حفلات الأعراس الجماعية.. هل تحد من تكاليف الزواج؟
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
نجحت الأعراس الجماعية التي كانت تنظم قديما في الدولة، والتي لازالت تنظم في كثير من الدول الخليجية والعربية، في مواجهة منظومة الإسراف والمغالاة في التكاليف، وأرست لنمط من التعاطي الرشيد تجاه الحياة الزوجية المستقرة والآمنة، بعيداً عن دوامة الاستدانة والدخول في مشكلات مالية، كما أن رؤية مواكب الأعراس الجماعية في مشهد مفرح واحداً تلو الآخر تدل على تمسك أفراد المجتمع بعاداتهم وتقاليدهم الأصيلة وقيمهم النبيلة.
«العرب» استطلعت بعض الآراء حول مدى تقبل الشباب للفكرة حيث اختلفت الاراء حول قبول فكرة حفلات الأعراس الجماعيّة، ما بين مؤيّد للفكرة باعتبارها تواكب التحديّات وتخفف من الأعباء الماليّة الكبيرة التي يتحمّلها الشباب في مقتبل حياتهم، حيث تتسبّب الديون والمسؤوليات الماديّة الكبيرة في زيادة الخلافات بين الأزواج في السنوات الأولى للزواج، وكثير منها يصل للطلاق. وأشاروا إلى نجاح الفكرة في بعض الدول العربيّة وأيضًا بعض الدول الخليجية التي أقامت أعراسًا جماعيّة للشباب.
وأيّد عددٌ من المواطنين إقامة حفلات زواج جماعي للتخفيف عن كاهل الشباب وتشجيعهم على الزواج، لافتين إلى ضرورة تغيير ثقافة المجتمع تدريجيًا.
ولفتوا إلى أن التباهي هو أحد الأسباب الرئيسة التي تُعيق تنفيذ مشروع الزواج الجماعي، الأمر الذي يُرهق ميزانية الأسر ويدفعهم للاستدانة للظهور بمظهر يليق بهم، لافتين إلى أن الأعراس تلتهم نسبة كبيرة من ميزانية زواج الشباب.
وعلى الجانب الآخر يرفض الفريق الآخر فكرة الأعراس الجماعيّة كونها لا تتناسب مع طبيعة مجتمعنا، ولا تتوافر فيها الخصوصيّة للعائلات، لافتين إلى أنّ الحلول قد تكمن في التوعية، بضرورة خفض التكاليف بالإضافة إلى أن تكاليف حفلات الرجال المعنية بالحفلات الجماعية لا تكون في الغالب مكلفة، كما أن بعضهم يعتبرها ليلة العمر التي لا تتحمل إلا نجما واحدا هو العريس.
المأذون الشرعي يوسف السويدي: «التنمية الاجتماعية والأسرة» يمكن أن تتبنى الفكرة
تبنى الاستشاري الأسري والمأذون الشرعي يوسف السويدي فكرة الأعراس الجماعية، واعتبر أن اقبال الشباب على تلك الحفلات قد يكون أمرا مستبعدا، وحتى وان وجد فإنه يقتصر على ابناء العائلة أو القبيلة الواحدة.
وقال السويدي: كانت حفلات الزواج الجماعية تقام قديما باشراف جهة خيرية أو مراكز اجتماعية وكان الهدف منها تجميع شباب والقيام بتنظيم حفلات زواج لهم عن طريق جمع التبرعات لتغطية تكاليف الحفلة، وكان يتم اختيار الشباب المستفيدين من هذه الحفلات وفق معايير واشتراطات معينة، وكان الهدف منها الحد من تكاليف الزواج المرتفعة، ومساعدة الشباب ذوي الدخل المحدود على الزواج، ولكن بعد توقف تلك المراكز عن نشاطها توقفت هذه المبادرات، وأصبحت هناك مساهمات أخرى من طرف الدولة مثلا عن طريق قاعات الافراح التي تم انشاؤها تحت مظلة مؤسسات حكومية والتي لها مساهمات اجتماعية من ناحية تقليل رسوم الحفلات والتي أصبحت رمزية وتقدم خدمة ممتازة نظرا لأن القاعات مجهزة بكل ما يلزم وبكافة التفاصيل التي يحتاجها الشاب لليلة العمر، كما أن هناك بعض العائلات تقوم بتنظيم حفلات لأبنائها في عرس مشترك ويكون ذلك من خلال مساهمة القبيلة في تجهيز الحفلة وتنظيمها والمساهمة في تكاليفها.
