نشرة مراقبة النزاع في السودان .. خمس أشياء مهمة في هذه اللحظة
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
28 ديسمبر 2023
تشكّل نشرة "مراقبة النزاع في السودان" استجابة سريعة للحرب الآخذة في الاتساع في السودان، ويجري إعداد النشرة انطلاقاً من منظور بناء السلام وحقوق الإنسان والعدالة. وسنحاول، مرة كل أسبوعين، التقاط أهم خمس قصص وقعت في السودان. يُرجى مشاركة النشرة على نطاق واسع.
تصدر عن شبكة عاين ومركز حقوق الإنسان والمرصد السوداني للشفافية والسياسات
أبرز الأخبار في هذا العدد:
التطورات العسكرية والسياسية.
موجة جديدة من التطهير العرقي في غرب دارفور. نفذت قوات الدعم السريع هجمات مروعة على المدنيين في غرب دارفور.
الوضع الإنساني مستمر في التدهور، لكن المدنيين يتجمعون من أجل حشد دعم جديد.
جهود التنسيق بين المدنيين تتقدم. الاجتماع يشكل خطوة إلى الأمام في الجهود المبذولة من أجل التنسيق بين الأصوات المدنية.
ردود الفعل الدولية. "إيقاد" تدخل في المعركة، وإنهاء عمل "يونيتامس"، وتعليق محادثات وقف إطلاق النار في جدة، وعقوبات أمريكية وتحديد الجرائم الفظيعة.
اقرأ الورقة من هنا
https://mcusercontent.com/b3101ea3866029414729ab5e5/files/574f174b-5f1f-d253-5464-c8e4a46bc2c9/The_Sudan_Conflict_Monitor_8_Arabic.pdf
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی السودان
إقرأ أيضاً:
لبنان يطلق “الدخان الأبيض” ورسائل جوزيف مهمة للسودانيين
محمد المكي أحمد
نجح مجلس النواب اللبناني في انتخاب رئيس جديد، في 9 يناير 2025 ، وصنع حدثاً تاريخياً متميزاً، وبهذا أطلق اللبنانيون ” الدخان الأبيض” في ختام الجولة الثانية بالإنتخابات الرئاسية ، التي أسفرت عن فوز العماد جوزيف عون قائد الجيش بمنصب رئيس الجمهورية.
تفاعلات الحدث البرلماني شكلت تطورا لافتا، و عكست مضامين أول خطاب للرئيس اللبناني المنتخب في البرلمان فور انتخابه خارطة طريق، وبرنامج عمل طموح، يُعبر عن نبض لبناني تواق للاستقرار والابداع والاصلاح الشامل ، وقد اتسم الخطاب بالشفافية ووضوح المواقف، في سبيل بناء دولة مؤسسات عصرية و قوية .
خطاب الرئيس اللبناني الجديد تضمن رؤى وأفكارا وتعهدات مهمة تحتاج القيادات العسكرية والمدنية التي تخوض الحرب في السودان إلى تأملها والاستماع إلى نص الخطاب الرصين والوقوف على مرتكزاته، ومقارنته بخطاب العنف والكراهية والعنصرية السائد في السودان.
جوزيف عون أعلن أن لبنان بدأ مرحلة جديدة، وقال بلغة محترمة وموقف سياسي ناضج أنه” مهما اختلفنا ، عند الشدة نحضن بعضنا بعضا ، لأنه إذا انكسر أحدنا انكسرنا جميعا”.
وشدد على تعهدات عدة وأطلق لاءات تخاطب الوجدان اللبناني والانساني، إذ قال لا حصانات للمافيات ، ولا للتدخل في استقلال القضاء، ولا للسلاح خارج إطار الدولة، ولا لسوء الادارة والفساد وتبييض الأموال، ولا لتجارة المخدرات، ولا للتهريب.
وتعهد بوضع قانون جديد يضمن استقلال القضاء، و” نحن جميعا تحت سقف القانون والقضاء” و تعهد حماية الحريات الفردية والجماعية، ومكافحة الفساد، واحترام الفصل بين السلطات، والمساواة بين المواطنين، وأن ” رئيس الحكومة سيكون شريكي وليس خصمي”مشددا على ان انتخابه “يفتح باب الاصلاح”وأكد ان لبنان يعيش أزمة حكم وحكام.
وشملت اللاءات لا للبؤر الأمنية ، ولا تدخل في استقلال القضاء ، ولا رهان على الخارج للاستقواء على بعضنا البعض، وأكد – وهو قائد للمؤسسة العسكرية- أن من أدوار الجيش المؤسسة حفظ وحدة الأراضي اللبنانية .
