الجزيرة:
2024-11-24@09:05:59 GMT

الدين العالمي يتصاعد.. مخاطر وتهديدات محدقة

تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT

الدين العالمي يتصاعد.. مخاطر وتهديدات محدقة

تصاعدت هالة الديون العالمية إلى مستويات غير مسبوقة، مما يلقي بظلال مخيفة على الاقتصاد العالمي. ووفقًا لأحدث تقرير من معهد التمويل الدولي، فقد بلغ حجم الديون العالمية إلى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2023 نحو 307 تريليونات دولار، وهو ما يشكل ارتفاعا كبيرا بما لا يقل عن 10 تريليونات دولار عن أرقام العام الذي سبقه.

وقال التقرير إن نسبة الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي تبلغ الآن نحو 336%، ارتفاعا من 334% في الربع الرابع من عام 2022. وشهدت النسبة انخفاضا لـ7 أرباع متتالية، قبل أن تستأنف مسارها التصاعدي في النصف الأول من عام 2023.

ويشمل هذا الارتفاع، وفقا للتقرير، الاقتراض من قبل الحكومات والشركات والأسر، مما يشكل تهديدا مخيفا لكل من الدول المتقدمة والنامية.

ويسلط التقرير الضوء على ارتفاع الديون الذي ينطوي بشكل رئيسي على البلدان المتقدمة مثل الولايات المتحدة واليابان والمملكة المتحدة وفرنسا. فقد دفع هذا الارتفاع نسبة الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات قياسية وهو ما يعد مؤشرا مقلقا على الضغوطات الاقتصادية العالمية المحتملة.

آثار صعبة على الاقتصادات

ويصوّر تقرير توقعات كبار الاقتصاديين في المنتدى الاقتصادي العالمي صورة مثيرة للقلق، إذ يتوقع 6 من كل 10 من كبار خبراء الاقتصاد انحدارا اقتصاديا عالميا، مشيرين إلى أن التضخم المتزايد شكل محفّزا لعجلة الديون، الأمر الذي دفع الديون العالمية إلى مستويات قياسية مرتفعة، مما يؤثر على المشهد المالي للدول المتقدمة.

وينقل التقرير عن معهد التمويل الدولي أن "معدلات المديونية العالية ومستويات الديون المرتفعة تزيد من أعباء الحكومات، وهو ما يؤدي بدوره إلى زيادة الضغوط على الديون المحلية".

وبعد فترة طويلة من انخفاض أسعار الفائدة، استجاب الاحتياطي الفدرالي الأميركي (البنك المركزي) وغيره من البنوك المركزية في العالم لارتفاع معدلات التضخم من خلال رفع أسعار الفائدة.

وفي السياق، يؤكد تقرير موسع عن الديون الدولية -صادر عن البنك الدولي– على محنة الدول النامية، خاصة الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط إزاء تضخم الديون. ويشير التقرير إلى أنه في الدول النامية أُعيد توجيه مبلغ قياسي بلغ 443.5 مليار دولار لخدمة الديون الخارجية العامة والمكفولة عام 2022 وحده وهو رقم قياسي، مما يحوّل الأموال الحرجة من القطاعات الأساسية، مثل الصحة والتعليم والمبادرات البيئية، في تلك البلاد لخدمة الديون.

وقال البنك الدولي إن هذا أدى إلى تكثيف نقاط الضعف المتعلقة بالديون في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وفي السنوات الثلاث الماضية وحدها، كانت هناك 18 حالة تخلف عن سداد الديون السيادية في 10 دول نامية، وهو رقم أكبر من العدد المسجل في العقدين الماضيين، في حين أن نحو 60% من البلدان المنخفضة الدخل معرضة بشدة لخطر العجز عن سداد الديون أو أنها تعاني بالفعل من ذلك.

في السنوات الثلاث الماضية وحدها، كانت هناك 18 حالة تخلف عن سداد الديون السيادية في 10 دول نامية (رويترز)

ويقول الخبراء في مجال الديون إن الوضع يتطلب إستراتيجية شاملة لتخفيف الأعباء المالية عن البلدان الفقيرة على نطاق المبادرات التي صدرت أواخر التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

وقال البنك الدولي إن الديون تمثل مشكلة خاصة بالنسبة للبلدان المنخفضة الدخل البالغ عددها 75 دولة والمؤهلة للحصول على قروض ومنح بأسعار فائدة منخفضة من المؤسسة الدولية للتنمية. ووصلت مدفوعات خدمة الديون لهذه المجموعة من البلدان إلى مستوى قياسي بلغ 88.9 مليار دولار في عام 2022 بعد تضاعف مدفوعات الفائدة 4 مرات العقد الماضي.

وخلص التقرير إلى أنه من المتوقع أن ترتفع تكاليف خدمة الديون الإجمالية لأفقر 24 دولة في عامي 2023 و2024 بنسبة تصل إلى 39%.