واعتبر يوسف السويدي أن الشباب في هذا الزمن يعزفون عن الحفلات الجماعية لأن كل شاب يفضل أن تكون له خصوصيته في ليلته، ويكون مميزا فيها، وقد يبالغون في المظاهر، وما يتبع ذلك من تورط في القروض.وذكر أن حفلات الزواج الجماعية هي واحدة من الحلول التي يقدمها خلال محاضراته أو دوراته التي يقدمها للمقبلين على الزواج قصد حثهم على خفض تكاليف الأعراس، وذلك من منطلق الايجابيات الكبيرة التي تشكلها هذه الحفلات، خاصة أنها تزيد من الترابط الأسري والمجتمعي.
ونوه السويدي بأنه يمكن لجهة من الجهات مثل وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة أن تتبنى هذه الفكرة وأن تشكل لجان لتشرف على تنظيم الاعراس الجماعية للشباب، مشيرا الى أن الدولة لم تقصر في تقديم يد العون للشباب ولكن المشكلة في الثقافة الاستهلاكية التي تسيطر على العقول.
بندر الشمري: تجمع العوائل.. وتزيد الترابط
قال بندر الشمري: إن حفلات الأعراس الجماعية تقلل أعباء وتكاليف الزواج بدرجة كبيرة، ولها أبعاد اجتماعية إيجابية عديدة، فهي تجسد روح التعاون المشترك، وترسخ قيم التكافل في المجتمع وتشكل أيضاً فرصة لالتقاء أبناء القبائل للاحتفال وسط مظاهر من السعادة والألفة والتلاحم، كما يعتبر تنظيم الأعراس الجماعية، باباً مهماً لتوفير آلاف الدراهم، والمساعدة في تكوين أسر جديدة متماسكة ومستقرة بعيداً عن الديون، حيث إن هذه الأعراس تعمل على توعية الشباب بالتفكير الصحيح حول إقامة حفلات الزفاف والابتعاد عن البذخ والإسراف للهروب من الديون التي يتحملها العريس في بداية حياته.
وأضاف: أن الشخص يستمر في ادخار مبالغ كبيرة من أجل حفل الزفاف، وقد يدخر أو يقترض من البنك من أجل ليلة واحدة، ومن ثم تبدأ رحلة الديون لديه ويبدأ بتسديد ما اقترضه، وقد يتعرض إلى ضائقات ومشاكل مادية وكل ذلك بسبب حفل الزفاف. حيث يضطر العريس إلى حجز قاعتين لحفل الزفاف واحدة للرجال وأخرى للسيدات، ما يعني تكاليف إضافية للزواج، بينما توفر حفلات الزواج الجماعية الكثير من الأموال بالاضافة إلى فوائدها الكثيرة وعلى رأسها الفوائد الاجتماعية فهي تجمع العوائل وتزيد الترابط.
المأذون طارق بن يوسف الكبيسي: أمر مستهجن ومحرج.. والحل في التوعية
قال المأذون الشيخ طارق بن يوسف الكبيسي إن فكرة الزواج الجماعي كانت موجودة قبل أكثر من 25 عاما لكنها لم تلق قبولا لدى بعض القبائل، لعدم توفر الخصوصية.