رسائل الرئيس اللبناني الجديد الذي أكد التزامه بسياسة ” الحياد الايجابي” تناولت العلاقات مع دول الخليج والدول العربية فشدد على سعيه إلى ” شراكة مع دول الخليج” و”أفضل العلاقات مع الدول العربية” و”انفتاح على الشرق والغرب”، وهذا خطاب سيجد حتما ترحيبا وتقديرا واحتراما خليجيا وعربيا ودوليا.
مسارعة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتهنئة الرئيس بانتخابه تعكس ارتياح دولة تتمتع بثقل مهم ودور فاعل في اطار الدعم للبنان الذي يحتاج إلى دعم سياسي واقتصادي سعودي وخليجي ودولي، كما أكد الترحيب الدولي بهذه الخطوة بدء لبنان مرحلة تفاعل جديدة مع العالم.
من أهم رسائل جوزيف أنه أكد ” حق الدولة باحتكار السلاح”، وهذا الجانب مهم للبنان، ويهم السودانيين الذين يعانون من انتشار السلاح خارج سيطرة الدولة، حيث تلعب أطراف عدة أدوارا في انتشار و تفاقم هذا الظاهرة الخطيرة والمدمرة.
وبشأن الاحتلال الاسرائيلي لأراض لبنانية قال في رسالة ذات دلالات أن ” مهمة الدولة اللبنانية وحدها إزالة الاحتلال” ، كما أطلق موقفا ايجابيا بشأن العلاقة مع الدولة السورية تقوم على سياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية وتركز على خل قضايا عالقة ، أما بشأن الفلسطينيين فشدد على الحرص على كرامتهم، مع رفض التوطين.
يُشار إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري كان أعلن بعد فرز الأصوات انتخاب جوزيف رئيسا للجمهورية اللبنانية بحصوله على 99 صوتا من 128 صوتا في جلسة انتخابية ثانية.
يُذكر أن جوزيف لم يحصل في جلسة التصويت الأولى للبرلمان على ثلثي أصوات النواب، اذ نال 71 صوتا وكان يحتاج إلى 86 صوتا على الأقل، وفي ضوء ذلك قرر رئيس البرلمان نبيه بري تعليق الجلسة الأولى واستئنافها بعد ساعتين، حيث تم اعلان الفوز .
وعكست نتيجة الاقتراع في الجلسة الأولى فشل القوى والتكتلات السياسية مجددا في تحقيق توافق بأكثرية على انتخاب الرئيس، وساد هذا الفشل في 12 جلسة برلمانية خلال عامين.
وترى أوساط لبنانية أن ” حزب الله” وحركة أمل ” وقوى أخرى لعبت دورا في افشال جلسات انتخاب الرئيس في الفترة الماضية ، ما أدى إلى استمرار الشغور الرئاسي ( فراغ موقع الرئيس ) لعامين ونصف العام.
ويرى محللون لبنانيون أن حالة الضعف التي يعاني منها ” حزب الله” في لبنان في هذه الفترة قد ساهمت في تيسييرانتخاب الرئيس، وأن التطورات السورية المتمثلة في اسقاط نظام بشار الأسد وضرب الوجود الايراني في دمشق قد انعكس ايجابا على اللبنانيين، وهيأ الأجواء لانجاح جلسة انتخاب الرئيس اللبناني.
وكان النظام السوري الذي اسقطته المعارضة يمارس تدخلات سافرة في الشأن اللبناني وخصوصا في اختيار الرئيس ، من خلال التدخل المباشر، والتحكم في مواقف أحزاب وتكتلات لبنانية .
ورغم أن التطورات الأخيرة في لبنان وسوريا ساهمت قبل انتخاب الرئيس في رفع سقف التوقعات بشأن امكان انتخاب رئيس جديد، فان الدعم العربي والدولي للبنان لعب دورا مؤثرا وحاسما في دفع وانجاح عملية انتخاب رئيس للبنان، وفي هذا الاطار لعبت فرنسا و الولايات المتحدة والسعودية دورا بارزا في هذا السياق.
وبمقارنة الأوضاع في لبنان والسودان حاليا، فان أبرز القواسم المشتركة تكمن في وجود سلاح خارج سيطرة الدولة وحالة التشظي وسط الأحزاب والتكتلات السياسية ، وانتشار الفساد ، والتدهور الاقتصادي الذي أحال حياة الناس إلى جحيم في البلدين، والانفلات الأمني .
