حفلات الأعراس الجماعية.. هل تحد من تكاليف الزواج؟
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
نجحت الأعراس الجماعية التي كانت تنظم قديما في الدولة، والتي لازالت تنظم في كثير من الدول الخليجية والعربية، في مواجهة منظومة الإسراف والمغالاة في التكاليف، وأرست لنمط من التعاطي الرشيد تجاه الحياة الزوجية المستقرة والآمنة، بعيداً عن دوامة الاستدانة والدخول في مشكلات مالية، كما أن رؤية مواكب الأعراس الجماعية في مشهد مفرح واحداً تلو الآخر تدل على تمسك أفراد المجتمع بعاداتهم وتقاليدهم الأصيلة وقيمهم النبيلة.
«العرب» استطلعت بعض الآراء حول مدى تقبل الشباب للفكرة حيث اختلفت الاراء حول قبول فكرة حفلات الأعراس الجماعيّة، ما بين مؤيّد للفكرة باعتبارها تواكب التحديّات وتخفف من الأعباء الماليّة الكبيرة التي يتحمّلها الشباب في مقتبل حياتهم، حيث تتسبّب الديون والمسؤوليات الماديّة الكبيرة في زيادة الخلافات بين الأزواج في السنوات الأولى للزواج، وكثير منها يصل للطلاق. وأشاروا إلى نجاح الفكرة في بعض الدول العربيّة وأيضًا بعض الدول الخليجية التي أقامت أعراسًا جماعيّة للشباب.
وأيّد عددٌ من المواطنين إقامة حفلات زواج جماعي للتخفيف عن كاهل الشباب وتشجيعهم على الزواج، لافتين إلى ضرورة تغيير ثقافة المجتمع تدريجيًا.
ولفتوا إلى أن التباهي هو أحد الأسباب الرئيسة التي تُعيق تنفيذ مشروع الزواج الجماعي، الأمر الذي يُرهق ميزانية الأسر ويدفعهم للاستدانة للظهور بمظهر يليق بهم، لافتين إلى أن الأعراس تلتهم نسبة كبيرة من ميزانية زواج الشباب.
وعلى الجانب الآخر يرفض الفريق الآخر فكرة الأعراس الجماعيّة كونها لا تتناسب مع طبيعة مجتمعنا، ولا تتوافر فيها الخصوصيّة للعائلات، لافتين إلى أنّ الحلول قد تكمن في التوعية، بضرورة خفض التكاليف بالإضافة إلى أن تكاليف حفلات الرجال المعنية بالحفلات الجماعية لا تكون في الغالب مكلفة، كما أن بعضهم يعتبرها ليلة العمر التي لا تتحمل إلا نجما واحدا هو العريس.
المأذون الشرعي يوسف السويدي: «التنمية الاجتماعية والأسرة» يمكن أن تتبنى الفكرة
تبنى الاستشاري الأسري والمأذون الشرعي يوسف السويدي فكرة الأعراس الجماعية، واعتبر أن اقبال الشباب على تلك الحفلات قد يكون أمرا مستبعدا، وحتى وان وجد فإنه يقتصر على ابناء العائلة أو القبيلة الواحدة.
وقال السويدي: كانت حفلات الزواج الجماعية تقام قديما باشراف جهة خيرية أو مراكز اجتماعية وكان الهدف منها تجميع شباب والقيام بتنظيم حفلات زواج لهم عن طريق جمع التبرعات لتغطية تكاليف الحفلة، وكان يتم اختيار الشباب المستفيدين من هذه الحفلات وفق معايير واشتراطات معينة، وكان الهدف منها الحد من تكاليف الزواج المرتفعة، ومساعدة الشباب ذوي الدخل المحدود على الزواج، ولكن بعد توقف تلك المراكز عن نشاطها توقفت هذه المبادرات، وأصبحت هناك مساهمات أخرى من طرف الدولة مثلا عن طريق قاعات الافراح التي تم انشاؤها تحت مظلة مؤسسات حكومية والتي لها مساهمات اجتماعية من ناحية تقليل رسوم الحفلات والتي أصبحت رمزية وتقدم خدمة ممتازة نظرا لأن القاعات مجهزة بكل ما يلزم وبكافة التفاصيل التي يحتاجها الشاب لليلة العمر، كما أن هناك بعض العائلات تقوم بتنظيم حفلات لأبنائها في عرس مشترك ويكون ذلك من خلال مساهمة القبيلة في تجهيز الحفلة وتنظيمها والمساهمة في تكاليفها.
