تعاني مصر التي تعتمد على مياه نهر النيل من عجز كبير في موارد المياه وسط مخاوف من زيادة تراجع نصيب الفرد من المياه ليقترب من خط الشح المائي نظراً لمحدودية الموارد المائية والزيادة السكانية.

 ويردد مسؤولون مصريون أن هناك فجوة كبيرة بين الموارد والاحتياجات ويتم التعامل معها من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، واستيراد منتجات زراعية من الخارج، ما دفع مصر للاعتماد على تحلية المياه خاصة وأن قطاع الزراعة يعتبر المستهلك الأكبر للموارد المائية.



بحسب وزير الموارد المائية والري، هاني سويلم، تُقدر موارد مصر المائية بنحو 60 مليار متر مكعب، بينما تصل الاحتياجات المائية إلى نحو 80 مليار متر مكعب، وهو ما يعني وجود فجوة في المياه تتراوح بين 20 و 21 مليار متر مكعب.



ويشكل سد النهضة الإثيوبي الذي يفترض أن يحتجز 74 مليار متر مكعب من المياه تهديدا قويا لموارد مصر المائية، ولكن مع دخول مشروعات عمرانية ضخمة في البلاد على الخط مثل المدن الجديدة وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة من المتوقع أن تزيد الفجوة.

كشف عضو بمجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، في تصريحات صحفية، عن تخصيص استثمارات بقيمة 35 مليار جنيه ( الدولار يعادل 30.9 جنيها) لتنفيذ مشروع أول محطة لمياه الشرب بالعاصمة، بعد أن كانت تعتمد في السابق على خطي مياه من خارجها.

في خضم الأزمة المالية وأزمة شح المياه يبلغ حجم الإنفاق على الإنشاءات والبنية التحتية للعاصمة الجديدة  نحو 155 مليار جنيه خلال 3 سنوات، بحسب خالد عباس رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية.

 مياه وأموال في قلب الصحراء

ويبلغ إجمالي مساحة العاصمة الإدارية في قلب الصحراء شرقي القاهرة 170 ألف فدان، مقسمة إلى 3 مراحل، مساحة المرحلة الأولى الجاري التعامل عليها 40 ألف فدان بتكلفة إجمالية 58 مليار دولار، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية حادة.

وقبل أيام من انتهاء العام الحالي، أعلنت مصر فشل الاجتماع الرابع والأخير من مفاوضات سد النهضة مع إثيوبيا التي بدأت صيف العام الجاري في إطار توافق الدول الثلاث على الإسراع في الانتهاء من الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد قبل نهاية العام الحالي.

تأتي مصر على رأس قائمة الدول القاحلة وتواجه ندرة حادة في المياه، فهي الأقل في معدل هطول الأمطار بين دول العالم، في حين يتجاوز عدد سكانها الـ105 ملايين نسمة، وتعتمد بشكل أساسي على نهر النيل بنسبة 98%.

مشروعات السيسي تلتهم موارد المصريين المائية

اعتبر الخبير الدولي في الأمن المائي، الدكتور محمد حافظ، أن "إعلان مجلس إدارة العاصمة الإدارية استثمار 35 مليار جنيه في إنشاء محطة لمد سكان العاصمة  بمياه الشرب النقية، لا يعني استغناء العاصمة الإدارية عن مياه النيل، فهي لتكرير المياه التي يقع مصدرها على كورنيش المعادي بالقرب من مأخذ محطة مياه القاهرة الجديدة ولكنها ستنال من حصة مياه المصريين" .




وأضاف لـ"عربي21": "كان السيسي قد وعد الشعب المصري بعدم استحواذ العاصمة الإدارية على أي مياه من نهر النيل وذلك في بداية ظهور فكرة بناء العاصمة الإدارية الجديدة عام 2014 وتم شراء محطة تحلية مياه البحر بقيمة تزيد عن 600 مليون دولار ولكن ألغيت الفكرة لاحقا بسبب ارتفاع تكاليف تحلية مياه البحر وضخها لارتفاع يقارب 300 متر فوق سطح البحر ولذلك تقرر عكس اتجاه توريد المياه للعاصمة الإدارية من جهة الشرق إلي جهة الغرب حيث تقرر سحب المياه مباشرة من نهر النيل".

