محمد عبد الجواد يكتب: خسائر اقتصاد الدم.. السقوط من المسافة صفر
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
النزيف متواصل فى العدة والعتاد والبشر.. الشلل يهدد كل شىء فى دولة الاحتلال إلا عقول اليمين المتطرف الذى يواصل حرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين العزل بلا هوادة ويصر على اقتلاع شعب من أرضه بلا رحمة ضارباً عرض الحائط بكل المواثيق والاتفاقيات الدولية فى غياب الضمير العالمى المحتجز داخل نفق دعم الصهيونية البغيض طوال أكثر من 75 عاماً، لكن رغم عدم التكافؤ بين الجانبين، فإن خسائر الاقتصاد القائم على الدم والمشيد من جماجم الأبرياء يتكبد خسائر فادحة ويواصل النزيف.
الخسائر الإسرائيلية فادحة وتقارب 100 مليار دولار منذ بدء الحرب فيما تقدر التكاليف العسكرية للحرب على غزة بأكثر من 250 مليون دولار يومياً. التراجع فى الإيرادات الصهيونية بلغ مستوى غير مسبوق وصل لأكثر من 15 مليار دولار بجانب دفع 5 مليارات دولار كتعويضات للشركات عن خسائرها و5 مليارات دولار لإعادة تأهيلها وتسبب اصطياد المقاومة للآليات العسكرية الإسرائيلية فى الإساءة لسمعة السلاح الإسرائيلى وهناك توقعات بالمزيد من الخسائر للشركات العاملة فى هذا المجال.
استمرار التصعيد وضع الاقتصاد الإسرائيلى فى اختبار صعب بعدما وضعت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتمانى تصنيف الديون السيادية لإسرائيل عند A+ تحت المراقبة السلبية لتزايد خطر اتساع نطاق الصراع. المأزق الحاد لحكومة اليمين المتطرف أجبرها على دفع مليار دولار لإعادة تأمين الشركات العاملة لديها و6 مليارات دولار لتأمين الطيران مع انخفاض قيمة الشيكل وضخ 80 مليار دولار فى الأسواق وكان من المتوقع أن يتحسن دخل الفرد فى خلال 2024 بنسبة 6%، لكنه انخفض لأكثر من 4٫2%، أى أن الخسارة فى الدخل بلغت 10٫2% وخسائر القطاع السياحى وصلت لأكثر من 30%، وتراجعت البورصة 8%، وبالتالى إسرائيل لن تكون قادرة على الاستمرار فى حملتها العسكرية لأكثر من شهرين ولن تتحمل التبعات الاقتصادية للحرب بعد تحويل 53 مليار دولار إلى العملة المحلية لتغطية التكاليف وهذا ربع احتياطى النقد الأجنبى فى إسرائيل، كما أن حوالى 400 ألف مستوطن غادروا البلد دون حجز تذكرة عودة، وهذا يعنى أنهم قرروا البقاء فى دول أخرى وعدم العودة مجدداً.
وهناك تعويضات تقدّر بـ7 مليارات شيكل من أجل إصلاح المستوطنات التى تضررت، بخلاف التعويضات للجنود المصابين وأسر القتلى والأسر التى تم ترحيلها وبلغت نفقات المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية 30 مليار شيكل، أساسها ميزانية جنود الاحتياط والذخائر، و14.3 مليار دولار مساعدات أمريكية.
الأضرار التى ضربت 24 مستوطنة من مستوطنات غلاف غزة تقدر بـ10 مليارات شيكل وهناك 5 مليارات شيكل تكلفة الأضرار الناتجة عن قصف الصواريخ ومليارا شيكل ميزانية تتعلق بالمستوطنات، يضاف إلى ذلك 15 مليار شيكل، قيمة الضرر المقدر للنمو الاقتصادى الإسرائيلى بجانب تراجع مدفوعات الضرائب وباتت آلاف الأعمال الصغيرة على عتبة الإفلاس.
