يمنع مس حرمة الدين.. خطيب المسجد الحرام: الخلق الحسن أساس العقيدة الإسلامية
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
قال الشيخ الدكتور عبدالله الجهني، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن الأخلاق الفاضلة الحسنة ، والشمائل الطيبة الكريمة ، والصفات الحميدة الرفيعة ، هي من قواعد الدين وأصوله الثابتة الراسخة.
أساس العقيدة الإسلاميةوأوضح " الجهني " خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن الخلق الحسن أساس العقيدة الإسلامية والعمل، وثمرة التهذيب والتقويم، وأية قيمة لعقيدة وعمل لا يصحبها خلق كريم فاضل يقود صاحبه إلى العفة والحكمة.
وتابع: وشرف النفس وعلو الهمة ، ويرده عن مواطن السوء ، ورذائل الطبع ، ويحول بينه وبين ما يفسد المروءة ، ويثلم الشرف ، ويمس حرمة العقيدة والدين، فجاء عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال : أَقَمْتُ مع رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بالمَدِينَةِ سَنَةً ما يَمْنَعُنِي مِنَ الهِجْرَةِ إلَّا المَسْأَلَةُ .
وواصل: كانَ أَحَدُنَا إذَا هَاجَرَ لَمْ يَسْأَلْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عن شيءٍ ، قالَ : فَسَأَلْتُهُ عَنِ البِرِّ وَالإِثْمِ ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ : البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ ، وَالإِثْمُ ما حَاكَ في نَفْسِكَ ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عليه النَّاسُ . رواه مسلم ، منوهًا بأن البر هو الإحسان إلى الناس، والتقرب إلى الله تعالى ولا يتم ذلك إلا بحسن الخلق.
وأضاف أن الإثم صفات قبيحة وأفعال شنيعة ، يحرص المرء على سترها ، ويكره أن يطلع الناس عليها ، فهي تؤثر وترسخ في الصدر ، وتتحدث بها النفس ويوسوس بها الشيطان ويترجمها الفعل إلى جرائم وآثام ، مشيرًا إلى أن الخلق العظيم مبدأ عظيم من مبادئ الهداية والإصلاح بين الناس .
سائر الفضائل الخلقيةوبين أنه يندرج تحته سائر الفضائل الخلقية ، والمكارم النفسية ، من عفة، وأمانة، ووفاء، وصدق، وكرم، وحياء، وشجاعة وتراحم وإخاء ، وقد بين رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً الغاية من بعثته، فقال عليه الصلاة والسلام : (إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق ) رواه أحمد والبيهقي واللفظ لهما، أي: أُرْسِلْتُ للخلْق، "لأُكمِّلَ ما انتقَصَ من الأخلاقَ الحَسنةَ.
وأفاد بأن أساسها توحيد الله عزوجل والإخلاص له سبحانه وتعالى في عبادته وترك الإشراك به، ثم يلي ذلك الصلوات الخمس فهي أعظم الأخلاق وأهمها بعد التوحيد وترك الإشراك بالله عزوجل، وتليهما الأفعال المُستحسَنة الَّتي جبَلَ اللهُ عليها عِبادَه مِن الوفاءِ والمُروءةِ والحياءِ والعِفَّةِ فيَجعَلُ حَسَنَها أحسَنَ، ويُضيِّقُ على سيِّئِها ويَمنَعُها.
واستشهد بمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لما هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ سَأَلَهُ النَّجَاشِيُّ عَنْ حَقيقَةِ هَذَا الدِّينِ فَأَجَابَهُ قَائِلًا:(أيها الملك، لَقَدْ كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةِ، نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ ، وَنُسِيءُ الْجَوَارَ ، وَيَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ ، وَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْنَا رَسُولاً مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لِنُوَحِدَهُ وَنَعْبُدَهُ ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنَ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَان ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَحُسْنِ الْجِوَار ، وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ ، وَنَهَانَا عَنِ الْفُحْشِ، وَقَوْلِ الزُّورِ وَأَكُلِ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ .... ) .
وأشار إلى أن الحديث، قَدْ لَخُص الدِّينَ كُلَّهُ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ الَّتِي عُنْوَانُهَا الْكَبِيرُ : مَكَارِمُ الْأَخْلَاق ، وَقَدْ تَلَخَّصَ الدِّينُ كُلُّهُ فِي صَفْوَةِ الْخَلْقِ مُحَمَّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً ، الذِي أَثْنَى عَلَيْهِ رَبُّهُ بِأَرْقَى وَأَجْمَلِ مَا فِيهِ فَقَالَ: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) صلى الله وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: إمام و خطيب المسجد الحرام خطيب المسجد الحرام الدكتور عبدالله الجهني خطبة الجمعة من المسجد الحرام الله ع ى الله
إقرأ أيضاً:
حكم تلحين القرآن وتصويره تصويرًا فنيًا
قالت دار الإفتاء المصرية لا يجوز شرعًا قراءة القرآن الكريم مع تلحينه تلحينًا موسيقيًّا؛ لكون هذا العمل يخرج القرآن عن جلالته وقدسيته، ويصرف السامع عن الخشوع والخضوع عند سماعه، كما يجعله أداة لهوٍ وطربٍ، وكل عمل يخرج كتاب الله عن غايته يعد عملًا منكرًا لا يقره الدين.
