مجالس المحافظات العراقية والمشاركة منزوعة القناعة!
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
تنوّعت الكيانات "الديمقراطيّة" في العراق بعد العام 2003، ويُعدّ مجلس النوّاب "السلطة التشريعيّة" الكيان "الديمقراطيّ" الأبرز، وهنالك كيانات أصغر وموازية لهذا المجلس، وهي مجالس المحافظات!
وتُمثّل مجالس المحافظات السلطة التشريعية والرقابية الفرعية التي تُشرف على أعمال المحافظات الإدارية والأمنية والخدمية وغيرها، وبالتالي ربّما هي العين الفاحصة بدقّة لعمل كافّة دوائر الدولة!
ويمكن لهذه المجالس مراقبة الأنشطة غير القانونية، والاستغلال الوظيفي، والثراء على حساب المال العامّ، والهدر لموارد الدولة والتعسّف الوظيفي، وغيرها من صور التقصير والنهب والإهمال!
وجرت في العراق في 18 كانون الأوّل/ ديسمبر 2023، وبعد توقّف لعشر سنوات، انتخابات مجالس المحافظات، وكانت المنافسة شديدة بين الكيانات السياسية، وبالذات مع غياب تيّار مقتدى الصدر، الذي طلب من اتباعه مقاطعة الانتخابات واعتبرها خطوة "تُفْرح آل الصدر"، ولتستمرّ بذلك مقاطعتهم السياسية منذ العام 2022!
وأصرّت حكومة محمد شياع السوداني على تنفيذ الانتخابات رغم حالة التردّد والأحداث الحادّة التي سبقتها، وأبرزها إنهاء المحكمة الاتّحادية لرئاسة محمد الحلبوسي وعضويّته للبرلمان، واستمرار ضرب القواعد الأمريكية، وغيرها من التحديات السياسية والأمنية!
ويتكوّن مجلس المحافظة من عشرة أعضاء على الأقلّ، وقد يصل العدد إلى 35 عضوا للمحافظات الكبرى، وبحسب تعدادها السكّاني!
ورغم الدعم الحزبي والرسمي الهائل للانتخابات إلا أنّ المقاطعة الشعبية كانت واضحة، وبالذات في المدن الجنوبية، وكأنّ دعوة الصدر آتت ثمارها بالمقاطعة، ومع ذلك قالت مفوّضيّة الانتخابات إنّ نسبة التصويت الكلّية بلغت 41 في المئة!
أكّدت النتائج النهائية الخميس (28 كانون الأول/ ديسمبر 2023)، استمرار الكيانات السياسية الكبرى، "الشيعيّة والسنّيّة"، في تحكّمها بالمشهد السياسي العامّ، والإمساك بدفّة الحكم بقوّة! وهذه النتائج كانت مُتوقّعة بسبب هيمنة الأحزاب المتغولة على مقدّرات العراق المالية والإدارية، رغم إعلان المفوّضية تلقيها أكثر من 400 شكوى تتعلّق بالانتخابات
وكشف بعض خبراء الانتخابات التي شارك فيها نحو 17 مليون مواطن، لاختيار 285 مرشّحا من بين 6000 مرشّح، بأنّ نسبة المشاركة كانت 28 في المئة، بأعلى التقديرات!
وأعداد الناخبين عليها ملاحظات قانونية ورقابية، وقد ذكر "سعيد كاكائي"، عضو مفوّضية الانتخابات سابقا، أنّ نسب المشاركة أقلّ من المُعْلَن، ويجب أن "تُحْسَب على 23 مليون ناخب مُسجّل، وليس على عدد البطاقات البايومترية"!
ومع ذلك، وعند التدقيق بنسب المشاركة الرسمية المعلنة، وهي 41 في المئة، والتسليم بها، نجد أنّ 59 في المئة من العراقيين عَزَفوا عن المشاركة، وهذا مؤشّر واضح على عدم قناعتهم بجدوى وأهمية المشاركة، ودَور المجالس!
وأكّدت النتائج النهائية الخميس (28 كانون الأول/ ديسمبر 2023)، استمرار الكيانات السياسية الكبرى، "الشيعيّة والسنّيّة"، في تحكّمها بالمشهد السياسي العامّ، والإمساك بدفّة الحكم بقوّة!