وتكبدت إسرائيل عجزاً فى الميزانية بقيمة 22.9 مليار شيكل (6 مليارات دولار) فى أكتوبر وهو ما يمثل زيادة بأكثر من 7 أضعاف على أساس سنوى، حسب بيانات وزارة المالية بسبب ارتفاع نفقات تمويل الحرب فى قطاع غزة وتراجعت الإيرادات 15.2% الشهر الماضى بسبب التأجيلات الضريبية وانخفاض دخل الضمان الاجتماعى نتيجة للحرب. وهناك توقعات بأن تصل تكلفة الحرب إلى 200 مليار شيكل، أى حوالى 10 بالمائة من الناتج المحلى الإجمالى، لذا تدرس إسرائيل تقليص عدد أفراد الاحتياط بالجيش الذين تم استدعاؤهم للحرب بسبب التكلفة الاقتصادية المرتفعة والأضرار التى لحقت باقتصاد البلاد جراء تغيبهم عن منازلهم وعن أماكن عملهم بعد استدعاء 360 ألف جندى من جيش الاحتياط، وتبلغ التكلفة المباشرة لأيام الاحتياط للمجندين حوالى خمسة مليارات شيكل شهرياً، تضاف إليها تكلفة فقدان أيام العمل لجنود الاحتياط، التى تقدر بحوالى 1.6 مليار شيكل.
وتعرضت إسرائيل لهزة عنيفة فى قطاع النقل الجوى والبحرى والبرى، بنسبة 70%، بعدما علقت 42 شركة طيران رحلاتها إلى إسرائيل أو قللتها إلى الحد الأدنى، نتيجة ارتفاع كلفة التأمين ضد مخاطر الحرب، ما اضطر الحكومة إلى تقديم ضمانات بـ6 مليارات دولار للشركات المحلية.
وشهد القطاع الزراعى تراجعاً كبيراً، نتيجة توقف مزارع مستوطنات غلاف غزة وشمال فلسطين على حدود لبنان، وهذه المناطق تنتج أكثر من 80% من الخضراوات، و40% من الفواكه ومنتجات الحليب والدواجن.
الاقتصاد العبرى مقبل على ركود لا محالة، مع تراجع الإنتاجية وارتفاع تكلفة حرب طويلة الأمد، ما قد يؤدى إلى فوضى اقتصادية شاملة.
ووسط الحرب الشرسة، قد تضطر البنوك الإسرائيلية إلى زيادة مخصصاتها لتغطية الديون المتعثرة والمشكوك فى تحصيلها بسبب هروب المستثمرين وسحب الودائع والإقبال على شراء الدولار وتخزينه ومُنيت البنوك بخسائر كبيرة، بعدما انخفض مؤشرها فى بورصة تل أبيب بنسبة 20%، وهذا المؤشر يشمل أكبر 5 بنوك وهى بنوك «لئومى وهبوعليم وإسرائيل ديسكونت ومزراحى تفاحوت وفيرست إنترناشيونال».
ووسط حالة التخبّط فى دولة الاحتلال، جاء قرار وكالتى «موديز» و«فيتش» للتصنيف الائتمانى بوضع الكيان تحت المراقبة الماليّة تمهيداً لخفض تصنيفه كالصاعقة، وانضمت وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال «S&P» إليهما وخفّضت توقّع التصنيف الائتمانى إلى سلبى ما قد يؤدى إلى جعل الاقتراض أكثر تكلفةً.
وفى التاسع من أكتوبر، دعت وزارة الطاقة العبرية، لإيقاف الإنتاج فى حقل «تمار» للغاز الطبيعى البحرى الذى يبلغ إنتاجه 10.2 مليار متر مكعب خوفاً من استهدافه وعلّقت شركة «شيفرون» الأمريكية أنشطتها فى الحقل علماً بأن حقول الغاز الطبيعى قبالة السواحل الإسرائيلية، تؤمّن 70% من إنتاج الكهرباء واحتياجات الطاقة فى البلاد.
قطاع تكنولوجيا المعلومات، لم يسلم من نزيف الخسائر وهو يشكل أكثر من نصف قيمة الصادرات الإسرائيلية البالغة 165 مليار دولار بعدما أقدمت الشركات الكبرى على وقف أعمالها بسبب هروب بعض موظفيها واستدعاء بعضهم الآخر للجيش بنسبة 10% من العاملين.
