هذا حقق الحوثيون مكاسب سياسية واستراتيجية بعد هجمات البحر الأحمر
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
نشر موقع "ريسبونسيبول ستيت كرافت" الأمريكي تقريرًا تحدّث فيه عن أزمة الشحن العالمية التي تسبب فيها الحوثيون الذين يستمدون الدعم والإشادة من الدول والشعوب الإسلامية الأخرى لوقوفهم إلى جانب الفلسطينيين خلال حرب غزة.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن وزارة الدفاع الأمريكية أعلنت في 18 كانون الأول/ ديسمبر عن تشكيل عملية "تحالف حارس الازدهار" المكونة من عشر دول، وهدفها ضمان الأمن البحري في البحر الأحمر وباب المندب.
ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، شنّ الحوثيون أكثر من مائة هجوم مسلح بطائرات بدون طيار وصواريخ - بما في ذلك عدة هجمات استهدفت السفن الحربية الأمريكية يوم السبت - محذرّين من أنهم يستهدفون جميع السفن التي لها صلات بالاحتلال الإسرائيلي.
وذكر الموقع أن هذه التهديدات دفعت شركات الشحن العالمية إلى الابتعاد عن البحر الأحمر، وبات العديد منها الآن يبحر حول رأس الرجاء الصالح ما يضيف إلى وقت الشحن أكثر من أسبوع وزيادة تصل إلى 20 بالمائة من تكاليف الشحن.
وتؤثّر عمليات تحويل المسار على الاقتصاد الهشّ في مصر التي تعتمد على رسوم المرور من قناة السويس كمصدر مهم للعملة الصعبة، ومن جهته، شهد ميناء إيلات الإسرائيلي انخفاضًا في إيراداته بنسبة 80 بالمائة.
وأشار الموقع إلى أن هجمات الحوثيين أدت إلى زيادة تكاليف الشحن البحري بشكل مطرد، بينما تحقق مكاسب سياسية واستراتيجية كبيرة للحوثيين الذين يبدو أنهم ينتصرون على الجبهة الدعائية داخل اليمن وخارجه.
فقد ازداد الدعم للحوثيين في اليمن حتى بين صفوف بعض خصومهم. وفي العديد من الدول الإسلامية الأخرى، يُنظر إلى الحوثيين على أنهم "الجماعة الإسلامية الوحيدة التي تحدّت العدوان الإسرائيلي.
وأورد الموقع أن الهجمات البارزة، بما في ذلك اختطاف سفينة غالاكسي ليدر، أثارت الفخر الوطني بين العديد من اليمنيين.
ووفقاً لمصادر يمنية، فقد أدى ذلك إلى زيادة تجنيد الحوثيين بشكل كبير ناهيك عن تدفق التبرعات لتمويل الجهود الحربية للحوثيين من الشركات اليمنية والمواطنين الأفراد، وتمثل هذه الهجمات أيضًا دليلاً على النفوذ الجيوسياسي للحوثيين وبروزهم كقوة إقليمية.
وأضاف الموقع أن النتيجة السلبية الوحيدة للحملة المناهضة للاحتلال، على الأقل حتى الآن، تتمثل في انخفاض عدد السفن التي ترسو في موانئ الحديدة والصليف التي يسيطر عليها الحوثيون.
ويستورد اليمن ما يزيد عن 90 بالمائة من احتياجاته الغذائية وتصل غالبية الواردات عبر الحُديدة. وتشكّل الرسوم والضرائب الناشئة عن الميناء مصدرًا مهمًا للدخل بالنسبة للحوثيين.
وأكد الموقع أن الشعب اليمني هو الذي سيدفع الثمن غاليا، يتمتع الحوثيون بمصادر إيرادات متعددة تشمل الضرائب المحصلة، والاستيلاء على الشركات والممتلكات، مرورا بالمصالح في الأنشطة غير المشروعة التي تتراوح من الاتجار بالبشر والأسلحة، وصولا إلى تصنيع وتوزيع المخدّرات المختلفة.
ونوه الموقع إلى أن الحوثيين يتمتعون بقدرة قوية على الصمود والقدرة على التكيف. وقد أدى ما يقارب عقدين من الحرب إلى شحذ القدرات القتالية للحوثيين.
وبعد السقوط الفعلي للحكومة اليمنية في أيلول/ سبتمبر 2014، عزز الحوثيون هذه القدرات من خلال دسّ قواتهم فيما تبقى من الجيش اليمني وأجهزة المخابرات.