وأوضح الكبيسي: فكرة الزواج الجماعي رغم أنها موجودة في الكثير من الدول المجاورة لكنها مستهجنة في مجتمعنا، خاصة أن كل شاب يرغب في أن تكون ليلته مميزة وخاصة به، وقد يكون موجودا لدى أفراد الاسرة الواحدة، أو من القبيلة الواحدة وليس لدى الجميع، فالعوائل القطرية لها عاداتها وتقاليدها وخصوصيتها في هذا الشأن فعلى سبيل المثال عندما أقوم بدعوة شخص للعرس فإنه قد يتحرج من وجود أكثر من عريس في المكان، كما أن كل عريس يسعى إلى أن يتميز خلال حفل زواجه.
وأضاف: أما بالنسبة للتكاليف المرتفعة لحفلات الزواج، فقد تكون هناك العديد من الاقتراحات التي تحد منها وأولها رفع الوعي لدى الشباب والأسر، والحد من البذخ والمظاهر، وتنظيم الدورات والمحاضرات التثقيفية للشباب المقبل على الزواج، بهدف توعيته بأهمية بدء حياته الزوجية بدون أعباء مادية ولا قروض ولا ديون، والاستثمار في بيت، أو مشروع يعينه على مسؤولياته الاسرية القادمة.
أحمد يونس: الفكرة أفضل مساندة للشباب.. وتقلل العنوسة
اعتبر أحمد يونس أن الحفلات الجماعية لا سيما تلك التي تخص الرجال قد تكون أفضل مساند للشباب، وتوفر عليهم الكثير من التكاليف الباهظة، وتواجه الإسراف والتبذير في حفلات الزواج المنفردة، والابتعاد عن الاقتراض من البنوك وتحمل الديون لسنوات طويلة، كما أنها حل مناسب لتقليل نسبة العنوسة، وتشجيع الشباب على الزواج، والقضاء على الفكرة المنتشرة بين الشباب بربط الديون بالزواج بسبب تكاليف حفلات الزواج المرتفعة.
وأضاف يونس أن تأخر سن الزواج للشباب وارتفاع نسبة العنوسة بين الفتيات بسبب التكلفة العالية للأعراس والأعباء المادية والقروض التي يتحملها الشاب بعد الزواج، حيث إن الأسعار الخيالية لقاعات الأفراح هي أحد العوائق التي تواجه الشباب المقبلين على الزفاف، والشاب الذي يقبل بتحمل أعباء الزواج يجد نفسه غارقاً بالديون بعد إتمام الزواج، مما يؤثر على نفسيته بشكل كبير وعلى سير حياته، حيث يصل سعر بعض الحفلات إلى مئات الالاف. لذلك يجب التخلي عن مظاهر الإسراف والبذخ في حفلات الأعراس والتي لها النصيب الأكبر من تكاليف الزواج.
ومن الناحية الاجتماعية يعتبر يونس أن الأعراس الجماعية هي مناسبة اجتماعية مهمة في الوقت الحالي تميز أبناء الوطن وتظهر مدى قوة الترابط الاجتماعي بين مختلف قبائل وشباب الوطن، كما أن فكرة وجود الأعراس الجماعية هو مواكبة للتحديات وتخفيف للأعباء المالية الكبيرة التي يتحملها الشاب في بداية حياته الزوجية، وقد تتسبب الديون والالتزامات المادية في الخلافات بين الزوجين في السنوات الأولى للزواج، وقد تصل بهم إلى الطلاق.
المرشدة العائلية جواهر المانع: غير مناسبة للعرائس
ترى المرشدة العائلية جواهر المانع أن حفلات الزواج غير مناسبة خاصة بالنسبة للعرائس اللواتي غالبا ما ينظرن إلى حفلة العرس على أنها أهم حدث في حياتهن، ويعتبرن أنه من غير الوارد أن تشاركهن عروس أخرى في الحفلة إلا في حالات نادرة قد تكون فيها أختان أو قريبتان.
