يستعد مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة أموس هوكشتاين للعودة إلى بيروت في النصف الأول من كانون الثاني المقبل للقيام بوساطة بين لبنان وإسرائيل لتحديد الحدود البرية بين البلدين، وهذا ما أكدته السفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا التي تغادر بيروت اليوم بعد انتهاء فترة انتدابها لتسلُّم منصبها الجديد في الأمم المتحدة.


ونقلت «الشرق الأوسط» عن مصادر سياسية لبنانية رفيعة أن شيا أبلغت القيادات التي التقتها في سياق جولتها الوداعية بموعد عودة الموفد الأميركي إلى بيروت، في محاولة جديدة لإنعاش الوساطة الأميركية لتحديد الحدود البرية اللبنانية - الإسرائيلية.
وأكدت المصادر السياسية أن شيا شددت على ضرورة تبريد الأجواء لمنع تمدد الحرب من غزة إلى جنوب لبنان من دون أن تخفي مخاوفها حيال تصاعد وتيرة المواجهة بين «حزب الله» وإسرائيل في جنوب لبنان، رغم أن واشنطن تضغط لقطع الطريق على توسعتها التي قد تعوق مهمة الوسيط الأميركي، لئلا يضطر للتحرك بين بيروت وتل أبيب لخفض منسوب التوتر كي لا تصبح وساطته أسيرة الدبلوماسية الساخنة بتبادل الرسائل الصاروخية بين الطرفين.
ولفتت إلى أن شيا ركّزت في لقاءاتها الوداعية على ضرورة التعاون لتهيئة الظروف السياسية المواتية لتطبيق القرار الدولي 1701، وقالت إنها لا ترى وجود مشكلة، على الأقل من وجهة نظرها، لتحديد الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل بدءاً بالنقاط الـ13 التي سبق للحكومة اللبنانية أن تحفّظت عليها بذريعة أن إسرائيل ما زالت تحتل أجزاء من الأراضي اللبنانية، رافضة الاعتراف بالخط الأزرق على أنه خط الانسحاب الشامل ما لم تنسحب من هذه النقاط.

ونقلت المصادر نفسها عن شيا قولها إن الاجتماعات التي عُقدت في مقر قيادة القوات الدولية «يونيفيل» في بلدة الناقورة في جنوب لبنان، وبرعايتها، بين الوفدين العسكريين اللبناني والإسرائيلي، كانت توصلت إلى إنهاء النزاع حول 7 نقاط من أصل 13 نقطة سبق للحكومة اللبنانية أن تحفّظت عليها، ولم يبق منها سوى 6 نقاط على طول الحدود اللبنانية الممتدة من رأس الناقورة إلى مشارف مزارع شبعا المحتلة.
وأكدت أن تبريد الأجواء على طول الجبهة يمكن أن يؤدي إلى تسوية النزاع حول النقاط المتبقية، وقالت، كما نُقل عنها، إن توصُّل هوكشتاين إلى تحقيق وقف إطلاق النار الذي بقي عالقاً ولم ينفّذ، كما نص عليه القرار 1701 من شأنه أن يسهم، مع إنهاء الأعمال العسكرية، في خلق المناخات الأمنية والسياسية للبحث عن حل لمزارع شبعا.
وأضافت أن واشنطن لم تقل ولو لمرة واحدة إن مزارع شبعا هي أراضٍ تخضع للسيادة الإسرائيلية وتتعامل معها على أنها أراضٍ لبنانية، شرط أن تعترف سوريا وتقر بها، ورأت أنه يمكن التوصل إلى تفاهم يتيح للبنان أن يستعيد سيادته عليها، ربما بتوسيع مهام القوات الدولية لتشمل إلحاقها بها، بخلاف الشق اللبناني من بلدة الغجر.
فالمشكلة التي تمنع لبنان من أن يستعيد سيطرته عليها تكمن، كما تقول شيا، في أن سكانها هم من اللبنانيين، لكنهم يرفضون إلحاق بلدتهم بالسيادة اللبنانية كونهم يستفيدون من التقديمات الإسرائيلية لهم بعد حصولهم على جوازات سفر إسرائيلية مكّنت معظمهم من العمل، وأتاحت لبعضهم السفر إلى الخارج.
ويبقى السؤال: كيف يمكن للوسيط الأميركي التحرُّك لإبرام اتفاق بين لبنان وإسرائيل لتحديد الحدود بين البلدين، في حال أن الجبهة إلى مزيد من التصعيد الذي ينذر باحتمال توسع الحرب، على غرار تلك الدائرة في قطاع غزة والتي ستؤدي حتماً إلى تعطيل الوساطة الأميركية، طالما أن «حزب الله» ماضٍ في مساندته لـ«حماس» ويعطي الأولوية لوقف إطلاق النار في غزة، وإن كان حتى الساعة ليس في وارد توسعة الحرب إلا في حال بادرت إسرائيل إلى توسعتها؟
وينسحب السؤال أيضاً على حكومة تصريف الأعمال في ضوء تأكيد رئيسها نجيب ميقاتي التزام لبنان بتطبيق القرار 1701 الذي لن يرى النور ما لم توقف إسرائيل اعتداءاتها على لبنان، واستمرار خرقها لأجوائه براً وبحراً وجواً، واقتطاعها لمساحات من الأراضي اللبنانية، وبات عليها التقيُّد باتفاقية الهدنة بكامل نصوصها ومندرجاتها، في إشارة مباشرة لرفض لبنان مجرد الدخول في تعديل القرار الدولي؟
فوضوح الموقف اللبناني الرسمي يفتح الباب أمام السؤال عن مدى استجابة «حزب الله» للوساطة الأميركية، أسوة بتقديمه التسهيلات للوسيط الأميركي التي كانت وراء توصله إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وإن كان تذرّع في حينها بوقوفه خلف القرار الذي تتخذه الدولة اللبنانية في هذا الخصوص.
وفي هذا السياق، يقول مصدر دبلوماسي أوروبي إن هناك ضرورة لإعادة الاعتبار للقرار 1701 بخلق الأجواء المواتية لتطبيقه لمنع انزلاق الوضع في الجنوب نحو توسعة الحرب، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن التصعيد العسكري، وإن كان يوحي بأن الجبهة تقف على حافة الهاوية، لكن لا مصلحة للحزب بأن يبادر إلى تصعيد المواجهة بشكل تصعب السيطرة عليه.
كما يبقى السؤال: هل لإيران مصلحة في أن تستعجل حرق المراحل وتدفع بحليفها الأول في المنطقة «حزب الله» للتفريط بما لديه من فائض للقوة استباقاً لما سيؤول إليه الوضع في غزة، أكان سياسياً أو عسكرياً، أم أنها تتحسّب لجميع الاحتمالات وتتجنب الدخول في حرب قبل أوانها ولم يحن وقتها، خصوصاً أنها مرتبطة بنتائج الحرب في غزة وبقدرة لبنان على تحمّل كلفتها واستيعاب ارتداداتها على كافة المستويات في ظل تدهور أوضاعه الاقتصادية والمالية، وانسداد الأفق السياسي حتى الساعة أمام انتخاب رئيس للجمهورية؟
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: بین لبنان وإسرائیل حزب الله

