قامت «الوطن» بمعايشة داخل معهد التناسليات الحيوانية، التابع لوزارة الزراعة، الذى يضم أحدث الأجهزة فى عالم تشخيص الأجنة والقضاء على نقص الخصوبة، ويُعد ثورة علمية فى سبيل تحقيق الاكتفاء الذاتى من الإنتاج الحيوانى.

يضم أحدث الأجهزة لتشخيص الأجنة والقضاء على نقص الخصوبة والحفاظ على صحة الحيوانات

ويلعب قسم بيولوجيا التكاثر دوراً مهماً فى القضاء على نقص الخصوبة التى تسبّبها العوامل البيئية المؤثرة على الصحة الإنجابية للحيوانات، من خلال قياس مكونات الدم من هرمونات وإنزيمات ودهون ومضدات أكسدة ووظائف كبد.

د. أميمة مبروك: قياس المعادن الثقيلة وتحليل الهرمونات فى قسم بيولوجيا التكاثر

قالت د. أميمة مبروك، رئيس بحوث بالمعهد، إن دور قسم بيولوجيا التكاثر لا يقتصر على معرفة عوامل نقص الخصوبة والعمل على تحسينها، وإنما يتطور عمل القسم، ويذهب إلى التنبؤ ببعض الأمراض التى يمكن أن تصيب قطعان الماشية من خلال تحليل الأعلاف للتعرّف على مكوناتها المختلفة، وكيف يمكن لها أن تؤثر على الحالة الصحية لحيوانات المزرعة، وهو الأمر الذى ينعكس قطعاً على الصحة الإنجابية للحيوانات ومعدل إنتاج اللحوم.

وأضافت «مبروك» أن دور القسم يكمن فى التعرّف على العوامل التى قد تصيب قطعان الماشية والعمل على تحسينها من خلال الحيوان نفسه أو عمل مستحضر خارجى يقدّم للحيوان فى صورة أعلاف لتعويض نقص العناصر الغذائية الناتج عن سوء التغذية، أو التعامل الغذائى غير المناسب مع الحيوان داخل المزرعة التى يتربى بها أو حظائر صغار المربين.

وأكدت أن وحدات قسم بيولوجيا التكاثر كثيرة ومتشعبة ومن بين أكبر الوحدات الموجودة بالقسم وحدة الكيمياء الحيوية وكيمياء التغذية، التى يتم بداخلها قياس عناصر الدم المختلفة، ويتم تحليل العناصر الغذائية فى الأعلاف التى يتم تقديمها للماشية، وقياس نسب المواد بها، بهدف التعرّف على نِسب البروتين والدهون الخام والألياف والمعادن المختلفة. وتابعت: «داخل الوحدة يتم قياس المعادن الثقيلة عن طريق أجهزة متخصّصة فى هذه المجالات، منها جهاز الطيف الضوئى وجهاز كيردال للبروتين والدهون والامتصاص الذرى لمعظم العناصر المعدنية فى الدم».

وأوضحت أن تحليل الهرمونات من بين الأمور المهمة التى يعمل القسم عليها بكثافة لكون الهرمونات تتحكم فى درجة خصوبة الحيوانات، وتتولى وحدة الهرمونات بالقسم هذا الدور المهم، حيث يتم بها عمل تحليل كامل للهرمونات الجنسية، مثل البروجيستيرون والإستراديول والتستوستيرون ومكونات الغدة الدرقية وجميع هرمونات جسم الحيوان، وحديثاً يتم قياس الهرمون الحيوى لنشاط المبيض، الذى لا بد من قياسه قبل أى عملية تلقيح مجهرى أو صناعى أو أنابيب، وهذه التقنية لها دور مهم فى الحفاظ على حيوانات المزرعة التى بها نشاط جيد للمبايض، إلى جانب التخلص من الحيوانات، التى بها خمول فى نشاط المبيض.

وقالت: «بتيجى لنا عينات الأعلاف علشان نشوف مكوناتها ونعرف هل المكونات دى تزيد خصوبة الحيوانات والّا هتؤدى لمرض أيضى نتيجة وجود سوء فى مكونات الأعلاف وعناصره المختلفة».

