هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.. كيف تؤثر على المستهلك العادي؟
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
تهدد الهجمات التي يشنها الحوثيون على الشحن البحري في البحر الأحمر، برفع الأسعار بالنسبة للمستهلكين، وفق تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست، وذلك لأن شركات الشحن باتت تتخذ طرقًا أطول لتجنب المياه الخطرة في الوقت الحالي.
وكان المتمردون الحوثيون في اليمن، المدعومون من إيران، قد قاموا هذا الشهر، ولأول مرة، بضرب سفن الشحن بطائرات بدون طيار وصواريخ، في سياق ما يعتبرونه انتقاما من تصرفات إسرائيل في حرب غزة.
تسببت هذه الاضطرابات، بحسب واشنطن بوست، في قيام شركات الشحن العملاقة Maersk وCMA CGM وCOSCO بإعادة توجيه الشحنات حول رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا، وهي التفافات مكلفة بشكل متزايد لشركات الشحن والمستهلكين.
ونقلت الصحيفة الأميركية عن ريان بيترسن، الرئيس التنفيذي لشركة فليكسبورت، وهي شركة تكنولوجيا لوجستية، إنه اعتبارًا من يوم الثلاثاء، تتوقع شركات الشحن أن تتجنب البحر الأحمر خلال مهرجان السنة القمرية الجديدة في الصين. ويعد الأسبوعان السابقان للاحتفالات فترة الذروة بالنسبة لشركات الشحن، التي تسارع لتسليم البضائع قبل العطلة التي تبدأ في 10 فبراير.
ويقول الخبراء، بحسب التقرير، إن تكاليف إعادة توجيه السفن حول جنوب أفريقيا أو عبر قناة بنما ستؤدي إلى زيادة أسعار السلع الاستهلاكية المشحونة من آسيا إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة.
وقال بيترسن: "إنها رحلة أطول بنسبة 8 في المئة تقريبًا، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار قليلاً بالنسبة للشحن البحري - وهذا تأثير مادي على أسعار البضائع نفسها".
وأضاف لواشنطن بوست أن ارتفاع التكاليف سيؤثر على أسعار معظم المواد في جميع المتاجر، باستثناء المواد الغذائية والمواد الأولية والطاقة.
ويقع البحر الأحمر بين قارتين ويحده 10 دول - ستة في أفريقيا وأربعة في الشرق الأوسط - ويمر حوالي 12% من إجمالي التجارة العالمية عبر البحر الأحمر وقناة السويس، وفقًا للمعهد البحري الأميركي. إنه أيضًا ممر مهم بشكل خاص لناقلات الوقود.
"سوف تنتشر إلى العالم بأسره"وبسبب الهجمات الأخيرة التي شنها المسلحون الحوثيون في البحر الأحمر، تتم إعادة توجيه السفن التي تستخدم عادة قناة السويس حول الطرف الجنوبي لأفريقيا في الوقت الحالي.
ونقلت الصحيفة عن جورج كوتشانوفسكي وريتشارد داندرلاين، الرئيس التنفيذي والمدير المالي لشركة Staxxon، شركة تصنع حاويات الشحن، قولهم إن تجار الجملة وتجار التجزئة سيستمرون في تحمل بعض تكاليف الشحن المتزايدة، خاصة على العناصر ذات هوامش الربح المحدودة والأسعار التنافسية، بالإضافة إلى السلع التي لن تكون في موسمها.
وأضاف داندرلاين إنه في حين أن التأثير المباشر للصراع هو على شركات الشحن التي يتعين عليها تغيير مسارها من البحر الأحمر، فإن حركة المرور الإضافية إلى الممرات الأخرى "سوف تنتشر في النهاية إلى العالم بأسره".
ويتوقع الشاحنون، بحسب الصحيفة، على سبيل المثال، أن يزداد الازدحام في قناة بنما سوءا كلما طال أمد الصراع. كما أنه يسبق موسمًا مهمًا للصناعة بين شهري مارس ومايو، حيث تميل شركات الشحن إلى توقيع العقود السنوية.
