المقاطعة الاقتصادية.. سلاح الوعي الأهم في المعركة
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
تأكيدُ قائد الثورة، السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، على أهمية تواصل وتكثيف جهود المقاطعة الاقتصادية لمنتجات داعمي الكيان الصهيوني يأتي انطلاقًا من إدراكه العميق وبُعد نظره السديد لمدى أهمية هذا السلاح باعتباره المَهمة الأهم في المعركة التي يخوضها الشعب اليمني انطلاقًا من هويته الايمانية ووعيه الإنساني والتزامه الأخلاقي.
ماذا تُعني المقاطعة؟
حرر ضميرك من التكيف الوجداني والتعود النفسي على جرائم ومجازر العدو الصهيوني بحق أبناء فلسطين، وأطلق العنان لخيارك الإنساني، وقاطع؛ لأن عدم المقاطعة يعني بقاءك مرتهنا لوعي الخذلان والانكسار والهزيمة في الدنيا، والعذاب في الآخرة؛ لأنك تباطأت عن نصرة المظلومين.
في حال استشعر كل مواطن دوره في هذه المَهمة فإن نتائج المعركة ستتغير سريعًا؛ لأن النتائج مرتبطة بالمال، والخسائر هنا ستكون فادحة، ولن تُسعف أصحابها للانتظار؛ بل سيتخذون قراراتهم؛ ويُعيدون النظر ألف مرة في اتجاهات دعمهم، علاوة إنها متاحة لكل فرد في مجتمعاتنا؛ وقبل ذلك سنعرف من خلالها كم هي الأموال التي نبذلها دون أن ندري، بينما هي تسهم يوميًا في قتل إخواننا في فلسطين المحتلة؛ فهل ترضى بذلك؟! بالتأكيد: لا. إذن لنبادر بالمقاطعة؛ على الأقل ستقف أمام رب العالمين؛ وقد بذلت قصارى جهدك في الانتصار لمظلومية فلسطين؛ في الوقت الذي خذلها معظم العالم؛ بينما انتصر لها ضميرك كأمة عربية إسلامية استشعرت الواجب!
لماذا المقاطعة الاقتصادية لمنتجات داعمي الكيان الصهيوني تتصدر قائمة التزامات معركتنا مع العدو؟
لأن الكيان المعادي يستمد من هؤلاء الداعمين نسبة كبيرة جدًا من ضمان بقائه واقفًا في وجوهنا، ويعمل ليل نهار على قتل أبناءنا بأبشع الأساليب وأفظع الجرائم، انطلاقا من ثقة كبيرة لديه بضعفنا وعجزنا. ونجاح المقاطعة هو انقلاب على كل ذلك، وإصابة العدو بالصدمة والخوف؛ علاوة أن المقاطعة تمثل رسالة شديدة اللهجة يقدّمها اليمن ليس لإسرائيل فقط، وإنما لمن يقف إلى جانبها من البلدان والشعوب، التي أعلنت منذ السابع من أكتوبر موقفها المساند للقرار الاسرائيلي باستباحة الدم العربي في فلسطين دون وازعٍ من ضمير أو أخلاق، بل كأنهم لا ينظرون لنا كبشر. هؤلاء يستبيحون دم أشقائنا في فلسطين بدمٍ بارد، مرتكبين أشنع الجرائم والمجازر؛ وهي الجرائم والمجازر التي عجزت وسائل الإعلام في نقلها كلها؛ فما لا نعرفه أشد وطأة.
على الرغم من البُعد الإجرامي والمأساوي غير المسبوق للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لم تعلن معظم الأنظمة الغربية، وفي مقدمها الولايات المتحدة، موقفًا يتفق مع ما تُعلن عنه من انحيازٍ لحقوق الإنسان وقيم الحرية والديمقراطية؛ بل أعلنت وبكل صفاقة وطالبت باستمرار الحرب على قطاع غزة، متماهية تمامًا مع الموقف الصهيوني، متجاوزة بكل صلف حقوق الإنسان الفلسطيني والعربي؛ بل إنها داست بكل عنجهية على دعوات ونداءات شعوبنا العربية والإسلامية؛ وهي ترفع الصوت عاليًا مطالبة بإيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة… بل إنها لم تنصت لصوت الشارع الغربي نفسه، الذي شهد تحولاً في موقفه مع فلسطين، من وطأة ما شاهده من جرائم إسرائيلية في غزة؛ وبالتالي فكل هذا الاستكبار والطغيان على حقوق الفلسطينيين في قطاع غزة وكل الأراضي المحتلة لا يمكن، بأي حال، أن يستمر؛ لكنه مستمر من خلال ما ندفعه من أموالنا لشركات مستمرة في تمويل ودعم الكيان الصهيوني في حربه ضدنا.
