محللون وخبراء: معضلة صورة النصر تعيق مساعي إسرائيل للنزول عن الشجرة
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
اتفق خبراء ومحللون على أن المواقف الأخيرة التي صدرت من جانب الاحتلال الإسرائيلي تعكس محاولة النزول من على شجرة الاستعلاء العسكري الذي اتخذه عبر أهداف ذات سقف عال، بسبب الواقع الميداني وتكاليفه، إلا أن تلك المحاولات تصطدم بمعضلة بحثه عن صورة نصر أمام المجتمع الإسرائيلي.
وكانت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية قالت إن تل أبيب تنتظر خلال الأيام القليلة المقبلة رد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عبر الوسطاء القطريين بشأن صفقة الرهائن، مضيفة أن التشاؤم يسود في إسرائيل بشأن الحصول على رد إيجابي، والتقييم لديها أن الأمر سيتطلب ضغطا عسكريا.
كما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق مئير بن شبات قوله إن لدى حماس ثقة الآن لرفض أي صفقة لا تمنحها النصر، مضيفا أن "ظروف عمل قواتنا أصبحت أصعب بينما تحسنت ظروف حماس".
وقال اللواء فايز الدويري الخبير العسكري والإستراتيجي، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يحقق أي إنجاز عسكري منذ بدء الحرب، سوى أمور تدعو للسخرية كالعثور على حذاء قائد حماس يحيى السنوار وصورة قائد القسام محمد الضيف، في مقابل تصاعد ملموس في أداء المقاومة.
وأضاف خلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، أن المقاومة -حتى وإن فقدت عددا من عناصرها- استطاعت إدارة المعركة بنجاعة وتصاعد أداؤها على الأرض، وهذا يعني عدم تأثرها بذلك بشكل يضعف قدراتها، وهو الأمر الذي يدركه الاحتلال الإسرائيلي.
استجداء إسرائيليوأشار إلى توفر معلومات خاصة، تفيد بأن الطرف الإسرائيلي يستجدي الوسيط القطري بأن يضغط على حماس للقبول بمقترحات للتفاوض وتقديم تنازلات، لكن موقف حماس لا يزال ثابتا بعدم فتح باب التفاوض حول الأسرى حتى إيقاف العدوان بشكل كامل، وهو ما سيخرجها منتصرة في حال حدوثه.
وهو الأمر الذي أكده الدكتور مهند مصطفى الخبير في الشؤون الإسرائيلية، حيث يرى أن الإخفاقات العسكرية لجيش الاحتلال والتداعيات الاقتصادية لذلك؛ أدت لصعود أصوات كانت صامتة وخائفة في السابق، في مقابل الرأي السائد بحتمية الاستمرار في الحرب حتى القضاء على حماس.
ويضيف أن هذه الأصوات التي تطالب بالتفكير من جديد في هذه الحرب ومراجعة أهدافها -وإن كانت لا تزال قليلة- مهمة وتأثيرها الشعبي والجماهيري كبير، خاصة أن بعضها صادر من رتب عالية في المؤسسة العسكرية، تقلدت مناصب رفيعة في وقت سابق.
لكن هذا الأمر يواجه معضلة البحث عن صورة انتصار مقنعة للمجتمع الإسرائيلي، حيث إنه بدونها ستكون هناك تداعيات إستراتيجية على إسرائيل، وأخرى على العلاقة التاريخية والعقد الاجتماعي بين المجتمع والجيش، وهو ما يبرر الاستمرار في ترك مساحة للجيش للاستمرار في الحرب.
ضربة إستراتيجية
ويشير في هذا السياق إلى أن إسرائيل تدرك أن انتصار حماس في المعركة يمثل ضربة إستراتيجية غير مسبوقة لها على مستوى موقعها الإقليمي وقدرتها على الردع، وكذلك على قدرتها المستقبلية في مواجهة خصومها، وهو ما يضاعف الأزمة ويعزز هذه المعضلة.
لكنه يرى أن الفترة المقبلة ستشهد انتقال المجتمع من مرحلة المطالبة بهدنة إلى مرحلة المطالبة بوقف الحرب بسبب الأزمة الاقتصادية والواقع الاجتماعي الداخلي، مشيرا في هذا السياق إلى أن إسرائيل تعيش انقساما غير مسبوق يهدد تماسكها الداخلي في ظل عدم الثقة في رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.
