"ليست حرب نتنياهو" وجهة النظر تلك لا يتبناها الكثير من الجمهور الإسرائيلي فحسب فيما يتعلق بقدرة رئيس الحكومة الإسرائيلية على قيادة دولة الاحتلال في المرحلة الحالية، ولكن أيضا هي اعتقاد راسخ لدى أعلى المستويات في المؤسسات الأمنية والسياسية.  

وبحسب صحيفة التايمز البريطانية، فإن ثلثا الإسرائيليين يريدون إجراء انتخابات عامة بمجرد توقف الحرب، ويرون أن نتنياهو يتحمل مسؤولية هجوم حماس في 7 أكتوبر/ تشرين أول المنصرم؛ بسبب عناصر الحركة تسيطر على قطاع غزة دون اعتراض.

   

وعلى الرغم من أن الكثيرين خارج إسرائيل يعتبرونه داعية للحرب، إلا أن نتنياهو لم يكن مرتاحًا أبدًا لخوض حروب واسعة النطاق يحتاج فيها إلى وضع مصير إسرائيل، ومستقبله السياسي، في أيدي الجيش الإسرائيلي.     

غير موثوق  

أفاد استطلاع للرأي أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي في منتصف ديسمبر/ كانون أول، أنه على الرغم من أن 66 % من الإسرائيليين يعتقدون أن قوات الدفاع الإسرائيلية قادرة على تدمير قدرات حماس العسكرية في غزة، فإن أكثر من ذلك، 69%، قالوا إنهم يريدون إجراء الانتخابات بمجرد انتهاء الحرب على غزة.  

وبحسب نتائج الاستطلاع ذاته، قال 39% فقط ممن صوتوا لصالح حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو إنهم سيفعلون ذلك مرة أخرى.  

وفي استطلاع آخر أجرته جامعة بار إيلان، أفاد 24% فقط من الإسرائيليين إنهم يعتقدون أن نتنياهو هو المصدر الأكثر موثوقية للأخبار المتعلقة بالحرب.  

وقال 73% أن المتحدث العسكري الرسمي هو مصدرهم الأكثر ثقة.  

وليس أفراد الجمهور فقط هم الذين لا يثقون أن نتنياهو قادر على قيادة إسرائيل في هذه الحرب الجارية على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول المنصرم، بل تتبني أعلى المستويات في المؤسسات الأمنية والسياسية الرأي ذاته.  

ونقلت التايمز عن أحد كبار المسؤولين قوله إن: "القرارات اليومية بشأن الحرب يتخذها الجنرالات الثلاثة السابقون في حكومة الحرب"، في إشارة إلى وزير الدفاع يوآف جالانت وبيني جانتس وجادي آيزنكوت، رؤساء أركان الجيش الإسرائيلي السابقين، الذين يشغلون الآن منصب رئيس الأركان بعد انضمامه إلى حكومة نتنياهو في بداية الحرب.  

وفيما يتعلق بالقرارات الكبرى، مثل موعد شن الهجوم البري على غزة، وما إذا كان سيتم قبول صفقة إطلاق سراح الرهائن وهدنة لمدة أسبوع، تأخر نتنياهو وتردد لأسابيع. 

وهذا هو الآن نهجه تجاه القرار الكبير التالي الذي يواجه إسرائيل – كيف ومتى سيتم تقليص الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة. 

مأزق    

وبحسب مكتبه، أكد نتنياهو خلال زيارته للخطوط الأمامية للحرب فى غزة الإثنين قوله للجنود: "نحن نعمق رقعة الحرب في قطاع غزة، وسنستمر في القتال حتى تحقيق النصر المطلق على حماس". 

وأضاف: "للحرب ثمن باهظ جدا، وإنها الطريقة الوحيدة لإعادة مخطوفينا، والقضاء على حماس، وضمان أن غزة لن تعود تشكل تهديدا على إسرائيل". 

وأكد نتنياهو أن إسرائيل "لن توقف حربها في قطاع غزة الآن، حتى تحقيق النصر على حماس، ويستغرق هذا الأمر وقتًا طويلا، لكننا موحدون مقاتلين وشعبا وحكومة". 

وعلى الرغم من تلك التأكيدات التي لا لبس فيها، فإن رسائل نتنياهو فى القنوات السرية أقل صراحة من حديثه مع الجنود.   

وفي هذا الصدد، فوض نتنياهو ديفيد بارنيا، مدير الموساد بالتفاوض على هدنة مؤقتة ثانية مع حماس مقابل إطلاق سراح 40 أسيرا إسرائيليا من غزة. 

كما يزور وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر واشنطن هذا الأسبوع لإجراء محادثات مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن حول خطوات إسرائيل التالية لتقليص حجم عملياتها في غزة. 

وذكرت الصحيفة أن نتنياهو في مأزق صعب للغاية فقد تراجعت شعبيته السياسية، وقد تخلت عنه بالفعل قطاعات كبيرة من قاعدته القومية، على الأقل في استطلاعات الرأي. 

