دولة الاحتلال تجنّد عمالا من أفريقيا لإنقاذ اقتصادها من الانهيار
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
نشر موقع "إندبندنت توركش" مقال رأي للكاتبة سارة شانلي سلطت فيه الضوء على استقطاب إسرائيل العمالة من إفريقيا بهدف دعم اقتصادها.
وقالت الكاتبة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن رئيس مالاوي لازاروس تشاكويرا أطلق في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي سياسة تقشف صارمة للتصدي للأزمة الاقتصادية التي تعاني منها بلاده، مع تعليق الرحلات إلى لجميع مسؤولي الحكومة بما في ذلك هو شخصيًا.
ومن قبيل الصدفة، قدّمت حكومة الاحتلال أيضًا 60 مليون دولار من المساعدات المالية إلى مالاوي "لدعم اقتصاد البلاد" مباشرة بعد صندوق النقد الدولي. والسؤال المطروح، كيف ولماذا قدّمت إسرائيل هذا الدعم المالي، بينما كانت مشغولة بارتكاب إبادة جماعية وتخصيص جميع مواردها المالية، بدعم من الولايات المتحدة، لتدمير الشعب الفلسطيني؟
وذكرت الكاتبة أن وزارة الزراعة الإسرائيلية أعلنت أن ما بين 30 ألفًا و40 ألفًا من العمال تركوا المزارع في البلاد منذ الهجمات التي شنتها حركة حماس على غلاف قطاع غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وكان نصف هؤلاء العمال من الفلسطينيين الذين منعت إسرائيل دخولهم من الضفة الغربية المحتلة. أما النصف الآخر، فكان من العمال الأجانب الذين فرّوا من البلاد مع الحرب وكان معظمهم من التايلانديين.
وأفادت الكاتبة بأن "إسرائيل" تضرّرت بشدة من الحرب، على الرغم من كل الدعم المادي والسياسي الذي قدمته الولايات المتحدة لها. وحتى تحافظ إسرائيل على اقتصادها، فضّلت استقطاب عمال تعتبرهم من "الدرجة الثانية" وفقًا لأيديولوجيتها الصهيونية بدلاً من تشغيل "شعبها اليهودي المتفوق" في المزارع.
"الحليف المخلص"
وأوردت الكاتبة أن الدفعة الأولى من العمال المكونة من 221 عاملاً كانت من مالاوي، إذ تبحث "إسرائيل" عن خمسة آلاف عامل من بعض الدول الأفريقية الأخرى، بما في ذلك مالاوي، الحليف المخلص لها في أفريقيا. وبهذه الخطوة، تستغل "إسرائيل" ضعف القادة الأفارقة الخاضعين للولايات المتحدة ويأس شعوبهم الفقيرة.
وأشارت الكاتبة إلى أن رئيس مالاوي تشاكويرا واجه انتقادات شديدة من جميع أنحاء القارة لإرساله الشباب، الذين يمثلون الفئة الأكثر أملاً في بلاده، إلى مجتمع يعتبر السود من الدرجة الثانية وإلى دولة إرهابية تقتل الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين بلا رحمة أمام العالم أجمع. وقد وقّع تشاكويرا هذه الاتفاقية سراً، بينما وصفها زعيم المعارضة كوندواني نانكهوموا بأنها "صفقة شيطانية".
وأضافت الكاتبة أنه وبعد ملاوي أصبحت كينيا الدولة الأفريقية الثانية - الصديقة لإسرائيل والولايات المتحدة - التي ترسل العمال إلى "إسرائيل"، حيث تستعد لإرسال 1500 عامل إلى المزارع الإسرائيلية.
وفي أيار/ مايو الماضي، زار رئيس كينيا وليام روتو رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في القدس، وقرّر تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين. وقد أعلن روتو دعمه لإسرائيل بعد وقت قصير من هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وهو على علاقة وثيقة بإسرائيل منذ فترة طويلة. لذلك، لم يكن قرار روتو بإرسال العمال إلى إسرائيل مفاجئًا.
في المقابل، أثارت محاولة روتو، الذي انتُقد بسبب إنفاقه الهائل على الرحلات الخارجية، إصلاح الاقتصاد بإرسال العمال إلى إسرائيل انتقادات أكبر.
ووصف السياسي الكيني إيورو أوكوت قرار كينيا بإرسال عمال زراعيين إلى إسرائيل أثناء النزاع بأنه "إهمال" في ظل المخاوف الأمنية، واتهم روتو بعدم الوفاء بوعوده بحل مشكلة البطالة.
