جامع ابن علوان في اليمن.. معلم ديني وتاريخي مهدد بالانهيار (تقرير خاص)
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من سهيل الشارحي
بأهازيج صوفية وإيقاع ديني ترتفع أصوات زائري جامع أحمد بن علوان، الواقع بمنطقة يفرس غربي مدينة تعز اليمنية، فتخطف الروح لحظات من روحانية المكان وقداسته، فتصبح النفس مطمئنة، لما للمكان من أهمية دينية وتاريخية.
وجامع ابن علوان، يعد من أشهر المساجد الأثرية القديمة في اليمن، وله أهميته التاريخية والدينية من كونه ينسب لمؤسسه شيخ وصوفي اليمن الشيخ أحمد بن علوان مؤسس الصوفية، كما يحتضن ضريحه ويعتبر مزاراً مهماً يؤمه الناس، لكنه اليوم بات عرضه لعوامل عدة تهدد باندثاره وسقوطه.
والشيخ أحمد بن علوان هو إمام الصوفية وفيلسوفهم في العصر الرسولي، نشأ في أحضان الرئاسة والعلم، وكان والده في خدمة السلطان ومن كتابه، وكاد الشيخ أن ينتهج طريق والده في خدمة السلطان، الإ انه تحول إلى طريق التصوف تحت تأثير خارق، ولزم الخلود والعبادة، واشتهر بحن الوعظ، فقد كان يسلك في وعظه طريقة ابن الجوزي حتى لقب بجوزي اليمن، وله رسائل كثيرة ومؤلفات جمعت في مجلدات.
وبعد أن توفي صارت لضريحه مكانة مقدسة بل وتقام زيارة سنوية له في منتصف شهر ربيع الأول من كل عام، سمتها المصادر التاريخية باسم (يوم الجمع المبارك) ويعد هذا الضريح من الآثار الإسلامية المتميزة في طرازها المعماري والزخرفي.
يعود تأريخ بناء المسجد، إلى العام 921هـ، وفي عهد الملك عامر بن عبد الوهاب الذي أمر ببناء الجامع الخاص بالصلاة في جوار الضريح والذي تعلوه قبة كبيرة وثمن قبب صغيرة، ومع مرور الزمن بات هذا المسجد، احد أهم المعالم السياحية على مستوى البلاد.
ويمتلك المسجد أربعة مداخل رئيسية منها، سميت بأسماء “باب السلام والباب الشرقي والباب العدني الذي يتصل بالمدرج من أسفل القرية، وله منارات أحدها تصل إلى طول سبعة أمتار كانت تستخدم قديمًا مئذنة، أما الأخرى مركبة، على شكل حرف واو مصنوعة من مادة الياجور وتحتوي على ثلاثة أحواج والرابع يحتوي على هلال المنارة.
وبزخرفة معمارية شيد المسجد، وقبة الضريح على ربوة مرتفعة من الأرض، يصعد إليه من الجهة الغربية بواسطة درج من السلالم الحجرية ويمكن الدخول إليه عبر ثلاثة مداخل، واتبع في تخطيط المبنى نظام تخطيط المدارس في العصر الرسولي، فبيت الصلاة عبارة عن مستطيل.
ويغطي المسجد قبة كبيرة وعلى جانبيها أربع قباب صغيرة كروية الشكل محمولة على عقود كبيرة ذات أربعة مراكز، ويتوسط جدار القبلة محراب يقام على يمنيه منبر خشبي يرجع تاريخه إلى العصر الطاهري، بناءً على النصوص التاريخية التي دونت عليه، فضلاً عن زخارف هندسية ونباتية.
أما عن باحة المسجد يتواجد ثلاثة برك مائية يطلق على أوسطها بالأسطى لأنها تتوسط بركة القنديل، ويوجد فيها أيضاً 12مستار وهي عبارة عن حجرة كبيرة تم نحتها من تحت في هيئتها والتي تدلل على عبقرية الإنسان اليمني في الفن المعماري خلال تلك الحقبة.
ما يدلل على عبقرية الإنسان اليمني في الهندسة المعمارية في ذلك العصر، هو تزويد المسجد بالمياه من خلال احواض مائية تتواجد على بعد 5 كيلو متر من جهة الغرب ويتم إيصالها عبر ساقية تخترق جبلين تسمى الهدارة.
تم بناء الساقية بالتزامن مع إنشاء المسجد، وهي عبارة عن أحجار مبنيه بشكل هندسي متقن مطلية بمادة الجاص، وبطول يصل الى 5كيلو مترا تبدأ من منبع المياه في منطقة هداره والتي يطلق عليها ( البحور) حتى الجامع مرورًا بوادي هداره، وحتى لا يعيق المزارعين تم دفنها بشكل كبير في التربة، ليس هذا فحسب بل أن الساقية تمر أيضاً في جبل هداره لكن عبر نفق وبمسافة طويلة لتظهر في أسفل الجبل الآخر بمنطقة الارجم .
لكي تصل المياه من منطقة الارجم إلى مدينة يفرس يجب أن تمر بشكل متعرج تحت الطريق العام، وبجانب سوق الجمعة وصولاً إلى قبة حارة الحيضان ليستفيد أهالي يفرس منها، ومن ثم يتم تحميل الساقية عبر عقود حجرية بامتداد سوق يفرس وصولاً الى الجامع امام باب السلام، وبعدها تدخل الساقية في نفق الجامع وصولاً للبركة الصغرى ومنها تتفرع الى البركة الكبرى والوسطى ومن ثم ينحدر فائض الماء إلى الأراضي الزراعية في أدنى القرية.