اقرأ أيضاً

سلام نتنياهو يتطلب تدمير حماس ونزع سلاح غزة واستئصال التطرف الفلسطيني   

ولكن الإسرائيليين، الذين ما زالوا يعانون من الصدمة بعد مذبحة 7 أكتوبر/تشرين الأول المدمرة، ما زالوا يؤيدون الحرب ضد حماس، وخاصة أولئك الذين على اليمين والذين يحتاج نتنياهو إلى استعادتهم. 

وعلى الرغم من أن الكثيرين خارج إسرائيل يعتبرونه داعية للحرب، إلا أن نتنياهو لم يكن مرتاحًا أبدًا لخوض حروب واسعة النطاق يحتاج فيها إلى وضع مصير إسرائيل، ومستقبله السياسي، في أيدي الجيش الإسرائيلي. 

وخلال السنوات الـ 16 التي قضاها كرئيس للوزراء، كان يكره إرسال فرق الجيش الإسرائيلي الكبيرة وغير العملية المدرعة إلى المعركة، ويفضل بدلا من ذلك العمليات الخاصة الصغيرة أو الضربات الجوية، ولا يميل في استخدام الدبابات ثقيلة الحركة. 

وقال أحد المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين الذين أطلعوا رئيس الوزراء مراراً وتكراراً في الماضي: "إن الصورة المفضلة لنتنياهو باعتباره "سيد الأمن" في إسرائيل لا تدعمها أفعاله". 

ووفقا للمصادر ذاتها "قبل كل شيء، فهو يتجنب المخاطرة ولا يحب المواقف العسكرية التي يشعر أنه لا يستطيع السيطرة عليها."  

وبحسب الصحيفة فإن إسرائيل الآن تخوض حربها الأوسع نطاقًا منذ عقود، لكنها لم تكن حربًا من اختيار نتنياهو، الذي تعتبر غريزته هي إيجاد طريقة لتقليص حجمها، لكن رؤيته وهو يفعل ذلك من شأنه أن ينفر من تبقى من مؤيديه. 

مخاطر الجيش 

وذكرت الصحيفة أن مخاوف نتنياهو من الجيش وقادته لها جذور سياسية أيضًا. فهو مقتنع بأن معظم الجنرالات ينتمون إلى "النخب اليسارية" التي تعارضه وتزدريه - وعلى الرغم من أنهم قد لا يكونون يساريين بشكل كبير، إلا أنهم عارضوه بالتأكيد. 

ما لا يقل عن سبعة من رؤساء أركان الجيش الإسرائيلي الذين خدموا في هذا المنصب منذ أن تولى نتنياهو منصبه لأول مرة في عام 1996، انضموا إلى الأحزاب أو الحركات السياسية المكرسة لاستبداله. 

ومن بينهم الجنرال ووزير الدفاع السابق بيني جانتس، الذي ليس فقط عضوًا في حكومة نتنياهو الحربية، ولكنه أيضًا الرجل الأكثر احتمالاً لخلافته إذا أجريت الانتخابات الآن، ولذا فإن نتنياهو غير مرتاح لفكرة ترك الأمور في أيدي الجنرالات. 

وأشارت الصحيفة أن حرب غزة وضعت الجمهور الإسرائيلي فى وضع فريد فمن ناحية جعلتهم يلتفون حول العلم الإسرائيلي وخاصة في المراحل المبكرة من الحرب الوطنية، قبل أن تبدأ خيبة الأمل في العودة للواجهة. 

وعلى أنه عادة ما يُترجم هذا تأثير الحرب إلى زيادة مؤقتة على الأقل في شعبية زعيم البلاد، لكن من المؤكد أن إسرائيل تمر بفترة "الالتفاف حول العلم"، ولكن في الوقت نفسه، تراجعت شعبية زعيمها. 

وأشارت الصحيفة إلى أن دعم الجمهور الإسرائيلي يذهب إلى جيش الدفاع الإسرائيلي وجنرالاته، على الرغم من إدانتهم بالفشل في منع هجوم 7 أكتوبر. وهم الذين يُنظر إليهم على أنهم يقودون القتال ضد حماس. 

وفي نظر أغلب الإسرائيليين فإن نتنياهو، في ظل استراتيجيته التي تتلخص في السماح لحماس بالبقاء في السلطة في غزة لسنوات عديدة، يشكل الجاني الرئيسي في أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول. 

وخلصت الصحيفة إلى أن إن الإسرائيليين لا يثقون في أن يقود نتنياهو الحرب التي انجرت إليها إسرائيل بسببه. 

 اقرأ أيضاً

رفضها نتنياهو.. رؤساء الأجهزة الأمنية يطالبون بمباحثات حول مصير غزة بعد انتهاء الحرب

المصدر | التايمز- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: بنيامين نتنياهو حرب غزة الجيش الإسرائيلي تراجع شعبية نتنياهو الجیش الإسرائیلی أن نتنیاهو فی غزة

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يقيّم مفاوضات الصفقة ومبادرة أميركية لإطلاق 10 أسرى من غزة

يجري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الليلة تقييما للوضع بشأن مفاوضات صفقة تبادل الأسرى مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) كما يعقد غدا الأحد اجتماعا للمجلس الأمني المصغر (الكابينت).