تحت أي ظروف يعمل العمال؟
وفقًا للادعاءات، تم إرسال شباب أفارقة من خريجي الجامعات إلى إسرائيل بوعود بالتدريب، ليتم توظيفهم كعمّال في المزارع من الصباح إلى المساء بعيدًا عن مراكز المدن. كما تم استخدام عدد كبير من الطلاب الأفارقة كقوة عاملة رخيصة دون تضمينهم في أي برنامج تدريبي. وهناك تقرير يعود إلى سنة 2015 صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش يوثّق إساءة معاملة المزارعين التايلانديين في إسرائيل.
وذكرت الكاتبة أن كلا من شعب مالاوي وكينيا يشعر بالاستياء من قرار قادة بلدهم. وبينما قالت مجموعة صغيرة إن "الموت وبطنك ممتلئة في بلد فيها حرب أفضل من أن الموت جوعاً في بلدك"، فسّرت الأغلبية العظمى من الشعبين هذه الخطوة من قبل قادة الدولة تحت عنوان "العبودية الحديثة".
حيال هذا الشأن، أوضح جوناثان تشيسيكوا من ليلونجوي، عاصمة ملاوي: "كان أسلافنا مستعبدين وكانوا يُجبرون على العمل في الحقول. الآن، يقوم قادتنا بجمع العبيد الطوعيين وتصديرهم. هذه هي العبودية الحديثة. نعم، ارتفع مستوى البطالة بشكل كبير، والناس جائعون، لكن هل الحل هو إرسال الشباب إلى مناطق الصراع مقابل مبلغ مالي سيُضخ مرة أخرى في الفساد؟".
وقال ديبورا كاماو من نيروبي، عاصمة كينيا: "هناك نقطة مهمة جدًا لا يفهمها قادتنا ونحن الأفارقة: شبابنا يتجهون للعمل خارج القارة ويقضون شبابهم بالكامل في الخارج، ثم يعودون إلى بلادهم وهم في سن الشيخوخة. طاقتنا ومواهبنا ومعرفتنا تذهب خارج قارتنا. كيف سنتطوّر إذا لم ننفق كل هذا على قارّتنا وبلداننا وشعبنا؟ يجب علينا خلق فرص عمل في أراضينا الخاصة بدلاً من إرسال العمال إلى الخارج".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية العمالة الاقتصادية أفريقيا أفريقيا عمال الاقتصاد دولة الاحتلال صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى إسرائیل الکاتبة أن العمال إلى
إقرأ أيضاً:
من قرارات ترامب إلى أوبك وجلسة السوداني.. شبح الانهيار المالي يخيّم على العراق
بغداد اليوم - بغداد
في منعطف اقتصادي حاد، بدأ العراق يترنّح تحت تأثير قرارات مفاجئة أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تمثّلت برفع التعريفات الجمركية على مجموعة من الدول، كان بينها العراق بنسبة صادمة بلغت 39%. وبينما تترنّح الأسواق العالمية تحت ضغط هذه الحرب التجارية المستعرة، تتحرك منظمة أوبك بدفع أمريكي لزيادة الإنتاج، في توقيت يُهدد بانهيار أسعار النفط إلى ما دون 45 دولارًا للبرميل.
وسط هذا المشهد القاتم، وجدت الحكومة العراقية نفسها أمام خطر مزدوج: ضرب مباشر للميزان التجاري، وتدهور محتمل في عائدات النفط التي بُنيت عليها موازنة الدولة بسعر 70 دولارًا للبرميل. هذا التهديد العميق دفع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى عقد جلسة طارئة مع وزرائه المعنيين، في محاولة لاحتواء الصدمة قبل أن تتحوّل إلى أزمة مفتوحة.
لكن السؤال الأعمق الذي يُخيّم على الشارع العراقي هو: هل تكفي هذه التحركات لتجنب الانهيار؟ أم أن العراق مقبل على تكرار سيناريو 2020، حين سُحقت البلاد تحت ثقل انهيار النفط، وارتبك فيها حتى دفع الرواتب؟
تحذيرات جادة
حذّر خبراء اقتصاديون، بينهم مختصون عراقيون، من أن قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتعلقة بفرض تعريفات جمركية مرتفعة قد تقود إلى انهيار كبير في أسعار النفط العالمية، مع احتمال وصول سعر البرميل إلى 45 دولاراً خلال الأشهر المقبلة، ما يُنذر بخطر مباشر على اقتصاد العراق المعتمد أساسًا على العوائد النفطية.
