بقلم: محمد ازوكاغ

دعونا بداية نضع النقاش العام المتولد عن المرسوم 2.23.819 بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية في سياقه الحقيقي وبعيدا عن الانفعالات التي لم ولن تنتج سوء المزيد من سوء الفهم القائم أصلا.

عاشت الشغيلة التعليمية بين 2012 و2021 ولايتين حكوميتين مليئتين بالتراجعات على المستويين الإصلاحي والاجتماعي، وهو ما استتبعها شعور عام وسط نساء ورجال التعليم باليأس وغياب الإرادة الحكومية في فتح هذا الملف الشائك فعلا.

لم يتوقف الأستاذ بنكيران رئيس أول حكومة بعد دستور 2011 عند المس بالأوضاع المادية والاجتماعية للشغيلة التعليمية، عبر ما اعتبر إصلاحا لصندوق التقاعد، بل أسس لثقافة صدامية قائمة على لغة عنيفة اتجاه الأساتذة، ثم أكمل مسلسل الصدام بإصداره لمنشور الاقتطاع من الأجور بسبب الإضراب.

 ومع استمرار البيجيدي في رئاسة الحكومة لولاية ثانية، تنامى هذا الشعور وتراكم في شكل حالة نفسية عامة رافضة لكل مبادرة حكومية تستهدف فتح الورش الوطني الكبير المتعلق بحتمية إصلاح المنظومة التربوية. وهي المنظومة التي تعيش اختلالات بنيوية ملموسة باعتراف كل الجهات الرسمية المكلفة بتقييم السياسات العمومية.

بعد هذه المقدمة الضرورية لفهم الواقع المؤطر لهذه الحركة الاحتجاجية، دعونا نعود إلى ما يحدث اليوم في قطاع التربية الوطنية، ولنبدأ بوصف الوقائع كما هي دون زيادة ولا نقصان.

بعد إنصات عميق لنبض المجتمع عبر جولات ميدانية همت 100 مدينة مغربية، ظهر بشكل جلي أن مطالب المغاربة الأساسية تتمحور حول القضايا الاجتماعية: التعليم، الصحة والشغل. وهي نفس المطالب التي خلص إليها تقرير النموذج التنموي. وقد كان من الطبيعي أن تشكل هذه القضايا الركائز الأساسية للبرنامج الحكومي.

وعقب النجاح في الورش الصحي، سواء ما يتعلق بالتغطية الصحية أو ما يرتبط بتأهيل المستشفيات والموارد البشرية، جاء الدور على قطاع التعليم، حيث اعتُمدت خارطة طريق واعدة تستهدف الإصلاح الشامل عبر ثلاث محاور: التلميذ، المدرسة والموارد البشرية.

وبهدف تحسين وضعية الموارد البشرية التي تأمل الحكومة أن تقود الإصلاح، وبعد مشاورات ماراطونية تجاوزت 50 جلسة حوار مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، تم إصدار المرسوم الخاص بالنظام الأساسي.

بغض النظر عن استجابة هذا المرسوم لمطالب تاريخية لأسرة التربية والتكوين، ظلت لعقود مجرد أضغاث أحلام، كما هو الشأن بالنسبة لفتح درجة خارج السلم لأساتذة الابتدائي والثانوي الإعدادي، فقد تبين من خلال النقاش العمومي واحتجاجات الأساتذة أن هذا النص التنظيمي في حاجة إلى تجويد.

وهنا لا بد من التأمل في طبيعة التفاعل الحكومي مع الحركة الاحتجاجية ومقارنتها بما تعودنا عليه سابقا من صدام وعنف لفظي خاصة في عهد عبد الاله بنكيران.

لا أحد ينكر الإيجابية التي تم بها التفاعل مع مطالب الحركة الاحتجاجية، والتي تقطع منهجيا مع كل ما سبق، بل تؤسس لعلاقة إيجابية بين مؤسسات الدولة والحركة الاحتجاجية، وهو ما يعود بالنفع على المسار العام للبناء الديمقراطي والمؤسساتي ببلادنا، ويفترض أن يتم الاستثمار في هذا الجو الإيجابي والدفع به قدما ليشكل قاعدة عامة لتدبير الاختلاف.

