يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص

يودع النازحون اليمنيون العام 2023 الذي أوشك على الرحيل، بمزيد من سنوات المعاناة والأوجاع التي لا تتوقف، غير قادرين على العودة إلى منازلهم ومناطقهم، معرضون لمخاطر الحرب وتبعاتها والطقس وتقلباته، على الرغم من وجود هدنة غير ممددة وغير معلنة.

ومع حلول فصل الشتاء، تزداد معاناة الأسر النازحة، مع افتقادهم للوسائل التي تساعدهم وتقيهم من البرد من ملابس وبطانيات، إضافة إلى الصعوبة التي يواجهونها في توفير الغذاء والاحتياجات المعيشية، رافق ذلك تعليق الكثير من البرامج للأمم المتحدة مساعداتها، لانخفاض حجم التمويل المقدم لليمن.

وتقدر الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين التابعة للحكومة اليمنية عدد النازحين بنحو 6.5 مليون نازح، عاد منهم 2.5 مليون إلى مناطقهم الأصلية، ولاتزال الغالبية العظمى منهم في المخيمات موزعين على مناطق سيطرة الحكومة، والحوثيين، منهم 3 ملايين في المحافظات المحررة، مقابل مليون و300 ألف نازح في مناطق سيطرة الحوثي.

وحسب آخر تقرير لها، فإن 6 آلاف و460 أسرة مؤلفة من 35 ألفاً و575 فرداً نزحوا منذ بداية العام الجاري 2023، أغلبهم نزحوا من المحافظات الشمالية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.

وتعد اليمن الدولة الرابعة التي تضم أكبر عدد من النازحين داخلياً على مستوى العالم وفق تقارير الأمم المتحدة، ويحتاج أكثر من 3 ملايين نازح إلى مساعدات إنسانية عاجلة، وبشكل عام، لا تزال الأزمة، تشكل واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يواجه 80% من السكان صعوبة في الحصول على الغذاء والماء والخدمات الصحية.

 

“الآثار النفسية”

لا تقف معاناة النازحين اليمنيين عند التشرد والمسكن وانعدام الخدمات الأساسية، إذ تأتي الآثار النفسية لتلازم الضحايا لفترات متفاوتة قد تمتد إلى عقود.

وفي هذا الشأن، كشفت دراسة حديثة عن تعرض 290 ألف أسرة نازحة في محافظة مأرب لآثار نفسية متفاوتة، بسبب الحرب ومخاطر النزوح في مناطق سيطرة الحوثيين.

وبينت الدراسة التي أجراها المركز القومي للدراسات الاستراتيجية في محافظة مأرب، وجود 32 أثرا نفسيا لدى النازحين في المحافظة، بحسب متغيرات العمر والجنس والحالة الاجتماعية والسكن.

وكشفت الدراسة، عن إصابة الأسر النازحة بآثار نفسية بدرجة متوسطة تمثلت في الشعور بضعف علاقة النازح بأفراد مجتمعه قبل النزوح، والشعور بالضعف العام، والمعاناة من النوم المضطرب، والأحلام المزعجة، وشعور النازح بالضيق عندما يكون مع أصدقائه والتجائه إلى تناول المهدئات لتحسين الحالة النفسية.

ورغم هدنة غير ممددة وغير معلنة، وما رافقها من هدوء كبير في مختلف جبهات القتال؛ إلا أن أعداد تزايد أعداد النازحين المتفاوتة تشير إلى وجود مشاكل أخرى أسهمت في ارتفاع أعداد النازحين لعل أبرزها الفيضانات والألغام والتغيرات المناخية.

 

“التغيرات المناخية”

وفقاً لدراسة حديثة أصدرتها الجمعية اليمنية لرعاية الأسرة (حكومية)، فإن تغير المناخ ينتج عنه المزيد من النازحين واللاجئين؛ حيث يؤدي تدهور الأراضي ومصادر المياه إلى نزوح الناس بحثاً عن الموارد الحيوية، ولهذا يكون النازحون أكثر عرضة لتغير المناخ والظواهر الجوية المتطرفة.

في ديسمبر 2023، كشف تقرير صادر عن الأمم المتحدة، أن 77% من حالات النزوح الداخلي في اليمن هذا العام 2023، ناجمة عن التغيرات المناخية.

التقرير الأممي، أشار إلى تضرر أكثر من 170 ألف شخص في اليمن بفعل الظروف المناخية القاسية التي يشهدها اليمن، وهو الأمر الذي دفع الحكومة اليمنية لمناشدة الأمم المتحدة لدعمها في مواجهة النزوح الناجم عن تغير المناخ.

