كيف تفاقم العاصمة الإدارية أزمة نقص المياه والأزمة الاقتصادية في مصر؟
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
تعاني مصر التي تعتمد على مياه نهر النيل من عجز كبير في موارد المياه وسط مخاوف من زيادة تراجع نصيب الفرد من المياه ليقترب من خط الشح المائي نظراً لمحدودية الموارد المائية والزيادة السكانية.
ويردد مسؤولون مصريون أن هناك فجوة كبيرة بين الموارد والاحتياجات ويتم التعامل معها من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، واستيراد منتجات زراعية من الخارج، ما دفع مصر للاعتماد على تحلية المياه خاصة وأن قطاع الزراعة يعتبر المستهلك الأكبر للموارد المائية.
بحسب وزير الموارد المائية والري، هاني سويلم، تُقدر موارد مصر المائية بنحو 60 مليار متر مكعب، بينما تصل الاحتياجات المائية إلى نحو 80 مليار متر مكعب، وهو ما يعني وجود فجوة في المياه تتراوح بين 20 و 21 مليار متر مكعب.
ويشكل سد النهضة الإثيوبي الذي يفترض أن يحتجز 74 مليار متر مكعب من المياه تهديدا قويا لموارد مصر المائية، ولكن مع دخول مشروعات عمرانية ضخمة في البلاد على الخط مثل المدن الجديدة وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة من المتوقع أن تزيد الفجوة.
كشف عضو بمجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، في تصريحات صحفية، عن تخصيص استثمارات بقيمة 35 مليار جنيه ( الدولار يعادل 30.9 جنيها) لتنفيذ مشروع أول محطة لمياه الشرب بالعاصمة، بعد أن كانت تعتمد في السابق على خطي مياه من خارجها.
في خضم الأزمة المالية وأزمة شح المياه يبلغ حجم الإنفاق على الإنشاءات والبنية التحتية للعاصمة الجديدة نحو 155 مليار جنيه خلال 3 سنوات، بحسب خالد عباس رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية.
مياه وأموال في قلب الصحراء
ويبلغ إجمالي مساحة العاصمة الإدارية في قلب الصحراء شرقي القاهرة 170 ألف فدان، مقسمة إلى 3 مراحل، مساحة المرحلة الأولى الجاري التعامل عليها 40 ألف فدان بتكلفة إجمالية 58 مليار دولار، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية حادة.
وقبل أيام من انتهاء العام الحالي، أعلنت مصر فشل الاجتماع الرابع والأخير من مفاوضات سد النهضة مع إثيوبيا التي بدأت صيف العام الجاري في إطار توافق الدول الثلاث على الإسراع في الانتهاء من الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد قبل نهاية العام الحالي.
تأتي مصر على رأس قائمة الدول القاحلة وتواجه ندرة حادة في المياه، فهي الأقل في معدل هطول الأمطار بين دول العالم، في حين يتجاوز عدد سكانها الـ105 ملايين نسمة، وتعتمد بشكل أساسي على نهر النيل بنسبة 98%.
مشروعات السيسي تلتهم موارد المصريين المائية
اعتبر الخبير الدولي في الأمن المائي، الدكتور محمد حافظ، أن "إعلان مجلس إدارة العاصمة الإدارية استثمار 35 مليار جنيه في إنشاء محطة لمد سكان العاصمة بمياه الشرب النقية، لا يعني استغناء العاصمة الإدارية عن مياه النيل، فهي لتكرير المياه التي يقع مصدرها على كورنيش المعادي بالقرب من مأخذ محطة مياه القاهرة الجديدة ولكنها ستنال من حصة مياه المصريين" .
وأضاف لـ"عربي21": "كان السيسي قد وعد الشعب المصري بعدم استحواذ العاصمة الإدارية على أي مياه من نهر النيل وذلك في بداية ظهور فكرة بناء العاصمة الإدارية الجديدة عام 2014 وتم شراء محطة تحلية مياه البحر بقيمة تزيد عن 600 مليون دولار ولكن ألغيت الفكرة لاحقا بسبب ارتفاع تكاليف تحلية مياه البحر وضخها لارتفاع يقارب 300 متر فوق سطح البحر ولذلك تقرر عكس اتجاه توريد المياه للعاصمة الإدارية من جهة الشرق إلي جهة الغرب حيث تقرر سحب المياه مباشرة من نهر النيل".
وأوضح حافظ أن "تكاليف إيصال المياه إلى العاصمة الإدارية الجديدة أو تأسيس محطة تكرير لتوفير مياه الشرب للسكان هي أموال تستقطع مباشرة من ميزانية الدولة تحت ما يسمى الاستثمار في البنية التحتية لمواجهة تبعات بناء سد النهضة"، مشيرا إلى أن "مشروعات السيسي تلتهم موارد مصر المائية وجميع تلك المشاريع تم تنفيذها بالأمر المباشر لجهاز الخدمة الوطنية بالجيش المصري وبالتالي يتم نقل ثروات الدولة المصرية تدريجيا لجيوب جنرالات الجيش المصري".
مصر تدفع ثمن مشروعات السيسي من المياه والمال
يقول الباحث في الاقتصاد السياسي، مصطفى يوسف، إن "الحكومة المصرية فشلت فشلا ذريعا في إدارة ملف سد النهضة بتوقيع السيسي على اتفاقية إعلان المبادئ في 2015 دون العودة للخبراء واعتبارات الأمن القومي المائي لمصر ومن ثم دخلت البلاد في أزمة شح المياه، وبالتالي زادت فاتورة المنتجات الزراعية المستوردة، إلى جانب اللجوء إلى إنشاء محطات لتحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي وتكبيد موازنة الدولة المزيد من المصروفات".