إننا بعدم المقاطعة نسهم في إراقة دماء إخواننا الفلسطينيين، بل ونسهم في تعزيز قدرات المحتل الغاصب، ونعمل على إطالة عمر الاحتلال؛ لهذا فالمقاطعة فعل جهادي عظيم ومتاح لجميع اليمنيين وجميع العرب والمسلمين؛ ومن خلاله يكون اليمني قد قام، ولو بالنذر اليسير، من واجبه في مواجهة العدوان الهمجي الوحشي الإسرائيلي في القطاع؛ وأخلى ساحته ومسؤوليته أمام الله.
كيف نقاطع؟ هل ثمة وجوه عديدة للمقاطعة تتجاوز الامتناع عن شراء منتجات داعمي الكيان؟
هناك وسائل عديدة يتكرّس من خلالها فعل المقاطعة، وصولاً إلى أن يحقق نتائج فاعلة ومؤثرة؛ ابتداءً من قيام كل فرد من مراجعة ما يشتريه من منتجات ومعرفة مصدرها؛ فإن كانت قادمة من بلدان تدعم أنظمتها السياسية الكيان فمن الواجب أن تُحجم عن شرائها.
لا يتوقف الأمر عند الإحجام، بل يجب عليك الاسهام في توعية غيرك بضرورة هذا الفعل، بل قد يكون ذلك واجبًا مقدسًا؛ لأننا من خلاله لا نقف مكتوفي الأيدي تجاه ما يتعرض له إخواننا في قطاع غزة. ثانيًا: هو فعل متاح، كما سبقت الإشارة، ونحن محاسبون عن مدى قيامنا به أمام الله، وفي حال لم تقم به فلست ببعيد عن العذاب الذي سيحدق بالمتخلفين عن نصرة إخوانهم في غزة في ظل ما يتعرضوا له من حرب وحشية.
كما أن توعيتك الآخرين تلزم منك أن توضح لعائلتك فداحة شراء منتجات داعمي الكيان، وأهمية هذا الفعل عند الله، وضرورة توعية غيرنا؛ وهو ما يجعل من فعل التوعية عملاً يومياً أينما ذهبت. ولو قام الكثير بهذا الفعل لتحققت نتائج كبيرة؛ وتغيرت مواقف الأنظمة والشركات الداعمة للكيان تحت وقع الخسائر التي ستحققها المقاطعة.
كيف سيتحقق النصر من خلال المقاطعة؟
المقاطعة سلاح فعال؛ وبالإمكان من خلاله تحقيق النصر بأسرع مما تحققه الآلة العسكرية؛ فالسوق العربية سوق كبيرة لهذه المنتجات؛ وبالتالي فمقاطعتها ستكون وبالاً على المنتجين؛ الذين يتعاملون مع الربح والخسارة؛ وبالتالي لن يتوقفوا كثيرا أمام خسائرهم، وسيغيرون مربعاتهم، ويعيدون النظر في حساباتهم؛ علاوة أن نتائج المقاطعة ستُعيد الاعتبار لمكانة الأمة لدى الآخر؛ باعتبارها تعي جيدًا ما تريد وما تفعل؛ وبالتالي فالمقاطعة الاقتصادية أمضى من أي سلاح في تحقيق نتائج سنلمس أثرها سريعًا.
كما أن هذه المقاطعة ستؤتي أكلها في جانب آخر ممثلًا في دعم المنتج المحلي أو العربي البديل؛ وهنا سنكتشف أن بإمكاننا دعم المنتج المحلي والعربي؛ وقبل ذلك وبعده سيدرك – كما سبقت الاشارة- رأس المال وجهته الحقيقية انطلاقا من توجهات السوق الذي صار له ضمير؛ عندئذ سيصبح للمستهلك العربي كلمته وسطوته في وجهات الشركات التي يشتري منتجاتها من ناحية، وفي مناصرة قضايا أمته من ناحية أخرى.