ومنذ سنة 2014، سيطر الحوثيون بشكل منهجي على كل جوانب الحكم المدني والأمن والتعليم والاقتصاد في شمال غرب اليمن تقريبًا.
من جهتها، فشلت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا ومجلس القيادة الرئاسي في توحيد عشرات الميليشيات التي تعمل في تلك المناطق الخارجة عن سيطرة الحوثيين، ولم تتمكن من كبح جماح الفساد المستشري.
وجزءٌ كبير من أسلحة الحوثيين وعتادهم متأت مما تقدمه المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لوكلائهم في اليمن، وتبيع العديد من هذه الميليشيات المدعومة من السعودية والإمارات الأسلحة في سوق الأسلحة المزدهر في اليمن، التي يشتريها الحوثيون أو عملاؤهم، لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد فساد داخل جماعة الحوثيين.
وأورد الموقع أن الولايات المتحدة وحلفاءها ركزوا منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر على الإجراءات الدفاعية التي تهدف إلى اعتراض صواريخ الحوثيين وطائراتهم بدون طيار.
وتتزايد تكاليف هذه التدابير إذ لا يمكن للولايات المتحدة وحلفائها الاستمرار بسهولة في إنفاق أعداد كبيرة من الصواريخ النادرة التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات للقضاء على الطائرات بدون طيار التي يمكن أن تكلف أقل من ألف دولار.
ويمتلك الحوثيون مصانع يقع الكثير منها في مناطق حضرية كثيفة يصعب استهدافها، ويمكنها تصنيع عشرات إلى مئات الطائرات بدون طيار أسبوعيًا - إذا سمحت الإمدادات بذلك.
وبينما مازال الحوثيون يتلقون المساعدة والعتاد من إيران، فإن جميع طائرات الحوثيين بدون طيار وصواريخهم تُجمع في اليمن.
ويركز الحوثيون أيضًا بشكل متزايد على تعديل وتكييف التصاميم الإيرانية للصواريخ والطائرات بدون طيار لتناسب متطلباتهم الخاصة.
وحتى اللحظة الراهنة، لم يستخدم الحوثيون سوى جزء صغير من الطائرات المسلحة بدون طيار والصواريخ التي يمتلكونها حاليًا، ولم يستخدموا طائراتهم بدون طيار وصواريخهم الأكثر تطورًا بعيدة المدى. كما يمتلك الحوثيّون أعدادا كبيرة من الألغام البحرية التي يصعب اكتشافها.
ويعتبر الحوثيون أمراء الحرب غير المتناظرة، وسوف يردون على الضربات التي تقودها الولايات المتحدة من خلال مهاجمة البنية التحتية للطاقة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وأوضح الموقع أن الحوثيين تمكنوا من تحقيق أهدافهم إلى حد كبير: فرض التكاليف على الاحتلال وحلفائها، وإظهار نفوذهم الإقليمي، وتعزيز الدعم المحلي.
وليس لدى الولايات المتحدة وحلفائها خيارات جيدة عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الحوثيين. وبصرف النظر عن العمل على تقييد الهجوم الإسرائيلي المتواصل على غزة، فإن الطريقة الوحيدة لتجنب الدخول في حلقة تصعيدية هي أن تستمر الولايات المتحدة في دعم الجهود التي تقودها السعودية وعُمان بهدف كبح جماح تهديدات الحوثيين وهجماتهم.
وهذا الصراع في البحر الأحمر هو نذير لما يخبئه المستقبل للشرق الأوسط مع استمرار انتشار أنظمة الأسلحة منخفضة التكلفة ذات القدرة المتزايدة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الحوثيون اليمن الجماعة الإسلامية اليمن البحر الاحمر الحوثي الجماعة الإسلامية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة البحر الأحمر بدون طیار الموقع أن العدید من فی الیمن
إقرأ أيضاً:
أمريكا تعترف بفشل حملتها على اليمن: صنعاء تفرض معادلة الردع البحري وتربك الاستراتيجيات العسكرية الأمريكية
يمانيون../
رغم الاستعراض العسكري الواسع خلال ولاية ترامب الثانية، أقرّت الولايات المتحدة بفشل حملتها على اليمن، في ظل استمرار وتعاظم الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية ضد كيان الاحتلال الصهيوني ومصالح واشنطن في البحر الأحمر، وتعثّرها في تأمين ممرات التجارة الدولية رغم الكلفة العسكرية الهائلة.
