القدس المحتلة- ألحقت الحرب على غزة خسائر فادحة بالاقتصاد الإسرائيلي وعطلت سوق العمل بشكل كبير، وكما هو الحال دائما في حالات الطوارئ، فإن فلسطينيي الـ48  يعدون الأكثر تضررا سواء على المستوى الاجتماعي الاقتصادي، وهم الحلقة الأضعف بشأن ارتفاع معدلات البطالة ونسبة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

وبعيدا عن حقيقة أن كثيرا من الإسرائيليين ينظرون إلى فلسطينيي الـ48 على أنهم "طابور خامس"، ويخضعونهم دائما لاختبارات "الولاء"، ويتم مضايقتهم والتمييز ضدهم في مختلف مناحي الحياة، فقد تبين أنهم معرضون لأزمة التوظيف، خلال فترة الحرب، كما يظهر من المسح والتحليل الذي أجري من قبل قسم الأبحاث في بنك إسرائيل.

ويظهر الفحص الذي أجراه بنك إسرائيل بشأن وضع سوق العمل، والبطالة، والإجازة غير مدفوعة الأجر -والذي يشمل المتغيبين لأسباب اقتصادية بسبب حرب غزة- زيادة عالية بمعدلات البطالة بأوساط العمال من فلسطينيي الـ48.

تأثيرات الحرب

كشف استطلاع سلطة التطوير الاقتصادي بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العربي برئاسة الدكتور سامي ميعاري، النقاب عن معطيات مقلقة بشأن تأثير الحرب على معدلات البطالة وسوق العمل في المجتمع العربي.

ولفهم تأثير الحرب على التوترات بين العرب واليهود، وعلى مختلف جوانب العمالة في المجتمع العربي، قال البروفيسور ميعاري المحاضر في جامعة تل أبيب "أجرينا مسحا حول العمالة في ظل الحرب، وتم إجراء الاستطلاع بين السكان العرب البالغين، وفقا لعينة تمثيلية قوامها 525 مستطلعا".

وبحسب الاستطلاع -الذي أشرف عليه الباحث المتخصص بالسياسات الاقتصادية أرنون باراك- فإن نسبة البطالة الموسعة في صفوف القوة العاملة بالمجتمع العربي وصلت إلى نحو 15% مقابل 5% في صفوف القوة العاملة اليهودية في البلاد، في حين أفاد 5.5% من المشاركين بأنهم فصلوا عن العمل خلال الحرب لأسباب اقتصادية.

فلسطينيو الـ48 ضحايا سياسات التمييز وحالة الطوارئ في إسرائيل (الجزيرة) بطالة مرتفعة

أظهر الاستطلاع -الذي تلقت الجزيرة نت نسخة منه- ارتفاعا حادا في نسبة العاطلين عن العمل في المجتمع العربي في ظل الحرب الدائرة، إذ قال نحو 55.5% من المشاركين في الاستطلاع إنهم لم يعملوا، ولو لساعة واحدة في الأسبوع السابع من الحرب.

وحول أسباب عدم العمل، أفاد نحو 9.5% من المشاركين في الاستطلاع بأن صاحب العمل قد أخرجهم إلى إجازة غير مدفوعة الأجر، في حين أظهرت بيانات الاستطلاع أن نسبة البطالة الإجمالية في المجتمع العربي وصلت إلى 15%.

وبلغت نسبة البطالة العامة في إسرائيل في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، نحو 5% في صفوف مجمل القوة العاملة في سوق العمل الإسرائيلي، وذلك بحسب معطيات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية.

خطر متزايد

واتضح من مسح بنك إسرائيل أن أزمة توظيف العمال من فلسطينيي الـ48 بسبب الحرب تفاقمت، بسبب توقيفهم عن العمل في سوق العمل الإسرائيلي، أو منحهم عطلة غير مدفوعة الأجر حتى إشعار آخر أو بسبب عدم استدعائهم للعمل في ظل تراجع النشاط الاقتصادي.

من جهته، يستعرض مراسل صحيفة "ذا ماركر"، الاقتصادية، ناثانيال جومز أسبابا لفقدان العمل مثل "الغياب بسبب الخدمة العسكرية ضمن قوات الاحتياط، وتعليق الدراسة بالمدارس والجامعات، وتجنب الموظف الحضور إلى العمل بسبب حالة الطوارئ".