واعتبر يوسف السويدي أن الشباب في هذا الزمن يعزفون عن الحفلات الجماعية لأن كل شاب يفضل أن تكون له خصوصيته في ليلته، ويكون مميزا فيها، وقد يبالغون في المظاهر، وما يتبع ذلك من تورط في القروض.وذكر أن حفلات الزواج الجماعية هي واحدة من الحلول التي يقدمها خلال محاضراته أو دوراته التي يقدمها للمقبلين على الزواج قصد حثهم على خفض تكاليف الأعراس، وذلك من منطلق الايجابيات الكبيرة التي تشكلها هذه الحفلات، خاصة أنها تزيد من الترابط الأسري والمجتمعي.
ونوه السويدي بأنه يمكن لجهة من الجهات مثل وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة أن تتبنى هذه الفكرة وأن تشكل لجان لتشرف على تنظيم الاعراس الجماعية للشباب، مشيرا الى أن الدولة لم تقصر في تقديم يد العون للشباب ولكن المشكلة في الثقافة الاستهلاكية التي تسيطر على العقول.
بندر الشمري: تجمع العوائل.. وتزيد الترابط
قال بندر الشمري: إن حفلات الأعراس الجماعية تقلل أعباء وتكاليف الزواج بدرجة كبيرة، ولها أبعاد اجتماعية إيجابية عديدة، فهي تجسد روح التعاون المشترك، وترسخ قيم التكافل في المجتمع وتشكل أيضاً فرصة لالتقاء أبناء القبائل للاحتفال وسط مظاهر من السعادة والألفة والتلاحم، كما يعتبر تنظيم الأعراس الجماعية، باباً مهماً لتوفير آلاف الدراهم، والمساعدة في تكوين أسر جديدة متماسكة ومستقرة بعيداً عن الديون، حيث إن هذه الأعراس تعمل على توعية الشباب بالتفكير الصحيح حول إقامة حفلات الزفاف والابتعاد عن البذخ والإسراف للهروب من الديون التي يتحملها العريس في بداية حياته.
وأضاف: أن الشخص يستمر في ادخار مبالغ كبيرة من أجل حفل الزفاف، وقد يدخر أو يقترض من البنك من أجل ليلة واحدة، ومن ثم تبدأ رحلة الديون لديه ويبدأ بتسديد ما اقترضه، وقد يتعرض إلى ضائقات ومشاكل مادية وكل ذلك بسبب حفل الزفاف. حيث يضطر العريس إلى حجز قاعتين لحفل الزفاف واحدة للرجال وأخرى للسيدات، ما يعني تكاليف إضافية للزواج، بينما توفر حفلات الزواج الجماعية الكثير من الأموال بالاضافة إلى فوائدها الكثيرة وعلى رأسها الفوائد الاجتماعية فهي تجمع العوائل وتزيد الترابط.
المأذون طارق بن يوسف الكبيسي: أمر مستهجن ومحرج.. والحل في التوعية
قال المأذون الشيخ طارق بن يوسف الكبيسي إن فكرة الزواج الجماعي كانت موجودة قبل أكثر من 25 عاما لكنها لم تلق قبولا لدى بعض القبائل، لعدم توفر الخصوصية.
وأوضح الكبيسي: فكرة الزواج الجماعي رغم أنها موجودة في الكثير من الدول المجاورة لكنها مستهجنة في مجتمعنا، خاصة أن كل شاب يرغب في أن تكون ليلته مميزة وخاصة به، وقد يكون موجودا لدى أفراد الاسرة الواحدة، أو من القبيلة الواحدة وليس لدى الجميع، فالعوائل القطرية لها عاداتها وتقاليدها وخصوصيتها في هذا الشأن فعلى سبيل المثال عندما أقوم بدعوة شخص للعرس فإنه قد يتحرج من وجود أكثر من عريس في المكان، كما أن كل عريس يسعى إلى أن يتميز خلال حفل زواجه.