وأوضحت جواهر أن الأمر قد يكون وارد بالنسبة للرجال، وقد يصبح أمرا مقبولا في المجتمع لو تم تطويره وإيجاد ميزات تجذب الشباب له، خاصة أن هذه الحفلات الجماعية قد تكون هي الحل الأنسب للخفض من التكاليف الباهظة لحفلات الزاج، وقد تساهم في الحد من ظاهرة الإسراف في حفلات الزواج التي تجبر العريس على إنفاق أموال طائلة لإقامة موائد وحفلات ضخمة، وهو ما يثقل كاهل الشباب بالديون، ويجعلهم يبدأون حياتهم الزوجية وعليهم ضغوط مادية ونفسية كبيرة، في ظل المغالاة لدى البعض بتنظيم أعراس باهظة التكاليف مع ولائم عشاء فاخرة وبكميات كبيرة.
وتشير جواهر المانع إلى أن الكثير من حفلات البذخ في الأعراس ظاهرها الوجاهة وباطنها تعسير يجر خلفه معضلات يتصل بعضها ببعض، ويتحمل نتيجتها الشباب، ما يعود بآثار اجتماعية سلبية على العريس الذي يكون بصدد بناء أسرة.
الروائية حنان الشرشني: مجتمعنا محافظ يرفض الاختلاط
رأت الروائية حنان الشرشني أن مشكلة ارتفاع اسعار حفلات الزواج، قد يكون لها العديد من الحلول بعيدا عن الحفلات الجماعية التي تتنافى مع طبيعة المجتمع، والذي يرفض الاختلاط، وقد تكون هذه الحفلات في نطاق ضيق يقتصر على افراد الأسرة الواحدة أو العائلة الممتدة كأن يتم تنظيم عرس لأبناء الخلان والأعمام مع بعض بعيدا عن جمع الأغراب في حفلة واحدة نظرا لأن المجتمع القطري مجتمع محافظ وله عاداته وتقاليده والذي يرفض الاختلاط وقد لا تكون حفلات الزواج الجماعية مجدية في خفض التكاليف لأن تكاليف الاعراس المرتفعة تتعلق بحفلات الزواج النسائية والكماليات، والتباهي حتى إنه أصبح يتم وضع ركن خاص بالعطور الباهظة للمعازيم، وتحضير هدايا لهم، والمهور.
وقالت حنان: تقليل تكاليف الزواج قد يكون له عدة حلول وعلى رأسها رفع الوعي وهو أمر يتطلب تضافر جميع أفراد المجتمع لتغيير بعض العـادات بتخفيض تكاليف الأعراس كما أنه يجب على الشريكين أن يكون لديهما خطة استثمار طويل الأمد، من خلال زواج خالٍ من القروض والديون، والتفكير في بناء أسرة متماسكة، وعدم الالتفات إلى المبالغة في حفل الزواج الذي غالباً ما يكون لسويعات تمضي سريعاً، مخلفة وراءها مبالغاً طائلة.
وأشارت حنان إلى أن أسعار قاعات الأعراس والخيام مرتفعة للغاية تعد عبئا كبيرا على الشاب المقدم على الزواج الذي قد يستدين لإقامة حفل زواج، رغم أن الدولة قد خصصت قاعات مجهزة بكل ما يلزم لكن مازال البعض يفضل قاعات الفنادق الفخمة والتي تتجاوز أسعارها مئات الالاف. وقالت: المشكلة تكون في التباهي من قبل أهالي العروسين حيث يسعيان لكي يظهرا أمام الحضور بنوع من “المظاهر الخادعة”، الأمر الذي بحاجة إلى توعية المواطنين بخطورته حيث تزداد نسب العنوسة، بل وإقبال الشباب على الزواج من غير القطريات بسبب غلاء المهور والارتفاع الجنوني في تكاليف الزواج وإقامة الأعراس. وطالبت الشرشني بالعودة إلى العادات والتقاليد وتعاليم الدين، وأشارت إلى الكثير من المظاهر الحديثة التي دخلت على حفلات الاعراس والتي لا تمت للمجتمع بصلة، ورأت أنها تزيد في البحث عن المظاهر والابتعاد عن الهوية التي كانت قائمة على الفرحة الحقيقية التي تصنعها بساطة العرس الذي كان يقام في البيوت.