ويؤكد كبير اقتصاديي البنك الدولي إنديرميت جيل خطورة الوضع، إذ يقول إن "مستويات الديون القياسية ومعدلات الفائدة المرتفعة وصلت إلى مسار أزمة حقيقية في عديد من الدول".

الاتجاهات الحالية والتحديات المستقبلية

وفي حين شهد العبء العالمي للديون انحسارا طفيفا لمدة عامين متتاليين -بعد جائحة كورونا- وفقا لمعهد التمويل الدولي، فإن هذا الانحسار لم يكن كافيا بتلك الدرجة. فقد انخفضت الديون العامة بمقدار 8% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العامين الماضيين، وهو ما يعوض فقط نصف الارتفاع الناجم عن عام الجائحة.

ويسلط التقرير الضوء على التحديات المستمرة، فقبل الجائحة، كانت نسب الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي في ارتفاع مستمر منذ عقود، مما يشير إلى الصعوبات المزمنة والمستمرة في إدارة مستويات الديون.

ويحث تقرير معهد التمويل الدولي على اتخاذ إجراءات فورية ومنسقة لمنع أزمة كاملة. في حين يؤكد جيل ضرورة اتخاذ تدابير سريعة ومنسقة بقوله إن "الوضع يستدعي اتخاذ إجراءات سريعة ومنسقة من حكومات المدينين والدائنين الخاصين والرسميين والمؤسسات المالية الدولية".

أزمة الديون العالمية تشكل تهديدًا وشيكًا لاستقرار الاقتصاد والتنمية المستدامة (رويترز)

ويشير التقرير إلى ضرورة الإجراءات الشفافة، وتحسين أدوات استدامة الديون، وتسريع إجراءات إعادة الهيكلة لتجنب كارثة اقتصادية محتملة.

وتبرز الشفافية المحسّنة للديون وممارسات الاقتراض المستدام بوصفها متطلبات أساسية لإدارة الديون الفعّالة. ويشدد البنك الدولي على ضرورة تصدير البيانات الواضحة لتوجيه جهود إعادة هيكلة الديون وضمان الاستقرار الاقتصادي والنمو. وهو ما يؤكده هيشان فو، الأمين العام للإحصاءات في البنك الدولي، حينما صرح بأن "الشفافية في الديون هي المفتاح للاقتراض العام المستدام وممارسات الإقراض القائمة على القواعد والمسؤولية الاجتماعية لإنهاء الفقر".

وتشكل أزمة الديون العالمية تهديدا وشيكا لاستقرار الاقتصاد والتنمية المستدامة. بينما تعد الإجراءات الفورية ضرورية لمنع مزيد من التصاعد، حيث يُحث صناع السياسة وخبراء المؤسسات المالية الدولية على التعاون في تدابير شفافة وإعادة هيكلة الديون وممارسات الاقتراض المستدامة.

وتتطلب خطورة الوضع القائم التزاما عالميا للحد من المخاطر الاقتصادية المحتملة، مما يضمن توجيه الموارد الحيوية نحو القطاعات الأساسية للنمو الشامل والمستدام، وفقا لهيشان فو.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الناتج المحلی الإجمالی الدیون العالمیة التمویل الدولی الدین العالمی البنک الدولی وهو ما

إقرأ أيضاً:

وزيرا التخطيط والاستثمار يناقشان مع بعثة البنك الدولي جذب رؤوس الأموال الأجنبية

عقدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والمهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، اجتماعًا مع بعثة البنك الدولي بقيادة ستيفان جيمبرت، المدير الإقليمي للبنك الدولي بمصر واليمن وجيبوتي والوفد المرافق له، وذلك بمقر وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمناقشة موقف تطوير استراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر (2025- 2030)، التي يتم إعدادها بالتعاون مع مجموعة البنك الدولي أحد أهم شركاء التنمية لمصر، وذلك تنفيذًا للتوجيهات الرئاسية وقرارات المجلس الأعلى للاستثمار. وشارك في الاجتماع الدكتورة داليا الهواري نائب الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.

و في مستهل اللقاء، توجهت الدكتورة رانيا المشاط بالشكر لفرق العمل من البنك الدولي، ووزارتي التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي والاستثمار والتجارة الخارجية والهيئة العامة للاستثمار على جهودهم في تطوير استراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر لمصر خلال الاجتماعات الفنية، مشيرة إلى أهمية استراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر الجديدة واستراتيجية التنمية الصناعية وتعزيز التجارة (IDTES) باعتبارهما من الأهداف الاستراتيجية الكبرى التي تسعى الحكومة المصرية لتحقيقها، لتعزيز بيئة الاستثمار في مصر.

