT

أزهار شهاب تكتب: إلى ستّي.. كاذبون مَن قالوا رحلتِ

تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT

أزهار شهاب تكتب: إلى ستّي.. كاذبون مَن قالوا رحلتِ

بعيداً عن البيت ببضعة أمتار طلبت من السائق أن يوقف سيارة الأجرة.. كان الزحام شديداً وكان شوقى لبيتى أشد منه.. شهران طويلان غبتهما ولم يعد بمقدورى الانتظار أكثر ولو لدقائق.. ترجلت من السيارة مسرعة، وصوبت نظرى نحو بيتى، فوجدته هو بالذات مصدر الزحام، الناس تلتف حوله، وعلى يمينه شىء يشبه الخيمة ولكنه أكبر حجماً.

. أنا أعرف هذا الشىء، أعرف متى يُستخدم ولماذا، ولأنى أعرفه جيداً تسرب القلق والخوف إلى قلبى، وتسارعت أفكارى لدرجة أصبحت ألهث وراءها، كل الأفكار تلاطمت فى عقلى كموج البحر، إلا فكرة واحدة جاهدت بكل قوتى لأبعدها عنى، إلا أنها ظلت تلاحق خطواتى تجاه منزلى وكأنها ابن يطالب بحقه فى الاعتراف به.

تجسدت الفكرة.. الفكرة البغيضة نفسها.. فى كل شىء حولى.. فى نظرات الناس المصوبة نحوى، والمملوءة بالألم والحسرة.. فى الشارع الذى خلا فجأة من المارة.. والبيوت التى اتشحت بالسواد.. والشمس التى انسحبت من المشهد بهدوء.. وفى أمى التى تحترق من البكاء.. وأبى الذى يغالب دموعه فتغلبه.. ونظرات إخوتى المملوءة بالاستسلام.. كل شىء يُنبئ برحيلك!.

رحلت «ستك» والخيمة البيضاء من أجل عزائها.. لم أصدقهم يا ستى.. أنت لا تفعلين هذا بى.. والموت لا يجرؤ على الاقتراب منكِ وهو يعلم كم أحبك.. رُحت أبحث عنك فى كل مكان.. أتذكرين العطلة الماضية عندما أخبرتنى بأن حذاءك لا يشبهك فى طول العمر، وأنكِ تحتاجين لإصلاحه، وقتها ابتسمت ودعوت الله أن يحفظك ويطيل عمرك، وها أنا الآن أحمل حذاءك الجديد بين يدى، فأين أنتِ الآن لترتديه؟!

أحقاً شمسك غابت عن سمائى؟.. وغشى الظلام الكون كلّه.. وخلا العالم كله من الألوان.. ولكن صوتك يا ستى ما زال يرنّ فى أذنى.. ووجهك لم يغب لحظة عن بالى، لم أعد أتذكّر إلا صورتك ونظرات عينيك، كيف ترحلين وأنتِ تستوطنين كيانى؟

أيها الموت سيئ الطباع لمَ لا تعيدها لى ولو لدقيقة؟.. لمَ لا تنتظر حتى تعطينى رأيها فى الحذاء الجديد؟.. أيها الشبح الأسود لمَ كانت خطواتك أسرع منى إليها؟.. أيها الموت هتفت للوحشة لتستوطن قلبى.. لماذا؟ لو تعلم ما فى قلبى من غصة لأعدتها إلىّ.

«ستى» أتعلمين ماذا فعل رحيلك بى؟.. مع مَن سأتقاسم سريرى، ومن سيسهر معى حتى الصباح، على من سأطلق نكاتى؟.. آه يا «ستى» لو تعلمين كما تمنيت أن أكون ساحرة لأبقيك على قيد الحياة حتى قيام الساعة، أو عالمة كيمياء لأخترع دواءً يُبقيكِ حتى ألفظ أنفاسى.. أوصيتك أن تخبرينى عندما يشتد عليكِ المرض.. ألومك وتسمعيننى أعرف.

وها أنا الآن أجلس فى غرفتنا المشتركة، الغرفة ذاتها التى كانت شاهدةً على كلامنا معاً، ضحكاتنا ودموعنا، على راحة البال وطمأنة القلب التى كان يضفيها حضورك فى حياتى، ولكنها الآن أصبحت شاهدةً على غيابك، وعلى قلبى الممزق، ودموعى التى تنهمر بلا حساب، وموجات الألم والحسرة التى تعصف بى من وقت لآخر.. كيف بالله يا ستى رحلتِ دون كلمة وداع واحدة؟ وكيف يمكن للقلب أن يتحمل رحيلك؟ وكيف أناديك ولا تُجيبينى؟!

هذه المرة لم يكن كابوساً وأستفيق منه عندما يدق هاتفى المحمول وأضعه على أذنى وأسمع صوتك وأنتِ توبخيننى قائلة: «بقينا الضحى وإنتى لسه نايمة».

