بعد أسابيع من البلوكاج.. في الحاجة إلى نقاش هادئ حول التعليم
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
بقلم: محمد ازوكاغ
دعونا بداية نضع النقاش العام المتولد عن المرسوم 2.23.819 بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية في سياقه الحقيقي وبعيدا عن الانفعالات التي لم ولن تنتج سوء المزيد من سوء الفهم القائم أصلا.
عاشت الشغيلة التعليمية بين 2012 و2021 ولايتين حكوميتين مليئتين بالتراجعات على المستويين الإصلاحي والاجتماعي، وهو ما استتبعها شعور عام وسط نساء ورجال التعليم باليأس وغياب الإرادة الحكومية في فتح هذا الملف الشائك فعلا.
لم يتوقف الأستاذ بنكيران رئيس أول حكومة بعد دستور 2011 عند المس بالأوضاع المادية والاجتماعية للشغيلة التعليمية، عبر ما اعتبر إصلاحا لصندوق التقاعد، بل أسس لثقافة صدامية قائمة على لغة عنيفة اتجاه الأساتذة، ثم أكمل مسلسل الصدام بإصداره لمنشور الاقتطاع من الأجور بسبب الإضراب.
ومع استمرار البيجيدي في رئاسة الحكومة لولاية ثانية، تنامى هذا الشعور وتراكم في شكل حالة نفسية عامة رافضة لكل مبادرة حكومية تستهدف فتح الورش الوطني الكبير المتعلق بحتمية إصلاح المنظومة التربوية. وهي المنظومة التي تعيش اختلالات بنيوية ملموسة باعتراف كل الجهات الرسمية المكلفة بتقييم السياسات العمومية.
بعد هذه المقدمة الضرورية لفهم الواقع المؤطر لهذه الحركة الاحتجاجية، دعونا نعود إلى ما يحدث اليوم في قطاع التربية الوطنية، ولنبدأ بوصف الوقائع كما هي دون زيادة ولا نقصان.
بعد إنصات عميق لنبض المجتمع عبر جولات ميدانية همت 100 مدينة مغربية، ظهر بشكل جلي أن مطالب المغاربة الأساسية تتمحور حول القضايا الاجتماعية: التعليم، الصحة والشغل. وهي نفس المطالب التي خلص إليها تقرير النموذج التنموي. وقد كان من الطبيعي أن تشكل هذه القضايا الركائز الأساسية للبرنامج الحكومي.
وعقب النجاح في الورش الصحي، سواء ما يتعلق بالتغطية الصحية أو ما يرتبط بتأهيل المستشفيات والموارد البشرية، جاء الدور على قطاع التعليم، حيث اعتُمدت خارطة طريق واعدة تستهدف الإصلاح الشامل عبر ثلاث محاور: التلميذ، المدرسة والموارد البشرية.
وبهدف تحسين وضعية الموارد البشرية التي تأمل الحكومة أن تقود الإصلاح، وبعد مشاورات ماراطونية تجاوزت 50 جلسة حوار مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، تم إصدار المرسوم الخاص بالنظام الأساسي.
بغض النظر عن استجابة هذا المرسوم لمطالب تاريخية لأسرة التربية والتكوين، ظلت لعقود مجرد أضغاث أحلام، كما هو الشأن بالنسبة لفتح درجة خارج السلم لأساتذة الابتدائي والثانوي الإعدادي، فقد تبين من خلال النقاش العمومي واحتجاجات الأساتذة أن هذا النص التنظيمي في حاجة إلى تجويد.
وهنا لا بد من التأمل في طبيعة التفاعل الحكومي مع الحركة الاحتجاجية ومقارنتها بما تعودنا عليه سابقا من صدام وعنف لفظي خاصة في عهد عبد الاله بنكيران.
لا أحد ينكر الإيجابية التي تم بها التفاعل مع مطالب الحركة الاحتجاجية، والتي تقطع منهجيا مع كل ما سبق، بل تؤسس لعلاقة إيجابية بين مؤسسات الدولة والحركة الاحتجاجية، وهو ما يعود بالنفع على المسار العام للبناء الديمقراطي والمؤسساتي ببلادنا، ويفترض أن يتم الاستثمار في هذا الجو الإيجابي والدفع به قدما ليشكل قاعدة عامة لتدبير الاختلاف.
