عقد، اليوم،  أحمد عيسى وزير السياحة والآثار، اجتماعاً مع الأستاذ خالد صديق رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الحضرية والوفد المرافق له، وذلك لتعزير سبل التعاون وتنسيق الجهود لإطلاق منتج القاهرة الكبرى الثقافي الجديد لتكون بذلك مدينة القاهرة Short City Break، مما يعمل علي زيادة الحركة السياحية الوافدة للمدينة خلال الأعوام القادمة لتصل إلى استقبال الملايين من السائحين خلال عام 2028.



حضر الاجتماع الدكتور مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والعميد مهندس هشام سمير مساعد الوزير لمشروعات الآثار والمتاحف، واللواء إيهاب سالم مساعد الوزير للشئون المالية والاستثمار، و يمنى البحار مساعد الوزير للشئون الفنية وشئون مكتب الوزير، و أحمد يوسف مساعد الوزير للاتصال المؤسسي والمتحدث الرسمي باسم الوزارة، و محمد فهمي مساعد الوزير للشئون الاقتصادية، والدكتورة سها بهجت مستشار الوزير لشئون التدريب، و أبو بكر عبد الله رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار.

واستهل لوزير الاجتماع بالتأكيد على أهمية هذا الاجتماع لمناقشة وتناول كافة المقترحات والرؤى والأفكار التي من شأنها أن تساهم في تعزيز وتنسيق الجهود بين الوزارة والصندوق ومختلف الجهات المعنية لإطلاق منتج القاهرة الكبرى الثقافي الجديد الذي يجعل من مدينة القاهرة مقصداً سياحياً قائماً بذاته يمكن من خلاله زيارة العديد من الأماكن السياحية والأثرية لتكون Short City Break، ولاسيما في ظل الجهود التي تبذلها الدولة المصرية للنهوض والتطوير الكبير في البنية التحتية في مصر والتي شهدت تحسين في شبكة الطرق والمواصلات والمطارات والسكك الحديدية الجديدة وتشغيل مطارات جديدة بما ينعكس إيجابياً على قطاع السياحة بها وسهولة انتقال السائحين، ويفتح أفاقاً جديدة لتنمية منتج التجربة السياحية المتعددة من خلال تقليل المسافات بين المدن السياحية المختلفة والربط بين سواحل البحر الأحمر بالأقصر وأسوان والقاهرة.

وأضاف أن منتج القاهرة Short City Break، سوف يساهم في جذب مزيد من الحركة السياحية الوافدة إلى مدينة القاهرة وزيادة عدد الليالي السياحية بها لتمتد إلى ما بين ثلاث وخمسة ليالي، حتى يتمكن الزائرين من الاستمتاع بما تضمه المدينة من مزارات سياحية وأثرية متميزة ومختلفة ومتنوعة لتشمل البرامج السياحية منطقة أهرامات الجيزة، والمتحف المصري الكبير بعد افتتاحه، والمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، ومنطقة القاهرة التاريخية وما بها من آثار متميزة ومتنوعة، مروراً ببرج مآخذ سور مجرى العيون، ومنطقة مصر القديمة وما بها من آثار إسلامية وقبطية ويهودية فريدة، وبابي الفتوح والنصر وقلعة صلاح الدين الأيوبي، بالإضافة إلى زيارة العديد من المتاحف مثل المتحف المصري بالتحرير ومتحف الفن الإسلامي بباب الخلق والمتحف القبطي بمصر القديمة وغيرها من المتاحف النوعية بالقاهرة منها على سبيل المثال متحف المركبات الملكية ببولاق.