ونوّهت بأن مراحل تحليل الأعلاف كثيرة وتتم على مستوى عالٍ من الدقة، وتنتهى تلك المراحل بحرقها للحصول على الرماد وتحليله أيضاً، مضيفة: «بنحلّله علشان نشوف نسبة الصوديوم والكالسيوم، وبنعمل مستحضرات علشان نساعد الحيوانات، فى حالة نقص العناصر الغذائية، يعنى لو فيه مثلاً نقص دهون، بندى أفوكادو فى شكل مستحضر للحيوان لضبط الدهون، ومعنى كلمة مستحضر إننا بنجهز عنصر خارجى يأكله الحيوان بس بيكون فيه العناصر اللى عايزين الحيوان يأخذها بكثافة وبسرعة كبيرة، لتعويض نقص هذه العناصر فى الجسم».

د. فاتن جبر: تقنيات عالية الكفاءة لإعطاء نتائج شديدة الدقة للعينات

وقالت د. فاتن جبر، رئيس بحوث بالمعهد ومن العاملين بالقسم، إنه يتم استخدام تقنيات تحليل عالية الكفاءة مطورة ومؤهلة لإعطاء نتائج شديدة الدقة للعينات التى يتم فحصها. وأضافت: «عندنا وحدة الفسيولوجى، التى تحتوى على جهاز الطرد المركزى وأجهزة الميكروسكوب وبنعمل صورة دم كاملة، واللى بتكون زى المراية بنقدر من خلالها نتعرّف على حالة الحيوانات الداخلية، ومن خلالها أيضاً يمكننا معرفة نسبة الهيموجلوبين، ففى حالة أن تكون النسبة قليلة، هنا تشخيص الحالة بأنها حالة أنيميا تتطلب العلاج الفورى، ونبدأ فى معرفة أسباب النقص، حتى يمكن تحديد العلاج المناسب».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: السلالات الحيوانية الألبان واللحوم الخدمات البيطرية

إقرأ أيضاً:

طفرة علمية تقرّب البشرية من حلم طاقة الاندماج النووي

في لحظة قد يصفها بعضهم بالثورية في مسار البحث عن مصادر طاقة نظيفة وآمنة، أعلنت شركة "تايب وان إنيرجي" نشرَ أساس فيزيائي شامل ومتماسك لأول محطة طاقة اندماجية تجريبية قابلة للتنفيذ الصناعي بحسب الشركة.

وجاء هذا التقدم غير المسبوق في سلسلة من ستة أبحاث علمية محكمة، نُشرت في عدد خاص من دورية جورنال أوف بلازما فيزيكس، الصادرة عن مطبعة جامعة كامبريدج، مما يضع حجر الأساس لأول مفاعل عملي بتقنية "الستيلراتور" يحمل اسم "إنفينيتي وان".

ويقول كريس هيجنا، المؤسس المشارك، ونائب رئيس شركة ستيلاريتور لتحسين الفيزياء، وأحد المساهمين في تطوير النموذج الفيزيائي الجديد، في تصريحات حصرية للجزيرة نت: "لطالما كان التغلب على الخصائص المعقدة لحالة البلازما لإتمام عملية الاندماج النووي هدفا بحثيا رئيسيا لكثير من المهتمين بالاحتواء المغناطيسي لعقود. يتميز الستيلراتور بين أجهزة الاحتواء المغناطيسي بتصميمه الخارجي الدقيق للمجال المغناطيسي اللازم لاحتواء البلازما".

التصميم المبدئي لمحطة إنفينيتي وان (تايب وان إنيرجي) طاقة الاندماج المدهشة

تخيل أنك تضع مكعب ثلج في كوب ماء. بعد قليل، يذوب الثلج ويتحول إلى ماء، ثم إذا سخنت الماء، سيتحول إلى بخار. هذه كلها حالات مختلفة للمادة، الصلبة، والسائلة، والغازية. لكن، هناك حالة رابعة للمادة تسمى البلازما. ورغم أنك ربما لم تسمع بها من قبل، إلا أنها ليست غريبة أو نادرة، بل هي في الحقيقة الحالة الأكثر وجودًا في الكون، فالشمس والنجوم كلها تتكوّن من البلازما.