وبالنسبة لجميع الفئات السكانية، يقول جومز "كانت هناك زيادة كبيرة في معدل البطالة والتغيب عن مكان العمل في أكتوبر/تشرين الأول مقارنة بشهر سبتمبر/كانون الأول الماضيين، ولعل شريحة العمال والمستخدمين الأكثر تضررا (هي تلك) المنحدرة من المجتمع العربي في إسرائيل".

وأضاف جومز أن تأثير الحرب على سوق العمل الإسرائيلي ليس موحدا على صعيد فروع الاقتصاد، فهناك فروع وصناعات أثرت بشكل ملحوظ على التوظيف أكثر من الصناعات الأخرى، مما عرض العاملين فيها لخطر متزايد لانخفاض التوظيف والتشغيل.

البدلات العربية الأكثر تضررا جراء توقف عجلة الاقتصاد في إسرائيل بسبب الحرب على غزة بسبب الحرب (الجزيرة)  وضع المجتمع العربي

ويتبين من فحص الفرق في نسبة التغيب عن العمل بحسب المجموعات السكانية، بموجب المسح الذي أجراه بنك إسرائيل، أن نسبة التغيب عن العمل في المجتمع العربي أعلى بنحو 4.5 % مقارنة باليهود.

وتزداد الفجوة إلى 8.4%، عندما يتم استثناء حالات الغياب عن العمل، بسبب الخدمة العسكرية ضمن قوات الاحتياط، وهي بالطبع أكثر شيوعا في المجتمع اليهودي، فيما كانت زيادة بنسبة التغيب عن العمل في المجتمع العربي بين الجنسين أعلى من نظرائهم في المجتمع اليهودي.

بالإضافة إلى فحص التغيير الفعلي في الاهتمام بالعمل والذهاب إلى أماكن العمل في الأسابيع الأولى للحرب خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشير المسح أيضا إلى الفرق في تعرض الصناعات والعمال الحرفيين إلى مخاطر فقدان العمل بين المجتمع العربي والسكان اليهود.

عوامل الخطر

ويميز بنك إسرائيل بين عاملين رئيسيين أديا إلى الإضرار بالنشاط الاقتصادي والعمال بمختلف الفروع:

الأول هو انخفاض الطلب على المنتجات غير الأساسية، وخاصة في الصناعات الترفيهية الثاني هو انخفاض نشاط بالفروع الاقتصادية بسبب قلة العمال.

ومن الأمثلة الصارخة على العامل الثاني -بحسب بنك إسرائيل- النقص الشديد وقلة العاملين في فرع البناء والتشييد، وذلك بسبب منع دخول العمال الفلسطينيين، ومغادرة آلاف العمال الأجانب البلاد نتيجة الحرب.

وقد أدى هذا النقص في العمال إلى إغلاق جزئي لمواقع البناء، وانخفاض إجمالي في الإنتاجية بهذا الفرع، الأمر الذي يشكل عامل خطر بالنسبة لتوظيف العمال الذين يمكنهم العودة إلى وظائفهم، خاصة العمال العرب الأكثر تضررا، فهم معرضون لخطر فقدان وظائفهم.

نسبة عالية من العائلات العربية تعاني البطالة وتجد صعوبة في توفير قوت يومها (الجزيرة)

وإلى جانب العاملين الرئيسيين السابقين، هناك عامل خطر آخر يؤثر على التوظيف، ويتعلق بتخوف العمال العرب من الوصول إلى أماكن العمل بالبلدات الإسرائيلية، وتفضيل أصحاب العمل لليهود في مقابل عدم إعادة العمال العرب إلى عملهم، بسبب توتر العلاقات بين العرب واليهود.

ويظهر التحليل أن خطر انخفاض التوظيف في المجتمع العربي أعلى بكثير منه في المجتمع اليهودي، إذ يعمل نحو 33% من العاملين في المجتمع العربي في فروع ومهن معرضة لمخاطر عالية، مقارنة بـ14% بين السكان اليهود.

الأمن الغذائي

التقديرات والتوقعات التي أوردها بنك إسرائيل في المسح الذي أجراه، انعكست في "تقرير الفقر وانعدام المساواة" في إسرائيل عن عام 2022، الذي صدر عن مؤسسة التأمين الوطني، الخميس الماضي.