سالم صالح: الأعراس الجماعية منافية للعادات والتقاليد
لم تكن كل الآراء مشجعة لفكرة الحفلات الجماعية، فالشاب سالم صالح يعارض الفكرة ويعتقد أن حفلة زواجه لا يجب أن يشاركه فيها أحد وأن يكون هو نجم الليلة، وقال: بالاضافة إلى كون حفلة عرسي ستكون ليلة العمر بالنسبة لي ومن غير الوارد أن أشاركها مع عريس اخر، خاصة أن تكاليف الزواج أو حفلة العرس بالنسبة للرجال لا تذكر مقارنة بحفلات النساء فالرجال لا يهتمون بالتفاصيل والكماليات، وهو ما قد يجعل فكرة العرس الجماعي مستبعدة، ويرجع السبب الرئيسي لعزوف الشباب عن الزواج الجماعي إلى الرغبة في التميز والانفراد في عرس خاص ليبقى هو محط الأنظار وهو صاحب الحفل، وأن يكون سيد تلك الليلة ونجمها، أو لأنه يود دعوة أكبر عدد ممكن من الأهل والأصدقاء.
ويؤكد سالم أن فكرة الأعراس الجماعية لن تتقبلها معظم العائلات، لأنها قد تخرق خصوصية ليلة العرس في المجتمع، مضيفا: فكل أسرة لها خصوصيتها وتقاليدها في الزواج، ويعتبر أن الفكرة ممكن أن تكون مقبولة في إطار العائلة الواحدة، التي تجمعها نفس العادات والتقاليد، خاصة أن جميع المدعوين في العرس سيكونون من نفس العائلة، وبالتالي لن يكون هناك أي حساسية، وستقل التكلفة على المعرس، لكن أن يشارك عرسه مع غير اهله فذلك ما يعتبره صعب التحقق.
عبدالعزيز علي: الحفلات الجماعية غير واردة في حساباتي
قال عبد العزيز علي إن العرس الجماعي لا يناسب العادات والتقاليد القطرية، ولا الأعراف التي تنص على احترام الخصوصية.
وأوضح أن المظهرية أحد العوائق أمام تنفيذ مشروع الزواج الجماعي حيث تسعى كل عائلة بالتباهي أمام الأسر الأخرى وتقوم بحجز قاعة أو قاعتين في أفخم الفنادق أو نصب خيمة أفراح على أقل تقدير تتكلف مالايقل عن 70 ألف ريال.
وقال: ثقافة المجتمع بحاجة إلى تغيير جذري وزيادة وعي الجماهير لتقليل تكاليف الأعراس، خصوصا مع توفر القاعات التي أوجدتها الدولة للمواطنين بهدف تقليل مصاريف العرس، لكن حفلات الزواج الجماعي غير واردة في حساباتي، وهي لن توفر شيئا لأن حفل الرجال غير مكلف من الأساس.
وأما بالنسبة لايجابيات العرس الجماعي، فيقول إنها قد تكون مناسبة لمجتمعات أخرى، ويوضح قائلا: حفلات الزواج الرجالية غير مكلفة مقارنة بحفلات العرس النسائية والتي تصل إلى مبالغ فلكية على حد تعبيره، محذراً من ظاهرة البذخ والإسراف في الأعراس، وأنه يجب تغيير ثقافة أفراد المجتمع للحد من التقليد الأعمى، وضرورة التوعية بخطورة التباهي الذي يتم من قبل أهالي العروسين للظهور بمظهر خادع أمام الحضور، مشيرا إلى أن بعض العائلات لا تتقبل فكرة الزواج الجماعي لعدم توفر الخصوصية ووجود كثير من الغرباء، بالرغم من فوائد الأعراس الجماعية في التخفيف من معاناة الشباب.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر حفلات الأعراس تكاليف الزواج الأعراس الجماعية الحياة الزوجية الأعراس الجماعیة الأعراس الجماعی تکالیف الزواج هذه الحفلات على الزواج الکثیر من ة للشباب قد یکون خاصة أن قد تکون کما أن إلى أن فی حفل
إقرأ أيضاً:
هل الزواج في شهر شوال مكروه؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل
أكدت دار الإفتاء المصرية، أن الزواج في شهر شوال مستحبٌّ شرعًا، ولا كراهة فيه، مشيرة إلى أن سبب قول بعض الناس بكراهة الزواج فيه؛ إما بسبب التشاؤم من لفظ "شوال"، وإما لما ورد من وقوع طَاعون في شوال في سَنَةٍ من السنين؛ فمات فيه كثير من العرائس.