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية -عن مصادر مطلعة- أنه في ظل جمود المفاوضات أوعز المستوى السياسي الإسرائيلي للجيش الاستعداد الفوري للعودة للقتال، لكن مصدرا أمنيا إسرائيليا حذر من أن العودة إلى القتال ستعرض حياة الأسرى للخطر.

تحذيرات

في غضون ذلك، اتهمت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة نتنياهو بعرقلة جهود استعادة أبنائهم، مؤكدة أنه جمد المفاوضات عمدًا وفكك فريق التفاوض. وشددت على أن نتنياهو مستعد للتضحية بحياة الأسرى من أجل مصالحه السياسية، متهمة إياه بتهيئة الرأي العام للعودة إلى الحرب رغم أن ذلك لا يخدم مصلحة إسرائيل.

وأكدت عائلات الأسرى أن الحل الوحيد لاستعادة المحتجزين هو صفقة تبادل دفعة واحدة، وطالبت الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعدم السماح لنتنياهو بالمقامرة بأرواح أبنائهم.

وفي السياق نفسه، قالت عيناف تسينغاوكر (والدة أسير إسرائيلي محتجز بغزة) إن استئناف الحرب يتعارض مع المصلحة الإسرائيلية ويخدم مصلحة نتنياهو. ودعت في مؤتمر صحفي لأهالي الأسرى في تل أبيب الجمهور إلى الانضمام إليهم في الشوارع لمنع استئناف الحرب أو التضحية بالمحتجزين.

إعلان

ودعت عائلات الأسرى وحركات احتجاجية إلى تنظيم مظاهرات واعتصام مفتوح حول مقر وزارة الدفاع في تل أبيب، اعتبارا من مساء السبت، للضغط على حكومتهم من أجل العمل على الإفراج عن ذويهم المحتجزين في قطاع غزة.

عاجل | بدء تظاهرة حاشدة للمستوطنين في "تل أبيب" للمطالبة بصفقة تبادل فورية والإفراج عن بقية أسرى الاحتلال بغزة. pic.twitter.com/csOsgMG6n7

— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) March 8, 2025

مبادرة أميركية

في هذه الأثناء، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر مطلعة أن الولايات المتحدة تقترح مبادرة جديدة لإطلاق 10 أسرى إسرائيليين أحياء. ونقلت عن هذه المصادر أن إسرائيل لا تشارك في مفاوضات بشأن مقترح واشنطن الجديد للإفراج عن أسرى.

وبدوره، شكر نتنياهو الرئيس الأميركي، وقال في تغريدة على منصة إكس "شكرا لك الرئيس ترامب على دعمك الجريء لإسرائيل مرة أخرى في حربها العادلة ضد حماس".

وفي المقابل، قالت حركة حماس إن حكومة الاحتلال ترتكب جريمة حرب بتجويع مليوني فلسطيني في غزة وحرمانهم من وسائل الحياة لليوم السابع على التوالي.

وأضاف البيان الفلسطيني أن جرائم إسرائيل تمتد إلى أسراها لدى المقاومة الذين يسري عليهم ما يسري على الشعب الفلسطيني من تضييق وتجويع.

وقالت حماس إن "مجرم الحرب نتنياهو يتحمل مسؤولية تداعيات جريمة الحصار والإغلاق الوحشية وعدم اكتراثه بأسراه في قطاع غزة" مطالِبة بوقف جريمة التجويع والحصار الوحشية التي يرتكبها الاحتلال "ومحاسبة مجرمي الحرب الفاشيين على جرائمهم".

مقالات مشابهة

  • أهالي عائلات الأسرى الإسرائيليين يمهلون نتنياهو 24 ساعة لإعادة الكهرباء لغزة
  • رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق: معظم الإسرائيليين يؤيدون إنهاء الحرب مع حماس
  • صانع خطة الجنرالات يضع 3 خيارات أمام حكومة نتنياهو
  • نتنياهو يقيّم مفاوضات الصفقة ومبادرة أميركية لإطلاق 10 أسرى من غزة
  • هذا عدد أسرى الاحتلال الذين قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة
  • هآرتس تكشف عدد الأسرى الذين قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة
  • عائلات الأسرى الإسرائيليين: نتنياهو مستعد لدفن المتجزين للهروب من المحاكمة
  • حماس: نتنياهو يتحمل مسؤولية جريمة حصار غزة
  • حماس: نتنياهو يتحمل مسؤولية الحصار والتجويع
  • زلزال هز إسرائيل .. أمريكا تفتح الأبواب السرية مع حماس وتُحرج نتنياهو وتساؤلات حول خطة ترامب الجديدة؟