مما سبق فتأكيد قائد الثورة على المقاطعة الاقتصادية تسنده خلفية معرفية بالمآلات التي تستطيع صنعها المقاطعة باعتبارها المهمة الأهم في مسار المعركة مع العدو.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
العدو الصهيوني يزيد من وتيرة هدم وتدمير المساجد وأماكن العبادة في فلسطين
يمانيون../
زادت وتيرة التهديدات الصهيونية بهدم المساجد في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة من قبل سلطات العدو الصهيوني بعد السابع من أكتوبر 2023، وأخذت طابعاً سياسياً تُحركه دوافع انتقامية.
فخلال العام المنصرم، سُجلت زيادة في عدد المساجد المُهددة بالهدم، وخصوصاً مع تسلم الوزير المتطرف إيتمار بن غفير حقيبة وزارة الأمن الداخلي والمسؤولية عن مراقبة أعمال البناء الفلسطيني في القدس المحتلة، وهي مسؤوليات كانت حتى قبل السابع من أكتوبر محصورة ببلدية الاحتلال.
وكشفت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، في تقريرٍ خاص لها حول انتهاكات العدو على المقدسات الإسلامية والمسيحية في الضفة الغربية وقطاع غزة لعام 2024، بأن جيش العدو دمر نحو 1000 مسجد في قطاع غزة، فيما اقتحم المستوطنون المسجد الأقصى أكثر من 250 مرة، فيما منع رفع الأذان بالمسجد الإبراهيمي أكثر من 670 مرة، العام الماضي.
وقالت الوزارة في تقريرها، إن العدو الصهيوني دمر منذ بداية العام الماضي 815 مسجدا تدميرا كليا، و151 مسجدا بشكل جزئي، ودمَّر كذلك 19 مقبرة بشكل كامل، وانتهك قدسيتها من خلال الاعتداء عليها ونبش قبورها وإخراج الجثث، واستهدف ودمَّر ثلاث كنائس في مدينة غزة.
وأضاف التقرير: إن العدو الصهيوني اعتدى على المسجد الأقصى المبارك، من خلال سماحه لعصابات المستوطنين باقتحامه وتدنيس ساحاته ومصاطبه وذلك بـ(256) اقتحاما خلال العام الماضي، مارسوا خلالها طقوسا تلمودية غير اعتيادية وباتت تمارس بشكل يومي كالسجود الملحمي الذي بدأ لأول مرة 13 أغسطس 2024، النفخ بالبوق.
وأوضح أن الطقوس التملودية باتت تمارس في مكان وأوقات محددة لتكريس تقسيم الأقصى زمانيا ومكانيا، تحت إشراف وحماية شرطة الاحتلال التي تمنع بشكل دائم حراس المسجد الأقصى التابعين لدائرة الأوقاف في القدس من قيامهم بعملهم خلال هذه الاقتحامات.
وأشارت الأوقاف في تقريرها إلى أن ما تسمى “جماعات الهيكل” المزعوم، سهّلوا احتفالات رأس السنة العبرية للمستوطنين داخل المسجد الأقصى خلال العام الماضي، كما حرض “نشـطاء جبـل الهيـكل” على حرق المسجد الأقصى، من خلال نشر مقطـع فيديو يظهـر فيـه حـرق المسـجد الأقصى وأرفقت مـعه تعليـق: “قريبـا فـي هـذه الأيام”.
وأفاد التقرير بأن الإرهابي بن غفير اقتحم الأقصى مدعوما من حكومته اليمينية المتطرفة سبع مرات منذ توليه منصبه، وأربع مرات منذ بدء الحرب على غزة، وأصدر عددا من التصريحات اليمينة المتطرفة والتي هدد فيها بتأسيس كنيس يهودي في المسجد الأقصى في إشارة إلى السيطرة عليه، كما عمل على تكثيف الوجود اليهودي من خلال دعمه حكوميا وإعطائه غطاء شرعيا.
وأشار إلى أن (2567) مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى المبارك في عيد (الحانوكاه) اليهودي، ومارسوا خلاله انتهاكات عديدة كان أبرزها اقتحام “بن غفير”، وأدى الحاخام يسرائيل شليطا طقوسا تلمودية، وممارسة الرقص والغناء والسجود الملحمي.