وأضافت دار الإفتاء، في فتواها عبر موقعها الإلكتروني، أن كل هذه الأشياء باطلة وغير صحيحة، ولا ينبغي الالتفات إلى شيء منها؛ لما تقرر مِن كونِ الزواج فيه سُنَّة، بالإضافة إلى أن القول بكراهة ذلك تشاؤمًا يُنافي التوكل على الله المأمور به شرعًا.
حكم تداول رسائل توديع شهر رمضان المبارك .. دار الإفتاء ترد
حكم صيام يوم الجمعة منفردا.. دار الإفتاء توضح
هل شرود الذهن فى الصلاة يبطلها .. وماذا أفعل لأخشع فيها؟ الإفتاء تجيب
حكم صلاة الجمعة لمن أدرك الإمام في التشهد.. دار الإفتاء توضح
وتابعت الإفتاء، "ثبت أن سيدَنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تزوج في شهر شوال؛ فقد أخرج الإمام مسلم في "صحيحه" عن عروة عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنهما أنها قالت: «تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ فِي شَوَّالٍ، وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ، فَأَيُّ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي؟»، قَالَ: «وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَسْتَحِبُّ أَنْ تُدْخِلَ نِسَاءَهَا فِي شَوَّالٍ»، ففهم الفقهاء من ذلك استحبابَ الزواج في شهر شوال.
واستشهدت دار الإفتاء ببعض أقوال العلماء وفي السطور التالية بيان ذلك:
قال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (9/ 209، ط. دار إحياء التراث العربي): [فيه استحباب التَّزْوِيجِ وَالتَّزَوُّجِ والدخول في شوال؛ وقد نص أصحابنا على استحبابه، واستدلوا بهذا الحديث، وَقَصَدَتْ عائشة بهذا الكلام رَدَّ ما كانت الجاهلية عليه وما يَتَخَيَّلُهُ بعض العوام اليوم من كراهة التزوج والتزويج والدخول في شوال، وهذا باطل لا أصل له، وهو من آثار الجاهلية؛ كانوا يتطيرون بذلك لما في اسم شوال من الْإِشَالَةِ والرفع] اهـ.
كما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد تزوج بأم المؤمنين السيدة أم سلمة رضي الله عنها في شهر شوال؛ حيث جاء في "مغازي الواقدي" لأبي عبد الله محمد الواقدي (ت: 207هـ)، (1/ 344، ط. دار الأعلمي): [قال عمر بن أبي سلمة: وَاعْتَدّتْ أمي حتى خَلَتْ أربعة أشهر وعشرًا، ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ودخل بها في ليالٍ بقين من شوال؛ فكانت أمي تقول: "ما بأس في النكاح في شوال والدخول فيه"؛ قد تزوجني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شوال، وَأَعْرَسَ بي في شوال] اهـ.
نصوص الفقهاء الواردة في حكم الزواج في شوال
قد اتفق فقهاء المالكية، والشافعية، وأكثر الحنابلة على استحباب الزواج في شهر شوال وكونه مندوبًا؛ استدلالًا بهذه الأحاديث.