وأضاف: أما بالنسبة للتكاليف المرتفعة لحفلات الزواج، فقد تكون هناك العديد من الاقتراحات التي تحد منها وأولها رفع الوعي لدى الشباب والأسر، والحد من البذخ والمظاهر، وتنظيم الدورات والمحاضرات التثقيفية للشباب المقبل على الزواج، بهدف توعيته بأهمية بدء حياته الزوجية بدون أعباء مادية ولا قروض ولا ديون، والاستثمار في بيت، أو مشروع يعينه على مسؤولياته الاسرية القادمة.
أحمد يونس: الفكرة أفضل مساندة للشباب.. وتقلل العنوسة
اعتبر أحمد يونس أن الحفلات الجماعية لا سيما تلك التي تخص الرجال قد تكون أفضل مساند للشباب، وتوفر عليهم الكثير من التكاليف الباهظة، وتواجه الإسراف والتبذير في حفلات الزواج المنفردة، والابتعاد عن الاقتراض من البنوك وتحمل الديون لسنوات طويلة، كما أنها حل مناسب لتقليل نسبة العنوسة، وتشجيع الشباب على الزواج، والقضاء على الفكرة المنتشرة بين الشباب بربط الديون بالزواج بسبب تكاليف حفلات الزواج المرتفعة.
وأضاف يونس أن تأخر سن الزواج للشباب وارتفاع نسبة العنوسة بين الفتيات بسبب التكلفة العالية للأعراس والأعباء المادية والقروض التي يتحملها الشاب بعد الزواج، حيث إن الأسعار الخيالية لقاعات الأفراح هي أحد العوائق التي تواجه الشباب المقبلين على الزفاف، والشاب الذي يقبل بتحمل أعباء الزواج يجد نفسه غارقاً بالديون بعد إتمام الزواج، مما يؤثر على نفسيته بشكل كبير وعلى سير حياته، حيث يصل سعر بعض الحفلات إلى مئات الالاف. لذلك يجب التخلي عن مظاهر الإسراف والبذخ في حفلات الأعراس والتي لها النصيب الأكبر من تكاليف الزواج.
ومن الناحية الاجتماعية يعتبر يونس أن الأعراس الجماعية هي مناسبة اجتماعية مهمة في الوقت الحالي تميز أبناء الوطن وتظهر مدى قوة الترابط الاجتماعي بين مختلف قبائل وشباب الوطن، كما أن فكرة وجود الأعراس الجماعية هو مواكبة للتحديات وتخفيف للأعباء المالية الكبيرة التي يتحملها الشاب في بداية حياته الزوجية، وقد تتسبب الديون والالتزامات المادية في الخلافات بين الزوجين في السنوات الأولى للزواج، وقد تصل بهم إلى الطلاق.
المرشدة العائلية جواهر المانع: غير مناسبة للعرائس
ترى المرشدة العائلية جواهر المانع أن حفلات الزواج غير مناسبة خاصة بالنسبة للعرائس اللواتي غالبا ما ينظرن إلى حفلة العرس على أنها أهم حدث في حياتهن، ويعتبرن أنه من غير الوارد أن تشاركهن عروس أخرى في الحفلة إلا في حالات نادرة قد تكون فيها أختان أو قريبتان.
وأوضحت جواهر أن الأمر قد يكون وارد بالنسبة للرجال، وقد يصبح أمرا مقبولا في المجتمع لو تم تطويره وإيجاد ميزات تجذب الشباب له، خاصة أن هذه الحفلات الجماعية قد تكون هي الحل الأنسب للخفض من التكاليف الباهظة لحفلات الزاج، وقد تساهم في الحد من ظاهرة الإسراف في حفلات الزواج التي تجبر العريس على إنفاق أموال طائلة لإقامة موائد وحفلات ضخمة، وهو ما يثقل كاهل الشباب بالديون، ويجعلهم يبدأون حياتهم الزوجية وعليهم ضغوط مادية ونفسية كبيرة، في ظل المغالاة لدى البعض بتنظيم أعراس باهظة التكاليف مع ولائم عشاء فاخرة وبكميات كبيرة.
وتشير جواهر المانع إلى أن الكثير من حفلات البذخ في الأعراس ظاهرها الوجاهة وباطنها تعسير يجر خلفه معضلات يتصل بعضها ببعض، ويتحمل نتيجتها الشباب، ما يعود بآثار اجتماعية سلبية على العريس الذي يكون بصدد بناء أسرة.
