الخوف من قول لا يضر بصحتكِ.. تحذير من طبيبة نفسية للمرأة العاملة
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
أظهرت العديد من الدراسات التي أُجريت حول وضع المرأة في مكان العمل، أن حياتها المهنية عبارة عن "حبل مشدود"؛ إذ يُنظر إليها على أنها تخالف الثقافة السائدة بأن "النساء لطيفات وعاطفيات ومضحيات بأنفسهن دائما" حين تكون قوية وجادة في عملها، في حين توصف بأنها ضعيفة وقليلة الكفاءة حال بدت في عملها شديدة اللطف والتعاطف.
دراسة أجرتها كلية هاس لإدارة الأعمال بجامعة كاليفورنيا في عام 2022، وجدت أن النساء "يُتهمن بالافتقار إلى اللطف عندما يتصرفن بمزيد من القوة والقدرة في العمل"، وأن "النساء اللاتي يتحدثن بطريقة حازمة في العمل، غالبا ما يُعتبرن أقل تأثيرا وأكثر تهديدا من زملائهن الرجال".
في المقابل، وجدت دراسة نُشرت في عام 2019؛ أن المرأة توصف بأنها ضعيفة وأقل كفاءة إذا بدت في عملها شديدة اللطف والتعاطف. وهو ما يُعرض المرأة العاملة للضغط في الحالتين، ويجعل الطريقة الوحيدة لنجاحها واستمرارها، هي أن تعثر على حل لتحقيق التوازن المثالي بين هذين الوضعين غير العادلين؛ وفقا لموقع "آي إن سي" المختص بمجال الأعمال.
الاجتماعات المرهقة"رغم أن الاجتماعات من المفترض أن توفر للنساء العاملات أفضل فرصة لإثبات قيمتهن وقدراتهن القيادية في العمل؛ تجدها العديد منهن محبطة ومرهقة للغاية"؛ وفقا لخبيرة النجاح الوظيفي الأميركية آندي كرامر في مقال نُشر بمجلة "فوربس".
وبحسب استطلاع رأي شمل 270 مديرة في 500 شركة في عام 2014؛ أفاد أكثر من نصفهن بأن الاجتماعات المشتركة مع زملائهن من الرجال، ممن لديهم سيطرة كبيرة على تقدمهن المهني؛ تشوبها مشكلتان أساسيتان:
الأولى: ما يواجهنه من صعوبة في خوض النقاشات، حيث يتم تجاهلهن أو تجنّب الحديث إليهن. الثانية: عندما يتمكنّ من الحصول على فرصة للحديث، تتم مقاطعتهن وتحديهن باستمرار.القائمون على استطلاع الرأي خلصوا إلى أن الاجتماعات تشكل عقبة في طريق عرض أفكارهن بشكل فعال، أو عدم الاعتراف بها عندما تُعرض في كثير من الأحيان. وفي مواجهة هذه المشكلة، تحاول العديد من النساء التصرف بشكل أكثر حزما، فيتم انتقادهن باعتبارهن عدوانيات؛ أو يُبقين أفواههن مغلقة ويبتسمن بأدب، فيُنظر إليهن حينها باعتبارهن سلبيات.
وفي شأنٍ متصل، وجدت دراسة أجريت في عام 2012، أن الرجال يتحدثون 75% من الوقت في اجتماعات العمل، وأن العديد منهم يشعرون بأن التعامل مع النساء أمرٌ مرهق ومحفوف باحتمالية الصراع والخلافات.
بينما قالت النساء إنهن يجدن صعوبة -إن لم يكن استحالة- في الحصول وقت كافٍ للحديث، مما يشعرهن بالتجاهل، والإحباط من تكرار مقاطعة الرجال لهن.
وهو ما أكده باحثون بجامعة جورج واشنطن، طلبوا من مجموعة من النساء والرجال مناقشة موضوعات لمدة 3 دقائق؛ فوجدوا أن المرأة قاطعت الرجل مرة واحدة، مقابل مقاطعته لها أكثر من 2.5 مرة.
وبعد تحليل شمل 43 دراسة منشورة، وجد باحثون من جامعة كاليفورنيا، أن السبب الرئيسي الذي يجعل الرجال يقاطعون النساء هو تأكيد هيمنتهم، وأخذ الكلمة منهن.
على صعيدٍ آخر، ذكرت عالمة النفس الأميركية ميتال إيال في مقال نشرته مجلة "تايم" مؤخرا، أن النساء يشكلن حوالي 80% من حالات أمراض المناعة الذاتية، وأنهن أكثر عرضة للمعاناة من الألم المزمن، والأرق، ومتلازمة القولون العصبي، والصداع النصفي، بل والوفاة من نوبة قلبية مقارنة بالرجال؛ وأنهن يعانين من الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة بمعدل الضعفين، ومن فقدان الشهية بمعدل 9 أضعاف ما يعانيه الرجال.
ورفضت الدكتورة إيال حصر سبب إصابة النساء بهذه الأمراض بمعدل أعلى، في الفوارق الوراثية والهرمونية وحدها؛ معتبرة أن "العوامل النفسية والاجتماعية التي ربطت المرأة بسلوكيات الرضوخ، ونكران الذات الشديد، وقمع الغضب؛ قد تكون هي التي جعلتها أكثر عرضة للأمراض المزمنة"؛ مستندة في ذلك إلى أدلة كثيرة كشفت أن إسكات الإناث لأنفسهن، لا يرتبط فقط بمشاكل نفسية مثل الاكتئاب واضطرابات الأكل فقط، ولكنه يُسبب أمراضا جسدية أيضا.