قال الإمام النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني" (2/ 11، ط. دار الفكر): [ويستحب كون الْخُطْبَةِ والعقد يوم الجمعة بعد صلاة العصر؛ لقربه من الليل، كما يُسْتَحَبُّ كونها في شَوَّال] اهـ.
وقال الإمام ابن حجر الهيتمي الشافعي في "تحفة المحتاج في شرح المنهاج" (7/ 216، ط. المكتبة التجارية): [يُنْدَبُ التَّزَوُّجُ في شوال والدخول فيه؛ للخبر الصحيح فيهما عن عائشة رضي الله عنها مع قولها ردًّا على مَن كَرِه ذلك] اهـ.
وقال الإمام المرداوي الحنبلي في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" (8/ 38، ط. دار إحياء التراث العربي): [فائدتان.. الثانية: قال ابن خطيب السَّلَامِيَّةِ، في نكته على "المحرر": وقع في كلام القاضي في "الجامع" ما يقتضي: أنه يستحب أن يَتَزَوَّجَ في شوال] اهـ.
كما ذهب الحنفية في المختار عندهم إلى أن الزواج في شهر شوال جائز، ولا كراهة فيه.
قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار على الدر المختار" (3/ 8، ط. دار الفكر): [قال في "البزازية": والبناء والنكاح بين العيدين جائز، وَكُرِهَ الزفاف، والمختار أنه لا يكره] اهـ.
الرد على دعوى كراهة الزواج في شوال
أما ما يقوله بعض الناس من أنه يُكره الزواج في شهر شوال؛ فإن ذلك: إما بسبب معنى كلمة شوَّال نفسِها.
قال القاضي عياض في "إكمال المُعْلِمِ بفوائد مسلم" (4/ 575، ط. دار الوفاء): [كانت الجاهلية تكره هذا وتطير من ذلك؛ لما في اسم شوال من قولهم: شالت نعامتهم، وشالت النوق بأذنابها: إذا رفعتها] اهـ.
والمعنى الذي هو محل التشاؤم من لفظ: "شالت الإبل" هو ذهاب لبنها وإدباره، أو حال الإبل عندما يشتد الحر وتنقطع الخضرة، أو غير ذلك.
قال العلامة ابن منظور في "لسان العرب" (11/ 377، ط. دار صادر): [قيل: سمي بتَشْوِيل لبن الإبل، وهو تَوَلِّيه وإدباره، وكذلك حال الإبل في اشْتِدَادِ الحر وانقطاع الرُّطْب، وقال الفراء: سمي بذلك لِشَوَلانِ الناقة فيه بذنبها] اهـ.
وإما بسبب ما ورد مِن أنه قد وقع طَاعون في شهر شوال في سَنَةٍ مِن السنين، فمات فيه كثير من العرائس؛ فتشائم بذلك أهل الجاهلية؛ فكُرهوا من أجل إيقاع الزواج فيه.
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في "لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف" (ص: 90، ط. دارالكتب العلمية): [قيل: إن أصله أن طَاعونًا وقع في شوال في سَنَةٍ من السنين؛ فمات فيه كثير من العرائس؛ فتشائم بذلك أهل الجاهلية، وقد ورد الشرع بإبطاله] اهـ.
وقد ذكر العلماء أن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها قد ردت على هذا الكلام، وبينت عدم الكراهة في هذا الأمر، بل إنها تفاخرت بحسن حظها بزواجها من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الشهر؛ إبطالًا لهذه المزاعم، ودفعًا لما توهمه كثير من الناس نتيجة هذه المزاعم.
قال العلامة ابن ملك الكرماني في "شرح مصابيح السنة" (3/ 561، ط. إدارة الثقافة الإسلامية): [قيل: إنما قالت هذا ردًّا على أهل الجاهلية؛ فإنهم كانوا لا يرون تيمنًا في التزوج والعرس في أشهر الحج، وقيل: لأنها سمعت بعض الناس يتطيَّرون ببناء الرجل على أهله في شوال فحَكَت ما حكت إنكارًا لذلك وإزاحة للوهم] اهـ.