ولحماية سفن الشحن في منطقة البحر الأحمر، أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الأسبوع الماضي عن إطلاق عملية حارس الازدهار Prosperity Guardian، وهي قوة أمنية بحرية تضم وحدات من 20 دولة.
وأظهرت بيانات الأقمار الصناعية، وفقاً للتقرير، أن الصناعة رحبت بإعلان التحالف لكنها تواصل إعادة توجيه شحناتها بحذر.
وفقًا للبيانات التي جمعتها شركة Flexport وشاركتها مع صحيفة واشنطن بوست، قامت 290 سفينة إما بتحويل مسارها أو التخطيط لتحويلها من منطقة الصراع، اعتبارًا من يوم الثلاثاء.
لكن بيترسن من شركة فليكسبورت قال للصحيفة إن معرفة العدد الدقيق للسفن التي تخوض الرحلة عبر البحر الأحمر يصعب تحديدها، حيث تقوم معظم السفن بإيقاف تشغيل أجهزة تحديد المواقع الخاصة بها لتجنب اكتشافها من قبل الحوثيين.
من جانبها كانت شركة الشحن العالمية العملاقة ميرسك قد أعلنت في 24 ديسمبر إنها ستستأنف بعض الشحنات عبر البحر الأحمر بعد نشر عملية "Prosperity Guardian"، والتي وصفتها بأنها "أخبار مرحب بها للصناعة بأكملها، بل ولوظائف التجارة العالمية".
لكن متحدث باسم شركة ميرسك قال لواشنطن بوست إن الخطر العام في المنطقة لم يتم القضاء عليه في هذه المرحلة". "لن تتردد شركة ميرسك في إعادة تقييم الوضع والبدء مرة أخرى في خطط التحويل إذا رأينا ذلك ضروريًا لسلامة البحارة لدينا."
أحدث تعطيل لسلاسل التوريدوعلى الرغم من الجهود الأمنية التي تقودها الولايات المتحدة، فإن الهجمات على سفن الشحن مستمرة.
وأعلن الحوثيون، يوم الثلاثاء، أنهم ضربوا السفينة التجارية MSC United VIII في هجومهم الأخير. أبلغت MSC لاحقًا عن عدم وقوع إصابات في طاقمها.
ولم يضع متحدث باسم البنتاغون جدولا زمنيا بشأن المدة التي من المتوقع أن تستمر فيها الهجمات، لكنه قال إن الولايات المتحدة تحتفظ بالحق في الدفاع عن نفسها ومصالحها.
تعد هجمات البحر الأحمر أحدث تعطيل لسلسلة التوريد العالمية التي شهدت عقبات وضغوط تضخمية يعود تاريخها إلى الأيام الأولى لجائحة كورونا، عندما وصلت تكاليف الشحن إلى مستويات قياسية بسبب الطلب على السلع المصنعة في آسيا الذي يفوق العرض، وفقاً لواشنطن بوست.
وبينما أجبرت عمليات الإغلاق العالمية الجميع على البقاء في منازلهم، قام المستهلكون بتغذية الاقتصاد من خلال التسوق عبر الإنترنت. وتسبب الطلب المفاجئ على السلع في ارتفاع التكاليف التشغيلية - وأبرزها أسعار شحن حاويات الشحن من آسيا.
لكن أسعار الشحن انخفضت في عام 2022 مع تراجع طلب المستهلكين.
وبحسب التقرير، تم تجنب كارثة أكبر في سلسلة التوريد في يونيو، عندما وقع مشغلو الموانئ صفقة جديدة مع الاتحاد الدولي لعمال النقل البحري للحصول على عقد يتضمن زيادة كبيرة في الأجور - زيادة بنسبة 32% في الأجور على مدى ست سنوات.
إذا استمرت هجمات البحر الأحمر حتى سبتمبر، فسوف يتزامن ذلك، وفق واشنطن بوست، مع انتهاء عقد العمل بين مشغلي موانئ الساحل الشرقي والرابطة الدولية للشواطئ البحرية، التي قالت في نوفمبر إنها لن تمدد العقد وأنها مستعدة للمواجهة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: البحر الأحمر واشنطن بوست شرکات الشحن إعادة توجیه
إقرأ أيضاً:
فيولا ديفيس.. ممثلة الفقراء التي يكرّمها مهرجان البحر الأحمر
تشهد الدورة المقبلة لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي لعام 2024 تكريما نسائيا بامتياز، حيث اختيرت كل من الممثلتين الأميركية فيولا ديفيس، والمصرية منى زكي لتكريمهما في حفلي الافتتاح والختام.