مضيفا لـ"عربي21": أن "محطات تحلية المياه أو تكريرها لتغذية العاصمة الإدارية سوف تستهلك مياه أكبر من أي مدينة مصرية أخرى بسبب مستويات الرفاهية، وهي تستهلك من حصة المصريين المائية والمالية ما أدى إلى زيادة ديون مصر أربعة أمثالها إلى أكثر من 165 مليار دولار وقفز الدين المحلي إلى 7 تريليون جنيه من أجل نقل مقر حكم السيسي بعيدا عن القاهرة".
وفند يوسف خطط التنمية في مصر: "فهي تختلف تماما عن خطط التنمية التي نعرفها في كوريا الجنوبية والصين وتايوان وسنغافورة وماليزيا وحتى المغرب التي سوف تستضيف كأس العالم، لأنهم وضعوا الحصان أمام العربة وليس العكس كما فعل النظام المصري بدلا من الاستثمار في التعليم والصناعة والزراعة ومن ثم الاستثمار في الطرق والبنية التحتية قامت بالعكس، بالإضافة إلى سيطرة المؤسسة العسكرية وغياب أولويات الإنفاق وغياب الديمقراطية التشاركية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصر سد النهضة السيسي مصر السيسي انقلاب أثيوبيا سد النهضة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العاصمة الإداریة ملیار متر مکعب سد النهضة نهر النیل
إقرأ أيضاً:
وزير الري يؤكد أهمية مشروع «برنامج تدريب المياه المصري - الإيطالي.. المعرفة المائية»
أكد الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، أن مشروع «برنامج تدريب المياه المصري - الإيطالي.. المعرفة المائية» يعد أحد مجالات التعاون البارزة مع الجانب الإيطالي في مجال المياه، بهدف العمل على بناء القدرات ورفع كفاءة العاملين بقطاع المياه وتبادل الخبرات والمعارف للوصول لنهج متكامل لإدارة المياه، من خلال تعزيز البنية التحتية والفنية وتحسين جودة وكفاءة التدريب بمركز التدريب الإقليمي ليصبح جهة تدريبية رائدة في مصر وإفريقيا.
جاء ذلك خلال اجتماع عقده وزير الموارد المائية والري مع مارتينو ميلي مدير الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي، وبياجو تيرليزي نائب مدير معهد «باري» لدراسات الزراعة في حوض المتوسط، لمناقشة تعزيز التعاون بين الوزارة والمعهد والوكالة الإيطالية.
وتم خلال اللقاء استعراض موقف تنفيذ مشروع «برنامج تدريب المياه المصري - الإيطالي.. المعرفة المائية» والذي يتم تنفيذه بالتعاون بين مركز التدريب الإقليمي للموارد المائية والري ومعهد «باري» لدراسات الزراعة في حوض المتوسط والوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي، بهدف تعزيز وبناء قدرات العاملين في مجال المياه بمصر، حيث أعرب الدكتور سويلم عن تقديره للدعم المقدم من الجانب الإيطالي لمركز التدريب الإقليمي للموارد المائية والري والمركز الإفريقي للمياه والتكيف المناخي «PACWA»، وتقديره لما تحقق خلال المرحلة الأولى من البرنامج وتطلع مصر لإطلاق مرحلة ثانية من البرنامج قريبا، حيث من المتوقع الانتهاء من مذكرة التفاهم بين الجانبين المصري والإيطالي قريبا، بما يعكس النجاح الذي تحقق في المرحلة الأولى من المشروع وأولويات وزارة الموارد المائية والري في المرحلة الثانية.
وأشار الوزير إلى أهمية دعم البرامج التدريبية المقدمة للكوادر الفنية لشباب المهندسين والباحثين بالوزارة في كافة المجالات المتعلقة بالإدارة المثلى للموارد المائية، خاصة في ظل التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، وتقديم موضوعات تدريبية تؤهل المهندسين للإدارة الحديثة للموارد المائية والتكيف مع التغيرات المناخية، موضحا أن مصر أصبحت مركزا إقليميا للقارة الإفريقية في مجال بناء القدرات في الموضوعات المتعلقة بالمياه والتغيرات المناخية من خلال المركز الإفريقي للمياه والتكيف المناخي.
جدير بالذكر أن مشروع برنامج المعرفة المائية يشتمل على تطوير وتحسين ورفع كفاءة البنية التحتية لمقر مركز التدريب وملحقاته «القاعات - أجهزة الحاسب الآلي - معامل اللغة - أجهزة الترجمة الفورية - أنظمة الصوتيات - المساعدات التقنية للعملية التدريبية - أجهزة وشاشات العرض الفني بالقاعات»، بالإضافة إلى إعداد وتطوير مناهج التدريب ومنهجيات التدريس والمهارات الإدارية للمدربين، بما يتماشى مع المعايير الدولية، وإعداد مناهج تدريبية تطبيقية في مجال الإدارة الحديثة للموارد المائية والتكيف مع التغيرات المناخية، ورفع كفاءة استخدام المياه وتحسين نوعيتها، وكيفية استخدام التقنيات والتكنولوجيا الحديثة في الاستفادة من الموارد المائية ومجابهة الندرة والفقر المائي، والعمل على تطوير منظومة قياس الأثر المرجو من البرامج التدريبية.
اقرأ أيضاًتنتج القمح والشعير.. إطلاق مياه الري لزراعة 255 فدانًا جديدة بأسيوط
وزير الري يستعرض ما تحقق خلال فعاليات أسبوع القاهرة السابع للمياه
«معلومات الوزراء»: مصر تولي أهمية كبيرة لخلق بيئة مُهيأة وجاذبة للاستثمار الرياضي