وأشار  الوزير إلى الجهود التي يبذلها المجلس الأعلى للآثار لتعزير إطلاق هذا المنتج الجديد حيث قام بتنفيذ العديد من مشروعات الترميم والصيانة بالعديد من المواقع الأثرية منها ما تم الإنتهاء منه مثل جامعي محمد علي وسليمان باشا الخادم المعروف باسم سارية الجبل بقلعة صلاح الدين الأيوبي، والأعمال الجارية ببرجي الرملة والحداد والساحة الأمامية بالقلعة (منطقة البانوراما)، وافتتاح كل من برج مآخذ سور مجرى العيون ومعبد بن عزرا وحصن بابليون بمنطقة مصر القديمة، وافتتاح مسجدي الحاكم بأمر الله والأقمر بشارع المعز بالقاهرة التاريخية، وغيرها من مشروعات الآثار.

ومن جانبه، أشار الدكتور مصطفى وزيري إلى افتتاح المسار السياحي لمنطقة آثار الدرب الأحمر بالقاهرة التاريخية بالتعاون مع مؤسسة الأغاخان الثقافية مصر، لافتاً إلى أنه تم إخطار شركات السياحة لوضعه على خريطة برامجهم السياحية، مشيراً إلى أن المسار يتيح لزائريه الاستمتاع بزيارة حوالى 12 مبني أثري إسلامي على إمتداد  2 كم يبدأ من حديقة الأزهر حيث مركز الزوار، مروراً بقبة الأمير طرباي الشريفي، والمجموعة المعمارية للأمير خاير بك، والجامع الأزرق، ومدرسة أم السلطان شعبان وقصبة رضوان، وبيت الرزاز، والسور الأيوبي الشرقي بداخل حديقة الأزهر، وجامع قجماس الاسحاقي، ومسجد الصالح طلائع، وزاوية فرج بن برقوق.

هذا بالإضافة إلى ما يقوم به المجلس الأعلى للآثار من أعمال لتطوير خدمات الزائرين بالقلعة والتي تشمل وضع عدد من المقاعد والمظلات الخشبية لراحة الزائرين وعدد من البازارات والكافيتيريات وأماكن انتظار السيارات، بما يعمل على تحسين التجربة السياحية ويُثري من زيارة القلعة، وكذلك تطوير الخدمات السياحية بمنطقة أهرامات الجيزة وهو ما يأتي في ضوء أحد أهم محاور الاستراتيجية الوطنية لتنمية السياحة في مصر والمتمثل في رفع وتحسين التجربة السياحية بالمقصد المصري ولاسيما في المتاحف والمواقع الأثرية بها.

وأضاف أنه يُمكن للسائحين والزائرين ضمن برنامج زيارتهم للقاهرة الكبرى، القيام بتجربة سياحية فريدة عند زيارة برج مآخذ سور مجرى العيون والذي كان قد تم بناءه خصيصاً ليكون وسيلة يتم من خلالها سريان ونقل مياه نهر النيل إلى مقر الحكم وقت ذلك بالقلعة، وذلك ليتعرف الزائرون على رؤية وفلسفة نقل المياه في ذلك الوقت، وطريقة الحصول عليها والسواقي الموجودة به.
كما يمكن أن يضم برنامج زيارة معالم القاهرة الكبرى أيضاً القاهرة الخديوية وما بها من مباني تراثية، ومنطقة أهرامات الجيزة، والمتاحف الأثرية الهامة الموجودة بها، ومنطقة مصر القديمة وما تضمه من معالم أثرية هامة مثل الكنيسة المعلقة، وكنيسة مار جرجس وكنيسة أبو سرجة التي تضم المغارة التي مكثت بها العائلة المقدسة، والمتحف القبطي، إلى جانب حصن بابليون ومعبد بن عزرا اليهودي اللذين تم افتتاحهم مؤخراً.

كما استعرض خالد صديق ما يقوم به صندوق التنمية الحضرية من أعمال تطوير بالقاهرة التاريخية في إطار استعادة مدينة القاهرة لجمالها وأن تكون بحلول عام 2030 أجمل مدن العالم كما كانت من قبل بما يساهم في جذب مزيد من الحركة السياحية الوافدة إليها، لافتاً إلى ما يقوم  به الصندوق من تطوير المنطقة وما بها من مباني حديثة وإضفاء الطابع التراثي لتصميمها الخارجي  لتتماشى والطابع الخاص للمنطقة، مشيراً إلى أعمال التنظيف التي يقوم بها الصندوق للأماكن المهملة والخرابات وتحويلها إلى بيوت ذات الطابع المعماري للمنطقة.