وتعقد الدورة في المنطقة التاريخية بمدينة جدة خلال الفترة من 6 إلى 14 ديسمبر/كانون الأول 2024، تحت شعار "بيت جديد للسينما".
وتستعرض ديفيس مشوارها الفني في "ماستر كلاس" الذي يعقد ضمن فعاليات المهرجان، وحصلت خلاله على "التاج الثلاثي" للجوائز السينمائية والتلفزيونية والمسرحية، وهي الأوسكار، وتوني، وغرامي، لكن المدهش في مشوار ديفيس هو بدايتها التي جاءت أقل من متواضعة، وواجهت خلالها الفقر بصمود انعكس على أدائها وتمثيلها للضعفاء والمهمشين والضحايا.
طفولة قاسيةوُلدت فيولا ديفيس في 11 أغسطس/آب عام 1965 في سانت ماثيوز بولاية ساوث كارولينا في الولايات المتحدة، وكانت ثاني أصغر طفلة في عائلتها، التي تتكون من 4 شقيقات وشقيق واحد، لأبوين هما ماري أليس لوغان ودان ديفيس.
قضت طفولتها في شقة من غرفة واحدة في سنترال فولز بولاية رود آيلاند، بعد أن انتقلت مع أسرتها إلى هناك عندما كانت تبلغ من العمر شهرين فقط، وكانت عائلتها تعيش في ظروف صعبة، وكانت تعاني الفقر والجوع، وكان الأب يكسب رزقه من العناية بالخيول، في حين تعمل الأم مدبرة منزل وعاملة في مصنع.
لدى ديفيس 3 شقيقات أكبر سنا هن: ديلوريس ديفيس غرانت، وديان ديفيس رايت، وأنيتا ديفيس، بالإضافة إلى أخت أصغر وهي دانييل ديفيس.
حازت الممثلة الأميركية فيولا ديفيس جائزة الأوسكار عن دورها في فيلم "الشك" سنة 2008 (غيتي إيميجز)حين بلغ عمرها عامين فقط، أُودعت فيولا مع والدتها في السجن بسبب مشاركة الأم في مظاهرة ضد التمييز العنصري، وتصف فيولا حياتها المبكرة بأنها كانت عبارة عن صراع مستمر من أجل البقاء، حيث كانت الأسرة تفتقر إلى الضروريات الأساسية، وقد صرحت ديفيس أنها كانت تذهب إلى الفراش جائعة.
تعرضت للتنمر بسبب فقرها الظاهر في المدرسة، لكن رواية القصص هي العزاء الوحيد للطفلة التي أصابتها شاشة التلفزيون بالهوس، وأصبحت تتخيل أنها الشخصيات التي رأتها على الشاشة، وهنا وُلِد الحلم المبكر بالتمثيل، لكنه كان أشبه بحلم مستحيل.
ميلاد فنانةرغم المعاناة والعزلة والتحيز العنصري، بدأت فيولا مسيرتها المهنية فور تخرجها من قسم المسرح في جامعة غوليارد بولاية رود آيلاند، حيث ظهرت في أعمال مسرحية صغيرة، قبل أن تظهر على الشاشة بأدوار ثانوية في السينما والتلفزيون خلال أواخر التسعينيات وأوائل الألفية الجديدة.
وكتبت شهادة ميلاد جديدة لها كممثلة بأدائها في مسرحية "الملك هيدلي الثاني" (King Hedley II)، وتحولت إلى نجمة صاعدة في عالم المسرح، وأثبتت الممثلة ذات الأصل الأفريقي أنها تمتلك موهبة فريدة من نوعها تمكّنها من تجسيد جوهر شخصياتها.
انتقلت ديفيس من المسرح إلى الشاشة بأدوار صغيرة في السينما، وجاءت انطلاقتها في عام 2008 مع فيلم "الشك" (Doubt)، حيث لعبت دور السيدة ميلر، والدة صبي صغير يشتبه في تعرضه للاعتداء من قبل قس.