ما هو مطلوب اليوم، بعد تجميد المرسوم وتقديم عرض حكومي مهم، وبعيدا عن لغة الانتصارات والهزائم، هو التعاطي البرغماتي والواقعي مع هذا التفاعل الإيجابي للوصول إلى نتائج تؤسس لإصلاح حقيقي للقطاع. نحن في حاجة ماسة للخروج من العبء النفسي المتراكم لسنوات، والانتقال إلى مقاربة جديدة تقوم على مشروعية الاستجابة للمطالب الآنية، لكنها تستحضر أيضا ما يهم واقعنا السياسي وملحاحية المساهمة الإيجابية والجماعية في ترسيخ دولة المؤسسات.
المصدر: أخبارنا
إقرأ أيضاً:
غدا.. حلقة نقاش حول دعم هيئة فولبرايت للفنانين بمهرجان القاهرة السينمائي
يقيم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ45، في الثانية عشر مساء غدا الأربعاء 20 نوفمبر بقاعة جراند 2 بفندق سوفتيل، حلقة نقاش حول دعم هيئة فولبرايت للفنانين على مدى 75 عامًا، ضمن فعاليات أيام القاهرة لصناعة السينما.
ويتحدث خلال الندوة المدير التنفيذي لهيئة فولبرايت مصر الدكتورة ماجي نصيف، ومسؤولة برامج أول في هيئة فولبرايت مصر مي عياد والفنان مختار الديناري والمخرجة ياسمين الهواري، والمخرج يوسف هشام ويدير الحوار مسؤول برامج أول في هيئة فولبرايت مصر نهى صلاح.
تسلط هذه الندوة الضوء على الفرص المتنوعة التي تقدمها هيئة فولبرايت للفنانين والمحترفين في مجالات الفن المختلفة، وتضم خريجي فولبرايت الذين يشاركون تجاربهم من خلال منحة فولبرايت والتأثير الذي أحدثته على حياتهم المهنية.
تقوم هيئة فولبرايت مصر بإدارة برامج للتبادل التعليمي والثقافي بين مصر والولايات المتحدة، وقد تأسست في عام 1949 بموجب بروتوكول تعاون بين وزارة الخارجية المصرية ووزارة الخارجية الأمريكية، وهي أكبر وأقدم برنامج فولبرايت في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
تدير هيئة فولبرايت مصر مجموعة متنوعة من المنح للفنانين المصريين والأمريكيين والتي تتضمن: منح للفنانين المصريين في مجالات الفنون الجميلة والتطبيقية والتمثيلية والأدائية، ومنح للمهنيين المصريين في مجالات إدارة الفنون والمؤسسات الفنية والثقافية ودراسات المتاحف والتراث، ومنح الماجستير الممولة بالكامل ومنح جمع المادة العلمية لطلاب الدكتوراه المصريين.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للجامعات المصرية والمؤسسات الفنية والثقافية استضافة الخبراء والفنانين والأساتذة الأمريكيين في دراسات السينما والدراما والفنون المسرحية والفنون الجميلة والموسيقى ودراسات الفنون الأدائية.
يحتفي برنامج فولبرايت مصر هذا العام بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين على تأسيسه، ولديه شبكة ثرية تضم أكثر من 8000 خريج وساعد برنامج فولبرايت في إلهام العديد من الفنانين المصريين البارزين وربطهم بالمشهد الفني في الولايات المتحدة، ومن بين هؤلاء الفنانين والحاصلين على منحة فولبرايت لبنى عبد العزيز (ممثلة)، وحسين فهمي (ممثل)، وجاذبية سري (رسامة)، وإيناس عبد الدايم (عازفة فلوت ووزير الثقافة السابق)، وغيرهم الكثير.
فعاليات أيام القاهرة لصناعة السينما (CID)، والتي تقام في الفترة من 15 إلى 20 نوفمبر 2024، تمثل منصة حيوية تهدف إلى دعم وتعزيز مشروعات السينما، وتقديم فرص نادرة للتفاعل بين صناع الأفلام من جميع أنحاء العالم، وتشهد هذه الفعالية مشاركة متميزة من مخرجين، منتجين، وخبراء في مختلف جوانب الصناعة السينمائية، يجتمعون لاستكشاف أحدث الاتجاهات وتبادل الأفكار والتجارب.
تتضمن فعاليات أيام القاهرة لصناعة السينما ورش عمل وجلسات حوارية ونقاشات تتناول تحديات واحتياجات السوق، مما يعزز من فرصة المساهمة في نمو وتطوير مشاريع سينمائية جديدة ويُعيد تأكيد مكانة مصر كمركز إقليمي للإبداع السينمائي.