وأشارت إلى الجهود التي تقوم بها الدولة لتعزيز كفاءة إدارة الاستثمارات العامة، وحوكمتها، ووضع سقف مُحدد للاستثمارات بما يحد من معدلات التضخم ويتيح المزيد من الفرص للقطاع الخاص، لافتة إلى أن التعاون الفني مع البنك الدولي لإعداد استراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر يخدم هذا التوجه كما ينفذ توجيهات المجلس الأعلى للاستثمار بوضع رؤية واضحة للاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، فضلًا عن تعزيز جهود الدولة من أجل جذب وتشجيع الاستثمارات الخارجية في إطار مستهدفات برنامج الحكومة لبناء اقتصاد تنافسي جاذب للاستثمارات، والاستفادة من المقومات الكبيرة للاقتصاد المصري، مؤكدة أن العلاقات مع الشركاء الدوليين يتم من خلالها إعداد العديد من التقارير التشخيصية والدراسات التي تتضمن توصيات ومحاور يتم تنفيذها على أرض الواقع في العديد من المجالات لدفع جهود التنمية.

وأكدت "المشاط" أن استراتيجية الاستثمار الأجنبي المباشر الجديدة في مصر ستضع رؤية استثمارية طموحة وقابلة للتحقيق للبلاد، وستقدم استراتيجية متماسكة لنمو الاستثمار وتنويعه، مما يساهم في تحقيق أهداف النمو الاقتصادي الشامل وتنويع الاقتصاد في مصر. ويتمثل جوهر هذه الاستراتيجية في زيادة القدرة التنافسية للاستثمار في البلاد لتعزيز جذب الاستثمار الأجنبي المباشر المستدام.

وأضافت أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، تعمل بالتنسيق مع وزارة الاستثمار والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، ومجموعة البنك الدولي على استمرار التنسيق والتشاور مع مختلف الجهات المعنية، وعقد العديد من ورش العمل، من أجل استيفاء كافة الملاحظات بشأن الاستراتيجية الجديدة في إطار الأهمية التي توليها الدولة بشأن دفع وزيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية وتمكين القطاع الخاص.

من جانبه، أكد المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، أن الوزارة تبذل كل جهودها من أجل تهيئة مناخ استثماري جاذب ومستقر، بهدف تحقيق قفزات كبيرة من النمو تتناسب مع طموحات الشعب المصري، منوها إلى أنه خلال الفترة المقبلة سيتم الانتهاء من صياغة الخطة الاستراتيجية الاستثمارية للوزارة، والتي تتضمن استراتيجية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، مع التركيز على تحسين بيئة الأعمال وتسهيل الإجراءات، مما يعزز من تنافسية مصر كوجهة رئيسية للاستثمار والتجارة في المنطقة، ويعكس التزام الوزارة بتوفير فرص استثمارية مستدامة تدعم النمو الاقتصادي

ولفت «الخطيب» إلى أن الدولة تمتلك بنية تحتية متطورة ومدن جديدة ومتطورة كما يتميز السوق المصري بعمالة مدربة ومؤهلة، مشيرا إلى أن مصر تعد سوقا استهلاكيا كبيراً، وتتمتع بموقع جغرافي إستراتيجي، يتوسط قارات العالم مما يسهل النفاذ إلى أوروبا والشـرق الأوسط وأفريقيا وآسيا كما تتمتع مصر بمصادر طاقة متنوعة، منها مصادر الطاقة المتجددة من الشمس والرياح، فضلا عن ارتباطها باتفاقيات تجارية متنوعة، كاتفاقيات التجارة الحرة مع أكثر من٧٠ دولة، وأيضا إتاحة عدد من الحوافز الاستثمارية، منها حوافز عامة، وأخرى خاصة، وكذا حوافز إضافية.

جدير بالذكر أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، استضافت بالتنسيق مع الهيئة العامة للاستثمار، اجتماعات على المستوى الفني في إطار الإعداد للاستراتيجية، بمشاركة نحو 20 جهة وطنية ذات صلة، بالإضافة إلى مجموعة البنك الدولي.

مقالات مشابهة

  • الاحتياطي الفدرالي: عبء الديون يتصدر مخاطر الاستقرار المالي للبلاد
  • اليوم العالمي للرجال.. نصائح وإرشادات لتجنب مخاطر العمل المكتبي على صحتك
  • “الصحة العالمية” تحذر من خطورة جدري القرود: لا يزال يشكل حالة طوارئ تثير القلق الدولي 
  • أوكرانيا: سنحصل قريبًا على 4.8 مليار دولار من البنك الدولي
  • منظمة الصحة العالمية : جدري القرود ما يزال يشكل حالة طوارئ تثير القلق الدولي
  • وزيرا التخطيط والاستثمار يناقشان مع بعثة البنك الدولي جذب رؤوس الأموال الأجنبية
  • المشاط: نعمل مع البنك الدولي على وضع رؤية لزيادة الاستثمارات الأجنبية
  • الأضرار السكنية تفوق الـ 9 مليارات دولار... البنك الدولي لإعادة الإعمار
  • البنك الدولي: اليمن يواجه تهديدات متزايدة بسبب تغير المناخ والنزاع المستمر
  • نائب رئيس جامعة الأزهر يشهد احتفالية بإنشاء المنظمة العالمية لخريجي كلية أصول الدين بالزقازيق