وفي تقرير حديث للبنك الدولي نُشر منتصف ديسمبر/ كانون الأول 2023، اعتبر أن انعدام الأمن الغذائي يمثل التحدي الأكبر الذي يواجه اليمن حاليا في ظل استمرار الحرب وتصاعد معدلات التضخم والتغير المناخي.

تقرير البنك الدولي، أشار إلى إن عدد اليمنيين الذين يعانون من الجوع كل يوم زاد بمقدار 6.4 مليون شخص خلال السنوات التسع الأخيرة من الحرب وتداعياتها الاقتصادية والإنسانية الكارثية، مع ارتفاع عدد الذين يعانون من الجوع إلى 17 مليون نسمة في 2023 بينما كان هذا العدد 10.6 مليون شخص عام 2014.

وتشير تقارير وبيانات رسمية إلى تأثر جميع المناطق الزراعية في اليمن بالجفاف مع ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة خلال الأعوام الماضية، وارتفاع نسبة التصحر من 90 بالمئة عام 2014 إلى 97 بالمئة عام 2022. الأمر الذي أدى إلى خسارة سنوية تتراوح بين 3 و5 % وخمسة بالمئة من الأراضي الصالحة للزراعة.

 

“الحرائق تلاحق النازحين”

معاناة النازحين لا تتوقف عند حدٍ معين من الصعوبات، فمخيمات النزوح في العديد من المحافظات اليمنية لا سيما في مأرب (شرق) والحديدة (غرب) تشهد حوادث حرائق مستمرة.

منذ مطلع العام الحالي وحتى اليوم، بلغ عدد الحرائق في مخيمات محافظة مأرب 160، أتت على أكثر من 213 مأوى للأسر النازحة، بينهم مهاجرون أفارقة، كما أسفرت عن مقتل 7 أشخاص وإصابة 18 آخرين.

في مايو من العام الجاري، اندلع حريق موقع بئر فضل (3) للنازحين في العاصمة اليمنية عدن لأسباب تتعلق بالطهي ما أدى إلى ألحاق الأضرار بمخيمات ومعدات الأسر النازحة.

وفي يونيو من العام الجاري، اندلع حريق في مخيم نازحين بمديرية القناوص بمحافظة الحديدة، ما أدى إلى التهام 11 مسكنا، بما فيها من أثاث وغذاء ومواشي، دون وقوع إصابات.

وفي نوفمبر اندلع حريقا هائلا في مخيم الجشة بمدينة الخوخة الساحلية جنوبي الحديدة، ما أدى إلى وقوع خسائر مادية كبيرة في المخيم الذي يحوي قرابة 1200 أسرة نازحة.

“موجات نزوح جديدة”

أدت الأمطار الغزيرة والفيضانات التي شهدتها اليمن خلال هذا العام 2023، إلى موجات نزوح جديدة، وسط تحذيرات من انتشار العدوى بالأمراض المستوطنة بين النازحين.

وأفاد صندوق الأمم المتحدة للسكان، في تقرير حديث له، أن الأمطار الغزيرة جاءت على ما يقرب من مليوني نازح إضافي في 11 محافظة من أصل 22 محافظة يمنية، مشيراً إلى أن الأزمات المناخية تؤدي إلى تفاقم الضعف والمخاطر الكامنة في النزوح، خاصة بالنسبة للنساء والفتيات.

ولفت إلى مجموعة آلية الاستجابة السريعة التي يديرها، تلقت بلاغات عن تأثر أكثر من 349 عائلة تتكون من 2443 فرداً، يقيم معظمهم في مواقع النزوح، بالأمطار الغزيرة والفيضانات في تسع محافظات يمنية، وذلك خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى مارس / آذار من هذا العام.

التقرير، كشف أن الفيضانات المفاجئة التي ضربت اليمن منذ مطلع العام الجاري 2023، أجبرت أكثر من 200 ألف شخص على النزوح منذ بداية العام الجاري 2023

ولا يقتصر أثار الأمطار على هذه النحو، إذ حذرت منظمات دولية، من انتشار الأمراض المستوطنة في مخيمات النازحين بمختلف مناطق النزوح في اليمن وفي أوساط المجتمعات المضيفة، وعزت ذلك إلى نقص تمويل برامج الرعاية الصحية، وهطول الأمطار، ما يزيد من احتمالات عودة انتشار الأمراض المستوطنة

وقدّرت المنظمة الدولية للهجرة، من يواجهون خطر انتشار هذه الأمراض بنصف مليون نازح ومهاجر، إضافة إلى أفراد المجتمع المضيف، خصوصاً في محافظتي مأرب شرق العاصمة صنعاء، والحديدة غرباً، ومنطقة الساحل الغربي التي تمتد إلى غرب محافظتي تعز جنوباً وحجة شمالاً، إلى جانب بعض المخيمات في شمال البلاد.