ما هو مطلوب اليوم، بعد تجميد المرسوم وتقديم عرض حكومي مهم، وبعيدا عن لغة الانتصارات والهزائم، هو التعاطي البرغماتي والواقعي مع هذا التفاعل الإيجابي للوصول إلى نتائج تؤسس لإصلاح حقيقي للقطاع. نحن في حاجة ماسة للخروج من العبء النفسي المتراكم لسنوات، والانتقال إلى مقاربة جديدة تقوم على مشروعية الاستجابة للمطالب الآنية، لكنها تستحضر أيضا ما يهم واقعنا السياسي وملحاحية المساهمة الإيجابية والجماعية في ترسيخ دولة المؤسسات.

المصدر: أخبارنا

إقرأ أيضاً:

بوتين: أي تفاوض مع أوكرانيا الآن لن يكون شرعيا وعلى كييف إلغاء المرسوم حول حظر التفاوض

روسيا – أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن أي تفاوض مع أوكرانيا في الوقت الراهن سيكون “غير شرعي”، مشيرا إلى أنه على كييف أن تلغي المرسوم حول حظر التفاوض مع روسيا.

وقال بوتين في حديث لمراسل قناة “روسيا 1” بافيل زاروبين، يوم الثلاثاء: “إذا بدأنا بالتفاوض الآن، فإن الأمر سيكون غير شرعي”.

وأشار بوتين إلى أنه على كييف أن تلغي المرسوم الذي وقعه فلاديمير زيلينسكي بشأن حظر المفاوضات مع روسيا ما دام بوتين رئيسا لها.

وقال بوتين بهذا الخصوص: “عندما وقع رئيس النظام الحالي، ويمكن وصفه بهذه الطريقة فقط الآن، على المرسوم، وهو كان رئيسا شرعيا نسبيا، والآن ليس بوسعه إلغاؤه لأنه رئيس غير شرعي. وهذا هو الأمر الذي يمثل الفخ”.

وتابع: “ولكن مبدئيا، إذا كانت لديهم الرغبة، فإن هناك طريقة قانونية للقيام بذلك. تفضلوا، يمكن لممثل الرادا (البرلمان) القيام بذلك وفقا للدستور. وإذا كانت هناك رغبة فيمكن تسوية أي مسألة قانونية. ولكن نحن لم نر بعد مثل هذه الرغبة”.

وأشار بوتين إلى أنه لا يحق لرئيس أوكرانيا تمديد صلاحياته حتى في ظروف الأحكام العرفية، مضيفا أن هذا الحق يمتلكه البرلمان فقط.

وبشأن زيلينسكي، قال بوتين إنه “إذا كان يريد المشاركة في المفاوضات، فسأعين أشخاصا لإجراء تلك المفاوضات، تفضلوا. ولكن السؤال متعلق بالتوقيع النهائي على الوثائق”.

وأوضح بوتين أن “إجراء المفاوضات يمكن مع أي شخص، لكن بسبب عدم شرعيته لا يحق له (لزيلينسكي) التوقيع على أي شيء”.

وأعاد بوتين إلى الأذهان أن روسيا كانت تقترح على القيادة الأوكرانية الانسحاب من جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين قبل بداية العملية العسكرية.

وأكد أنه في المفاوضات المحتملة مع أوكرانيا ستسعى روسيا إلى تحقيق مصالحها. وقال إن “هذه مسألة جدية للغاية، ويجب ضمان أمن أوكرانيا وروسيا على حد سواء على المدى التاريخي البعيد”.

وأضاف: “ونحن بالطبع سنسعى إلى ما يتجاوب مع مصالحنا”.

 

المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • الحكومة تفرج عن مرسوم التعيين في الهيئة العليا للصحة
  • نقاش طويل ولجان استشارية بين بغداد وأربيل حول تكلفة إنتاج النفط
  • وزير التعليم يزور مدرسة «كومينيوس» في برلين للتعرف على أحدث الأساليب التعليمية
  • وزير التعليم يزور مدرسة "كومينيوس" للتعرف على أحدث الأساليب والممارسات التعليمية بألمانيا
  • الحكومة تؤشر على مرسوم تعيين أعضاء الهيئة العليا للصحة
  • واشنطن تؤكد للقاهرة الحاجة للتعاون لمنع "حماس" من حكم غزة
  • خالد نبيل الحلفاوي: انفصال والديّ كان هادئًا ولم أصب بـ «تروما» |فيديو
  • بوتين: أي تفاوض مع أوكرانيا الآن لن يكون شرعيا وعلى كييف إلغاء المرسوم حول حظر التفاوض
  • «المنفي» يشارك بحلقة نقاش في «مؤتمر الطاقة بإفريقيا»
  • المغرب..هيئة حقوقية تدعو إلى إصلاح عاجل للمنظومة التعليمية لضمان حق التعليم للجميع