وأكدت مجلتا “فورين بوليسي” و”معهد واشنطن للدراسات” في تقريرين منفصلين أن اليمن بات يشكل تهديداً نوعياً على الهيمنة البحرية الأمريكية، ويقوّض فعالية الإنفاق الدفاعي الهائل الذي بذلته وزارة الدفاع دون تحقيق أهداف ملموسة.
مجلة فورين بوليسي وصفت العمليات الأمريكية في اليمن بأنها “نزيف عسكري بلا إنجاز”، مشيرة إلى أن الأهداف التي أعلنتها واشنطن، وعلى رأسها تأمين الملاحة البحرية وردع الهجمات، لم تتحقق، بل تصاعدت عمليات صنعاء التي استهدفت السفن الأمريكية و”الإسرائيلية” في البحر الأحمر، ما أدى إلى شلل شبه تام لحركة السفن عبر هذا الممر الحيوي.
كما انتقدت المجلة غياب الشفافية العسكرية الأمريكية، حيث تفتقر العمليات إلى بيانات رسمية واضحة، وتُختزل التغطية الإعلامية بفيديوهات دعائية. وأشارت إلى أن الهجمات اليمنية استخدمت ذخائر موجهة تستهلك قدرات بحرية “محدودة أصلاً”، بحسب وصف خبراء عسكريين.
من جهته، حذّر تقرير أعده المقدم في القوات الجوية الأمريكية “جيمس إي. شيبارد” لصالح معهد واشنطن، من أن الحصار البحري الذي تفرضه صنعاء بات يهدد ليس فقط التجارة العالمية بل كذلك قدرة واشنطن على التحرك السريع عسكرياً في مناطق النزاع، مؤكداً أن مضيق باب المندب يُعد أحد أهم الشرايين الحيوية للوجستيات العالمية والعسكرية، حيث تمر عبره سلع تتجاوز قيمتها التريليون دولار سنويًا.
ووفقاً للتقرير، أجبرت هجمات القوات اليمنية شركات الشحن العالمية على تجنب البحر الأحمر وسلوك طريق رأس الرجاء الصالح، وهو مسار أطول بـ15 يومًا وأكثر كلفة بمليون دولار إضافي لكل رحلة، ما يمثل ضغطاً هائلًا على سلسلة الإمدادات الدولية.
ورغم محاولات واشنطن لفرض الحماية على سفنها، فإن بعض السفن تعرضت لهجمات رغم وجود مرافقة عسكرية، ما كشف ضعف الردع الأمريكي في المنطقة. واعتبر التقرير أن هذه التطورات تتطلب “إعادة صياغة العقيدة البحرية الأمريكية”، إذ إن تعطيل النقل البحري يهدد فعليًا القدرات الأمريكية على الاستجابة الطارئة وإعادة التموضع الاستراتيجي.
واعتبر التقرير أن صنعاء، ورغم غياب حاملات الطائرات أو الأساطيل العملاقة، قد نجحت في فرض معادلة ردع دقيقة وفعالة، أربكت المخططين العسكريين الأمريكيين وأجبرتهم على مراجعة الخيارات التكتيكية واللوجستية.
وتوقع التقرير استمرار الهجمات اليمنية باستخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية، ليس فقط في البحر الأحمر، بل لتمتد إلى بحر العرب وشمال المحيط الهندي، مع احتمال توسع الأهداف لتشمل الممرات البديلة التي تحاول واشنطن الاعتماد عليها.
وفي محاولة للحد من تأثير الهجمات اليمنية، اقترحت شبكة النقل عبر الجزيرة العربية (TAN) التابعة للبنتاغون إنشاء 300 منشأة لوجستية – تشمل مطارات وموانئ ومراكز برية – لتسهيل نقل البضائع خارج باب المندب، مشيرة إلى إمكانية نقل الحمولات عبر ميناء جدة أو ممر بري يربط ميناء حيفا في الكيان الصهيوني بالخليج العربي مروراً بالأردن والسعودية والبحرين.
ورغم ما يبدو من بدائل، إلا أن التقارير الأمريكية نفسها تحذر من أن هذه الخيارات مكلفة ومعقدة، وتقع هي الأخرى في نطاق نيران القوات اليمنية، ما يعقّد قدرة واشنطن على تنفيذ استراتيجيتها البحرية في المنطقة، ويجعلها عرضة لردود فعل غير تقليدية من صنعاء، التي تُدير المعركة بإيقاع منضبط يدمج بين السياسة والتكتيك العسكري بفعالية غير مسبوقة.