سلبية قد تهدد الحياةتضيف دكتورة إيال، أنه على سبيل المثال، في عام 2022، اكتشف باحثون في جامعة بيتسبرغ، أن السيدات من ذوات البشرة الملونة اللاتي اعتدن على عدم التعبير عن غضبهن للمقربين منهن، كن أكثر عرضة بنسبة 70% لخطر الإصابة بنوبة قلبية. كما ربطت دراسات أخرى "بين إسكات النساء لذواتهن، ومتلازمة القولون العصبي والتعب المزمن والسرطان، وارتفاع خطر الوفاة المبكرة".
ونتيجة لذلك، تحاول العديد من النساء تجنب الصراع وتحاشي قول "لا" أو إبداء آراء أو اتخاذ قرارات حازمة في العمل، تفاديا لتعطيل حياتهن المهنية؛ وبدلا من ذلك، يسعين لإرضاء من حولهن في محيط العمل واستيعابهم دائما. لكن إيال تقول "عندما تضغط المرأة على مشاعرها، وتصل إلى قناعة بأن إسكات الذات هو الأسهل والمفيد بدلا من السباحة ضد التيار السائد؛ فإن صحتها تتأثر".
تنصح إيال المرأة "بالتركيز أكثر على مدى فهمها لمشاعرها تجاه المحيطين بها، والاقتناع بأنه لا يجب إسكاتها وتجاهلها". وبدلا من كبت غضبها، "عليها التعبير عن وجهات نظرها بحرية، ووضع حدود أفضل لنفسها"؛ بشرط تأكدها من الإلمام بالحقائق حول أي موضوع، ومعرفة كيف ومتى تتحدث، ومتى تقول "لا".
أما آندي كرامر، فتوضح أنه "من الضروري أن تكون النساء في قمة اللياقة النفسية في الاجتماعات، وأن يكنّ قادرات على التألق والتعبير عن أفكارهن بوضوح، واستعراض ما لديهن من كفاءات وإنجازات وإمكانات بالكامل؛ لضمان الحصول على فرصة عادلة والتعامل بفعالية مع أي تحديات".
وعند التعرض للمقاطعة في اجتماعات العمل المختلطة بين الجنسين، "على المرأة أن تحافظ على حقها في الحديث، دون شعور بالخوف أو الارتباك أو فقدان الثقة".
وتشير كرامر إلى أن "المرأة إذا استطاعت أن ترفض بحزم التخلي عن دورها في إبداء رأيها، مع احتفاظها بالتهذيب واللطف، فإنها ستؤكد بقوة على أن أفكارها مهمة، وأنها شخص يجب أن يؤخذ على محمل الجد".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: العدید من أکثر عرضة فی العمل فی عام
إقرأ أيضاً:
هل للزوجة ذمة مالية مستقلة عن زوجها؟.. المفتي يحسم الجدل
أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، أن الإسلام أقرَّ مبدأ استقلال الذمة المالية للمرأة منذ أكثر من 1400 عام، حيث كفل لها حق التملك والتصرف في أموالها دون تبعية للرجل، سواء كان أبًا أو زوجًا أو أخًا أو ابنًا.
وأوضح مفتي الديار المصرية، خلال حلقة برنامج "حديث المفتي"، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس، أن القرآن الكريم جاء واضحًا في هذا الشأن، مستشهدًا بقول الله تعالى: "للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن"، مما يؤكد أن المرأة لها استقلال مالي كامل كالرجل، ولا يجوز لأحد أن يصادر حقها في التصرف بأموالها أو التحكم فيها بغير إرادتها.
وأضاف المفتي أن الإسلام أعطى المرأة الحق في البيع والشراء والتجارة وإبرام العقود المالية دون الحاجة إلى إذن وليها أو زوجها، إلا أن استشارته من باب الفضل والمودة، كما أن الإسلام جعل النفقة واجبًا على الرجل، وليس على المرأة، حتى لو كانت غنية، استنادًا إلى قوله تعالى: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم".
وفيما يتعلق بالعمل والكسب، أكد الدكتور نظير عياد، أن الإسلام لم يفرض العزلة الاقتصادية على المرأة، بل منحها الحق في العمل المشروع والتجارة والاستثمار، مشيرًا إلى أن السيدة خديجة رضي الله عنها كانت من أبرز سيدات الأعمال في مكة، والنبي ﷺ نفسه كان يدير تجارتها.
وحذَّر فضيلة المفتي من الأفكار المتطرفة التي تحاول فرض تبعية المرأة ماليًا للرجل، موضحًا أنه لا يوجد أي نص شرعي يشترط إذن الرجل للمرأة في التصرف بمالها، وأن الحديث عن ضرورة موافقة الزوج على تصرفات زوجته المالية يقع في دائرة الاستحباب وليس الإلزام الشرعي.
وأكد الدكتور نظير عياد أن الإسلام سبق القوانين الحديثة في تقرير استقلال الذمة المالية للمرأة، في الوقت الذي كانت فيه الحضارات الأخرى تعتبرها تابعة لزوجها ولا تملك أي حقوق مالية.
وشدد على ضرورة التوازن في العلاقة بين الرجل والمرأة، بحيث تقوم على المودة والرحمة، بعيدًا عن الظلم أو الاستغلال، تحقيقًا لمقاصد الشريعة الإسلامية في بناء مجتمع متماسك ومتوازن.