104 أعوام من التقشف وشد الحزام
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
حياة المصريين مع التقشف طويلة عبر العصور لمواجهة الأزمات التى كتبت على هذا الشعب المكافح الصبور أن يواجهها ويتعايش معها مهما كانت الظروف، لتكون النتيجة فى النهاية فاقدًا أو مفقودًا.
وحكاية المصريين مع شد الحزام معروفة، وقد شدا بها مطرب الشعب سيد درويش عام 1919، قائلا:
«شد الحزام على وسطك غيره ما يفيدك.
إن كان شيل الحمول على ضهرك بيكيدك.. أهون عليك يا حر من مدة إيدك
ما تيلا بينا إنت وياه .. ونسنعين ع الشقا بالله».
الأغنية التى كتبها الشاعر بديع خيرى لفنان الشعب كانت تنسجم تماما مع واقع مر يعيشه المصريون فى تلك الأوقات، وجاءت أغنية الشيالين عن نفس المعنى وشدا بها أيضا فنان الشعب منذ أكثر من قرن وتقول كلماتها:
«هقولك إيه وأعيد لك إيه كله له أخر.. دى خبطة جامدة وجت على عينك يا تاجر
يا وحستك دلوقت لا وارد ولا صادر.. يحلها ألفين حلال ربك قادر».
محطات التقشف فى حياة المصريين مرت عبر عدة مراحل، الأولى كانت بالدعوة إلى الاقتصاد فى الاستهلاك والتقشف المؤقت خلال ثورة 1919، وكانت معركة كسر عظام بين الشعب المصرى والمحتل الإنجليزى فى سبيل نجاح الثورة ووصول صوت المصريين إلى العالم.
الثانية كانت فى أعقاب ثورة يوليو 1952، عندما رد الرئيس جمال عبد الناصر على مراوغة أمريكا له بقطع المعونة بأن الشعب المصرى على استعداد أن يستغنى عن «كباية الشاي» من أجل توفير المعونة.
الثالثة كانت فى حرب أكتوبر 1973، حيث تحمل الشعب المصرى سوء الحالة الاقتصادية التى تمر بها البلاد ووقف مساندا وداعما لجيشه الوطنى وقواته المسلحة فى حرب العزة والكرامة وتحمل الظروف الاقتصادية الصعبة واختفاء السلع لفترة امتدت من حرب الاستنزاف إلى النصر، وطلب الرئيس أنور السادات من المصريين الصبر وشد الحزام لتجاوز المحنة، قائلا: «شدوا الحزام، فإن خزائن مصر خاوية بسبب النكسة، وعلينا إعادة بناء الجيش».
الرابعة فى بداية عهد الرئيس حسنى مبارك، طالب المصريين بشد الحزام لأن سياسة الانفتاح التى اتبعها الرئيس السادات أضرت بالاقتصاد وظل يكرر هذا النداء طيلة 30 عاما.
الخامسة كانت منذ اندلاع الثورة حتى بعد تولى الرئيس محمد مرسى الحكم، توالت الحكومات، التى طالب رؤساؤها بتطبيق «سياسة شد الحزام»، وإصدار مجموعة من القرارات التقشفية منها استخدام اللمبات الموفرة للطاقة للإنارة فى الشوارع بديلاً عن اللمبات المتوهجة، بعدما انقطعت الكهرباء عن البيوت فجأة، وعاش المواطنون فى الظلام الدامس لمرات متتالية، بسبب سياسة التقشف، التى طبقتها وزارة الكهرباء بعد زيادة الأحمال.
السادسة فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذى حث المصريين على مواصلة تحمل الإصلاحات الاقتصادية وتدابير التقشف وموجات الارتفاع فى أسعار الوقود والكهرباء ومياه الشرب، مؤكدا أن طريق الإصلاح الحقيقي صعب وقاسٍ ويسبب الكثير من المعاناة.
باختصار.. وضع المصريين الآن مع الممارسات الحكومية صعب جدا، فالمواطن المصرى بات أمره مأساويا والحزام لا يجد ما يرتكز عليه بعدما وصلت مرحلة الشد إلى أقصاها، ولم تعد البطون الخاوية لديها القدرة على حمل الحزام من أصله!
تبقى كلمة.. فى الوقت الذى يتبع فيه المواطنون سياسة التقشف الإجباري، نظرًا لما أصاب البلاد والعالم من أزمات اقتصادية وباتت أقل السلع فوق إمكانات المواطنين، وضرب ثالوث الجوع والمرض والفقر حياتهم أغفلت الحكومة أعينها عن الأسواق وأرخت قبضتها الحديدية وتركت التجار يتلاعبون بأقوات المواطنين وأرزاقهم، حتى تحولوا إلى حيتان تتلاعب بالأسواق دون رادع من قانون أو ضمير، وباتت حياتنا بين التقشف وشد الحزام من ناحية، وبين تجار الأزمات والقطط السمان من ناحية أخري.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: باختصار حياة المصريين
إقرأ أيضاً:
أستاذ اقتصاد : الرئيس السيسى طمأن المصريين بشأن توافر السلع الاستراتيجية
قال الدكتور محمد البهواشي، أستاذ الاقتصاد، إن الرئيس السيسي أكد أن الدولة وفرت مخزونًا استراتيجيًا آمنًا، وهذه الرسالة بالتأكيد سيكون لها مردود في عدم خلق أي موجة طلب غير مبررة".
وأضاف، خلال مداخلة عبر "إكسترا نيوز": الرئيس السيسي ينقل حالة من "الطمأنينة" من خلال رسالته بشأن السلع الاستراتيجية.
وتابع: "كل السلع الاستراتيجية موجودة وبوفرة، وتخطينا حد الأمان العالمي، وهذا هو نهج الدولة المصرية منذ تولي الرئيس السيسي مقاليد الحكم".
وواصل: "هناك سلع قاربت العالم من الحد الآمن لمخزونها، فلا يوجد احتياطي أقل من 4 شهور، وهي رسالة الرئيس السيسي للمواطنين المصريين".
وأوضح الدكتور محمد البهواشي، أستاذ الاقتصاد، أن رسالة الرئيس السيسي ووسط المجتمع العسكري المنضبط بالأكاديمية العسكرية أمس، أعطت رسالة طمأنة للشعب المصري بتوفر السلع الاستراتيجية.