عندما نُسخّن الغاز إلى درجات حرارة هائلة تتخطى 100 مليون درجة مئوية، تتحول ذرات الغاز إلى حالة شديدة النشاط، لدرجة أن الإلكترونات الصغيرة داخل الذرات تنفصل عنها.

في هذه الحالة، لا يعود الغاز غازًا، بل يتحول إلى بلازما، وهي مادة مشحونة بالطاقة، ومليئة بالجسيمات شديدة السرعة التي تتحرك في كل اتجاه وتتصادم مع بعضها بعضا، وكأنها عاصفة نارية كهربائية. هذه البلازما هي ما نحتاجه لإنتاج طاقة الاندماج النووي، وهي نفس ما يحدث داخل الشمس!

إعلان

في هذه الحرارة العالية، تتمكن نوى ذرات الهيدروجين من الاندماج معًا، فتتحد نواتان صغيرتان لتكوين نواة واحدة أكبر، وهذا ما يُسمى الاندماج النووي. لكن المفاجأة، هي أن الكتلة النهائية للنواة الجديدة تصبح أقل قليلاً من مجموع الكتلتين الأصليتين! إذًا، أين ذهب فارق الكتلة؟

هنا تحدث المعجزة الفيزيائية، إذ تتحول الكتلة المفقودة إلى طاقة صافية، وفقًا لمعادلة آينشتاين الشهيرة (الطاقة تساوي الكتلة مضروبة في مربع سرعة الضوء). بمعنى آخر، في كل مرة تندمج فيها ذرتان، يخرج منهما قدر من الطاقة، وكأنه انفجار متناهي الصغر، لكنه نظيف وآمن.

تسخير قوة النجوم

لكن تسخير البلازما ليس سهلا، بل يشبه أن تحاول حبس كرة من النار تدور بسرعة هائلة وتريد أن تبقيها في غرفة من دون أن تحرق الغرفة ودون أن تنطفئ، كيف ستفعل ذلك؟ هذا هو التحدي الذي يحاول العلماء حله باستخدام جهاز اسمه "الستيلراتور".

ويوضح هيجنا: "الستيلراتور هو جهاز يحاول إنتاج الاندماج النووي من خلال استخدام مجالات مغناطيسية مصممة بعناية. وقد صممنا أكثر من 150 ألف تكوين مغناطيسي واختبرنا خصائص البلازما الناتجة عنها باستخدام أدوات حسابية متطورة. وما توصلنا إليه في أبحاث مجلة فيزياء البلازما، هو تكوين واحد يحقق جميع المتطلبات من دون عقبات تقنية قاتلة".

الستيلراتور يشبه إلى حد ما كعكة دائرية ضخمة ملتفة ومعقدة، مصنوعة من مغناطيسات هائلة القوة، تُنتج مجالات مغناطيسية ضخمة. هذه المجالات تعمل مثل الأيدي الخفية التي تمسك بالبلازما وتتلاعب بها كالخباز الماهر الذي يتلاعب بالعجين، فتمنعها من الهروب أو لمس جدران الجهاز. وعليه، فإن نجاح الستيلراتور يكمن في الإبقاء على البلازما معلقة في الهواء باستخدام قوى مغناطيسية، حتى تندمج الذرات معًا وتُطلق طاقة هائلة.

يقول هيجنا: "الوقود المستخدم في الاندماج النووي وفير. فكما هو معروف، المصدر الأساسي للوقود هو نظائر الهيدروجين المتوفرة بكثرة، فضلاً عن أن نواتج الاندماج النووي غير ضارة، بعكس منتجات الانشطار النووي أو الفحم أو الغاز".

إعلان

هذا التصور الجديد يفتح آفاقًا لتطوير مفاعلات اندماجية قادرة على العمل في استقرار وفعّالية، بما يضمن دمج النظرية والتطبيق في منظومة واحدة قابلة للتنفيذ.

الاندماج النووي هو نفس التفاعل الذي يمد النجوم بالطاقة (رويترز) "إنفينيتي وان": خطوة نحو التطبيق

تمثل محطة "انفينيتي وان" النموذج الأولي الذي تخطط الشركة لإنشائه بالتعاون مع هيئة وادي تينيسي للطاقة في الولايات المتحدة. وسيتم بناء المحطة في موقع محطة فحم قديمة، ما يمثل رمزًا لتحول تاريخي من الطاقة الملوثة إلى طاقة نظيفة.

