بعد شهر من الحرب والصمود في الخرطوم، وقد خلت الحلة (المعمورة)، تدخل كثير من الاصدقاء لاقناعي على الخروج من منزلي. اكثر سبب كان انني لدي بنتان ووالدتهم معرضات للخطر. سافرت اولا لمدني وادت تداعيات الحرب ودور بعض السكان الجشعين الحقراء من تجار الحروب في ارتفاع اسعار السكن والمعيشة مع عدم توفر اي مداخيل او بنوك.

وهكذا وجدت نفسي في الهجرة الثالثة في القاهرة.

عنوان الحرب "الاغتصابات". يدافع الانسان غريزياً هو الدفاع عن العرض والارض والمال بنفس الترتيب. فقدت الارض بعد التحضر العام وتحولت للوطن والمال يمكن اعادة الحصول عليه مرة اخرى. واصبح العرض هو الثابت الاكبر في حياة البشر وتبدأ من الإساءة البسيطة وحتى هتك العرض لانه يتصل بالكرامة البشرية. واصبحت احد اكبر وأضخم نقاط الضعف لدي الكائن الحديث. وبهذه النقطة تسرب المغتصبون الجنجويد إلى العاصمة مدينة العشرة ملايين ليخضعوها.

طوال هذه الشهور، ومن واقع مسئوليتي ككاتب، كنت من دعاة ايقاف الحرب سلمياً، لكن بايجابية وليس برفع الشعارات لذلك وطوال اشهر اجتهدت في الدعوة إلى تنظيم الشعب خارج العاصمة لنفسه وبناء "سلطة الشعب" وذلك لتوفر الخبرات من الثوار في الولايات وتكوينات مثل لجان الطواريء التي أبدعها الشعب للتخفيف من ويلات الحرب. وكان هذا جزءاً من قراءة متفحصة على مدى عقود عن ديناميات الحروب الاحتلال وتطوراتها في بلدان معاصرة. وأيضاً من تغيرات الجيوبوليتيكا حولنا وعالمياً. كنت في هذا اتخذ موقفاً من المبادرات التي تطرح من الخارج، واتبنى الحلول من القاعدة الشعبية داخل الوطن، لان حلول الخارج تخضع لمؤثرات اقليمية ودولية ضالعة في الحرب ، وبالتالي خضوع ممثلي هذه الحلول لهذه المؤثرات. وهو ما اتضح لاحقاً.

لم تفلح قوى الثورة في ان تسير في طريق التنظيم وخلق سلاحها "سلطة الشعب"، لان كل الأطراف كانت ضدها، أولهم الكيزان الحالمين للعودة للصوصية والنهب، دعاة حلول الخارج لانها تنهي وظيفتهم، الاحزاب جميعها لانها ستفقد سلطتها الجزئية عن طريق تأثيرها على مكونات الثورة، وحتى لجان المقاومة لاسباب متعددة كان ابرزها خضوع بعضها لتاثيرات وانشقاقاتها. كان التنظيم والتوحد القاعدي بعبعاً للجميع من يحملون لواء تجفيف الثورة او لثورة على المقاس. اما الجيش المختطف وحلفائهم والجنجويد وحلفائه فقد كانا يعيدان ترتيب معادلات التفاوض، لاعادة اتفاقهم مع الجنجويد وبالتالي احتاجوا لتكبير كوم الجنجويد في السيطرة على ولايات اخرى لتبرير مشاركة السلطة.

عندما تم تسليم الجزيرة تسليم مفتاح للجنجويد، وبدأ هروب السكان في كل الاتجاهات، من عدد محدود من مرتزقة الجنجويد لمدينة يقطنها اكثر من خمس ملايين من سكان المدينة والنازحين. كان رايي ان موعد المقاومة قد حان، وان على الشعب ان يتحمل مسئولية الدفاع عن عرضه وارضه وذكرياته وتاريخه. وبهذا سوف تنتصر الثورة ويحدث ما كان الجميع ضده، لان الشعب المقاوم هو من سيحرز النصر. لقد قاومنا بالسلميّة وغيرنا النظام جزئياً وبالمقاومة المستجيبة للوضع المحلي، وهم أدرى بها، نحن في طريق النصر.

يخشى كثير من المشفقين من هذه الدعوة، والعديد منهم يعتقد ان الدعوة هي للحرب الاهلية وهي في الحقيقة حرب تحرير، واخرون يرون انها تحريض الجنجويد على الجزيرة واسألهم هل يحتاج الجنجويد لتحريض? وهواجس اخرى مشروعة. لكن من له رأي فالساحة ملك للجميع.

لم يخيب الشعب أملنا فيه، فقد أثاره سلوكيات الجنجويد المنحطة وممارسات "الاغتصاب" اموالاً، وأعراضاً، وسيارات وكرامة واهانات وغيرها. دخلت العاصمة السودانية في التاريخ كهزيمة عسكرية وسياسية وشعبية وكسقوط اخلاقي مريع للنسخة الجنجويدية المدنية المزعومة. واذا انتظرنا فسوف تتحول لاحتلال كامل للوطن وسقوطه في يد التحالف الكيزاني الجنجويدي. بدات أشكال المقاومة في اطراف الوطن وأرجائه، بدأً من مقاومة القرى بأشكال مختلفة، المولوتوف وحتى دعوات الولايات لحماية نفسها.

