الأب بطرس دانيال يكتب: لحظة الطمأنينة
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
يقول القديس بولس: «كُونوا فى الرَّجاءِ فرحين وفى الشدّةِ صابرين وعلى الصلاةِ مُواظبين» (رومية 12: 12).
دار هذا الحديث بين مُلحدٍ وآخر مؤمن: «هل تعتقد أيها المتديّن بأن فى الكون إلهاً كلى القدرة، يُدبّر هذا العالم ولا سيما البشر؟»
- «إنه بديهى ولا شك فى هذا مطلقاً، ونحن نُعلن هذا فى صلواتنا وإيماننا».
- «وهل يهتم الله الخالق بالبشر، أم إنه منعزلٌ فى سمائه، لا يهتم بأمورهم؟».
- «إن ديننا يُعلّم بأن الله هو أب حنون مع جميع خلائقه ويدبّر أمور حياتهم».
- «من المحتمل أن يكون الأمر هكذا فى كتبكم وتعاليمكم الدينية، لكن مَنْ يتأمل حياتكم اليومية ويلاحظها، يكتشف أنكم لا تؤمنون بهذا، فإن كان إلهكم كلى القدرة، وأباً حنون يرعاكم ويسهر عليكم نهاراً وليلاً، كان من الواجب عليكم أن تلجأوا إليه فى كل حين. لذلك لا أفهم تصرفاتكم أيها المؤمنون! فبالرغم من اعتقادكم بأبوّة الله وحنانه؛ كيف تسمحون لأنفسكم بأن ترفعوا قلوبكم بالصلاة له قليلاً جداً، مُكرّسين معظم حياتكم للأمور الدنيوية؟!».
مما لا شك فيه أنه كلام لاذع وصاعق لكل شخصٍ منّا، حتى نستطيع أن نقوم بمراجعة حياتنا وعلاقتنا بالله الرحيم والحنون الذى يشفق علينا جميعاً، ولا يرفض أى طلب فيه خيرنا الأعظم. فإذا كان الإنسانٍ يسعى إلى ما يعود عليه بالمنفعة فقط، فالله لا يفكّر إلا فيما يجود علينا بالنفع، كما أنه يحوّل كل شىء فى الحياة لصالحنا، ففيه نضع كل رجائنا ونستودع جميع شدائدنا ومضايقنا، لأننا لن نرى، فى كل مخلوق آخر، سوى الضعف وعدم الثبات. ولن يستطيع مساعدتنا الأشخاص الذين يدّعون القوة، ولن نصل إلى جوابٍ مفيدٍ من مدّعى الحكمة، ولن تُعزينا كُتب العلماء، ولن نجد الأمان فى أى مكانٍ، ما لم يعضدنا الله القادر على كل شىء، ويقوينا ويعزينا ويعلّمنا ويحفظنا من كل سوء. لذلك يجب علينا أن نراجع ذواتنا ونتساءل: «هل نعتبر الصلاة بمثابة فرض علينا، نشعر بالراحة عند الانتهاء منها، لأننا قمنا بالواجب المطلوب؟ أم هى لحظة سلام وطمأنينة وراحة وتعزية، عندما نرفعها لله الأب الحنون الذى يفكّر فى خيرنا الأعظم؟» هل نُعطى الصلاة حقها فى حياتنا اليومية، أم هى مجرد لحظة عابرة وخاطفة بين اهتماماتنا الأرضية؟».
إذاً يجب علينا أن نقترب من الله دائماً، عندما نتحد به فى صلاتنا كل حين، مهما كانت مشغولياتنا وارتباطاتنا، حينئذ سننعم بحياةٍ صافية وهادئة لا مثيل لها، وسنشعر بالسعادة التى تغمرنا طوال اليوم أثناء العمل، ونتخطى العقبات التى تواجهنا، ونسمو فى معاملاتنا مع الآخرين واحترامهم، وسنقوم بواجباتنا بأمانة وإخلاص، ثم نصل إلى ختام يومنا وننام مطمئنى البال، وعندما نستيقظ فى اليوم التالى، سنصبح متفائلين ومغمورين بالرجاء والأمل. فهل بعد كل هذه الامتيازات والنِّعم وغيرها الناجمة عن الصلاة؛ نتكاسل أو نتهاون فى القيام بها؟ نحن نعيش فى عصرٍ نسى فيه الإنسان الله، ولا يفكر إلا فى ذاته دون الرجوع إلى الله خالقه، والذى يُنْعِم علينا بكل خيراته دون أن نسأله، لأنه عالم بها. فكلما ابتعدنا عن الله، ازداد الشر وانتشرت الحروب والكوارث والأطماع، لكن الصلاة هى دواء لكل داء يشكو منه إنسان العصر.
كم من المرات التى نختلق فيها الحجج والمبررات مرددين: «ليس لدينا وقت للصلاة»؟ بالرغم من أننا نهدر الكثير منه فى أشياء أخرى لا معنى لها ولا نفع منها. لكن عظمة الإنسان ونجاحه وسمو أخلاقه تنبع من علاقته الوثيقة بالله عن طريق الصلاة الدائمة، والحوار معه بكل صدقٍ وحُبٍ دون أى مصالح شخصية! كم من أناس يصلّون بشفاههم ولكنهم يصمتون بقلوبهم؛ وكم الذين يغلقون شفاههم ويبتهلون من أعماقهم، ولذلك يُستجاب للكثيرين بالرغم من أنهم صامتون، وباطلاً يهتف الآخرون.