كما تم عرض تقديمي وفيلم قصير عن مشروعات التطوير التي يقوم بها صندوق التنمية الحضرية في المنطقة والتي من بينها تحويل أحد المباني الحديثة بالمنطقة إلى بوتيك أوتيل.
 

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

التفاوض مع حماس.. لماذا أقدم ترامب عليه ولماذا قبلت الحركة؟

وقعت الأنباء عن محادثات مباشرة بين إدارة ترامب وقيادة حماس، وقعًا سيئًا على رؤوس كثيرين في المنطقة، بالأخص في تل أبيب ورام الله، ولكل منهما أسبابه الخاصة، تتفق حينًا وتفترق أحيانًا.

تل أبيب كانت تنتظر فتح أبواب الجحيم على الحركة وحاضنتها في غزة، لكن أبواب الجحيم لم تُفتح، وفُتحت بدلًا عنها أبواب المحادثات المباشرة بين موفد ترامب آدم بوهلر وقياديين من حماس. واشنطن في عهد ترامب، بخلاف حقبة بايدن، لا تستأذن أحدًا فيما تفعل أو تنوي فعله، حتى وإن كان هذا "الأحد"، إسرائيل، الربيبة المدللة.

الأهم من هول المفاجأة التي ستتكشف فصولها فيما بعد، ما تستبطنه من معانٍ ورسائل:

أولها؛ أن حكومة نتنياهو وائتلافه المثير لاستياء ترامب وفريقه، لم تعد مؤتمنة على إدارة ملف التفاوض، الذي توليه الإدارة أهمية كبرى، لا سيما في شقه المتعلق بـ"الرهائن". ثانيها؛ أن أي تقدم على المسار التفاوضي المباشر، بين الإدارة والحركة، لن يكون بوسع إسرائيل إشهار الفيتو في وجهه، ولا حتى عرقلته، فهي كغيرها من دول العالم، تتحاشى استفزاز "الفيل الهائج في دكان الخزف"، حتى وهي تتمتع بمكانة الدولة الأولى بالرعاية. وثالثها؛ ما قد تأتي به قادمات الأيام، من تحولات في مواقف الرئيس الأميركي وإدارته، لا أحدَ، حتى المنجمين "الكاذبين وإن صدقوا"، بمقدوره أن يتنبأ بما يخفيه تحت قبعتها من مفاجآت صادمة. إعلان

رام الله، التي أعطت أذنًا من طين، وأخرى من عجين، لكل نداءات المصالحة والوحدة والتوافق والتفاهم، مستمسكة بخاتم "الممثل الشرعي الوحيد".

رام الله التي قطعت أشواطًا على طريق التكيف مع مخرجات الحل الأميركي – الإسرائيلي، وبذلت أقصى ما بوسعها للبرهنة على "اعتدالها" و"أهليتها" للمضي قدمًا مع تل أبيب وواشنطن، تجد فجأة أنها أصبحت في وضع لا تحسد عليه، وأن أعين واشنطن تنصرف صوب غريمتها ومنافستها.

هذا أمرٌ جلل، وربما لم يحدث من قبل لكل من نازع "القيادة المتنفذة" على التمثيل والأحقية، زمن الانشقاقات والانقسامات الفلسطينية المتعاقبة، ففي أحسن الأحوال، كان خصوم فتح يحظون بدعم من دمشق أو بغداد وطرابلس الغرب، مع قنوات اتصال محدودة مع موسكو وبكين. هذه المرّة، نحن نتحدث عن واشنطن، وتلكم حكاية أخرى.