وهذه النتائج كانت مُتوقّعة بسبب هيمنة الأحزاب المتغولة على مقدّرات العراق المالية والإدارية، رغم إعلان المفوّضية تلقيها أكثر من 400 شكوى تتعلّق بالانتخابات!
وأظهرت النتائج أنّ العشرات من المقاعد ذهبت لأقرباء أعضاء مجلس النوّاب والسياسيين من الدرجة الأولى، وهذا مؤشّر يفترض الوقوف عنده والتحقيق به من المفوضية والنزاهة!
وبعيدا عن قول بعض المراقبين إنّ الانتخابات عَزّزت دور ومكانة التيّارات القريبة من إيران، أتصوّر أنّ العَزْف على هذه النغمة، ربّما، فيه رسائل مقصودة لزرع اليأس لدى المواطنين وبأنّ العراق صار ضَيْعة إيرانية، وهذه الطروحات تجب مقاومتها وعدم التسليم بها، لأنّ الشعوب الحرّة يفترض أن تسعى، وبكلّ السبل القانونية والأخلاقية والمجتمعية، لبناء كيانها ونسيجها المجتمعي، وإلزام أصحاب القرار بعدم الانصياع لإرادة الخارج!
وقبل ثلاثة أيّام من إعلان نتائج الانتخابات وقعت، ليلة الاثنين الماضي، مواجهة مسلّحة غامضة بين فصيل بالحشد الشعبي وسرايا السلام التابعة للصدر في بغداد!
وقد تكون المقاطعة الصدرية والانتخابات المحلّية بداية لمراحل تشنج سياسي، وميداني عنيفة بين الصدريين وغرمائهم!
وكالمعتاد، أُسدل الستار على مرحلة انتخابية جديدة، والمشهد السياسي حتما سيتأثر بعد توزيع المناصب الكبرى في المحافظات، ولكنّنا، مع ذلك، لم نَجن أيّ ثمرة ناضجة من الديمقراطيّة التي بَشّروا الناس بها منذ عشرين سنة!
بعض المواطنين يظنون أن التصويت مجرّد "إسقاط لفرض" المشاركة، وتناسوا بأنّ تبعات تصويتهم، في الظروف السليمة، ستستمرّ لأربع سنوات، وعليه يُفترض ألا تعطى الأصوات إلا للأمناء والأنقياء، وليس لفلان وفلان من الأصدقاء والأقرباء وتُجارّ الأصوات والسرّاق!
والغرابة المذهلة هي أنّ بعض المواطنين ينتقدون النظام الحاكم ولكنّهم شاركوا في الانتخابات، ولا ندري ما المغزى من مثل هكذا مشاركات منزوعة القناعة؟
هل ستكون مجالس المحافظات أوكار فساد جديدة، وأدوات لحماية الجماعات الشرّيرة، أم ستكون انطلاقة نقيّة لتطبيق القانون، وخدمة المواطنين الذين يعانون من خَراب غالبيّة القطاعات الحيوية المرتبطة بالإنسان وقُوته وصحّته وتعلميه، وحاضره ومستقبله؟
صدقا إنّ المواطن الذي يبيع صوته، بسبعة دولارات أو غيرها من "الهِبات"، يُفترض به ألا ينتقد لاحقا الأوضاع السلبية، لأنّه مُساهم، وبيده، في دوامها واستمراريتها!
ثمّ ما الذي يمكن لمجالس المحافظات أن تغيّره إن كانت هي أصلا مرتبطة بالمنظومة الفاعلة الحاكمة والتي عليها مئات الملاحظات القاصمة للظهر؟
فهل ستكون مجالس المحافظات أوكار فساد جديدة، وأدوات لحماية الجماعات الشرّيرة، أم ستكون انطلاقة نقيّة لتطبيق القانون، وخدمة المواطنين الذين يعانون من خَراب غالبيّة القطاعات الحيوية المرتبطة بالإنسان وقُوته وصحّته وتعلميه، وحاضره ومستقبله؟
أظنّ أنّه لو قُدّر للمجالس القيام بواجباتها القانونية، وبأعضاء يُقدّمون مصلحة الوطن والمواطن بعيدا عن الحزبية والمنافع الشخصيّة، لتمكّنت المجالس من نقل الواقع الحاليّ المرهق إلى أحوال أخرى خالية من الفساد وتبذير ونهب المال العامّ!