ورغم التنديد الشديد في أوساط لبنانية بـ” إفلاس وفساد الطبقة السياسية”، والتذمر من فشل البرلمان مرات عدة في انتخاب رئيس، إلا أن قيادة الجيش ظلت محل احترام ، وهي لم تتورط في ظل أزمات شديدة بارتكاب جريمة الانقلاب العسكري، وفي مرات عدة تم انتخاب قائد الجيش رئيسا، لكن من أكبر أزمات السودانيين تدخل العسكر في ميادين العمل السياسي وترك مهمات الجيش المهمة المتمثلة في حماية الشعب والأرض والحدود والسيادة والنظام الديمقراطي .
المشهد الأروع في لبنان يكمن في وجود برلمان ينتخب الرئيس، ويتيح أوسع فرص التعبير عن الرأي والرأي الآخر، وهذا ما يفتقده السودانيون إذ يلجأ الانقلابيون إلى مصادرة الحريات السياسية والاعلامية وينتهكون كل الحقوق الانسانية.
واذا كانت هناك أوساط لبنانية عدة تنتقد ما تصفه بالتدخلات الأجنبية في شؤون البلد، فان واقع الحال يؤكد أن دولاً وخصوصا في الخليج والعالم العربي تدعم استقرار لبنان، وتعمل على إبعاد التأثير الخارجي السلبي في مجريات الأحداث في بيروت.
سودانيا، فان الأزمة الانسانية الحادة وخطرالجوع الذي يهدد حياة ملايين السودانيين وفقا للأمم المتحدة ودول كبرى قد شكل رأيا عاما دوليا يشدد على ضرورة وقف الحرب في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بمشاركة أطراف أخرى.
هذا معناه أن القرار العربي والدولي الداعم لانتخاب رئيس لبناني جديد يرسل رسالة ساخنة للقابضين على بندقية الحرب والدمار في السودان، ومضمونها يقول إن دول الإقليم والعالم لن تقف متفرجة أو مكتوفة الأيدي وهي ترى شلال الدم ومشاهد الموت بالجوع والمرض والخوف في السودان.
التوقعات أن يشهد هذا الشهر الحالي أوالشهر المقبل اتفاقا بشأن وقف الحرب البشعة على الفلسطينيين في غزة وإطلاق الرهائن الاسرائليين.
تطورات الأحداث تؤشر إلى أن التفاعل الأميركي والأوروبي سيتواصل مع سوريا الجديدة ، و يبدو واضحا حتى الآن أن الإدارة المؤقتة بقيادة أحمد الشرع قد نجحت بخطابها السياسي المعتدل وأرسلت رسائل طمأنة مهمة وايجابية بشأن سياساتها ، ويشمل ذلك السعي لبناء نظام سياسي يوفر أجواء المشاركة والحرية والعدالة والأمن والطمأنينة للسوريين باختلاف رؤاهم وتعدديتهم السياسية والاجتماعية والدينية..
لكن رسائل قيادة سوريا الجديدة إلى المنطقة والعالم تحتاج إلى اقتران الأقوال بالأفعال كما تطالب بذلك دول مجاورة وفي الإقليم والعالم، لتعزيز التعاون والتنسيق في عالم تحكمه المنافع ويشكل الأمن أولوية في صدارة أولوياته ، لتحقيق المصالح المشتركة، أمنيا، واقتصاديا، وسياسيا.
كل هذه التفاعلات اللبنانية وفي المنطقة تعني أن أمام مشعلي الحرب في السودان وحاملي معاولها طريق واحد لفتح أوسع أبواب التعاون مع دول مؤثرة وفاعلة في المنطقة الخليجية والعربية والعالم ، وهو طريق السلام بايقاف الحرب، و احترام حقائق الواقع السوداني التعددي، وحقوق الانسان ، ومن دون ارتياد هذا الدرب فان قادة الحرب في السودان مقبلون على انتحار جماعي، وحصار دولي شديد، وأن شعب السودان سيواجه أوضاعا أكثر بؤسا وقسوة.
أي لا مستقبل في السودان لمن يسفك الدماء، ويدمر حياة الناس بالقتل والجوع والمرض والنزوح واللجوء، فالمستقبل لإرادة الشعب، ولمناخ يحترم ويصون حقوق الانسان السوداني، ويوفر أجواء الحرية، والعدالة، والعيش الكريم.
mohamedelmaki.com