الروائية حنان الشرشني: مجتمعنا محافظ يرفض الاختلاط
رأت الروائية حنان الشرشني أن مشكلة ارتفاع اسعار حفلات الزواج، قد يكون لها العديد من الحلول بعيدا عن الحفلات الجماعية التي تتنافى مع طبيعة المجتمع، والذي يرفض الاختلاط، وقد تكون هذه الحفلات في نطاق ضيق يقتصر على افراد الأسرة الواحدة أو العائلة الممتدة كأن يتم تنظيم عرس لأبناء الخلان والأعمام مع بعض بعيدا عن جمع الأغراب في حفلة واحدة نظرا لأن المجتمع القطري مجتمع محافظ وله عاداته وتقاليده والذي يرفض الاختلاط وقد لا تكون حفلات الزواج الجماعية مجدية في خفض التكاليف لأن تكاليف الاعراس المرتفعة تتعلق بحفلات الزواج النسائية والكماليات، والتباهي حتى إنه أصبح يتم وضع ركن خاص بالعطور الباهظة للمعازيم، وتحضير هدايا لهم، والمهور.
وقالت حنان: تقليل تكاليف الزواج قد يكون له عدة حلول وعلى رأسها رفع الوعي وهو أمر يتطلب تضافر جميع أفراد المجتمع لتغيير بعض العـادات بتخفيض تكاليف الأعراس كما أنه يجب على الشريكين أن يكون لديهما خطة استثمار طويل الأمد، من خلال زواج خالٍ من القروض والديون، والتفكير في بناء أسرة متماسكة، وعدم الالتفات إلى المبالغة في حفل الزواج الذي غالباً ما يكون لسويعات تمضي سريعاً، مخلفة وراءها مبالغاً طائلة.
وأشارت حنان إلى أن أسعار قاعات الأعراس والخيام مرتفعة للغاية تعد عبئا كبيرا على الشاب المقدم على الزواج الذي قد يستدين لإقامة حفل زواج، رغم أن الدولة قد خصصت قاعات مجهزة بكل ما يلزم لكن مازال البعض يفضل قاعات الفنادق الفخمة والتي تتجاوز أسعارها مئات الالاف. وقالت: المشكلة تكون في التباهي من قبل أهالي العروسين حيث يسعيان لكي يظهرا أمام الحضور بنوع من “المظاهر الخادعة”، الأمر الذي بحاجة إلى توعية المواطنين بخطورته حيث تزداد نسب العنوسة، بل وإقبال الشباب على الزواج من غير القطريات بسبب غلاء المهور والارتفاع الجنوني في تكاليف الزواج وإقامة الأعراس. وطالبت الشرشني بالعودة إلى العادات والتقاليد وتعاليم الدين، وأشارت إلى الكثير من المظاهر الحديثة التي دخلت على حفلات الاعراس والتي لا تمت للمجتمع بصلة، ورأت أنها تزيد في البحث عن المظاهر والابتعاد عن الهوية التي كانت قائمة على الفرحة الحقيقية التي تصنعها بساطة العرس الذي كان يقام في البيوت.
سالم صالح: الأعراس الجماعية منافية للعادات والتقاليد
لم تكن كل الآراء مشجعة لفكرة الحفلات الجماعية، فالشاب سالم صالح يعارض الفكرة ويعتقد أن حفلة زواجه لا يجب أن يشاركه فيها أحد وأن يكون هو نجم الليلة، وقال: بالاضافة إلى كون حفلة عرسي ستكون ليلة العمر بالنسبة لي ومن غير الوارد أن أشاركها مع عريس اخر، خاصة أن تكاليف الزواج أو حفلة العرس بالنسبة للرجال لا تذكر مقارنة بحفلات النساء فالرجال لا يهتمون بالتفاصيل والكماليات، وهو ما قد يجعل فكرة العرس الجماعي مستبعدة، ويرجع السبب الرئيسي لعزوف الشباب عن الزواج الجماعي إلى الرغبة في التميز والانفراد في عرس خاص ليبقى هو محط الأنظار وهو صاحب الحفل، وأن يكون سيد تلك الليلة ونجمها، أو لأنه يود دعوة أكبر عدد ممكن من الأهل والأصدقاء.