عواصم أخرى في المنطقة، وقعت عليها أنباء كهذه، وقع الصاعقة، وهي التي لم تكد تستيقظ من هول الصدمة بسقوط نظام الأسد، ومجيء فصائل إسلامية مناوئة له، لتحل مكانه في "قصر الشعب" المُطل على دمشق. سنوات الشيطنة والتحريض والمطاردة والاستئصال، ضاعت سدى، وحماس وأخواتها الشقيقات وغير الشقيقات، تطل برأسها على موائد التفاوض والعلاقات الدولية، من بوابات أخرى.

لماذا فعل ترامب ما فعل؟

سؤال أرّق المراقبين، الذين أخذتهم الأنباء على حين غرة، وكاتب هذه السطور واحد منهم. ولكن من باب "ادعاء الحكمة بأثر رجعي" نقول: إن ترامب "مهجوس" بملف "الرهائن" والمحتجزين، وإن هذا الملف بات مرتبطًا بسمعته وهيبته، وهو الذي قطع الوعد تلو التعهد، بـ"تحريرهم" وإعادتهم إلى ذويهم. هو يعرف أن نتنياهو لا يقيم وزنًا مماثلًا لهذا الملف، فقرر أخذ زمام أمره بيد مفاوضيه، وعدم ترك المسألة لنتنياهو وسموتريتش وحساباتهم السياسية والحزبية والشخصية الضيقة للغاية، تلكم مسألة لا يرغب بها ترامب ولا يتسامح معها.

إعلان

وثمة بعد آخر، يكمن في خلفية القرار الأميركي: الرجل الذي قيل في وصفه إنه يحب التعامل مع "الأقوياء" وإبرام الصفقات معهم دون سواهم، نظر إلى الوضع الفلسطيني، فرأى سلطة في رام الله، في حالة "موت سريري"، ضربتها الشيخوخة والفساد والترهل في مقتل. لا حول لها ولا طول، في كل ما يتصل بغزة والحرب عليها، فقرر أن يتعامل مع القوة التي ما زالت برغم حرب الأشهر الخمسة عشر، ممسكة بزمام الأرض وما فوقها وما تحتها، وتقوم على احتجاز "الرهائن"، وبيدها قرار الإفراج عنهم أو الإبقاء عليهم في مخابئهم.

الرجل "العملي"، "البراغماتي" كما يوصف، لم يقف مطولًا أمام قرارات من سبقوه بعدم التحدث مع منظمات مصنفة "إرهابية"، وأرسل موفده إلى الدوحة. في ظني وليس كل الظن إثم، إن الرجل سَخِرَ مما قيل إنها "مبادئ ناظمة" لعمل الإدارات الأميركية السابقة، بمنع الاتصال بـ"الإرهاب والإرهابيين"، سيما وأنه يعرف تمام المعرفة، وصرّح بذلك علنًا مرات ومرات، بأن الإدارات التي سبقته، لم تتفاوض مع "الإرهاب" فحسب، بل ودعمته وعملت على إطلاق "مارده من قمقمه"، بدلالة اتهاماته لباراك أوباما وهيلاري كلنتون بدعم داعش، بل والعمل على تخليقها.

لماذا استجابت حماس لدعوة واشنطن؟

أحسب، أن الحركة لم تقل يومًا إنها لن تفاوض واشنطن مباشرة، وإن الخط الأحمر الوحيد الذي رسمته الحركة في جميع أدبيّاتها، اقتصر على إسرائيل وحدها دون سواها. والحركة انخرطت في اتصالات مع شبه رسميين أميركيين، وأوروبيين بمستويات وصفات مختلفة، لا جديد مفاجئ في موقف الحركة.

وأضيف إلى ذلك، أن الحركة وجدت في الطلب الأميركي، فرصة للتخفف من حسابات نتنياهو وفريقه، والتي حالت وتحول دون الوصول إلى اتفاقات نهائية، وعدم الالتزام بتنفيذ الاتفاقات المبرمة، ودائمًا لحسابات تنتمي لعوالم السياسة الداخلية والحزبية في إسرائيل. قناة تفاوض جديدة، مباشرة هذه المرة، مع واشنطن، ستمكن الأخيرة من الاستماع لحماس وليس عنها، وعلى ألسنة قادتها، وليس على ألسنة آخرين، قناة جديدة، يمكن أن تضع بين يدي الأميركي، رواية أخرى، غير تلك التي تفرّدت إسرائيل باستخدامها لبث الأكاذيب والدعاية السوداء، عن الحركة وشعبها وقضيتها.