 

رفض العودة

بالرغم من حجم المعاناة وانخفاض حدة الصراع في البلاد، إلا أن النازحين اليمنيين، لا يزالون يرفضون العودة إلى مناطقهم الرئيسية التي هاجروا منها، لا سميا تلك التي لا تزال خاضعة لسيطرة الحوثيين، فقد بينت عينة دراسة حول نوايا النازحين داخلياً رفضهم العودة إليها.

ففي مايو 2023، قامت مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة بتقييم نوايا النازحين المتعلقة بالعودة في 193 موقع نزوح في خمس محافظات، وهي الضالع وعدن والحديدة ومأرب وتعز.

وأجرت فرق المنظمة الدولية للهجرة مقابلات مع 13,307 أسرة، كان 12.2% منها تعتزم العودة إلى مواقعها الأصلية. وتتكون هذه المجموعة من 2.5 في المائة (من إجمالي السكان الذين تمت مقابلتهم) ممن يعتزمون العودة في غضون ستة أشهر و9.7 في المائة ممن لا يخططون للانتقال قبل ستة أشهر من وقت إجراء الاستبيان.

وتباينت النوايا بشكل كبير بين المحافظات، إذ أن 1.4 إلى 14.1 في المائة فقط يعتزمون العودة في الحديدة وعدن ومأرب مقارنة ب 43 في المائة في تعز و39.2 في المائة في الضالع.

واختارت المنظمة الدولية للهجرة خمس محافظات يمكن الوصول إليها في الجنوب بناءً على بيانات تقييم المناطق (نوفمبر 2022)1. وسجل التقييم وجود 2,302,346 نازحاً في المواقع التي يمكن الوصول إليها في المحافظات الـ 12 التي تم تقييمها والتي تخضع لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.

وتبين أن نحو ثلثي هؤلاء النازحين في مأرب (64%، 1,472,234 نازح). وتليها تعز بعدد 318,312 نازحاً بنسبة 14% من العدد الإجمالي. أما النسبة المتبقية البالغة 22 في المائة (511,800 نازحاً داخلياً)، فتتوزع على المحافظات العشر المتبقية، ولا سيما في الحديدة (5%، 105,799) وعدن (4%، 100,011).

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الحرب الحوثيون النازحين اليمن تقارير حصاد 2023 الدولیة للهجرة الأمم المتحدة العام الجاری فی المائة فی الیمن نزوح فی أدى إلى أکثر من

إقرأ أيضاً:

اليمن.. الفيضانات تفاقم معاناة المدنيين وتضاعف الأزمات

أحمد شعبان (عدن، القاهرة)

أخبار ذات صلة الإمارات: الالتزام بتعزيز «الدبلوماسية الرياضية» في بناء السلام «اليونيسف»: أطفال لبنان يعيشون المرحلة الأكثر دموية