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء اللبناني يؤدي صلاة العيد مع ولي العهد تأكيدًا لعمق العلاقات السعودية اللبنانية

البلاد – جدة

في خطوة تعكس عمق العلاقات بين المملكة العربية السعودية ولبنان، شارك دولة رئيس مجلس الوزراء بالجمهورية اللبنانية الدكتور نواف سلام، في صلاة عيد الفطر المبارك إلى جانب صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله.

مشاركة دولة رئيس الوزراء اللبناني في هذه المناسبة تدعو للتفاؤل حيال مستقبل لبنان في ظل النهج الإصلاحي الذي يتبناه رئيس الجمهورية اللبنانية ودولة رئيس الوزراء اللبناني، كما تعكس ثقة المملكة في القيادة اللبنانية، وتفسح المجال لاستعادة لبنان مكانته الطبيعية في محيطه العربي والدولي.

وتعكس هذه المشاركة تقدير القيادة اللبنانية الدائم لمواقف المملكة تجاه لبنان، إيماناً بدورها التاريخي في مساندة لبنان، وتأكيداً على عمق لبنان العربي كأساس لعلاقاته مع محيطه الإقليمي.

تأتي هذه الخطوة في إطار الانطلاقة الجديدة للعلاقات السعودية اللبنانية، وبالتزامن مع جهود الحكومة اللبنانية الرامية لتمكين الدولة من بسط سيادتها وممارسة صلاحياتها الكاملة، وهو ما يتطابق مع رؤية المملكة للمنطقة التي تقوم على دعم استقرار دولها كمتطلب لانطلاق التعاون الاقتصادي والاستثماري والعمل المشترك.

وأكدت المملكة وقوفها إلى جانب لبنان وشعبه الشقيق، وأبدت ثقتها بقدرة رئيس الجمهورية اللبنانية ورئيس وزرائه على الشروع في الإصلاحات اللازمة لتعزيز أمن واستقرار ووحدة لبنان.

للمملكة جهود تاريخية في دعم أمن واستقرار لبنان، حيث أسهمت بشكل فاعل في إنهاء الحرب الأهلية اللبنانية التي دامت 15 عاماً، من خلال رعايتها واستضافتها لاجتماعات مجلس النواب اللبناني عام 1989 في مدينة الطائف، التي شهدت توقيع “اتفاق الطائف” التاريخي، الذي يعد أحد مكتسبات السياسة الخارجية للمملكة.

مقالات مشابهة

  • المرأة اللبنانية في سوق العمل.. تحديات وفرص في ظل الضغوط الأسرية
  • المفارقة اللبنانية.. جامعة تتصدر التصنيفات وعمالها يضربون من الجوع
  • منتجات غير آمنة للبشرة تغزو الأسواق اللبنانية… هكذا يمكنكم اكتشافها
  • ترقّب للتحرك الاميركي...ماكرون لنتنياهو: على الدولة اللبنانية استعادة حصر السلاح بيدها
  • بعد صدور بلاغ يتعلّق بفقدانها.. العثور على الشابة اللبنانية م. ط داخل مخيم البداوي
  • رئيس الوزراء اللبناني يؤدي صلاة العيد مع ولي العهد تأكيدًا لعمق العلاقات السعودية اللبنانية
  • رئيس الحكومة اللبنانية: ماضون في بسط سلطة الدولة على كامل أراضينا
  • فاي هال.. ما قصة الأميركية التي أطلقت طالبان سراحها؟
  • السفارة الأميركية في سوريا تحذر من هجمات إرهابية
  • رئيسة الهيئة اللبنانية للعقارات: آن الأوان لإنصاف المالكين القدامى