إعلان

وحماس أيضًا، يهمها أن تكون "عنوانًا ثانيًا" للشعب الفلسطيني، بعد أن سُدّت سبل اندماجها في العنوان الأول، المنظمة والسلطة، بسبب اشتراطات عباس للحوار والمصالحة، والتي هي إعادة انتاج للشروط الإسرائيلية بكليّتها، والتي لم يعد أحدٌ في العالم يطالب حماس بها. تستحق حماس، أن يُعترف بها "واقعيًا"، حتى وإن لم يرقَ الأمر إلى مستوى الاعتراف الرسمي، وممن؟ من الدولة الأعظم. هذا إنجاز سياسي، يسجل في رصيد حماس، وسيفتح أبوابًا أخرى، صوب عواصم أخرى في الإقليم العربي وعلى الساحة الدولية كذلك.

أية مخاوف وأية محاذير؟

سنعتبر أن ما نُسب إلى آدم بهلر، كأنه لم يكن، ولم يقله، سيما ذاك الشق المتصل باستعداد الحركة للتخلي عن سلاحها واعتزال السياسة. تلكم "هرطقة"، لا يمكن أن تصدر عن عاقل، وحتى إن قالها الرجل، فإن علينا أن نفكر بدوافعه لقولها لا بدوافع حماس للإدلاء بها، سيما وأنه موفد إدارة تقول ما تشاء كيفما تشاء، من دون رقيب أو حسيب.

أن تبدي الحركة استعدادها لإلقاء سلاحها، أمرٌ يمكن تصديقه، شريطة أن يكون متبوعًا بشرط قيام الدولة الفلسطينية والحل السياسي الشامل، سبق لموسى أبو مرزوق أن قال أمرًا مماثلًا، والسلاح في مطلق الأحوال، ليس هدفًا بذاته، بل وسيلة لتحقيق الهدف، والسلاح لا يُلقى على الأرض، ولا يُسلم للأعداء إلا في حالة الاستسلام الكامل، وهذه ليست حالة حماس، بشهادة مختلف المصادر الإسرائيلية والغربية، السلاح والمسلحون، يمكن أن يكون ويكونوا نواة جيش الدولة العتيدة المنتظرة.

أما أن يقال إن حماس أبدت استعدادها لاعتزال السياسة، فتلكم مسألة لا أظن أن الأميركيين، ولا حتى الإسرائيليين، يمكن أن يفكروا أو يطالبوا بها، بل على العكس تمامًا، كل المطالبات لحماس، تنصب على تحويلها إلى حزب سياسي، ينخرط في النظام الفلسطيني، وتتخلى عن "الكفاح المسلح"، وليس شيئًا آخر، غير ذلك، أو أكثر من ذلك.

إعلان

ما الذي ستفعله حماس، إن هي تخلت عن السلاح والسياسة؟ هل تتحول إلى تنظيم إسلامي "دعوي"، هل ستصبح فرعًا لجماعة "التبليغ والدعوة"؟، هل تتحول إلى منظمة خيرية – اجتماعية أو "كاريتاس" إسلامية، ما الدور المُتخيل للحركة بلا سلاح، وبالأخص بلا سياسة؟. ألوف التعليقات التي تناولت هذه المعلومة المنسوبة للمفاوض الأميركي، أظهرت بؤس من أدلى بها، ولم تُظَهّر حقيقة موقف الحركة وتوجهها، أقول ذلك، ومن دون أن أكلف نفسي عناء سؤال حماس عن مدى دقة ما نسب إليها.