ويؤكد سالم أن فكرة الأعراس الجماعية لن تتقبلها معظم العائلات، لأنها قد تخرق خصوصية ليلة العرس في المجتمع، مضيفا: فكل أسرة لها خصوصيتها وتقاليدها في الزواج، ويعتبر أن الفكرة ممكن أن تكون مقبولة في إطار العائلة الواحدة، التي تجمعها نفس العادات والتقاليد، خاصة أن جميع المدعوين في العرس سيكونون من نفس العائلة، وبالتالي لن يكون هناك أي حساسية، وستقل التكلفة على المعرس، لكن أن يشارك عرسه مع غير اهله فذلك ما يعتبره صعب التحقق.
عبدالعزيز علي: الحفلات الجماعية غير واردة في حساباتي
قال عبد العزيز علي إن العرس الجماعي لا يناسب العادات والتقاليد القطرية، ولا الأعراف التي تنص على احترام الخصوصية.
وأوضح أن المظهرية أحد العوائق أمام تنفيذ مشروع الزواج الجماعي حيث تسعى كل عائلة بالتباهي أمام الأسر الأخرى وتقوم بحجز قاعة أو قاعتين في أفخم الفنادق أو نصب خيمة أفراح على أقل تقدير تتكلف مالايقل عن 70 ألف ريال.
وقال: ثقافة المجتمع بحاجة إلى تغيير جذري وزيادة وعي الجماهير لتقليل تكاليف الأعراس، خصوصا مع توفر القاعات التي أوجدتها الدولة للمواطنين بهدف تقليل مصاريف العرس، لكن حفلات الزواج الجماعي غير واردة في حساباتي، وهي لن توفر شيئا لأن حفل الرجال غير مكلف من الأساس.
وأما بالنسبة لايجابيات العرس الجماعي، فيقول إنها قد تكون مناسبة لمجتمعات أخرى، ويوضح قائلا: حفلات الزواج الرجالية غير مكلفة مقارنة بحفلات العرس النسائية والتي تصل إلى مبالغ فلكية على حد تعبيره، محذراً من ظاهرة البذخ والإسراف في الأعراس، وأنه يجب تغيير ثقافة أفراد المجتمع للحد من التقليد الأعمى، وضرورة التوعية بخطورة التباهي الذي يتم من قبل أهالي العروسين للظهور بمظهر خادع أمام الحضور، مشيرا إلى أن بعض العائلات لا تتقبل فكرة الزواج الجماعي لعدم توفر الخصوصية ووجود كثير من الغرباء، بالرغم من فوائد الأعراس الجماعية في التخفيف من معاناة الشباب.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر حفلات الأعراس تكاليف الزواج الأعراس الجماعية الحياة الزوجية الأعراس الجماعیة الأعراس الجماعی تکالیف الزواج هذه الحفلات على الزواج الکثیر من ة للشباب قد یکون خاصة أن قد تکون کما أن إلى أن فی حفل
إقرأ أيضاً:
ما بين الشرع ومحمد مرسي.. حتى لا تكون فتنة!
ليست السلطة في مصر فقط التي خسرت، بالوضع الجديد في سوريا، فقد خسرنا نحن أيضا!
لم تعد سوريا تمثل للسلطة نموذجا لضرب الأمثال، وهي تعد نعمتها على الشعب المصري؛ فقد حمت البلاد من أن تكون مثل هذا البلد أو ذاك، وتتغير الأسماء في كل حول، لكن الثابت من هذه الدول مضرب الأمثال هي سوريا!
وقد عم الخراب في بلاد الشام، ودمرت سوريا تماما، وفشلت ثورتها في تحقيق أهدافها، وكنا نرد على ذلك بأن خصوم هذا النظام لم يقصروا في مهمة تحويلنا إلى سوريا وفي تقليد بشار الأسد، باستخدام القوة في مواجهة شعبه، وإن كان من فضل في عدم تحويل مصر إلى سوريا، فهو يرجع لسلمية الثورة، التي تعرضت للبطش، والقتل، دون أن تنحرف إلى العنف!
وفي جانب الآخر، فإن تجربة بشار الأسد مثلت إلهاما للسلطة المصرية من زاوية مختلفة، إنه النظام الذي استخدم القوة المفرطة، على مرأى ومشهد من العالم كله، وإزاء البراميل المتفجرة التي ألقيت على الناس لم يهتز الضمير العالمي، إلا من باب إبراء الذمة ببيانات لا تسمن ولا تغني من جوع، كل هذا لأن إسرائيل لم تر بديلا أفضل لسوريا بالنسبة لمصالحها من بشار، إذن فالحل هو التقرب من الكيان بالنوافل، وهو الباب المؤدي للبيت الأبيض، ومن ينال رضاه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها!