وألغت شركة «إنفيديا»، أكبر شركة مصنّعة للرقائق المستخدمة فى الذكاء الاصطناعى والرسومات الحاسوبية فى العالم، قمّة الذكاء الاصطناعى فى تل أبيب، وتجاوزت خسائر القطاع 6 مليارات دولار.. ويبقى السؤال الأهم: هل تتسبب خسائر اقتصاد الدم فى كتابة نهاية إسرائيل من المسافة صفر؟.. الأيام المقبلة حبلى بالكثير من المفاجآت!
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: فلسطين الانتهاكات الإسرائيلية الخسائر الإسرائيلية العدة والعتاد ملیارات دولار ملیارات شیکل ملیار دولار ملیار شیکل لأکثر من أکثر من
إقرأ أيضاً:
وزير الاقتصاد اللبناني: الحرب أعادتنا 10 سنوات للوراء وتكلفتها ستتخطى 20 مليار دولار
قال وزير الاقتصاد اللبناني، أمين سلام، إن تكلفة الأضرار المادية والخسائر الاقتصادية للحرب على لبنان "ستتخطّى بكثير 20 مليار دولار"، مضيفا "هذه الحرب أعادتنا 10 سنوات إلى الوراء".
واعتبر الوزير، أثناء استضافته في برنامج "المشهد اللبناني على قناة "الحرة" الاثنين، إن لبنان "يحتاج بين 3 إلى 5 سنوات صعبة ليتعافى فقط من مشكلة النزوح وإعادة الإعمار".
Sorry, but your browser cannot support embedded video of this type, you can download this video to view it offline.
وبشأن تأثيرات الحرب مع إسرائيل على الالتزامات الاقتصادية للبنان، صرح سلام "أعلمنا البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أن كل ما تمّ الاتفاق عليه سابقاً مع لبنان، تغيّر بسبب الحرب والدمار والنزوح".
وحول التبعات التي يمكن أن تنجم عن أي حصار كامل قد تخضع له لبنان، قال المتحدث إن البلد "يمكنه الصمود بما يمتلكه من مقوّمات لفترة بين 4 إلى 5 أشهر"، لكنه يستبعد فرض حصار "إلاّ إذا حصل لفترة وجيزة كوسيلة ضغطٍ في آخر مراحل المفاوضات".
وزير الاقتصاد اللبناني لـ"الحرة": نتانياهو لن يطلق أي رصاصة بعد اتصال ترامب قال وزير الاقتصاد اللبناني، أمين سلام، لـ"الحرة"، إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب يريد توقيع اتفاق سلام بين لبنان وإسرائيل "وسيعمل عليه"، مضيفا "كل رئيس أميركي جديد يجب أن يُنجز نجاحاً كبيراً داخليّاً وخارجيّاً في أول 100 يوم في سدّة الرئاسة، وإحدى نجاحات ترامب ستكون أنه فور دخوله البيت الأبيض سيقوم بالاتصال ببنيامين نتانياهو ليقول له: بعد هذا الاتصال لن تُطلق ولا رصاصة".وعلّق وزير الاقتصاد أيضا على قرار إدراج لبنان في اللائحة الرمادية لغسل الأموال ومكافحة الإرهاب قائلا إن ذلك "ليست مزحة"، وأضاف أن احتمال تصنيف البلد في اللائحة السوداء سيكون "كارثة الكوارث"، مردفا "بهذا ننتهي كبلد ونذهب الى شريعة الغاب، وقد اقتربنا منها كثيراً".
وأدرجت مجموعة العمل المالي الدولية (FATF) لبنان، في أكتوبر الماضي، باللائحة الرمادية لغسل الأموال.
عقاب أم فرصة تغيير.. ماذا يعني وضع لبنان باللائحة الرمادية لغسل الأموال؟ بعد سنوات من التحذيرات والتوصيات الدولية، تحول هاجس دخول "اللائحة الرمادية لغسل الأموال" إلى واقع في لبنان. فقد أدرجت مجموعة العمل المالي الدولية (FATF) لبنان رسمياً على قائمتها الرمادية في ختام اجتماعاتها الأخيرة في باريس.وتقود مجموعة العمل المالي التحركات الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار الأسلحة، إذ تُقيّم تحركات الدول لمواجهة استعمال الأموال في أنشطة غير مشروعة وجرائم بينها الإرهاب.