معتصم اقرع: لغز الحرب السودانية التي تضر جميع المتحاربين
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
من أهم الحقائق حول الحرب السودانية الحالية أنها لا تفيد أي كيان سوداني لكنها بدأت وما زالت مستمرة وتستمر. لماذا؟
الحرب تدمر السودان وشعبه، لكن جميع أعضاء التحالف السوداني الذي حكم منذ عام 2019 – الجنجا وفريق البرهان وقحت وتكنوقرطها وقادة الرأي العام التبعين – لا يستفيدون من الحرب على الإطلاق، فقد تكبد جميعهم بالفعل خسائر سياسية فادحة لا يمكنهم التعافي منها بالكامل لعقود قادمة.
مقولة أن الحرب لا يستفيد منها أحد، لا وطن ولا أي جهة ترفع السلاح ، صحيحة تماما ولكن ذلك يفرض سؤال كيف اشتعلت حرب لا يستفيد منها أحد.
نترك جانبا الادعاء بأن الحرب بدأها الإخوان لانه لا يعدو أن يكون إنكار طفولي يهدف إلى إعفاء الذات من المسؤولية. صحيح أن الإخوان ظلوا لاعباً مهماً ولكن هذه الحرب يخوضها الجيش والجنجويد وسؤال من يسيطر على الجيش لا يغير الدليل ولا الحجة.
فكيف حدث هذا؟ لماذا اختار الائتلاف الحاكم مسارات سياسية زادت من احتمالية اندلاع الحرب (نعم فعلوا وهناك أدلة). أو على الأقل لماذا فشلوا في تبني ذلك النوع من السياسات التي كان من الممكن أن تجعل اندلاع الحرب احتمالا بعيدا؟
هناك إجابتان محتملتان لا تستبعد إحداهما الأخرى، وكلا الاحتمالين يتوافقان مع حقيقة أن الحرب أضرت بمصالح ائتلاف ما بعد البشير الحاكم في بشكل سيئ وعميق.
الإحتمال الأول هو أن التحالف بأكمله كان يعاني من أنيميا فكرية ويفتقر إلى الذكاء والمهارة السياسية ولم يبد أي وعي استراتيجي. لقد غرقوا طوال الوقت في مشكلة اليوم وحاولوا حلها باللعب على معطيات اللحظة الراهنة وتناقضاتها في عمي كامل عن آثار الجولة الثانية والثالثة والرابعة لقرارهم الاني.
فاللاعب السياسي ذو الحس الاستراتيجي يعرف هدفه النهائي، وعندما يتعامل مع مشكلة كل يوم في طريقه يتساءل عما إذا كان اختياره للمسار يقربه أم يبعده عن الهدف النهائي.
وعندما قرر التحالف ارتداء أللاشيء – أو عندما ضرب فيروس أللاشيء ما تبقي من عقل التحالف – ارتفعت مهارات بعض مكوناته التكتيكية في اللعب على التناقضات الراهنة، لكن علي حساب أكتمال عماه الاستراتيجي .
والاحتمال الآخر هو أن معظم القيادات الرئيسية في الائتلاف الحاكم كانت خاضعة لسيطرة جهات أجنبية تدير المشهد وجهتهم إلى مسار أدى إلى الحرب بدون أن يقصد أهلنا السودانيين أصحاب القرار.
كما يقول الفرنجة، من أجل أموالي، أعتقد أن الإجابة هي أن السودان وصل إلى هذه الحالة الفظيعة من الحرب من خلال مزيج شيطاني من الغباء والاستسلام للأجندات الخارجية. لذلك كنا نصر أن وضع الغبي في الوزارة ومكان القرار لمحاصصة سياسية هو أسوأ واخطر أنواع الفساد.
لم نكن نهزر أو نتطعمج حين قلنا أن البرجوازية السودانية علي ذمة الواعي – وبالذات برجوازية البصيرة أم حمد ومن قرع لها طبول التبرير وسنعبرياته التي لم تميز بين ايجابية التفاؤل واحتضان الوهم المميت كاسوأ مخدر تم بيعه في تاريخ السودان.
معتصم اقرع
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
عبد الله علي إبراهيم: من الثورة إلى الحرب: الطريق الوعر لبناء الدولة السودانية (دار الموسوعة الصغيرة، 2025)
في معرض مسقط (24 أبريل إلى 3 مايو)
ومواقع أخرى يعلن عن مكانها في زمانها
لا يطلب هذه الكتاب أن يبحث في ما بين ثورة 2018 والحرب الناشبة في السودان كما يوحي العنوان. فكتاباته عن الثورة مما كتب خلال دولة الحكومة الانتقالية التي نشأت بعد الثورة. ولم تقصد فصوله التي كُتبت عن الحرب، وخلالها، تحرى العلاقة بينها والثورة إلا عرضاً. ومع ذلك، وخلافاً لتحليل أرباب الثورة في تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية (تقدم) والجذري (الحزب الشيوعي) فالحرب التي تعركنا بثفالها خرجت، قولاً واحداً، من الثورة. وكانا غضا الطرف عن هذه العلاقة بصرفهما الحرب كحالة عبثية لجنرالين شما السلطة وقالا حرم. وعليه فالحرب في قولهما صراع جنرالات لا يتصل بأي من المصالح الحيوية للسودانيين. ولكن يخونهم هذا المنطق معاً متى تعرضا لدور الحركة الإسلامية في الحرب. فهنا وحده يكون لهذه الحرب علاقة بالثورة. فهم من أشعلوها يريدون العود للحكم والقضاء على ثورة 2018. ولا يعرف المرء كيف يصح وصف هذه الخطة المغرضة للإسلاميين، لو صدقت، بالعبثية وهي التي بيتت ثأراً على الثورة التي خلعت دولتهم خلعاً مهيناً من الحكم.
ibrahima@missouri.edu