وأكدت الإفتاء أنه يجب عند قراءته مراعاة الرجوع إلى ما كان عليه في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابه والتابعين، وكذلك لا يجوز تصوير القرآن تصويرًا فنيًّا؛ لما في ذلك من مفاسد يجب منعها؛ كتصوير الأنبياء ونحوه مما هو محاط بالقداسة في الشريعة الإسلامية.
بيان حكم تلحين القرآن الكريم تلحينًا موسيقيًّاجاء في مقدمة الإمام الطبري والقرطبي من أن العلماء قالوا: إن المعلوم على القطع والبينات أن قراءة القرآن تلقينًا متواترةٌ عن كافة المشايخ جيلًا فجيلًا إلى العصر الكريم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وليس فيها تلحينٌ ولا تطريبٌ مع كثرة المتعمقين في مخارج الحروف وفي المد والإدغام وغير ذلك من كيفية القراءات، ثم إن في الترجيع والتطريب همزُ ما ليس بمهموزٍ ومَدُّ ما ليس بممدود، فترجع الألفُ الواحدة ألفاتٍ، والواوُ الواحدة واواتٍ؛ فيؤدي ذلك إلى زيادة في القرآن، وذلك ممنوعٌ. وإن وافق ذلك موضع نبرٍ وهمزٍ صيَّروها نبراتٍ وهمزاتٍ، والنبرة حينما وقعت من الحروف فإنما هي همزةٌ واحدةٌ لا غير إما ممدودةٌ أو مقصورةٌ.
وروى عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: "قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مسيرٍ له سورة الفتح على راحلته فرجع في قراءته"، وذكره البخاري، وقال في صفة الترجيع: آء آء آء ثلاث مرات.
قلنا: ذلك محمولٌ على إشباع المد في موضعه، ويحتمل أن يكون حكاية صوته عند هز الراحلة كما يعتري رافع صوته إذا كان راكبًا من انضغاط صوته وتقطيعه لأجل هز المركوب، وإذا احتمل هذا فلا حجة فيه، وقد خرّج أبو محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ من حديث قتادة عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيه رضي الله عنهم قال: "كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المد ليس فيها ترجيع".
وروى ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مؤذن يطرب؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ الْأَذَانَ سَهْلٌ سَمْحٌ؛ فَإِنْ كَانَ أَذَانُكَ سَمْحًا سَهْلًا، وَإِلَّا فَلَا تُؤَذِّنْ» أخرجه الدارقطني في "سننه"، فإذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد منع ذلك في الأذان فأحرى أن لا يجوزه في القرآن الذي حفظه الرحمن؛ فقال وقوله الحق: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9]، وقال تعالى: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت: 42]. قلت: وهذا الخلاف إنما هو ما دام يفهم معنى القرآن بترديد الأصوات وكثرة الترجيعات، فإن زاد الأمر على ذلك حتى لا يفهم معناه فذلك حرام بالاتفاق.
ذكر الإمام الحافظ أبو الحسين رزين وأبو عبد الله الترمذي الحكيم في "نوادر الأصول" من حديث حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اقرأوا الْقُرْآن بِلُحُونِ الْعَرَب وَأَصْوَاتهَا، وَإِيَّاكُم وَلُحُون أهل الْعِشْق وَأهل الْكِتَابَيْنِ؛ فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ قوم من بعدِي يرجعُونَ بِالْقُرْآنِ تَرْجِيع الْغناء والرهبانية وَالنوح لَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ، واللحون جمع لحن؛ وهو التطريب وتحسينه بالقراءة والشعر .
وسئلت أم سلمة رضي الله عنها عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقالت: "ما لكم وصلاته؛ كان يصلي ثم ينام قدر ما صلى، ثم يصلي قدر ما نام، ثم ينام قدر ما صلى حتى يصبح" ثم نعتت قراءته فإذا هي تنعت قراءة ميسرة حرفًا حرفًا. أخرجه النسائي، وأبو داود، والترمذي، وقال هذا حديث حسن صحيح غريب. اهـ. انظر: مقدمة القرطبي في "تفسيره" (1/ 15-17، ط. دار
وأضافت الإفتاء قائلة: لذلك يجب عند قراءة القرآن مراعاة الرجوع إلى ما كان عليه الناس في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه والتابعين وليس فيها ترجيع أو غناء، وإذا كان المسلمون قد بدؤوا بعد المائة الأولى من الهجرة بأن عدلوا عن القراءة على هذا النحو فإن ذلك يعتبر بدعة في قراءة القرآن أي في أمر مرتبط ارتباطًا وثيقًا بكتاب الله الذي نزل على رسوله وسمعَهُ الرسول من الوحي، وقرأه عليه ونقله إلى أصحابه كما سمعه.