وأوضح حافظ أن "تكاليف إيصال المياه إلى العاصمة الإدارية الجديدة أو تأسيس محطة تكرير لتوفير مياه الشرب للسكان هي أموال تستقطع مباشرة من ميزانية الدولة تحت ما يسمى الاستثمار في البنية التحتية لمواجهة تبعات بناء سد النهضة"، مشيرا إلى أن "مشروعات السيسي تلتهم موارد مصر المائية وجميع تلك المشاريع تم تنفيذها بالأمر المباشر لجهاز الخدمة الوطنية بالجيش المصري وبالتالي يتم نقل ثروات الدولة المصرية تدريجيا لجيوب جنرالات الجيش المصري".

مصر تدفع ثمن مشروعات السيسي من المياه والمال

يقول الباحث في الاقتصاد السياسي، مصطفى يوسف، إن "الحكومة المصرية فشلت فشلا ذريعا في إدارة ملف سد النهضة بتوقيع السيسي على اتفاقية إعلان المبادئ في 2015 دون العودة للخبراء واعتبارات الأمن القومي المائي لمصر ومن ثم دخلت البلاد في أزمة شح المياه، وبالتالي زادت فاتورة المنتجات الزراعية المستوردة، إلى جانب اللجوء إلى إنشاء محطات لتحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي وتكبيد موازنة الدولة المزيد من المصروفات".



مضيفا لـ"عربي21": أن "محطات تحلية المياه أو تكريرها لتغذية العاصمة الإدارية سوف تستهلك مياه أكبر من أي مدينة مصرية أخرى بسبب مستويات الرفاهية، وهي تستهلك من حصة المصريين المائية والمالية ما أدى إلى زيادة ديون مصر أربعة أمثالها إلى أكثر من 165 مليار دولار وقفز الدين المحلي إلى 7 تريليون جنيه من أجل نقل مقر حكم السيسي بعيدا عن القاهرة".

وفند يوسف خطط التنمية في مصر: "فهي تختلف تماما عن خطط التنمية التي نعرفها في كوريا الجنوبية والصين وتايوان وسنغافورة وماليزيا وحتى المغرب التي سوف تستضيف كأس العالم، لأنهم وضعوا الحصان أمام العربة وليس العكس كما فعل النظام المصري بدلا من الاستثمار في التعليم والصناعة والزراعة ومن ثم الاستثمار في الطرق والبنية التحتية قامت بالعكس، بالإضافة إلى سيطرة المؤسسة العسكرية وغياب أولويات الإنفاق وغياب الديمقراطية التشاركية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصر سد النهضة السيسي مصر السيسي انقلاب أثيوبيا سد النهضة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العاصمة الإداریة ملیار متر مکعب سد النهضة نهر النیل

إقرأ أيضاً:

رغم خطرها الصحي.. أعقاب السجائر تقاوم تلوث المجاري المائية

قد تكون أعقاب السجائر الخطرة على البيئة هي الحل لتنظيف مجاري المياه  من الملوثات المعدنية الرئيسية، فلا تزال المعادن الثقيلة تشكل مشكلة في مجاري المياه لدينا، كما أن عواقب المعادن الثقيلة على البشر والكائنات الحية الأخرى مرتفعة للغاية أيضًا”.

توصلت الدكتورة إلسا أنتونيس، المحاضرة في الهندسة الميكانيكية في جامعة جيمس كوك وفريقها، إلى أن الفحم الناتج عن تحلل أعقاب السجائر حرارياً في غرفة خالية من الأكسجين يزيل حوالي 53% من النحاس و95% من النيكل أثناء التجارب المعملية باستخدام مياه الصرف الصحي المحاكاة.