بدوره، يرى حسام شاكر المحلل في الشؤون الدولية، أن التطورات في الميدان، لها انعكاساتها المهمة على مسار التفاوض، كما أن لها دورا في انتقال قيادة الاحتلال من اليقين المفرض بقدرتها على تحقيق أهدافها بغزة إلى حالة شك حقيقية في ذلك.
ولفت في هذا السياق إلى أن إسرائيل بدأت البحث عن سردية جديدة تقوم على تمييع أهداف الحرب بما يساعدها على النزول عن الشجرة، بعد استقرار قناعة بأنه لا مجال لانتزاع مكاسب شبيهة بما تم الحصول عليه في مرحلة التفاوض الأولى التي انتهت بهدنة مؤقتة وإخلاء سبيل بعض أسراها في صفقة تبادل.
واستبعد شاكر نجاح أي عملية تفاوضية حول تحرير الأسرى في ظل استمرار العدوان على غزة، لافتا إلى أن تسويق الاحتلال الحرب باعتبارها معركة مصيرية ارتد عليهم، حيث ضيّق مجال قبوله بحلول وسطى، مع التأكد في ذات الوقت من أن زيادة التوغل في الحرب تعني المزيد من الخسائر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: إلى أن
إقرأ أيضاً:
ردّا على حصارهم البحري للاحتلال.. هكذا تحرّض إسرائيل على استهداف الحوثيين
بعد الضربات الإسرائيلية والأمريكية الأخيرة لمواقع الحوثيين في اليمن، لا يخفي الاحتلال أنه أمام عدو من نوع مختلف، بزعم أنه ليس لديهم، وهم المشبعون بالدوافع الأيديولوجية، ما يخسرونه، ومستمرون في إطلاق الصواريخ على الأهداف الاسرائيلية، ما يحفزهم بعد كل ضربة للاستمرار في استهداف الاحتلال.
وفي مقال نشره موقع "ويللا" العبري، وترجمته "عربي21"، زعم الباحث المشارك في برنامج إيران بمعهد دراسات الأمن القومي ورئيس سابق لفرع إيران في قسم أبحاث جهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، دينيس سيترينوفيتش، أنه: "بقي الحوثيون يقودون "محور المقاومة" ضد الاحتلال بدافع شعورهم بالمهمة الأيديولوجية".
وأوضح سيترينوفيتش، "بعد وقف إطلاق النار في لبنان، والأضرار الجسيمة التي لحقت بتشكيلات حزب الله، وفي ظل تردد القيادة الإيرانية بشأن الانتقام من الهجوم الإسرائيلي، بقي الحوثيون يقودون -محور المقاومة- ضد الاحتلال بدافع شعورهم بالمهمة الأيديولوجية، وواصلوا إطلاق الطائرات بدون طيار والصواريخ باتجاه، وتجاه السفن المختلفة في مضيق باب المندب".
وأضاف: "الحوثيين يواصلون التهديد بأنهم لن يوقفوا عملياتهم حتى تقف الحرب على غزة، حيث يرون في هجماتهم وسيلة لوضع أنفسهم ضمن محور المقاومة كعامل إقليمي لا يمكن تجاهله، ورغم أن الهجوم الإسرائيلي عليهم ألحق أضرارا بإمدادات الكهرباء في صنعاء".
"وربّما أدى إلى شلّ ميناء الحديدة لفترة زمنية غير معروفة، فمن المشكوك فيه جدا أن الحوثيين سيوقفون الهجمات ضد إسرائيل نظرا لعوامل عديدة" بحسب سيترينوفيتش.
وزعم أن: "الحوثيين ليس لديهم ما يخسرونه، والمفارقة أن الهجمات الإسرائيلية عليهم تؤدي لتعزيزهم وتصميمهم، مما يعني أن الضربات العملياتية لسلاح الجو الإسرائيلي لا تترجم فعلياً لإنجاز استراتيجي يتمثل بوقف الصواريخ من اليمن، ولا تسفر عن إعادة فتح الممرات الملاحية في باب المندب".
واسترسل: "ما يستدعي من الاحتلال التفكير في استراتيجية مختلفة أهمها التعاون مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ودول المنطقة بهدف تنفيذ حملة مستمرة تلحق أضرارا جسيمة بقدرة الحوثيين".
إلى ذلك، أبرز أن: "إيران هي مورّد أسلحة مهم للحوثيين، لكن الغريب أن تأثيرها على عملية صنع القرار لديهم محدود للغاية، ولذلك من المشكوك فيه للغاية ما إذا كان مهاجمة إيران سيغير نمط عملياتهم في البحر الأحمر".