دعوتنا هي لتمييز المقاومة من الشعب صانع الثورة ورائد التغيير، وليس الانجرار خلف دعوات الكيزان المشبوهة والتي تريد التخفي وراء الجيش المنسحب المهزوم والكيانات الامنية الكيزانية التي جل مهامها اعتقال وتعذيب وقتل المواطنين الشرفاء صناع الثور، و بعيدا عن الانجرار وراء الاطروحات العنصرية والجهوية والتفرقة بين الشعب وقواه المختلفة من احزاب ومؤسسة الجيش المحترف القومي بعيدا عن قيادته المجرمة. واخيراً التشاور الفعال مع قيادات بعض التكوينات السياسية التي تريد رهننا لقوى اقليمية ودولية واعتقلتنا في حلول الخارج والتدخل الدولي، للعودة بالتقوى بالقاعدة الشعبية التي انتصرت ثورتها واحدثت التغيير.

Dr. Amr M A Mahgoub
omem99@gmail.com
whatsapp: +249911777842  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

قبائل كسمة بريمة يعلنون النكف والاستنفار لمواجهة التصعيد الأمريكي

الثورة نت/..
أعلنت قبائل مديرية كسمة بمحافظة ريمة اليوم الاثنين ، في وقفة قبلية مسلحة، الاستعداد والاستنفار لمواجهة تصعيد العدوان الأمريكي والاستمرار في دعم وإسناد المقاومة الفلسطينية.
واكد المشاركون في الوقفة التي شارك فيها عضوا مجلس الشورى احمد مقبل ومنصور المنتصر ومسؤول التعبئة بالمحافظة محمد النهاري ومدير المديرية حيدر الجبوب وقيادات محلية ومجتمعية، الجهوزية الكاملة لمواجهة تصعيد العدوان الأمريكي على الوطن، وخوض معركة” الفتح الموعود والجهاد المقدس”، والاستمرار في التحشيد والتعبئة والخروج المستمر في تنظيم الأنشطة المختلفة المساندة لغزة.
واعتبروا تصعيد العدوان الأمريكي وما يرتكبه من مجازر وحشية بحق الشعب اليمني واستهدافه المنشآت الحيوية والأعيان المدنية خير شاهد على عجزه وفشله في تحقيق أهدافه، وأن هذه المجازر لن أبناء اليمن، عن نصرة الشعب الفلسطيني بل تزيدهم عزيمة وإصرارا لمساندة المظلومين والمستضعفين.
وجددت قبائل كسمة، التأييد والتفويض الكامل لقائد الثورة في اتخاذ كل ما يراه مناسباً من قرارات وخيارات لردع العدوان الأمريكي على اليمن ونصرة الشعب الفلسطيني المظلوم.. مباركة عمليات القوات المسلحة التي تستهدف عمق كيان العدوّ الصهيوني وحاملات الطائرات والمدمرات الأمريكية.
وأعلن بيان صادر عن الوقفة، الجهوزية الكاملة لمواجهة العدو الأمريكي والصهيوني وكل من شارك معهم في العدوان على الوطن وارتكاب الجرائم بحق الأشقاء في غزة.
وثمن البيان المواقف المشرفة لقائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي والقوات المسلحة والشعب اليمني في نصرة المستضعفين في غزة، مجدداً التأكيد على الثبات والموقف الإيماني القرآني الراسخ في نصرة الأشقاء في غزة وعدم السماح بانفراد الأعداء بالمظلومين والمستضعفين.
وأشار البيان إلى أهمية الاستمرار في الوقفات القبلية والأنشطة الداعمة للشعب الفلسطيني والتصعيد في مواجهة التصعيد الأمريكي وتفعيل المقاطعة الاقتصادية للبضائع والمنتجات الأمريكية والإسرائيلية والشركات الداعمة.

مقالات مشابهة

  • عـــزالدين القسام رمـــز للثورة والجهاد
  • وقفة قبلية في بني سعد بالمحويت دعمًا لفلسطين وإعلانًا للنكف القبلي
  • قبائل شمال الحديدة تعلن النفير وتؤكد جهوزيتها لمواجهة العدوان
  • إعلام صهيوني : خلافات بين المستوى السياسي وقائد الأركان حول الحرب على غزة
  • الفيلم الوثائقي طريق البيت… السيرة الشخصية في إطار المجتمع وبدايات الثورة
  • الخارجية: الحرب التي تخوضها ميليشيا الجنجويد بالوكالة عن راعيتها الإقليمية موجهة ضد الشعب السوداني ودولته الوطنية
  • قبائل كسمة بريمة يعلنون النكف والاستنفار لمواجهة التصعيد الأمريكي
  • حماس: “الحرب الشاملة محاولة إسرائيلية يائسة لكسر المقاومة الفلسطينية
  • حماس: الاحتلال يُحاول يائسا كسر المقاومة الفلسطينية
  • من أمثلة المجتمعات التي ساندت الجنجويد بجانب القحاطة (..)