ثلاثة أشهر وأنا أنتظرك لتوبخينى، كاذبون من قالوا إنك رحلتِ، كاذبون من قالوا لى ستعتادين غيابها، هل تعلمين.. أمس وجدت إحدى القنوات تبث ابتهالات ومدحاً فى سيدنا النبى، التى طالما كنا نرددها سوياً عندما نستمع إليها على هاتفى، اتصلت مسرعة بأمى لتفتح التلفاز لكِ، هل شاهدتِها؟

أنا أرددها الآن، هل ترددينها أيضاً؟، مَن قال إنك ذهبتِ؟ عُكازك هنا، وثيابك فى مكانها، وأكواب الشاى التى احتسيناها ما زالت فى غرفتنا.. أنتِ لا تفارقين خيالى.. إذن لماذا يقولون «ستك» رحلت مثل كثيرين، أنت لا تشبهين أحداً.. أنت تستوطنين كيانى.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الظلام الدامس

إقرأ أيضاً:

شيخة الجابري تكتب: الأمن السيبراني وحماية الأطفال

لم يأتِ تحذير مجلس الأمن السيبراني في الدولة من مشاركة الأطفال لمعلوماتهم الشخصية والمواقع الجغرافية عبر الإنترنت من فراغ، وإنما جاء بناء على دراسات وإحصائيات تؤكد خطورة هذا الأمر في عصر المعلومات المفتوحة والتواصل البشري الهائل، وهجمة الاستخدام المجنون لوسائل التواصل الاجتماعي التي هيأت الفرص للكثير من المندسين وأعضاء المافيا العالمية ليجدوا لهم مرتعاً خصباً لاصطياد الأطفال وحتى الشباب الذين يجهلون مخاطر هذه الشبكات، ومن قد يتواصل معهم لأهداف مرسومة.
والأطفال الأبرياء هم أول من يمكن أن يتأثر من هذه الاختراقات، ذلك أن إدراكهم لواقع تلك الشبكات ومن يقومون باستغلالها استغلالاً سيئاً ومؤذياً هو إدراك ناقص، وقد يكون معدوماً بخاصة في غياب الأسرة في أوقات كثيرة عند استخدام تلك الوسائل، وأيضاً ضعف المعرفة والجهل بما يدور من مؤامرات من وراء الشاشات البراقة، والمغرية.
أشار المجلس إلى أن أكثر من 39% من الآباء، و33% من الأطفال في الإمارات، يمتلكون حسابات عامّة على وسائل ومواقع التواصل الاجتماعي، حسب دراسة شركة «كاسبرسكي» المتخصصة في الأمن السيبراني، ما يعرضهم دون علمهم لمخاطر الكشف عن تفاصيل شخصية، مثل الموقع، وأسماء المدارس، والهوايات، وحذر «من أن المجرمين السيبرانيين قد يستغلون هذه المعلومات لتتبع حركة الشخص وسرقة هويته، واقتحام المنزل، داعياً إلى حماية النفس والعائلات من هذه المخاطر من خلال ضبط إعدادات الخصوصية، وتقييد صلاحية التطبيقات، وإيقاف مشاركة الموقع، ومراجعة المحتوى المشارك، وعدم الانتظار حتى تتعرض للخطر».
ولا شك أن المجلس قد دق ناقوس الخطر الذي يجب أن يشعر به الجميع من أسرٍ ومؤسسات تعليمية، ومؤسسات تعمل على حماية ورعاية الطفولة، فالأمر فيه من الخطورة العالية ما يُلزم الجميع بمساندة المجلس في جهوده لحماية الأبناء من خلال التحذير من المخاطر والتهديدات التي قد يتعرضون لها أثناء استخدامهم لحساباتهم على مواقع التواصل، أو اعتمادهم على شبكة الإنترنت في الوصول إلى المعلومات، ومن هنا فإن التأكيد على ضرورة ضبط خصوصية معلومات الأبناء مهم جداً وهي مسؤولية الجميع.
لا ينبغي على المعنيين بهذا التحدي أن يمروا مرور الكرام، بل إن المطلوب منهم التمعن فيما ورد فيه من تفاصيل وتحذيرات وإحصائيات جاءت بناء على دراسات واقعية، ومن ثم وضع الخطط اللازمة لتوعية الأطفال بمخاطر التواصل الاجتماعي، والحسابات والمعلومات المفتوحة عبر شبكة يرتادها العالم باختلاف ثقافاتهم وانتماءاتهم وأهدافهم التي يمكن أن يكون استغلال الأطفال على رأسها.

أخبار ذات صلة شيخة الجابري تكتب: بالقيمة لا بالمقعد شيخة الجابري تكتب: الفرحة تعمُّ منطقة العين

مقالات مشابهة

  • "لم أستطع التعرف على أي شيء عندما عدت إلى القرية".. تايلاندية نجت من تسونامي تتذكر المصيبة المميتة
  • تكريم سمسم شهاب في مهرجان هرم الإبداع
  • نهال علام تكتب: زوجات النبي ( 2 )
  • بوراص: درنة تكتب فصولاً جديدة من الأمل
  • جرائم نظام الأسد المخلوع.. منازل مباعة دون علم أصحابها المهجرين في حلب
  • شيخة الجابري تكتب: الأمن السيبراني وحماية الأطفال
  • عادل حمودة: نظام الأسد كان أضعف مما كان يعتقد البعض
  • عادل حمودة: مصر تقف دائما مع سوريا في أزماتها التاريخية
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: التوحد
  • عاجل - الإمارات تدعو إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في السودان