وأردف: "في نهاية المطاف، حتى لو توقفت حرب غزة، فمن المشكوك أن يوقفون هجماتهم بشكل كامل تجاه إسرائيل أو مضيق باب المندب، بل قد يجدوا مختلف الذرائع لمواصلة ابتزاز المجتمع الدولي ودول المنطقة".
وختم بالقول: "بالنظر للمستقبل، لن يكون هناك خيار سوى العمل على إسقاط الحوثيين، ومثل هذه الخطوة ستكون بمثابة ضربة قوية أخرى لمحور المقاومة، وتزيد الضغط على إيران، صحيح أن هذا ليس حدثاً بسيطاً، لكن هناك قدراً كبيراً من الشك إذا كان هناك خيار آخر لتأمين الممرات الملاحية في البحر الأحمر، ووقف الصواريخ تجاه إسرائيل، حتى لو عادت وهاجمت مواقعهم للبنية التحتية في المستقبل أيضاً".
من جهته، أكّد الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، تامير هايمان، أنّ: "الضربات الجوية الإسرائيلية لن تهزم الحوثيين، ولذلك فقد حان الوقت لاستخدام ذراع أكثر ملاءمة ضدهم، لأنه منذ اللحظة التي فرضوا فيها حصاراً بحرياً على إسرائيل، أعلنوا الحرب عليها، لكن من الواضح أنها لم تعلن بعد الحرب عليهم، زاعما أنه حان وقت الاغتيالات في صفوفهم".
وأضاف هايمان، في مقال نشرته "القناة 12" العبرية، وترجمته "عربي21" أنّ: "الهجوم الإسرائيلي في اليمن رد مناسب على الحوثيين، لكنه ليس كافيا لتغيير الواقع في أقرب وقت، خاصة عقب إعلانهم حصارا بحريا ضد الاحتلال، مع أنه من المناسب رفعه بأسرع وقت ممكن من خلال قدرات الجيش".
"مع التركيز على سلاح البحرية، ولكن بسبب العبء الثقيل على المؤسسة الأمنية والعسكرية للاحتلال، والرغبة بإعطاء فرصة للتحالف الدولي للتحرك ضد الحوثيين، امتنع الاحتلال عن الردّ عليهم لعدة أشهر" بحسب هايمان.
وأوضح أنّ: "الاحتلال في الشهور الأخيرة هاجم الحوثيين مرتين، تركزت بتدمير بناهم التحتية للطاقة والتجارة، فيما تقتصر ضربات التحالف الدولي الواسع على قدراتهم العسكرية، بغرض إزالة التهديدات وحماية الممرات الملاحية".
واستطرد: "لكن شيئين أساسيين غابا تماما عن الطريقة التي تجري بها الحملة ضد الحوثيين، أولهما مهاجمة المرسل والممول، وهي إيران، والروح الحية التي تقف وراء السهام القادمة من اليمن، وبالتالي فإن التحالف الدولي وإسرائيل يردان مباشرة على الوكيل، وليس على اليد التي تهز المهد".
وأشار إلى أن: "الشيء الثاني الغائب عن الضربات الإسرائيلية الدولية للحوثيين هو عدم التركيز على القيادة والسيطرة، أي أنه لا توجد حملة واسعة ومستمرة لإضعاف الحوثيين بطريقة تؤدي لضغوط متزايدة، كما حدث ضد حماس وحزب الله في الحرب الحالية".
وبيّن أنّ: "الأمر الذي يستدعي القيام بالشيء الصحيح الذي ينبغي عمله ضدهم، وهو حملة مستمرة، وليس عملية واحدة، وهي بحاجة لقدرات استخباراتية وهجومية أخرى".
إلى ذلك، زعم أن "الاحتلال مطالب ببناء القدرة التشغيلية التي تسمح بقدر أكبر من المرونة والدقة، ومثل هذه القدرات، وعلى هذه المسافة من إسرائيل، تتطلب جهازا مختلفاً يقودها، وينسق بين القوات الجوية والبحرية".
وأردف: "على أن تتمتع البحرية بميزة كبيرة في هذه الحرب، ولكن بعيداً عن القدرات التكتيكية، فإن الاحتلال مطالب بحملة عسكرية تعمل ضد الحوثيين كمنظومة عسكرية، مع التذكير بأن نهاية حرب غزة ستنهي الحرب ضد الحوثيين".