وكشف تقرير نشرته شبكة ذا نيو أراب، اليوم الأحد (6 نيسان 2025)، وترجمته بغداد اليوم، أن التصعيد في الحرب التجارية التي أطلقها ترامب ضد عدد من الدول، سيتسبب بتراجع ملحوظ في حركة التبادل التجاري العالمي، وانكماش اقتصادي واسع يُؤدي إلى انخفاض حاد في الطلب على النفط.
وقال التقرير إن التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب على عدد من الدول، شملت العراق بنسبة 39%، في خطوة وصفها الخبير الاقتصادي قمران قدير بأنها "تتحدى المنطق الاقتصادي"، وتؤدي إلى سلسلة من التداعيات السلبية من بينها: تباطؤ النمو، ارتفاع معدلات البطالة، وزيادة التضخم، خصوصًا في الاقتصادات الكبرى كأمريكا، الصين، أوروبا، اليابان، وكوريا الجنوبية.
وأضاف قدير أن هذه الاضطرابات ستنعكس على مستوى الطلب العالمي على الطاقة، في وقت يُتوقع أن تواصل دول "أوبك"، وعلى رأسها السعودية، رفع مستويات الإنتاج تحت ضغط أمريكي، مما سيُفاقم اختلال التوازن بين العرض والطلب، ويدفع الأسعار إلى الانهيار نحو حاجز 45 دولارًا للبرميل.
العراق في قلب الأزمة.. موازنة مبنية على 70 دولارًا للبرميل
في سياق متصل، أشار التقرير إلى أن الموازنة العراقية لعام 2025 اعتمدت سعر 70 دولارًا لبرميل النفط، وهو ما يضع الاقتصاد العراقي في موقع حرج في حال تحقق سيناريو انخفاض الأسعار، خاصة وأن أكثر من 90% من إيرادات الدولة تعتمد على الصادرات النفطية.
وبحسب التقرير، فإن "الخطر المزدوج" يتمثل في كون العراق متضررًا مباشرًا من التعريفات الأمريكية المفروضة عليه من جهة، ومعرّضًا لانهيار الأسعار العالمية من جهة أخرى، ما قد يسبب أزمة مالية داخلية تهدد قدرة الدولة على تغطية نفقاتها الأساسية.
وأفاد التقرير بأن هذا التطور دفع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى عقد جلسة طارئة مع عدد من الوزراء المعنيين، تم خلالها الاتفاق على خطوات لتقوية التعاون مع الولايات المتحدة في محاولة لتخفيف التأثيرات المباشرة، لا سيما على التبادل التجاري الثنائي.
لكن ذا نيو أراب أكدت، نقلاً عن مصادر اقتصادية، أن هذه الإجراءات "لن تكون كافية لاحتواء التأثيرات غير المباشرة"، خاصة تلك المتعلقة بانخفاض أسعار النفط الناتج عن ركود اقتصادي عالمي مرتقب.
تداعيات أكبر على دولة ريعية
ويُعد الاقتصاد العراقي من أكثر الاقتصادات هشاشةً في المنطقة، نظرًا لاعتماده شبه الكامل على إيرادات النفط، دون وجود بدائل إنتاجية أو صناعية كافية. وبالتالي، فإن أي تراجع في أسعار النفط ينعكس مباشرة على قدرة الحكومة على دفع الرواتب، تمويل المشاريع، وتقديم الخدمات الأساسية.
ويحذّر مراقبون من أن استمرار السياسة الاقتصادية الأمريكية على هذا النحو، سيُجبر العراق إما على الاقتراض مجددًا، أو خفض الإنفاق العام، في وقت تُعاني فيه البلاد أصلًا من أزمات مزمنة في الكهرباء والبنى التحتية وارتفاع البطالة.
مقارنة بتجربة 2020.. هل يتكرر الانهيار؟
يُذكر أن العراق واجه وضعًا مشابهًا في عام 2020، عندما انهارت أسعار النفط إلى ما دون 30 دولارًا للبرميل نتيجة جائحة كورونا وانهيار الطلب العالمي، مما تسبب بعجز مالي كبير وتأخر في دفع رواتب الموظفين لعدة أشهر. ويرى محللون أن تكرار هذا السيناريو سيكون كارثيًا في ظل غياب إصلاح اقتصادي حقيقي، ويزيد من هشاشة الدولة أمام الضغوط الخارجية والداخلية.
وبينما تسعى الحكومة العراقية إلى تقليل الاعتماد على النفط في خطاباتها الاستراتيجية، إلا أن الواقع المالي يؤكد أن أي انهيار في الأسعار سيبقى الخطر الأكبر الذي يهدد استقرار البلاد في المستقبل القريب.