يصدر قريبا رواية " خيط كرة الحرير" للكاتب والمسرحي اليمني منير طلال عن دار عناوين بوكس للنشر والتوزيع.
من أجواء الرواية: "كان الحكماء ملتفين حول النار التي تنشر الدفء في هذا المكان الجبلي البارد، ودعوا (تشانغ خه) لمشاركتهم جلستهم، لنتركه ونجلس في مكان قريب أنا وبقية أصدقائي الذين أشعلوا النار لتبدد الظلام والبرد؛ لكن الفضول ظل يسيطر علي لأتابع كل ما يحدث مع الحكماء السبعة الذين يمثلون شعوب هذه الأرض؛ فرحت أراقبهم باهتمام لأجدهم قد جلسوا حول النار كأنهم حبات لؤلؤ في عقد جميل، كان حكيم الـ(نافوهو) يدخن غليونه ليُخرج (تشانغ خه) كرة من خيوط الحرير من جيبه ويمسك طرف الخيط ثم يناولها للحكيم الذي بجواره لتنتقل بينهم حتى تستقر في يد الحكيمة التي جواره من الجهة الأخرى ليقول:
-إنني أسعى لنسج علاقةٍ وثيقة بين مختلف الشعوب على هذه الأرض عبر خيطٍ ناعم من المحبة والوئام والمصالح المشتركة كهذا الخيط الرفيع الذي يجمعنا.


وافقه أحد الحكماء بصوته الهادئ:
" كل البشر في هذا العالم إخوة ولابد أن يعيشوا متحابين ومتعاونين في أمن وسلام تحت هذه السماء وعلى هذه الأرض؛ أمامهم خياران؛ إما أن يعيشوا كإخوة أو يموتوا جميعًا كأعداء.
يُحكى أن شخصًا شجاعًا في إحدى الجزر البعيدة استل سيفه من غمده وقرر أن يتخلص ممن غضبت عليهم الآلهة وانطلق يقتل ويأسر ويسلب وينهب حتى أخضع كل من في تلك الجزيرة ليكونوا أتباعًا لآلهته بعد أن دمر كل المعابد الأخرى؛ لكنه كان قد أفنى نصف السكان واستعبد النصف الآخر؛ ليثور عليه أحد المستضعفين ثائرًا لإلهه الذي دُمرت معابده واستعبد المؤمنين به؛ فمضى يقتل ويخرب ويدمر ويأسر حتى تمكن من القضاء على خصمه وإخضاع الجزيرة لحكمه بعد أن أفنى نصف سكانها واستعبد ما تبقى منهم، ولم يُبقِ هناك معبدًا لآلهة إلا الإله الذي يعبده؛ ليظهر من جديد من ينتصر للمضطهدين في حربِ أخرى لا تُبقي ولا تذر، وهكذا ظل سكان تلك الجزيرة يتقاتلون فيما بينهم حتى ترضى عنهم الآلهة وتُحسِّن حياتهم وتعطيهم المال والبنون، لكن الذي حدث أنهم ظلوا يفنون بعضهم البعض حتى لم يبقَ منهم على قيد الحياة سوى شخص يروي لكل القادمين إلي الجزيرة حكاية أولئك الحمقى الذين رفضوا الحياة معًا كإخوة ليموتوا جميعًا كأعداء.
تقول الحكيمة التي جوار (تشانغ خه) وهي لا تزال تمسك كرة خيط الحرير:
-القوة الغاشمة تدمر وتخرب، ومهما حققت من انتصارات لأصحابها إلا أنها وصمة عار ستظل تلاحقهم؛ فهؤلاء المتسلطون الذين يعتمدون على غزو الشعوب بغرض التوسع والهيمنة لا يصنعون حضارة إنسانية، بل يدمرون كل أسباب التعايش بين الجميع وهو ما يصنع حضارة إنسانية عظيمة يفتخر بها الجميع، حضارة لا يوجد فيها غالبٌ ولا مغلوب.
 