يقول هيجنا: "مع أي تقدم تكنولوجي جديد، هناك دائمًا قدرٌ من عدم اليقين. ولعلّ التحدي الأكبر هنا يكمن في تكامل جميع الأنظمة المطلوبة للستيلراتور، بما في ذلك الفيزياء الأساسية للبلازما، وآلية التخلص من الحرارة والجزيئات، ونظام التوليد الذاتي للوقود، إضافة إلى ملفّات المغناطيس عالية الحرارة".

استند هذا الإنجاز إلى تعاون مكثف بين علماء من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك مختبر أوك ريدج الأميركي الذي قدم حواسيبه الخارقة لمحاكاة الخصائص الفيزيائية للتكوينات المغناطيسية، وعلى رأسها الحاسوب "فرونتير" المصنف ضمن أسرع الحواسيب عالميًا.

ويرى هيجنا، أن الوصول إلى هذه المرحلة لم يكن ممكنًا لولا ثلاثة تطورات أساسية أولاً، توفر تقنيات الموصلات الفائقة ذات درجات الحرارة العالية التي تسمح ببناء ملفات مغناطيسية قوية؛ وثانيًا، إثبات فعالية نهج الستيلراتور بمشروع فينديلشتاين 7-إكس في ألمانيا؛ وثالثًا، تطور النظرية والحوسبة الفيزيائية للبلازما، مما مكن الفريق من تصميم وتوقّع سلوك النظام بدقة.

اقتصاد الاندماج

رغم أن الطاقة الاندماجية تعد أكثر تعقيدًا من حيث التصميم والتنفيذ، إلا أن الباحثين يؤكدون أهمية أن تكون مجدية اقتصاديًا مقارنة بمصادر الطاقة المتجددة التقليدية. ويؤكد هيجنا ذلك: "الجانب الاقتصادي للطاقة الاندماجية هو دافع رئيسي لتصميماتنا. من المهم أن يكون المنتج النهائي الذي تقدمه شركة تايب وان إنيرجي قابلًا للتطبيق اقتصاديًا".

إعلان

لا يخلو طريق الاعتماد الواسع على الاندماج النووي من التحديات، خصوصًا من ناحية السياسات. ورغم أن بعض المنتقدين يرون أن الاندماج النووي لا يزال "على بُعد 30 عامًا" من الواقع، يرد هيجنا على هذا الادعاء بتأكيد واقعية الطموح الجديد، ويقول: "هدف شركة تايب وان إنيرجي هو إنتاج محطة اندماج تجريبية بحلول منتصف الثلاثينات. ولتحقيق الانتشار الواسع لهذه التقنية، سيكون من الضروري الحصول على دعم حكومي كبير".

يمكننا القول، إن الأبحاث التي نشرتها شركة تايب وان إنيرجي تُعدّ نقلة في مسيرة الاندماج النووي، ليس فقط لأنها تقدم نموذجًا نظريًا متينًا، بل لأنها تتجه نحو التنفيذ الواقعي، مدعومة بتكنولوجيا متطورة، وتعاون دولي.

مقالات مشابهة

  • طفرة علمية تقرّب البشرية من حلم طاقة الاندماج النووي
  • قياس الكيمياء التحليلية الخضراء ورشة بـ"صيدلة حلوان"
  • اجتماع موسع في البيضاء يؤكد أهمية التوسع الزراعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي بالمحافظة
  • ما حكم امتلاك وترويض الحيوانات المفترسة؟.. أمين الفتوى يجيب
  • مرسيدس تُطلق ثورة القيادة الذاتية بهدوء في S Class 2026
  • سيرك طنطا لن يكون الأخير.. حكايات ومآسي مروضي الحيوانات المفترسة
  • هل يستطيع العلم المعاصر قياس الفقر؟
  • بعد دفن 3000 رأس ماشية في المجر... تحلل جثث الحيوانات النافقة وخشية من تلوث الآبار
  • ثورة طبية تغير مسار علاج تلف الدماغ بعد الجلطات
  • ماك بوك آير بشريحة إم 4.. ثورة آبل الجديدة في عالم الحواسيب المحمولة