وفيما يخص المسجد الإبراهيمي، مارست قوات العدو انتهاكاتها له بشكل يومي سواء من خلال منع رفع الأذان فيه والذي وصل منذ بداية العام (674) مرة تقريبا، أو من خلال التضييق على المسلمين من خلال منعهم، وإغلاقه عشر مرات خلال ذات الفترة.
ويُشار إلى أن عدد المصلين في المسجد الإبراهيمي خلال عام 2024 بلغ 236,530 مصليا فقط، ويُعتبر هذا الرقم أقل من المتوقع بسبب الإجراءات المشددة التي فرضها العدو، بما في ذلك إغلاق مداخل المسجد منذ السابع من أكتوبر 2023، ما أعاق وصول أعداد كبيرة من المصلين.
واقتحم المسجد الإبراهيمي الشريف 3,381 جنديًا صهيونيًا خلال العام، في انتهاك صارخ لحرمة المكان الديني، واستفزازا لمشاعر المسلمين.
وفيما يتعلق ببقية أماكن العبادة والمساجد، أفادت الأوقاف باعتداء العدو الصهيوني على (20) مسجدا في مناطق مختلفة في الضفة الغربية مع تركيز واضح على محافظتي طولكرم وجنين، إما بالتدمير الجزئي لعدد من المرافق أو من خلال تدنيسها بالكتابة والسخرية من الشعائر الإسلامية.
ورصدت الأوقاف في تقريرها عددا من الاعتداءات على الأماكن المقدسة والمصلين المسيحيين، حيث قامت جماعات دينية يهودية متطرفة بالاعتداء والبصق بحق الحجاج المسيحيين في مدينة القدس المحتلة، وتحديدا في منطقة كنيسة حبس المسيح. كما ضيَّقت عليهم خلال الأعياد المسيحية ومنعتهم من الوصول إلى كنيستي المهد والقيامة.
ودعت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، المجتمع الدولي إلى إجبار الاحتلال على وقف الاستمرار بهذه الانتهاكات التي أصبحت ذات وتيرة عالية، خاصة مع حرب الإبادة على قطاع غزة.
الهجمة المتعمدة على المساجد الفلسطينية، أيدها جانب كبير من الصهاينة الذين ذهبوا إلى ادعاء أنها تأتي ضمن استهداف “الإرهاب والإرهابيين وسيرتهم”، وأنها أيضا استجابة “لتعاليم يهودية ووصايا إلهية”، حسب زعمهم.
وعلى الرغم من التأييد الصهيوني لتدمير المساجد وانتهاك حرماتها، خرجت أصوات داخلية معارضة تقول: إن “الشعب المختار يجب ألا يفعل ذلك”، مُذكرة بأهمية “الحفاظ على التراث الثقافي خاصة المساجد التاريخية”.
وبهدف طمس الهوية الثقافية والدينية الفلسطينية، دمر جيش العدو الصهيوني نحو 206 مواقع أثرية وتراثية في قطاع غزة، من أصل 325 موقعًا، في إطار حرب الإبادة.. وهذا ما أكده إسماعيل الثوابتة، المدير العام للمكتب الإعلامي بقطاع غزة.. معتبراً أن هذه الاعتداءات على المواقع التاريخية تأتي ضمن محاولات العدو لطمس الهوية الفلسطينية، مُشددًا على تمسك الشعب الفلسطيني بإرثه وتاريخه.
ويُذكر أن العدو الصهيوني لم يترك أي معلم أثري وتاريخي خلال العملية العسكرية الواسعة على شمال قطاع غزة وبالتحديد مخيم جباليا ومدينة بيت لاهيا، سليما، حيث يعمل جيش العدو على تدمير ومحو المباني السكنية والمعالم التاريخية العريقة من مقابر ومساجد وكنائس، تعود جميعها للحقب التي سكنت فلسطين قبل آلاف السنين، وذلك بشكل متعمد وممنهج يهدف منه إلى طمس تاريخ فلسطين العريق، وتدمير أي إثبات يبرز أحقية الفلسطينيين بالأرض.
سبأ – مرزاج العسل