السفير الدكتور جواد الهنداوي  أقصدُ بالحلفاء أو الاصدقاء الآسيويين روسيا و إيران، وحليفهما سوريّة، وهو البلد المعني اكثر بصدق نوايا وحُسنْ تطبيق الجانب التركي لالتزاماته في بنود ماتّمَ الاتفاق عليه قبيل الانتخابات، وقبلَ مشاعر الرضا و الوّد الامريكي والغربي للرئيس  خلال قمة الناتو المنعقدة يوم الثلاثاء المنصرم في ٢٠٢٣/٧/١١، في فيلينيوس، عاصمة ليتوانيا.

 في القّمة المذكورة، انتصرَ الرئيس اردوغان، وعلى كافة الصُعدْ، وخسِرَ زيلينسكي ” حتى ماء وجهه”، الوصورهما ومواقفهما يجسّدان المقارنة بين رجل دولة و متمرّس في السياسة ( اردوغان )، وآخر عميل وطارئ على السياسة ( زيلينسكي ).  يخطأ مَنْ يعتقد بأنَّ اردوغان سيستدير نحو امريكا و الغرب، و يخطأ ابضاً مَنْ يعتقد بانَّ صفقة قمة الناتو ستعزّزْ ثقته بأمريكا و بالغرب، و يخطأ مَنْ يظّنُ بأنهُ سينقلبُ على تعهداته تجاه روسيا في سوريا، و تعامله الاقتصادي العلني و السّري مع أيران. لا انزّهُ اردوغان من اخطاء و خطايا الماضي المؤكّدة، ولا من خطأ محتمل و قادم. سلوك الرئيس اردوغان مع امريكا و الغرب تحكّمه المصالح، لا غيرها، وسلوكه مع الشرق ( روسيا ايران الصين العرب ) تحكمه المصالح والمبادئ. اردوغان يتعامل مع امريكا و الناتو مثلما يُريد، ويتعامل مع روسيا و ايران و الصين و العرب مثلما تفرضه الارادات المُشتركة. أمريكا لا تعرفُ الشرق و لا تعرفُ تُركيا، بخلاف اوربا التي تعرفُ الشرق و تعرفُ تركيا، وهذه المعرفة الاوربية العميقة هي التي تحول دون قبول اوربا دولاً وشعوباً بأنضمام تركيا الى ناديهم وحضارتهم و ثقافتهم.  موافقة اردوغان بأنضمام السويد للحلف الاطلسي ( الناتو ) كانت موافقة قيصريّة، أُنتزعتْ انتزاعاً، وهذا ما يسمح للأوربيين أنْ يتصّوروا حالهم و الرئيس اردوغان عضواً ما بينهم !  رَبحَ اردوغان كُلَّ ما اراده ؛ موافقة امريكا بتزويده بالطائرات المطلوبة، موافقة امريكا بفتح باب الاستثمار في تركيا لوقف تدهور قيمة الليرة،التي لم يتوقف رغم الدعم النقدي القطري و الخليجي، منع انشطة حزب العمال الكردي المعارض في دول اوروبا، و الموافقة على التوصيف التركي لهم بالارهاب، احياء جهود انضمام تركيا الى الاتحاد الاوربي.  أتوقّفُ عند مسألتيّن : الاولى هي انضمام تركيا الى الاتحاد الاوربي، تدركُ تُركيا و يدركُ الاوربيون عقدة المسألة، وحلّها ليس في الغد القريب، وقبل الانضمام الى الاتحاد ليقبل الاوربيون اولاً اعفاء الاتراك من سمة الدخول و منحهم حرية التنقّل في الفضاء الاوربي. مسألة انضمام تركيا الى اوربا ليست سياسية او جغرافية، او اقتصاد فقط، و انما هي ابعد، ثقافية و دينية و حضاريّة. قبول تركيا في الاتحاد الاوربي يجعل من الاتحاد الاوربي، وعلى المدى القريب، مِنْ بين المنظمات الاسلامية،  و بفضل عديد المسلمين الاوربيين، والذي يتجاوز عددهم ٥٣ مليون نسمة. المسألة الثانية هي التفاهم الامريكي التركي، والذي ركّزَ على الجانب الاستثماري، ولم يتناول مثلاً ما هو اصعب، و خاصة التباين التركي الامريكي تجاه كُرد سوريا، والتعاون والتفاهم التركي الروسي الايراني تجاه سوريا.  ساومَ اردوغان الغرب في قمة ليتوانيا موافقته بأنضمام السويد على ما يُريده من شروط، لن يساوم بعلاقاته مع روسيا و ايران و التزاماته تجاههم في النزاع في سوريا، وهذا ما يجعلنا نعتقد بعدم تحسّس روسيا او ايران من الانفتاح التركي الامريكي الناتوي. ثُمَّ الجميع تعّود على سياسة الرئيس اردوغان، ويقول عنه الرئيس الامريكي السابق ترامب بأنه لاعب شطرنج ماهر، ويصفهُ آخرون بعلماني، والبعض بأسلامي اخواني متطرف، ومنهم من يصفه ديكتاتور و آخرون يرونه ديمقراطياً، ولكن الجميع متفقون على ما حققّه من اصلاحات اقتصادية و تطور عمراني و اقتصادي.  لا تجدُ روسيا ( كما اعتقد ) في الموافقة التركية لانضمام السويد الى الناتو سبباً للقلق والشك و الامتعاض، هضمت روسيا سابقاً تزويد تركيا لاوكرانيا بالطائرات المُسيّرة بيرقدار، و أعتادت موسكو على علاقات اوكرانية تركية، وزيارات للرئيس الاوكراني الى تركيا، و آخرها زيارته قبل اسبوع ولقاءه بالرئيس التركي. وكان لتركيا دور كبير في انجاز اتفاقية نقل الحبوب من اوكرانيا، و اتفاق تبادل اسرى. روسيا تدرك ان مصالح تركيا تقتضي هذا التحرك التركي، والذي يُظهر للغرب اهمية تركياً موقعاً و دوراً، كذلك تفهم روسيا حرص الرئيس التركي على اغتنام ايّة فرصة من اجل مصالحه و مصلحة تركيا.  ما كسبه الحلف الاطلسي مِنْ انضمام السويد اليه، ليس بقليل، هذا ما ارادته امريكا وهو ان يصل حلف الناتو على الحدود الشرقية لروسيا، وأنْ يصل الناتو الى بحر البلطيق، وتحديداً الى جزيرة غوتلاند، والتي تبعد حوالي ٢٥٠ كيلومتر عن القاعدة البحرية الروسية في مدينة كالينينغراد.  الغرب والناتو وامريكا، جميعهم كانوا في انتظار هذا اليوم، يوم موافقة تركيا على انضمام السويد، والذين وصفوه بيوم تأريخي، وهو حقاً كذلك. لماذا؟  لا نُبالغ القول من انَّ اهّم اهداف الحرب الروسية – الغربية وساحتها اوكرانيا هو دفع الدول المجاورة والمحاذية لروسيا للالتحاق بالحلف العسكري الامريكي الغربي (الناتو)، والهدف هو حصار روسيا وتطويقها بقواعد عسكرية تابعة للحلف في فنلندا وفي بولونيا وقريباً في السويد.  يوم الموافقة على انضمام السويد للحلف هو فعلاً يوم تاريخي لانه سيحّول السويد من دولة حياديّة ومنذ عام ١٨١٢ الى دولة عضواً في نادي عسكري مُعادي لدولة كبرى جارة للسويد.  لا نعلمُ كيف ستحكم اجيال السويد على قبول الرئيس اردوغان انضمام بلدهم الى الناتو، والذي حوّل بلدهم من حالة الحياديّة الى حالة الخصام او العداء مع روسيا؟ كاتب عراقي

