اتفق خبراء ومحللون على أن المواقف الأخيرة التي صدرت من جانب الاحتلال الإسرائيلي تعكس محاولة النزول من على شجرة الاستعلاء العسكري الذي اتخذه عبر أهداف ذات سقف عال، بسبب الواقع الميداني وتكاليفه، إلا أن تلك المحاولات تصطدم بمعضلة بحثه عن صورة نصر أمام المجتمع الإسرائيلي.

وكانت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية قالت إن تل أبيب تنتظر خلال الأيام القليلة المقبلة رد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عبر الوسطاء القطريين بشأن صفقة الرهائن، مضيفة أن التشاؤم يسود في إسرائيل بشأن الحصول على رد إيجابي، والتقييم لديها أن الأمر سيتطلب ضغطا عسكريا.

كما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق مئير بن شبات قوله إن لدى حماس ثقة الآن لرفض أي صفقة لا تمنحها النصر، مضيفا أن "ظروف عمل قواتنا أصبحت أصعب بينما تحسنت ظروف حماس".

وقال اللواء فايز الدويري الخبير العسكري والإستراتيجي، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يحقق أي إنجاز عسكري منذ بدء الحرب، سوى أمور تدعو للسخرية كالعثور على حذاء قائد حماس يحيى السنوار وصورة قائد القسام محمد الضيف، في مقابل تصاعد ملموس في أداء المقاومة.

وأضاف خلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، أن المقاومة -حتى وإن فقدت عددا من عناصرها- استطاعت إدارة المعركة بنجاعة وتصاعد أداؤها على الأرض، وهذا يعني عدم تأثرها بذلك بشكل يضعف قدراتها، وهو الأمر الذي يدركه الاحتلال الإسرائيلي.

استجداء إسرائيلي

وأشار إلى توفر معلومات خاصة، تفيد بأن الطرف الإسرائيلي يستجدي الوسيط القطري بأن يضغط على حماس للقبول بمقترحات للتفاوض وتقديم تنازلات، لكن موقف حماس لا يزال ثابتا بعدم فتح باب التفاوض حول الأسرى حتى إيقاف العدوان بشكل كامل، وهو ما سيخرجها منتصرة في حال حدوثه.

وهو الأمر الذي أكده الدكتور مهند مصطفى الخبير في الشؤون الإسرائيلية، حيث يرى أن الإخفاقات العسكرية لجيش الاحتلال والتداعيات الاقتصادية لذلك؛ أدت لصعود أصوات كانت صامتة وخائفة في السابق، في مقابل الرأي السائد بحتمية الاستمرار في الحرب حتى القضاء على حماس.

ويضيف أن هذه الأصوات التي تطالب بالتفكير من جديد في هذه الحرب ومراجعة أهدافها -وإن كانت لا تزال قليلة- مهمة وتأثيرها الشعبي والجماهيري كبير، خاصة أن بعضها صادر من رتب عالية في المؤسسة العسكرية، تقلدت مناصب رفيعة في وقت سابق.

لكن هذا الأمر يواجه معضلة البحث عن صورة انتصار مقنعة للمجتمع الإسرائيلي، حيث إنه بدونها ستكون هناك تداعيات إستراتيجية على إسرائيل، وأخرى على العلاقة التاريخية والعقد الاجتماعي بين المجتمع والجيش، وهو ما يبرر الاستمرار في ترك مساحة للجيش للاستمرار في الحرب.

ضربة إستراتيجية

ويشير في هذا السياق إلى أن إسرائيل تدرك أن انتصار حماس في المعركة يمثل ضربة إستراتيجية غير مسبوقة لها على مستوى موقعها الإقليمي وقدرتها على الردع، وكذلك على قدرتها المستقبلية في مواجهة خصومها، وهو ما يضاعف الأزمة ويعزز هذه المعضلة.

لكنه يرى أن الفترة المقبلة ستشهد انتقال المجتمع من مرحلة المطالبة بهدنة إلى مرحلة المطالبة بوقف الحرب بسبب الأزمة الاقتصادية والواقع الاجتماعي الداخلي، مشيرا في هذا السياق إلى أن إسرائيل تعيش انقساما غير مسبوق يهدد تماسكها الداخلي في ظل عدم الثقة في رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.

بدوره، يرى حسام شاكر المحلل في الشؤون الدولية، أن التطورات في الميدان، لها انعكاساتها المهمة على مسار التفاوض، كما أن لها دورا في انتقال قيادة الاحتلال من اليقين المفرض بقدرتها على تحقيق أهدافها بغزة إلى حالة شك حقيقية في ذلك.

ولفت في هذا السياق إلى أن إسرائيل بدأت البحث عن سردية جديدة تقوم على تمييع أهداف الحرب بما يساعدها على النزول عن الشجرة، بعد استقرار قناعة بأنه لا مجال لانتزاع مكاسب شبيهة بما تم الحصول عليه في مرحلة التفاوض الأولى التي انتهت بهدنة مؤقتة وإخلاء سبيل بعض أسراها في صفقة تبادل.