تعد سوريا تمثل للسلطة نموذجا لضرب الأمثال، وهي تعد نعمتها على الشعب المصري؛ فقد حمت البلاد من أن تكون مثل هذا البلد أو ذاك، وتتغير الأسماء في كل حول، لكن الثابت من هذه الدول مضرب الأمثال هي سوريا
الفزاعة منذ عهد مبارك:
ثم إن اللعب دائما على شماعة أن الإسلاميين هم البديل له، وإذا سقط فسوف يعود الإخوان للحكم، ولهذا وكلما اعتقدنا أن مصر طوت صفحة الإخوان، أعادت السلطة التذكير بأنهم لا يزالون يمثلون خطرا، وأنهم "يلبدون في الذرة" في انتظار الفرصة لاقتناصها، وهي ذاتها الفزاعة التي استخدمها نظام مبارك، إلى حد تعامله مع الإخوان على أنهم جماعة وظيفية. وقد ذكر وزير الإعلام الأسبق محمد فايق في مذكراته، أنه التقى بمدير المخابرات العامة اللواء عمر سليمان والذي نقل إليه سعادة مبارك بشكل شخصي، عندما تسببت نتيجة انتخابات 2005 في قلق إسرائيل، والتي نقلت هذا القلق للبيت الأبيض، الذي نقله بدوره للرئاسة المصرية، وذلك منذ الجولة الأولى. وقد فاز للإخوان فيها 88 نائبا.
بيد أن هذه الفزاعة لم تمكن مبارك من الاستمرار في الحكم، عندما قرر الشعب عزله، وكان البديل له هم الإخوان، الذين لعبوا على الأغلبية في انتخابات البرلمان بغرفتيه، وفازوا برئاسة الجمهورية، فهذه الفزاعة لم تحل دون انتهاء صلاحية حكم مبارك، ومع ذلك ف!
فالبديل لبشار الأسد هو رئيس إسلامي، ومن فصيل أكثر راديكالية من الإخوان، وكانت له صولات وجولات في ساحات القوة خارج سوريا وداخلها، وإذا سلمنا بما يراد لنا أن نسلم به، وهو أن هناك تفاهمات حدثت معالسلطة الحالية تستخدم الفزاعة ذاتها، ليأتي المشهد السوري فيقلب هذه التصورات رأسا على عقب الأمريكان مقابل الحكم، دفعت للتجاوز عن أفكاره وسوابقه، فإن الإخوان لم يقفلوا باب الحوار مع الغرب في أي مرحلة من تاريخهم، وليس بينهم وبين الأمريكيين ثأر مثلا كالذي بين الشرع والقوم، وقد كان في العراق يواجه الغزو الأمريكي، بينما كان إخوان العراق جزءا من القوى السياسية التي تفاهمت مع الغازي، انتقاما من مرحلة صدام حسين، وقد نالوا جزاء سنمار كما هي العادة!
المهم هو القبول برئيس ذي خلفية إسلامية، مهما كان حجم التنازلات، ولا أظنها بالشكل الذي يروج له خصوم التجربة، فلعلها تفاهمات في حدود فكرة دينية هي بطبيعتها لا تحلم بعودة الخلافة، وليست مشغولة بتصدير الثورة، ولا تمثل خطرا على محيطها، ما لم تدفع لهذا دفعا!
وهو تحول ينبغي أن يمد السلطة المصرية بجرعات إضافية من القلق، فليس فقط أنها خسرت النموذج على إنجازاتها، فسوريا لم تعد مضرب الأمثال، لكن بجانب هذا فقد انتهت صلاحية الفزاعة من البديل!