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: الاتحاد الاوربی الرئیس اردوغان انضمام السوید ترکیا الى

إقرأ أيضاً:

الرئيس السيسي يلتقي نظيره التركي على هامش قمة الدول الثماني النامية

التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي نظيره التركي رجب طيب أردوغان على هامش قمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي، حسبما أفادت قناة «إكسترا نيوز».

وأكد الرئيسان ضرورة تكثيف التنسيق والتشاور بين البلدين حيال الأزمات فى المنطقة، لضمان إحلال السلام والاستقرار، وضرورة مواصلة تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين فى كافة المجالات.

مقالات مشابهة

  • زيلينسكي حاول “رشوة” فيتسو لدعم انضمام كييف إلى الناتو
  • عاجل| حرب وشيكة بين 32 دولة.. روسيا تعلن الاستعداد لخوض أكبر صراع مسلح
  • «القاهرة الإخبارية»: الناتو يستغل الفترة الانتقالية لرفع سقف المواجهات في روسيا
  • روسيا محذرة الناتو: مخططك للحرب معنا مخاطرة
  • موسكو: الناتو يستعد للحرب مع روسيا
  • روسيا: حلف الناتو يستعد للحرب معنا.. لكننا ملتزمون بتجنب المواجهة المباشرة
  • الخارجية الروسية: حلف الناتو يستعد للحرب مع روسيا
  • الخارجية الروسية: "الناتو" يستعد للحرب مع روسيا
  • روسيا تحذر: الناتو يستعد للحرب معنا .. لا تختبروا قوتنا
  • الرئيس السيسي يلتقي نظيره التركي على هامش قمة الدول الثماني النامية