ورغم ظهورها في مشهد واحد فقط، فإن أداء ديفيس القوي أسر الجماهير وأكسبها ترشيحا لجائزة الأوسكار في 8 دقائق فقط من الوقت الذي استغرقته على الشاشة، حيث نقلت ديفيس حياة مليئة بالألم والمرونة والحب الأمومي، فتركت بصمة لا تُمحى في هوليود.
وانتبه المخرجون لذلك العمق وتلك القدرة المدهشة لدى فيولا ديفيس، وحصلت على أدوار تُظهر قدراتها، لتجسد شخصية أبيلين كلارك في فيلم" المساعدة" (The Help) سنة 2011، الذي منحها ترشيحا آخر لجائزة الأوسكار.
التاج الثلاثيفي عام 2014، أدت ديفيس دور آناليس كيتنغ في مسلسل "كيف تفلت من جريمة قتل" (How to Get Away with Murder)، وهو مسلسل تلفزيوني رائد تحدى الصور النمطية عن النساء السود في الأدوار الرئيسية، وقد جسدت ديفيس دور محامية عبقرية، مما أكسبها جائزة إيمي، وكان فوزها بالجائزة تاريخيا، فقد أصبحت أول امرأة سوداء تحصل عليها، لكن دور "روز" في فيلم "الأسوار" 2016 (Fences) دفع بها إلى خشبة مسرح "دولبي" في لوس أنجلوس، لتتسلم جائزة الأوسكار، وقدمت دور زوجة وأم عانت طويلا.
وفي كلمتها على المسرح، بكت فيولا كما لم يبكِ فائز بالأوسكار من قبل، بكت لدرجة دفعت أغلب الحاضرين للبكاء معها ومشاركتها شريط الذكريات الصعبة البائسة، لكنها دعت إلى المقاومة بشكل إيجابي عبر رواية قصص البشر العاديين في الأفلام.
ولعل ذلك البؤس هو الذي شكّل شخصيتها وميولها، فأصبحت واحدة من أبرز المدافعات عن التنوع والاندماج في هوليود، وقد اشتهرت بصراحتها حين يتعلّق الأمر بالممثلين السود، فهي تؤكد دائما أن هناك نقصا في الفرص المتاحة للممثلين الملونين، وهناك حواجز منهجية تعيق نجاحهم.
ولم تكتفِ فيولا بالتصريحات، لكنها أسست شركة مع زوجها، لتنتج أعمالا للسود والملونين في هوليود.
وعلى التوازي تواصل فيولا مشوارا فنيا مميزا بأدوار يعد كل منها علامة مستقلة في تاريخها، فقد قدمت في عام 2020 شخصية "ماريني" في فيلم " قاع ماريني الأسود" (Ma Rainey’s Black Bottom)، الذي نالت عنه ترشيحا جديدا للأوسكار، وعززت مكانتها كواحدة من أعظم الممثلات في جيلها بدور الجنرال "نانيسكا" في فيلم "المرأة الملك" (The Woman King) سنة 2022.
واصلت ديفيس رحلتها إلى القمة، انطلاقا من قاع البؤس والفقر بموهبة واضحة وقدرة مدهشة على التجسيد وإيمان عميق بما تقدمه على الشاشة، فكان نجاحها تكريما للأصوات التي تم إسكاتها لسنوات طويلة باسم العرق واللون.
ورغم جرعات الغضب والبؤس في أدوار ديفيس، فإنها تعيش في حالة رضا ورجاء، كما أكدت في حوارها مع المذيعة الشهيرة أوبرا وينفري، وهي مسيحية متدينة، وقد دعت ربها أن يرزقها زوجا بمواصفات الممثل جوليوس تينون (69 عاما)، فكان أن التقت به بعد أسبوعين فقط من الدعاء عام 1999 في موقع تصوير فيلم "مدينة الملائكة" (City of Angles).
تزوجت ديفيس وتينون، وبحلول عام 2011، تبنيا ابنة سميت نيسيس، بالإضافة إلى ذلك، ديفيس هي أيضا زوجة أب لاثنين من أطفال تينون من زيجات سابقة.