تحول ينبغي أن يمد السلطة المصرية بجرعات إضافية من القلق، فليس فقط أنها خسرت النموذج على إنجازاتها، فسوريا لم تعد مضرب الأمثال، لكن بجانب هذا فقد انتهت صلاحية الفزاعة من البديل
التنازل عن التلقائية:
وإذا كانت هذه قسمة السلطة في مصر من تطور المشهد في بلاد الشام، فإن قسمتنا أنه فرض علينا التنازل عن التلقائية عند الحديث عن نجاحات الشرع أو قدراته، فلم أكد أعلق على تمكنه من ردع التمرد في الساحل، وإفشال محاولة الانقلاب عليه، حتى استدعى كثيرون الحالة المصرية للمقارنة، وما جنته عليهم السلمية من فشل للتجربة، منذ قيام الثورة في يناير إلى الانقلاب عليها، وهي مقارنة لصالح فكرة المواجهة المسلحة، وكيف أن سلمية الرئيس محمد مرسي دفعت للتطاول عليه تمهيدا لإسقاطه، فلم يواجه التمرد كما واجهه الشرع، وعندما عُزل كانت السلمية سببا في المذابح التي ارتكبت بحق المتظاهرين السلميين!
يعزز من الفكرة التي يروج لها هؤلاء الغاضبون، فشل تجارب الإخوان السياسية وعلى كافة المستويات، ففشلت تجاربهم في مصر، واليمن، وتونس، وفشلت تجربة حكمهم بالرضا الملكي في المغرب، وفشلت تجاربهم في مهادنة الغزاة في العراق وأفغانستان؛ بينما عاد للحكم في الإمارة الإسلامية من قاوموا الغزو، فقد أجبروا الغزاة على التفاوض معهم بينما أيديهم في مائدة التفاوض هي العليا، ويردون الآن على ترامب تحديا بتحد، يطالب بالسلاح الأمريكي الذي تركته القوات، فيقولون له تعالى خذه إن كنت تستطيع.. إنه غنيمة حرب!
ولو كنت إخوانيا، ونظرت إلى فشل التجارب في كل هذه العواصم وفي فترة متقاربة، لأفزعتني هذه النهايات الأليمة. والإخوان هم الجماعة الأم في المجال، الأمر الذي دفع الجماعة الإسلامية للركون إليها بعد الربيع بدون الدخول معها في مناقشة، لأن الأخت الكبرى تمتلك خبرة سياسية يفتقدونها!
ثم تصرف وجهك تلقاء اليمن فيدهشك هذا العجز المطاع، وكانت أمامهم فرصة لم يحسنوا استثمارها، وقد تصدع المحور الإيراني في المنطقة، فسقط الأسد، وتعرض حزب الله لضربات واغتيالات لقادته أفقدته توازنه، وأصبح الحوثيون هدفا أمريكيا، وكان على جماعة الإصلاح أن تستغل الفرصة وتستحوذ على السلطة، فلم تتحرك، وها هي الضربات الأمريكية على الحوثيين عنيفة منذ يومين، فلا حس ولا خبر لجماعة الإصلاح الإخوانية، كأنهم ينتظرون قرارا من الكونجرس بتمكينهم من السلطة، وهم في حالة مدهشة من فقدان الإرادة!
وهذا الشعور بالفشل يستغله الشباب الغاضب في الانتصار لأفكار أخرى، وباعتبار أن السلمية ليست هي الحل، وهذا قصور في التصور وغبش في الرؤية!
فلم تكن السلمية شعارا رفعه المرشد العام للإخوان من منصة رابعة العدوية: "سلميتنا أقوى من الرصاص"، فهو شعار الثورة المصرية من أول يوم عندما كانت تجمعا لكل الأفكار، وليست إخوانية أو إسلامية فقط!
كانت الشرطة تطلق علينا القنابل المسيلة للدموع، والرصاص المطاطي، فنهتف: سلمية، فلم تكن في يد أحدنا عصا أو حجر، وانتهى اليوم بنفاذ الذخيرة وهروب الشرطة ودخولنا ميدان التحرير، وبالسلمية أسقطنا مبارك، بينما الثورة السورية لم تنجز ذلك، لأسباب مرتبطة بخصوصيتها، وأجبرها إجرام النظام على حمل السلاح. وكان المشهد محبطا على مدى كل هذه السنوات، وأزعم أن فصائل كثيرة استسلمت للهزيمة، لكن الأمر توقف على شخصية متفردة، لم تخر عزيمتها، وهي شخصية ليست متوفرة دائما، فهي من الندرة بحيث أنها أفراد عابرة في سياق التاريخ!