لم يشهد مسجد ابن علوان التاريخي والأثري منذ عقود للترميم والاهتمام، ما جعل المسجد عرضه للسقوط والتهدم، فقباب حمام البخاري والغرف التابعة له اصبحت مهددة بالزوال، فقد ظهرت عليها تشققات أدت إلى تسرب المياه من الحائط الخارجي للمسجد لتتساقط الأتربة المحيطة بالجامع من الجهة الغربية.
وبالرغم من أن الجامع يعتبر من أهم المعالم السياحية والتاريخية، التي يتوافد إليها السياح والزوار طيلة السنة من جميع أنحاء العالم ولي من اليمن فحسب، إلا أن ما ظهر سابقًا من تشققات في المسجد جعل كثيرين من السياح في اليمن يبدون تذمرهم من الوضع الذي آل إليه هذا الجامع الأثري.
“أساطير مستمرة”وفي حين يواجه هذا المعلم الديني العديد من الظواهر التي تهدد بسقوطه، لا تزال هناك العديد من الأساطير والحكايات التي يتداولها الناس عن جامع وضريح ابن علوان التي لا تزال شائعة في المجتمع اليمني حتى اليوم.
وعلى الرغم من أن تلك القصص يمكن تصنيفه في إطار الأساطير والخرافات إلا أنها تحظى بشعبية وإيمان كبيرين في صفوف كثيرين من البسطاء اليمنيين.
وبصرف النظر عن الجدل القديم المتجدد الذي أثير قديما ولايزال حول جامع ابن علوان، يظل هذا الصرح أحد أبرز المعالم الأثرية والدينية والسياحية التي بلغت شهرتها الآفاق على مستوى اليمن والمنطقة عموما.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
شاهد أيضاً إغلاق أخبار محلية
عملية عسكري او سياسية اتمنى مراجعة النص الاول...
انا لله وانا اليه راجعون ربنا يتقبله ويرحمه...
ان عملية الاحتقان الشعبي و القبلي الذين ينتمون اغلبيتهم الى...
مع احترامي و لكن أي طفل في المرحلة الابتدائية سيعرف أن قانتا...
مشاء الله تبارك الله دائمآ مبدع الكاتب والمؤلف يوسف الضباعي...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: بن علوان فی الیمن فی صنعاء
إقرأ أيضاً:
استقرار برشلونة مهدد بعقود «تحت المراقبة»!
أنور إبراهيم (القاهرة)
في الوقت الذي اعتقدت فيه إدارة برشلونة أنها توصلت إلى حالة «استقرار مالي»، ونجحت في «تنقية» أموالها و«سقف الرواتب» بعد أشهر من الاضطراب والتذبذب المالي، إذ بها تُفاجأ بظهور مشكلات جديدة، منها تأخر أعمال تحديث استاد «كامب نو»، ووجود خلاف مع رابطة «الليجا» يتعلق ببعض مقاعد الـ «VIP» باستاد «كامب نو».
وذكرت مصادر صحفية إسبانية مستقلة أن الوضع المالي لبرشلونة يدعو إلى القلق منذ أسابيع رغم الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار المالي المأمول، إذ تواجه إدارة «البلاوجرانا» صعوبات جديدة، رغم نجاح تسجيل اللاعبين داني أولمو وباو فيكتورفي رابطة «الليجا»، بعد أن استفادت من قاعدة (1:1)، وأيضاً بفضل بيع بعض مقاعد الشخصيات المهمة بـ «كامب نو» في يناير الماضي، إلا إن هذا «الهدوء المالي» كان مؤقتاً وقصير الأجل، وينذر بـ «عاصفة» في المستقبل.
وأضافت المصادر نفسها أن تأخر آليات تنفيذ تحديث «كامب نو»، الذي كان من المقرر افتتاحه في مارس المقبل، حال دون الحصول على الإيرادات المتوقعة من إعادة تشغيله، ما يُعقّد الموقف المالي بدرجة أكبر، بينما ينتظر النادي ضخ هذه الأموال لكي يتنفس من جديد مالياً.
وفي المقابل، هناك ملف آخر يتعلق بالاتفاق الذي تم توقيعه مع مؤسسة «New Era Visionry Group»، التي حصلت على حق استغلال بعض مقاعد الشخصيات المهمة في الـ«الكامب نو»، ويثير القلق فيما يتعلق بالإيرادات التي تدخل على ميزانية النادي، إذ أن رابطة «الليجا» تشكك في هذا الاتفاق، حيث ترى أن العلاقة بين هذه المجموعة وبين إدارة النادي مبالغ فيها وتتجاوز حدود المنطق، مشيرة إلى صفقة مماثلة مع فرع شركة «Barca Vison».
واعتبرت رابطة «الليجا» هذا النوع من «المناورات» يؤثر على المنافسة مع الأندية الأخرى التي تحترم قواعد «سقف الرواتب» و«اللعب المالي النظيف».
وذكرت مصادر قريبة من «الكتالوني» أن خوان لابورتا رئيس النادي مطالب بإيجاد حلول لهذه الملفات تجنباً لتدهور الوضع المالي بصورة أكبر.
وما بين عوائد دخل «منقوصة» وعقود «تحت المراقبة»، يجد برشلونة نفسه في وضع «غير مُريح» على الإطلاق، ما يؤثر على الصفقات المستقبلية والإدارة المالية بصورة شاملة.