المصدر: البوابة نيوز

إقرأ أيضاً:

منير خيرالله: نحن أمام مسؤولية تاريخية تحتّم علينا العمل موحَّدين على إعادة بناء لبنان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

احتفلت أبرشية البترون المارونية بعيد الاستقلال وذكرى تطويب القديسة رفقا، ونظمت مسيرة حج وصلاة إلى دير مار يوسف جربتا حيث ترأس راعي الأبرشية المطران منير خيرالله قداسا احتفاليا عاونه فيه مرشد الدير الاب ميشال اليان ولفيف من كهنة الأبرشية، في حضور راهبات، الاخويات، طلائع وفرسان العذراء، حشد كبير من المؤمنين الذين توافدوا من مختلف المناطق اللبنانية ومن رعايا الأبرشية، بالإضافة إلى الاخويات وطلائع وفرسان العذراء. وخدم القداس الفنانان رفقا فارس ورودولف خوري.

بعد الإنجيل ألقى خيرالله عظة قال فيها: "في 22 تشرين الثاني 1985، تداعينا للمرة الأولى في أبرشية البترون، بعد إعلان تطويب الراهبة رفقا ولمناسبة عيد الاستقلال، إلى مسيرة حج وصلاة إلى ضريح الطوباوية رفقا في دير مار يوسف جربتا. تسعة وثلاثون سنة مضت ونحن نلتقي في مسيرات حج وصلاة، وكان وطننا لبنان، ولا يزال، يعاني من حروب الآخرين على أرضه ويدفع ثمنها اللبنانيون. فمات من مات، واستشهد من استشهد، وهُجِّر من هُجِّر، وهاجر من هاجر. وبقينا نحن نصارع من أجل الحياة، حياةٍ حرة وكريمة، في ظل دولة تحترم دستورها وقوانينها وتؤمّن مصالح مواطنيها وتستحق الاستقلال الناجز. للسنة التاسعة والثلاثين على التوالي نحجّ إلى ضريح القديسة رفقا لنحتفل معًا بعيدي القداسة والاستقلال. وبين الاثنين قرابة روحية ووطنية، إذ هما ثمرة تضحيات شعب وجهود أفراد. "

وأضاف: "نحتفل أولاً بعيد القداسة في هذا الدير الذي شيّدته القديسة رفقا مع أخواتها سنة 1897 في وادي القداسة والقديسين، هنا في جربتا. وقررت أن تمشي مسيرة القداسة التي تعود بنا إلى الجذور، إلى روحانية أبينا مار مارون الذي استنبط روحانيةً نسكية في كنيسة أنطاكيه، تعاش على قمم الجبال أو في قعر الوديان، في علاقة مميزة مع الله في الصلاة والتقشف والتجرّد عن ملذات العالم، وفي العمل في الأرض للعيش منها بحرية وكرامة. وأتى تلاميذ مارون يعيشون هذه الروحانية على قمم جبال لبنان أو في وديانه وحوّلوها إلى مراكز قداسة ومزارات لتمجيد الله. وأسسوا كنيسة مع البطريرك يوحنا مارون وأكملوا فيها مسيرة الروحانية النسكية في القداسة. واجهوا عبر الأجيال محنًا كثيرة في الاضطهادات والحروب والنزوحات، ولكنهم بقوا ثابتين في إيمانهم بالله، ومتمسكين بالقيم المسيحية والإنسانية التي تربّوا عليها، ومحافظين على أرضهم التي اعتبروها عطية من الله ووقفًا له. وكان منهم النساك والشهداء والقديسون، أمثال نعمة الله وشربل ورفقا".

وتابع: "أما العيد الثاني، عيد الاستقلال، استقلال لبنان الوطن والكيان، فهو أيضًا، كما مسيرة القداسة، احتاج إلى جهود وتضحيات كبيرة من شعبنا قدّمها خلال التاريخ منذ بداية وجوده وحضوره على هذه الأرض المقدسة. والقديسة رفقا، كما القديسون نعمة الله وشربل والاخوة المسابكيون، كانوا شهودًا لمرحلة من مراحل الاضطهادات التي تعرّض لها شعبنا في مسيرة استقلال الكيان اللبناني بين 1840 و1860، يوم كان الموارنة والمسيحيون يُذبحون في عهد الإمبراطورية العثمانية. والبطريرك المكرّم الياس الحويك، ابن منطقتنا، وحّد اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، وراح يطالب باسمهم الحلفاء بعد الحرب العالمية الأولى بإعلان دولة لبنان الكبير؛ الكبير لا في جغرافيته وأرضه، بل في دعوته ورسالته، لأنه وطن رسالة لكل بلدان العالم وشعوبه. وطن رسالة في المحبة والمصالحة والسلام والانفتاح والعيش الواحد في احترام التعددية، تعددية الانتماءات الدينية والطائفية والحزبية والثقافية والحضارية، على أن تبقى كلها تحت سقف الانتماء الواحد للوطن والدولة. ونال ما طلبه، وأعلنت دولة لبنان الكبير 1920. وتابع البطريرك أنطون عريضه النضال حتى نال لبنان استقلاله في 22 تشرين الثاني 1943 على إسم الجمهورية اللبنانية".