التقرير أظهر أن 1.98 مليون شخصا عاشوا تحت خط الفقر، ويشكلون نحو 20% من السكان، علما أن نحو 50% منهم يعملون بالفعل.

ويستدل من التقرير الذي أوردته صحيفة هآرتس أن 30.9% من السكان في إسرائيل والبالغين (18 عاما فما فوق) عاشوا -خلال العام 2022- في ظل انعدام الأمن الغذائي لأسباب اقتصادية، في حين ترتفع النسبة في المجتمع العربي -الذي يبلغ تعداد سكانه نحو مليونين- لتصل إلى 62.7%.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الأکثر تضررا بنک إسرائیل عن العمل فی فی إسرائیل الحرب على سوق العمل

إقرأ أيضاً:

وزارة العمل تنظم ندوة حول "الحقوق والواجبات وأحكام تشغيل النساء" ببورسعيد

نظمت مديرية العمل بمحافظة بورسعيد ندوة توعوية تحت عنوان "ساعات العمل وفترات الراحة وأحكام تشغيل النساء"، بمعسكر الكشافة الدولي ببورسعيد، تحت رعاية وزير العمل محمد جبران، واللواء أ.ح محب حبشي محافظ بورسعيد، بحضور  ٢٠ من العاملين بالمنشأة.

تضمنت الندوة محاضرة حول ساعات العمل وفترات الراحة وأحكام تشغيل النساء في ظل قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 والقرارات الوزارية المنفذة له ، تحت إشراف الإدارة المركزية لرعاية القوى العاملة بالوزارة ، يأتى ذلك فى إطار سلسلة من الندوات بدأتها المديرية وأجهزتها التابعة لنشر التوعية والتثقيف حول الحقوق والواجبات والتعريف بالمفاهيم التي شملها القانون ، وتعزيز علاقات العمل بين طرفى العملية الإنتاجية من العمال وأصحاب الأعمال.

وقال عبد الونيس عبد الله مدير مديرية العمل ببورسعيد، إن تلك الجهود تأتي في ضوء تنفيذ توجيهات وزير العمل محمد جبران ، لمديريات العمل بالمحافظات ، بتكثيف الجهود ، والتعاون مع كافة الوزارات ، والجهات المعنية ، لسرعة تحقيق أهداف المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان"، التي أطلقها رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي ، لتحسين جودة الحياة لجميع المواطنين في مختلف أنحاء الجمهورية ، وتقديم الخدمات الحكومية في مجالات: التعليم، والصحة، والثقافة، والرياضة، والتوظيف، بطريقة تكاملية بين مختلف الجهات المشاركة.

وأضاف مدير المديرية، أن ندوات التوعية للعمال بمواقع العمل والانتاج تهدف إلى زيادة الإنتاجية وتضافر الجهود لمواجهة التحديات، حيث أنه تحكم العلاقة بين العمال وأصحاب الأعمال قوانين العمل ، ويقوم جهاز التفتيش بدوره في التوعية والإرشاد لطرفي العملية الإنتاجية ، بما يحقق الاستقرار في العلاقة التعاقدية و يكفل الحماية و الرعاية لجميع العمال.

مقالات مشابهة

  • ثلاثة رؤساء من أمريكيا اللاتينية يهاجمون إسرائيل بسبب الحرب على غزة ولبنان
  • ثلاث رؤساء من أمريكيا اللاتينية يهاجمون إسرائيل بسبب الحرب على غزة ولبنان
  • بحثاً عن فرص عمل.. فلسطينيو الضفة الغربية يخاطرون بأرواحهم لعبور جدار الفصل الإسرائيلي
  • عام على حرب غزة.. تداعيات اقتصادية ثقيلة على إسرائيل والعرب
  • ارتفاع ضحايا اعصار هيلين الذي ضرب اميركا الى أكثر من 160 قتيلا
  • وزارة العمل تنظم ندوة حول "الحقوق والواجبات وأحكام تشغيل النساء" ببورسعيد
  • تحذير: أمطار رعدية ورياح شديدة تضرب هذه المحافظات خلال الـ48 ساعة القادمة
  • العمل: إطلاق رواتب المتقاعدين من العمال المضمونين لشهر تشرين الأول
  • هل للضمان مطالبة المُتسبّب بإصابات “العقبة” بتكاليف العلاج.؟!
  • العمل تعلن إطلاق رواتب المتقاعدين من العمال المضمونين