أنظر للمشهد المصري وعلى مدد الشوف، من مثل الشرع؟.. سيكون الرد: الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل. فهل الشيخ حازم أبو إسماعيل مع استخدام القوة، وحمل السلاح؟! إنه في دعوته للمواجهة كان مع السلمية، سواء ما نقل عنه بعدم ترك ميدان التحرير، أو المظاهرات التي دعا إليها، أو حتى بدعوته الخاطئة بحصار وزارة الدفاع!
خصوصية الحالة المصرية:
لنأتي لخصوصية التجربتين؛ السورية والمصرية، فالسوريون كانوا يواجهون جيشا قبليا في الأساس، والجيش المصري ليس كذلك، والثورة السورية شهدت انشقاقا في صفوف الجيش، وهو الذي دشن لفكرة حمل السلاح. ولم يشهد الجيش المصري انشقاقا مع يناير، وعندما جاء نفر من العسكريين ينحازون للثورة لم يكونوا على قاعدة الانشقاق، ومع ذلك فإن الثوار أنفسهم وجدوا حساسية -هي في موضعها- من أن يفقد الجيش تماسكه، وأن يتمرد من ينتمون إليه على قواعد الانضباط، لأن هذا ليس في مصلحة الوطن، ولو من منطلق ثوري!
ومن انحاز للثورة من الضباط لم يكونوا من دعاة عسكرة الثورة، ففي إحدى تجلياتها جاءت قوة عسكرية لميدان التحرير، وألقت القبض على من تواجد منهم وقدمتهم للمحاكمة العسكرية، فلم يقاوموا ولم يدعوا للمقاومة، وهذه خصوصية الحالة المصرية!
كما أن استخدام العنف ليس اختراعا جديدا لم تعرفه مصر، فقد عرفت مصر التنظيمات المسلحة الإسلامية واليسارية (التنظيم الناصري المسلح)، وانتهت جميعها للفشل، لخصوصية الشعب المصري، وكان يكفي استخدام التفجيرات في بعض الأماكن للدعاية ضد الجماعات الدينية، وبعض هذه التفجيرات نسبت إليها، لتفقد الحاضنة الشعبية، ويتمكن النظام من افتراسها، فتجبر على المراجعات بعد أكثر من ربع قرن من السجون والمعتقلات.
إن الحالة السورية تحفظ ولا يقاس عليها، للاختلاف بينها وبين الحالة المصرية
ولن يتحمل المصريون الفوضى ليوم واحد، ولهذا عندما شاهدنا ما عرف بالاحتجاجات الفئوية اليومية بعد تنحي مبارك، قلنا إنها مؤامرة على الثورة، لدفع الناس للعداء لها!
أنت لم تُهزم بمذبحة رابعة، وإلا قل لي: هل أقام قيس سعيد مذبحة سيدي بوسعيد مثلا في تونس؟ لماذا هُزم القوم هناك؟!
الهزيمة كانت في ساحة السياسة، وعندما واجه الشرع تمرد الساحل، كان بمقتضى شرعيته كرئيس للبلاد، وقدم الجناة للمحاكمة، وسترد: وأين القضاة الذين كانوا سينفذون القانون على المتمردين في مصر؟ وهنا نأتي لنقطة تمايز أخرى بين الحالتين.
هل كان الرئيس محمد مرسي لديه رغبة حقيقية في إنزال العقاب القانوني على من تمردوا عليه ووصل الحال إلى محاولة اقتحام القصر الرئاسي ببلدوزر دفع به أحمق أغرته سماحة الحكم بهذه الفعلة الشنعاء؟ وهل كان منطقيا أن يترك لحال سبيله؟!
ستقول إن مؤسسات الدولة لم تكن مع الرئيس، ومع تحفظنا لهذا العذر وهو أقبح من ذنب، فخصوصية الثورة المصرية دفعت للإبقاء على دولة مبارك، والثورة السورية هي في حل من مؤسسات الأسد، فقد أسقطته وأسقطت مؤسساته.
وكانت أمامنا تجربة ثورة يوليو 1952، التي شقت طريقها دون هدم المؤسسات القائمة من العهد البائد، فقد هدمت المؤسسات السياسية وتركت ما دون ذلك، ومع ذلك نجحت في مواجهة تحدياتها!
إن الحالة السورية تحفظ ولا يقاس عليها، للاختلاف بينها وبين الحالة المصرية، ومكلف الأيام ضد طباعها، متطلب في الماء جذوة نار!