وأردف خيرالله: "لكن هذا الاستقلال لم يُنجز فعليًا لأن اللبنانيين لم يثقوا بدولتهم ولم يضحوا بمصالحهم الخاصة في سبيل المصلحة العامة. فبقيت عيونهم شاخصة إلى دول خارجية، وقلوبهم معلّقة بزعماء ورؤساء غير لبنانيين. واندلعت الحرب فيما بينهم ومع الآخرين منذ ما يقارب الخمسين سنة وما زالت مستعرة. وذلك لأنهم بَدَوا قاصرين فاستُعبدوا، ومنقسمين فحُكموا بالقوة، ومشرذمين فاحتُلت أرضهم".

أضاف: "نقف اليوم بعد كل هذا المسار المؤلم، على ضريح القديسة رفقا، أمام ذواتنا وأمام الله وأمام بعضنا البعض وأمام مجتمعنا، وقفة توبة صادقة لطلب الغفران على كل ما اقترفنا من أخطاء وخطايا. لنعمل بعد ذلك، وبكل جرأة، على قراءة نقدية لتاريخنا وللأحداث التي عشناها بهدف تنقية الذاكرة وإقامة حوار صادق وصريح في ما بيننا للوصول إلى مصالحة باتت ضرورية، بل ملحّة اليوم".

واختتم: "نحن أمام مسؤولية تاريخية تحتّم علينا العمل متعاضدين موحَّدين على إعادة بناء لبنان، الوطن الرسالة كما أطلق عليه القديس البابا يوحنا بولس الثاني، رسالة حوار وسلام كما يردّد قداسة البابا فرنسيس. وبناء مستقبل واعد لأولادنا وأجيالنا الطالعة لينعموا باستقلال مستحَقّ وسيادة كاملة. نحن قادرون على ذلك بقوة إيماننا بالله ورجائنا  يسوع المسيح الذي تنازل من ألوهيته ليصير إنسانًا مثلنا ويتبنّى إنسانيتنا الضعيفة ويقويها ويحملها معه حتى الصليب فالموت والقيامة. نطلب من الله، بشفاعة القديسة رفقا، التي حملت الصليب مع يسوع وصارت رسولة الألم وشفيعة المتألمين، أن يمنحنا القوة على حمل الصليب معه والانتصار على الشر والخطيئة، كي نكون رسل محبة ومصالحة وسلام في لبنان الرسالة وفي العالم. والمسيح باقٍ معنا إلى نهاية العالم".

مقالات مشابهة

  • حقيقة الحالة الصحية لـ محمد منير
  • طارق الشناوي يكشف تطورات الحالة الصحية للكاتب بشير الديك
  • “الصفحة الرسمية للجنة” رواية للكاتب حسن المرتضى
  • بعد مجزرة بيروت.. من هو الشبح الذي تزعم إسرائيل اغتياله؟
  • أنباء عن اغتيال نعيم قاسم أو طلال حمية
  • أنا مسيحي ودعيت لـ عادل الفار.. منير مكرم يكشف حقيقة أداء صلاة الجنازة
  • منير خيرالله: نحن أمام مسؤولية تاريخية تحتّم علينا العمل موحَّدين على إعادة بناء لبنان
  • وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض
  • هكذا تدعم إسرائيل اللصوص المسلّحين الذين يهاجمون شاحنات الأمم المتحدة في غزة
  • «هيئة الكتاب» تصدر «كل النهايات حزينة» للكاتب عزمي عبد الوهاب