إذاً يجب أن تكون صلاتنا نابعة من القلب قبل الفم، وأن تحمل فى طياتها الشكر لله على كل نِعمه وعطاياه، ولا تكون مقصورة على الطلب فقط، أو لحظة عابرة لتلبية مصالحنا الشخصية. فالله لن يخذلنا أبداً إن بحثنا عنه بقلبٍ نقى وروح مستقيمة، ولن يرفض لنا طلباً ما دام لخيرنا وسعادتنا، فالله معنا فى كل حين، حتى وإن لم ندرك هذا نتيجة مشاغلنا واهتمامنا بالأمور الأرضية فقط، ومَنْ يتوكّل على الله ويشعر بوجوده فى حياته اليومية؛ سينعم بعطاياه فى كل حين، والإنسان الذى يثق فى الله، لن يتزعزع إيمانه مهما تغيّرت ظروف الحياة. ونختم بكلمات المؤرخ Carlyle: «إن نسينا الله؛ فلا يبقى شىء يستحق ذكره».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: التقرب إلى الله الشعور بالسعادة المصالح الشخصية کل حین
إقرأ أيضاً:
فضل الصلاة على النبي فى شعبان قبل رفع الأعمال عجائب لا حصر لها
فضل الصلاة على النبي فى شعبان، اتفق علماء الدين على استحباب الصلاة والسلام على النبي محمد "صلى الله عليه وسلم"؛ في كل الأوقات وخاصة يوم الجمعة، والصلاة على النبي فى شعبان لها فضل أخر، و الصلاة على النبي فى شعبان ليس أمرا عاديا فهو أمر إلهي فعندما تصلي على النبي يصلي الله عليه، والإكثار من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- من أقرب القربات وأعظم الطاعات، وهو أمر مشروع بنص الكتاب والسنة وإجماع الأمة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ترفع الكرب والبلاء وتزيل الهم والغم، وتشرح الصدور وتصرف وساوس الشيطان.
عجائب الصلاة على النبي فى شعبان1. امتثال أمر الله بالصلاة عليه.
2. موافقته سبحانه وتعالى في الصلاة عليه.
3. موافقة الملائكة في الصلاة عليه.
4. حصول عشر صلوات من الله تعالى.
5. أن يرفع له عشر درجات.
6. يكتب له عشر حسنات.
7. يمحى عنه عشر سيئات.
8. ترجى إجابة دعوته.
9. أنها سبب لشفاعته صلى الله عليه وسلم.
10. أنها سبب لغفران الذنوب وستر العيوب.
11. أنها سبب لكفاية العبد ما أهمه.
12. أنها سبب لقرب العبد منه صلى الله عليه وسلم.
13. أنها تقوم مقام الصدقة.
14. أنها سبب لقضاء الحوائج.
15. أنها سبب لصلاة الله وملائكته على المصلي.
16. أنها سبب زكاة المصلي والطهارة له.
17. أنها سبب لتبشير العبد بالجنة قبل موته.
18. أنها سبب للنجاة من أهوال يوم القيامة.
19. أنها سبب لردّه صلى الله عليه وسلم على المصلي عليه.
20. أنها سبب لتذكر ما نسيه المصلي عليه صلى الله عليه وسلم.
21. أنها سبب لطيب المجلس وألا يعود على أهله حسرة يوم القيامة.
22. أنها سبب لنفي الفقر عن المصلي عليه صلى الله عليه وسلم.
23. أنها تنفي عن العبد اسم البخل إذا صلى عليه عند ذكره صلى الله عليه وسلم.
24. نجاته من دعائه عليه برغم أنفه إذا تركها عند ذكره صلى الله عليه وسلم.
25. أنها تأتي بصاحبها على طريق الجنة وتخطئ بتاركها عن طريقها.
26. أنـها تنجـي من المجلس الذي لا يذكر فيه اسم الله ورسوله صلى الله عليـه وسلم.
27. أنها سبب لتمام الكلام الذي ابتدئ بحمد الله والـصلاة على رسولـه صلى الله علـيه وسلم.
28. أنها سبب لفوز العبد بالجواز على الصراط.
29. أنه يخرج العبد عن الجفاء بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم.
30. أنها سبب لإلقاء الله تعالى الثناء الحسن على المصلي عليه صلى الله عليه وسلم بين السماء والأرض.
31. أنها سبب رحمة الله عز وجل.
32. أنها سبب البركة.
33. أنها سبب لدوام محبته صلى الله عليه وسلم وزيادتها وتضاعفها، وذلك من عقود الإيمان لا يتم إلا به.
34. أنها سبب لمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم للمصلي عليه صلى الله عليه وسلم.
35. أنها سبب لهداية العبد وحياة قلبه.
36. أنها سبب لعرض المصلي عليه صلى الله عليه وسلم وذكره عنده صلى الله عليه وسلم.
37. أنها سبب لتثبيت القدم على الصراط.
38. تأدية الصلاة عليه لأقل القليل من حقه صلى الله عليه وسلم وشكر نعمة الله التي أنعم بها علينا.
39. أنها متضمنة لذكر الله وشكره ومعرفة إحسانه.
40. من أعظم الثمرات وأجل الفوائد المكتسبات بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم انطباع صورته الكريمة في النفس.