أعلنت الأمم المتحدة عن تضرر أكثر من 900 ألف شخص جراء الفيضانات في اليمن، خلال العام الجاري.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» في منشور عبر منصة «إكس»: «في عام 2024، تضرر أكثر من 900 ألف شخص في اليمن جراء الفيضانات، معظمهم من النازحين داخلياً». 
وأضاف أن «أحداث تغير المناخ تزيد من حدة الاحتياجات الإنسانية الملحة بالفعل في اليمن».
وتابع «تحتاج وكالات الإغاثة إلى زيادة الدعم لملايين الأشخاص في الأزمات الإنسانية التي تواجه حالات طوارئ متعددة القطاعات في اليمن والعالم». 
يشار إلى أن اليمن يعد أحد أكثر البلدان المتضررة من تغير المناخ، وسط صعوبات كبيرة في مواجهة تداعيات الفيضانات التي تسببت أيضاً بمقتل وإصابة مئات الأشخاص هذا العام. 
وقال وكيل وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان في اليمن، نبيل عبدالحفيظ، في تصريح لـ «الاتحاد» إن محافظات حجة وصعدة ومأرب والحديدة وتعز وسهل تهامة بشكل عام، والساحل الغربي على البحر الأحمر، تعرضت خلال الفترة الماضية لسيول قوية، تسببت في خسائر بشرية كبيرة، وهدم وتصدع العديد من المنازل، بالإضافة إلى تجريف واسع للأراضي الزراعية.
وأوضح عبدالحفيظ أن سكان تلك المناطق يتعرضون لـ«مشاكل مركبة»، لأن معظم البيوت طينية أو من القش، وبالتالي لم تصمد أمام السيول الجارفة، فحدثت الكارثة وخلفت خسائر، ولا توجد أي جهة يمكن أن تقدم دعماً للمناطق المنكوبة، بسبب سيطرة الحوثيين عليها والذين لا يقدمون أي معونات لإنقاذ المتضررين.
وحذر من أن السيول التي جرفت مساحات واسعة من الأراضي، جرفت أعداداً كبيرة من الألغام الأرضية والمتفجرات التي زرعها الحوثي في هذه المناطق، ما أدى إلى حدوث انفجارات أصابت عدداً من المزارعين ورعاة الأغنام، وأصبحت الألغام أكثر خطورة وعرضة للانفجار في أي وقت، مما جعل وضع البلاد أكثر مأساوياً.
وأعرب عبدالحفيظ عن أمله بتدخل الجهات الدولية والمؤسسات الإغاثية لتقديم المساعدات الإنسانية للمناطق المنكوبة خاصة مع اقتراب فصل الشتاء.
من جهته، أشار مدير مكتب حقوق الإنسان في أمانة العاصمة صنعاء، فهمي الزبيري، إلى أن الأمطار الموسمية الغزيرة تسببت في أضرار جسيمة ونزوح في العديد من المناطق اليمنية، مما فاقم الوضع الإنساني المتردي منذ 10 سنوات بسبب الحرب التي أشعلتها جماعة الحوثي.
وأشار الزبيري، في تصريح لـ «الاتحاد»، إلى أن مخيمات النازحين هي الأكثر تضرراً من السيول والأمطار، بجانب البنية التحتية، والمدارس والطرق والمرافق الصحية، وتأثر سبل العيش التي كانت في الأصل ضعيفة، وعشرات المنازل دُمّرت كلياً وجزئياً، مما أرغم عشرات العائلات على النزوح، وتعرض المناطق الزراعية إلى أضرار بالغة.
وذكر أنه في الوقت الذي تتزايد فيه المآسي والكوارث والدمار بسبب السيول والأمطار، لم تهتم جماعة الحوثي بالضحايا أو تقديم المساعدة لهم، كونها تسيطر على تلك المناطق وتجبي مبالغ كبيرة من التجار والمؤسسات والشركات.
وأشار الزبيري إلى أن تدخل المنظمات الدولية كان ضعيفاً وليس بالشكل المطلوب، ويجب على المجتمع الدولي دعم اليمن بصورة عاجلة وتوسيع نطاق الاستجابة للظواهر المناخية الشديدة، والاحتياجات العاجلة، والتي تشمل مواد الإغاثة الطارئة والمأوى والمساعدات المالية والغذائية والمياه والصرف الصحي والملابس، وحماية المدنيين وتوفير الإمدادات الطبية لضمان استمرارية الرعاية ودعم الإمدادات والمرافق الصحية.

مقالات مشابهة

  • مسؤول في “البنتاغون”: اليمن أصبح يمتلك تكنولوجيا صناعة الصواريخ الباليستية التي تستحوذ عليها الدول المتقدمة فقط
  • “السعيطي” يناقش مع وزير الشؤون الاجتماعية القضايا التي تمس الشباب
  • حصاد ضعيف يهدد لقمة العيش.. هل ينجو اليمن من أزمة الغذاء؟
  • اكتشاف حطام المدمرة “يو إس إس إدسال” التي غرقت بالحرب العالمية الثانية
  • ما أهمية قاعدة “عاموس” الصهيونية التي استهدفها حزب الله؟
  • عملية “ناحال سوريك”.. اليمن يضرب في العمق الصهيوني
  • اليمن.. الفيضانات تفاقم معاناة المدنيين وتضاعف الأزمات
  • مخاطر “التصعيد” على اليمن.. الأعداءُ سيدفعون الثمن
  • من غزة إلى لبنان: معاناة الأطفال التي لا تنتهي بين نارين
  • عطوان: استهداف اليمن لحاملة الطائرات الأمريكية “أبراهام” إنجاز يرفع الرأس ويُخلّد في التاريخ