تم توفير أعقاب السجائر من قبل مؤسسة “لا مزيد من أعقاب السجائر” الخيرية لمكافحة هدر السجائر.

إزالة المعادن الثقيلة من مجاري المياه وفقًا لدراسة جديدة أجرتها جامعة جيمس كوك ونشرت في مجلة Chemical Engineering Science . “في الوقت الحالي، يمكنك استخدام الكربون المنشط ، والذي يتم إنتاجه من الفحم، لإزالة المعادن الثقيلة من مجاري المياه لدينا، وهو ليس منتجًا صديقًا للبيئة.

ولكن إذا تمكنا من إنشاء هذا الاقتصاد الدائري حيث يمكننا جمع أعقاب السجائر هذه ، وتحويلها إلى فحم ثم استخدامها للتخفيف من التلوث، فسيكون ذلك أكثر استدامة”.

وقال الدكتور أنتونيس إنه في حين تم تحويل مجموعة من المواد الأخرى مثل الخشب والمواد الصلبة الحيوية في السابق إلى فحم حيوي لاستهداف الملوثات المختلفة في مياه الصرف الصحي، فقد أثبتت الآن فعاليتها في إزالة المعادن الثقيلة.

وقالت “كانت نتائجنا مثيرة للاهتمام للغاية ويمكن تطبيقها على نطاق صناعي”، “إن التركيب الكيميائي للفحم سيكون له تأثير في إزالة الملوثات، لذلك عندما نقوم بتصنيع الفحم، فإننا نفكر في الملوث الذي نريد إزالته ثم نختار المادة الخام الأكثر ملاءمة لذلك.

وأضافت “ولكن ما وجدناه أيضًا هو أننا قادرون على التحكم في ظروف الإنتاج للحصول على مسام مختلفة، أو مساحة سطحية، للفحم، والتي يمكن استخدامها لاستهداف ملوثات مختلفة.”

اختبار الفحم المستخرج من السجائر على ملوثات مختلفة

وقد أظهر عمل الدكتور أنتونيس باستخدام الفحم نتائج واعدة بالفعل، بعد أن عمل سابقًا مع مجلس مدينة تاونزفيل لإزالة الفوسفور والنيتروجين من المجاري المائية باستخدام الفحم المصنوع من المواد الصلبة الحيوية.

وقالت إن فريقها حريص الآن على اختبار الفحم المستخرج من السجائر على ملوثات مختلفة من أجل قياس مدى فعاليته مقارنة بأشكال أخرى من الفحم.

وقالت أحد طلابي في مرحلة الماجستير يعمل على إزالة المواد الصيدلانية من مياه الصرف الصحي، لذا يمكن أن يكون هذا استخدامًا محتملاً آخر”.

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة طنطا يشارك في اجتماع المجلس الأعلى للجامعات بالعاصمة الإدارية الجديدة
  • بكين تلوح بالرد على القيود الاقتصادية الاميركية الجديدة
  • الآبار المحلية التعاونية.. حل سكان شمال غزة لمواجهة أزمة المياه
  • الرئيس الكيني يبحث مع وزير الخارجية الأمريكي قضايا الأمن الإقليمي والأزمة السودانية
  • الملا والمرزوقي يتألقان في العرض الليلي للدراجات المائية
  • تفاقم أزمة المياه في غزة مع نقص الإمدادات
  • هل تُنهي انتخابات ألمانيا أزمة البلاد الاقتصادية غير المسبوقة؟
  • «الري» ووفد «مائي» يبحثان أحدث تقنيات إدارة الموارد المائية
  • رغم خطرها الصحي.. أعقاب السجائر تقاوم تلوث المجاري المائية
  • كينيا والأزمة السودانية.. وساطة محايدة أم انخراط في الصراع؟