الذين تابعوا بالتحليل والتعليق حوار حماس المباشر مع واشنطن، ينقسمون شيعًا ومذاهب شتى. منهم "ثوريون جداّ" لا يريدون لثوب الجهاد أن يتسخ، "طهرانيون" لطالما نظروا لأية صلة بـ"الشيطان الأكبر" بوصفها "رجسٌ من عمل الشيطان" يتعين اجتنابه. هؤلاء نحترمهم ونخطئهم ونغفر لهم.

منهم من يصدر عن حرص وغيرة، ومخاوف مشروعة مستندة إلى تجربة التفاوض المباشر بين الولايات المتحدة ومنظمة التحرير، هؤلاء أيضًا نحترمهم ولا نخطئهم، وإن كنّا نأخذ على بعضهم، تقمّص دور "الأستاذ" و"المعلم"، لكأنه يتعامل مع حركة حديثة العهد بالسياسة والعمل الوطني، ولم يخض قادتها واحدة من أعقد وأصعب تجارب التفاوض غير المباشر مع إسرائيل، وأظهروا صلابة وذكاء بالغين.

أما بعضهم الثالث، فيتمثل في بعض فرسان السلطة والمنظمة، ممن خاضوا واحدة من أبشع فصول التفاوض مع إسرائيل وأقلها كفاءة ومهنية والتزامًا، منذ أوسلو وحتى يومنا هذا. بعضهم، ينصح متذاكيًا قادة حماس، بعدم مقارفة الخطيئة ذاتها، وبعضهم الثاني يعرف أنه اقترف "أمرًا فريًا" من قبل، ويرحب بولوج حماس، عتبات نادي التفريط، على قاعدة "ما حدا أحسن من حدا"، و"نحن السابقون وأنتم اللاحقون".

أما الخلاصة كما نراها فتقول من دون تهوين أو تهويل: ننظر للحوار المباشر بين قيادة حماس وإدارة ترامب، بوصفه نقطة تحول مهمة، ومكسبا يسجل للحركة في رصيدها، وهو تطور قد يكون له ما بعده، قد ينتهي إلى اختراق على مسار التفاوض بشأن الحرب على غزة، وقد لا ينتهي إلى هذه النتيجة. المسار مهم بذاته، بصرف النظر عن نتائجه. نجاحه بشكل كامل، قد يملي على حماس تقديم تنازلات لا قبل لها بها، وفشله التام، سيرتب عليها ارتدادات كبرى، وربما يكون هذا الفصل من التفاوض أصعب مما سبقه من مفاوضات غير مباشرة، وربما يكون التعامل مع واشنطن كوسيط، أسهل من التعامل معها كطرف ومفاوض مباشر، المجازفة حاضرة بقوة على مائدة التفاوض، ومعها تحضر فرص كبيرة وتحديات أكبر، والمأمول أن تنجح الحركة في استجماع كل ما لديها من خبرات وطاقات للخروج من هذا "المولد بكثير من الحمص"، أو أقله، بقليل منه.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • عبدالله بن زايد يلتقي وزير خارجية الدنمارك في كوبنهاغن ويوقعان مذكرة تفاهم بين البلدين
  • جدة.. ضبط موقعين مخالفين في الرويس واتلاف 28 ألف منتج تبغ مخالف
  • مدبولي: استقرار وانخفاض التضخم سيساهم في انخفاض أسعار الفائدة الفترة المقبلة
  • إيتوزا تفتح خطوطا جديدة نحو المراكز التجارية الكبرى
  • الحكومة تدعو لملاحقة قادة الحوثي كمجرمي حرب وفرض مزيد من العقوبات عليهم
  • جنبلاط التقى نائبة مساعد وزير الخارجية الأميركية.. هذا ما تم بحثه
  • عبدالرحيم علي ينعي ابنة خالة "تامر شرف" مدير إدارة الحركة والجداول بمصر للطيران
  • العثور على 70 طن نفايات الكترونية خطرة داخل مصنع بالجيزة.. صور
  • ضبط مصنع بالجيزة وبداخله نفايات إلكترونية خطرة جاهزة لإعادة التدوير
  • التفاوض مع حماس.. لماذا أقدم ترامب عليه ولماذا قبلت الحركة؟