واستبعد شاكر نجاح أي عملية تفاوضية حول تحرير الأسرى في ظل استمرار العدوان على غزة، لافتا إلى أن تسويق الاحتلال الحرب باعتبارها معركة مصيرية ارتد عليهم، حيث ضيّق مجال قبوله بحلول وسطى، مع التأكد في ذات الوقت من أن زيادة التوغل في الحرب تعني المزيد من الخسائر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: إلى أن

إقرأ أيضاً:

عشرات القتلى باجتياج إسرائيل لمدينة غزة.. وعقبات باقية بالمفاوضات

اقتحمت قوات إسرائيلية أحياء عدة في مدينة غزة، الاثنين، على متن دبابات، وقصفتها بشكل مكثف، بينما يجري مسؤولون أميركيون وإسرائيليون ومصريون مباحثات بشأن وقف إطلاق النار في القطاع.

وتوغلت قوات إسرائيلية في أكبر مدن القطاع بهدف ملاحقة مسلحين أعادوا تنظيم صفوفهم هناك، وهو ما دفع آلاف الفلسطينيين إلى الفرار من منطقة دمرتها الحرب المستمرة منذ 9 أشهر، وفق أسوشيتد برس.

وقال شهود عيان والدفاع المدني والمكتب الإعلامي لحكومة حماس لفرانس برس إن الجنود الإسرائيليين اجتاحوا أحياء عدة في مدينة غزة، من بينها الدرج والتفاح والصبرة وتل الهوى.

وأعلن الدفاع المدني في غزة تلقي بلاغات بوجود عشرات القتلى والمصابين، مشيرا إلى أن طواقمه لا تستطيع الوصول إليهم "في ظل القصف العنيف".

وقالت أسوشيتد برس إن الجيش أمر بعمليات إجلاء قبل الغارات، لكن الفلسطينيين يقولون إنه لا يوجد مكان آمن.

وقال الشهود لفرانس برس إن الجيش الإسرائيلي يطلب من السكان عبر مكبرات الصوت إخلاء حي الدرج وحي التفاح.

وتتهم إسرائيل حماس ونشطاء آخرين بالاختباء بين المدنيين. 

ويأتي التوغل في مدينة غزة بينما تقترب إسرائيل وحماس من سد الفجوات في المحادثات غير المباشرة بشأن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، وفق أسوشيتد برس نقلا عن مصادر.

وعاد مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) وليام بيرنز، إلى المنطقة، الاثنين، لإجراء محادثات بهذا الشأن في القاهرة، وفقا لما ذكرته قناة "القاهرة الإخبارية"، المقربة من أجهزة الأمن في البلاد. 

وذكر موقع "أكسيوس" الأميركي أن بيرنز وكبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، بريت ماكغورك، يجتمعان مع كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين والمصريين في القاهرة.

من جانبها، اتهمت حركة حماس، في بيان نقلته رويترز، الاثنين، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، بوضع العقبات أمام المفاوضات.

ودعت الحركة في البيان الوسطاء إلى التدخل "لوضع حد لألاعيب نتانياهو وجرائمه".

وتشير أسوشيتد برس إلى عقبات لاتزال قائمة، حتى بعد موافقة حماس على التراجع عن مطلبها الرئيسي بأن تلتزم إسرائيل بإنهاء الحرب ضمن أي اتفاق. 

ولا تزال حماس تريد من الوسطاء أن ”يضمنوا” أن تنتهي المفاوضات إلى وقف دائم لإطلاق النار، وفقا لمسؤولين مطلعين على المحادثات.

وتقول المسودة الحالية إن الوسطاء، الولايات المتحدة وقطر ومصر،  "سيبذلون قصارى جهدهم" من أجل التوصل إلى اتفاق وضمان أن تؤدي المفاوضات إلى اتفاق لإنهاء الحرب.

ورفضت إسرائيل أي اتفاق من شأنه أن يجبرها على إنهاء الحرب مع بقاء حماس دون تغيير، وهو شرط أكده رئيس الوزراء الإسرائيلي، الأحد.

وقال المسؤولون إن هناك أيضا مأزقا يتعلق بما إذا كان ينبغي السماح لحماس باختيار السجناء البارزين الذين تحتجزهم إسرائيل، والذين تريد إطلاق سراحهم، مقابل الرهائن. 

وأدين بعض السجناء الذين قضوا فترات طويلة بقتل إسرائيليين، ولا تريد إسرائيل أن تحدد حماس من سيطلق سراحه. 

مقالات مشابهة

  • تقرير يكشف تقديرات الجيش الإسرائيلي بشأن أنفاق حماس بعد 9 أشهر من الحرب
  • حماس: ألاعيب “نتنياهو” وجرائمه تعيق المفاوضات
  • عشرات القتلى باجتياح إسرائيل لمدينة غزة.. وعقبات باقية بالمفاوضات
  • عشرات القتلى باجتياج إسرائيل لمدينة غزة.. وعقبات باقية بالمفاوضات
  • حرب غزة تنتظر الهدنة مع دخولها الشهر العاشر
  • هاغاري يناقض نتنياهو.. ويكشف طول مدة الحرب ضد حماس
  • لابيد يحدد نقطة ضعف الجيش الإسرائيلي
  • محللون: كلمة أبو عبيدة رد على ألاعيب نتنياهو وهذه أبرز دلالاتها
  • حماس تنتظر الرد الإسرائيلي على اقتراح وقف إطلاق النار
  • مقاومة واستبسال في رفح والشجاعية