وقال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (5/ 2066، ط. دار الفكر): [قيل: إنما قالت هذا ردًّا على أهل الجاهلية؛ فإنهم كانوا لا يرون يُمْنًا في التزوج والعرس في أشهر الحج؛ وقيل: لأنها سمعت بعض الناس يَنْظُرُونَ ببناء الرجل على أهله في شوال؛ لتوهم اشتقاق شوال من أشال بمعنى أزال؛ فحكت ما حكت ردًّا لذلك وإزاحة للوهم] اهـ.
وقال الإمام ابن كثير في "البداية والنهاية" (3/ 231، ط. دار الفكر): [وفي دخوله عليه السلام بها في شوال ردًّا لما يتوهمه بعض الناس من كراهية الدخول بين العيدين خشية المفارقة بين الزوجين، وهذا ليس بشيء] اهـ.
وجاء في "حاشية السندي على سنن ابن ماجه" (1/ 614، ط. دار الجيل): [(أحظى)؛ أي: أكثر حظًا تريد ردَّ ما اشتهر من كراهية التزوج بشوال] اهـ.
ومع توارد نصوص العلماء على الرد على دعوى هذه الكراهة وإبطالها؛ فقد ذكر بعضهم أنَّ هذه المزاعم وغيرها كانت سببًا في امتناع فئة من الناس عن الزواج في هذا الشهر.
قال العلامة أبو بكر الخوارزمي في "مفيد العلوم ومبيد الهموم" (ص: 401، ط. المكتبة العصرية): [وقالت عائشة رضي الله عنها: "تزوجني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم في شوال، ودخل بي في شوال؛ فأيّ نسائه أحظى عنده مني"، وأما كراهة العامة النكاح في شوال؛ فباطل] اهـ.
بالإضافة إلى ما سبق من التطاير بشهر شوال، ومنع الزواج فيه من باب التشاؤم بما ورد عن الناس في الجاهلية، وما يتردَّد على ألسنة العوام من الناس؛ فإن فيه منافاة للتوكل على الله سبحانه وتعالى، وهو القائل: ﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [هود: 123]، وقد قال تعالى أيضًا: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ [الطلاق: 3].
وقد نهت الشريعة الإسلامية عن التشاؤم؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا عَدْوَى، ولَا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الفألُ»، قالوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قال: «كَلِمَةٌ طَّيِّبَةٌ» متفقٌ عليه.
وروى أبو داود في "السنن" من حديث عروة بن عامر رضي الله عنه قال: ذُكِرَتِ الطِّيَرَةُ عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «أَحْسَنُهَا الْفَأْلُ وَلَا تَرُدُّ مُسْلِمًا، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ لَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا أَنْتَ، وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إِلَّا أَنْتَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ».
يقول الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (14/ 218): [والتطير: التشاؤم، وأصله الشيء المكروه من قولٍ أو فعلٍ أو مرئي] اهـ.
ولذا، فالزواج في شهر شوال مع كونه عملًا بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبما تحبه وترغب فيه أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، فإنه يدل على كمال الاعتماد والتوكل على الله سبحانه وتعالى، وتسليم الأمور إليه، والاطمئنان إلى مراده وقضائه جلَّ شأنه.
قال الشيخ ابن قيم الجوزية في "مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة" (2/ 261، ط. دار الكتب العلمية) عن الزواج في شهر شوال: [وهذا فعلُ أولي العزم والقوَّة من المؤمنين، الذين صحَّ توكُّلهم على الله، واطمأنت قلوبُهم إلى ربِّهم، ووثقوا به، وعلموا أنَّ ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنهم لن يصيبهم إلا ما كتبَ الله لهم، وأنهم ما أصابهم من مصيبةٍ إلَّا وهي في كتابٍ من قبل أن يخلُقهم ويُوجِدَهم] اهـ.