لنعمل من أجل عراق يمتاز بالمواطنة المتساوية والعادلة بعيدا عن العرق والدين والمذهب!
twitter.
com/dr_jasemj67
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العراق انتخابات الأحزاب الفساد العراق الفساد انتخابات أحزاب مجالس محلية مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مجالس المحافظات فی المئة ة التی
إقرأ أيضاً:
العراق ينطلق في المرحلة الثالثة من التعداد السكاني لجمع البيانات التفصيلية
نوفمبر 26, 2024آخر تحديث: نوفمبر 26, 2024
المستقلة /- شفت وزارة التخطيط العراقية اليوم الثلاثاء عن الخطوات المقبلة للتعداد السكاني بعد إعلان النتائج الأولية، حيث بدأت المرحلة الثالثة التي ستركز على جمع بيانات تفصيلية عن الخصائص الحياتية للسكان في مجالات متعددة مثل الصحة، السكن، التعليم، العمل، والخدمات. كما أكد المتحدث باسم الوزارة، عبد الزهرة الهنداوي، أن العدادين سيزورون الأسر التي لم يتمكنوا من الوصول إليها خلال المرحلة الثانية لاستكمال جمع البيانات.
المرحلة الثالثة: جمع البيانات التفصيليةوأوضح الهنداوي في حديثه لشبكة الرابعة أن المرحلة الثالثة من التعداد السكاني بدأت بعد إعلان النتائج الأولية، وستستمر حتى العاشر من الشهر المقبل. خلال هذه المرحلة، سيتم جمع البيانات التفصيلية حول الخصائص الحياتية للمواطنين، بما في ذلك معلومات عن الصحة والتعليم والعمل والخدمات المقدمة لهم، بالإضافة إلى التحديات التي يواجهونها في حياتهم اليومية.
زيارة الأسر غير المشمولةوأضاف المتحدث باسم الوزارة أن الباحثين والعدادين سيقومون خلال هذه الفترة بزيارة الأسر التي لم يتمكنوا من زيارتها في المرحلة الثانية، بهدف استكمال جمع البيانات الأساسية والتفصيلية. هذه الخطوة ضرورية لضمان تغطية شاملة لجميع الأسر في العراق، وهو ما سيسهم في ضمان دقة نتائج التعداد.
إعلان النتائج النهائية في المستقبل القريببعد الانتهاء من جمع وتبويب وتصنيف البيانات، سيقوم الفريق المختص بتحليل المؤشرات العامة للسكان، ومن ثم يتم الإعلان عن النتائج النهائية والتفصيلية للتعداد، وهو ما يُتوقع أن يتم بعد حوالي شهرين من انتهاء فترة التعداد. هذه النتائج ستكون ذات أهمية كبيرة في رسم السياسات المستقبلية للدولة في مختلف المجالات، من التخطيط العمراني إلى الخدمات العامة.
نتائج أولية: عدد السكان يتجاوز 45 مليون نسمةوكان رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد أعلن في وقت سابق عن النتائج الأولية للتعداد السكاني، والتي أظهرت أن عدد سكان العراق بلغ أكثر من 45 مليون نسمة. هذه النتائج تفتح المجال لتحليل التوزيع السكاني وتحديد احتياجات المواطنين في مختلف المناطق، وهو ما سيساعد الحكومة في تخصيص الموارد بشكل أفضل وتوجيه الخدمات إلى الفئات الأكثر احتياجًا.
أهمية التعداد السكاني في المستقبلتعد الخطوات التي تنفذها وزارة التخطيط في إطار التعداد السكاني خطوة هامة نحو تطوير استراتيجيات التنمية في العراق. فمن خلال جمع بيانات دقيقة ومحدثة عن الخصائص الحياتية للسكان، ستتمكن الحكومة من اتخاذ قرارات أكثر دقة في مجال الاقتصاد، الصحة، التعليم، وغيرها من المجالات الحيوية التي تؤثر على حياة المواطنين.
في الختام، يُعد التعداد السكاني أداة أساسية تساعد العراق في تعزيز قدراته على مواجهة التحديات المستقبلية وتوفير حياة أفضل للمواطنين من خلال تقديم خدمات أكثر فاعلية.