بعد تصريحات السوداني.. هل العراق قادر على التخلي عن التحالف الدولي؟
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
لا يخرج إعلان رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، الخميس، بأن الحكومة العراقية "ماضية" باتجاه إنهاء وجود التحالف الدولي في العراق عن إطارٍ سياسي، حسب خبراء ومراقبين تحدثوا لموقع "الحرة".
ويكشف عن حالة تحول دون اتخاذ موقف أمني أو عسكري إزاء الهجمات والردود المتصاعدة بين الولايات المتحدة الأميركية والميليشيات المدعومة من إيران، وأخرى ترتبط بـ"الأجندة ذات الاتجاه الموالي لطهران".
حديث السوداني جاء خلال لقائه مع رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز.
وتبع ضربات جوية نفذتها وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" على 3 مواقع تابعة لكتائب حزب الله العراقي، ردا على هجوم بطائرة مفخخة نفذته الميليشيا على قاعدة أربيل الجوية، وأسفر عن إصابة 3 جنود أميركيين.
وأضاف أن "الحكومة في طور إعادة ترتيب العلاقة في ظل قوات عراقية متمكنة"، مؤكدا أنها "ماضية باتجاه إنهاء وجود قوات التحالف، الذي يضم مستشارين أمنيين يدعمون القوات الأمنية في مجالات التدريب والمشورة والتعاون الاستخباري".
السوداني تحدث عن "اعتداءات حصلت مؤخرا على القواعد العسكرية العراقية والبعثات الدبلوماسية"، وأن الموقف الرسمي للحكومة يعتبرها "أعمالا عدائية تضر بالمصلحة الوطنية وتؤثر على أمن واستقرار البلد".
كما أكد "على أهمية الالتزام بالتفويض القانوني الممنوح من قبل الحكومات العراقية السابقة لهذا الوجود، والذي يجب أن يكون ضمن إطار الدعم للقوات الأمنية في مجالات التدريب، وأن لا يتجاوز حد القيام بأعمال عسكرية كونها تمثل مساسا بالسيادة العراقية وهو أمر مرفوض"، حسب تعبيره.
لماذا الآن؟ولا يعتبر ما قاله السوداني جديدا على صعيد تواجد قوات التحالف الدولي في العراق، حيث سبق وأن أشار في سبتمبر الماضي إلى جزئية تتعلق بـ"انتهاء داعش"، وهو ما استدعى ردا من الولايات المتحدة الأميركية.
قبل ثلاثة أشهر أكدت واشنطن أن تواجد قوات أميركية في العراق "أمر متفق عليه مع بغداد"، بعد أيام من تصريحات للسوداني بأن تنظيم داعش "لم يعد تشكل تهديدا"، وأن بلاده لم تعد بحاجة إلى التحالف الدولي.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر حينها: "أصدرنا في أغسطس الماضي بيانا مشتركا مع شركائنا العراقيين أكدنا فيه على أننا موجودون هناك بناءً على دعوتهم، ومن ثم نعتزم التشاور بشأن عملية مستقبلية تشمل التحالف لتحديد كيفية تطور المهمة العسكرية للتحالف".
وأضاف: "قوات الأمن العراقية تتولى قيادة مهام داعش داخل العراق وقد أظهرت قدرة متزايدة على مواجهة هذا التهديد".
ويعتبر الباحث السياسي العراقي، هيثم الهيتي أن حديث السوداني بشأن التوجه لإنهاء تواجد التحالف الدولي في العراق "واقعي وهو أصدق تصريح سياسي لمسؤول منذ 2003".
ويقول لموقع "الحرة" إن "الأجندة السياسية للنخبة الحاكمة هي ذات اتجاه موال لإيران وليس للولايات المتحدة الأميركية"، وهو ما نراه منعكسا في الوقت الحالي على الواقع.
ويرتبط الولاء لإيران بعدة اتجاهات، أولها "جعل العراق منفذا اقتصاديا دائما لإيران، أو رئة تنفسية بحيث يتم أحوزته"، وفق الهيتي.
ويضيف الباحث أن "إيران جزء من خط السير الروسي الصيني العالمي الذي يعمل على منافسة الهيمنة الأميركية، ولذلك تحاول قلع العراق من طرف الأخيرة".
ويعتقد الباحث في "المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات"، مجاهد الصميدعي أن "الحكومة العراقية في وضع صعب من ناحية قدرتها على إيقاف القصف الذي يأتي من الميليشيات والرد الحاصل من الولايات المتحدة".
ويقول لموقع "الحرة" إن تصريحات السوداني "سياسية"، وتدل على "عجز حكومته عن اتخاذ موقف أمني وعسكري قوي لإيقاف هذين التدخلين"، في إشارة إلى القصف والرد المقابل.
هل العراق قادر على التخلي؟وبعد صعود تنظيم داعش في العام 2014، وسيطرته على نحو ثلث الأراضي العراقية، أنشأت واشنطن تحالفا دوليا لدعم القوات العراقية والقوات الكردية في سوريا.
وعلى الرغم من هزيمته في العام 2017 في العراق، لا يزال التنظيم يتبنى من وقت لآخر هجمات في البلاد، ولا يزال التحالف نشطا في العراق لمنع صعوده من جديد، رغم أن الأخير أعلن في العام 2021 "انتهاء المهام القتالية".
ويضمّ التحالف الدولي حاليا نحو 2500 عسكري أميركي، ونحو 1000 من الدول الأعضاء فيه، وينتشرون في قواعد عسكرية تحت قيادة القوات العراقية.
ويعتقد الباحث الصميدعي أن الحكومة العراقية "بحاجة إلى خطة إذا ما أرادت إخراج التحالف الذي تقوده القوات الأميركية، وقد تكون لخمس سنوات أو 3 أو أقل".
ويجري التحالف منذ سنوات "عمليات لوجستية وتدريبات وقصف على مواقع داعش، استنادا لمعلومات تأتي من العراق أو من أجهزة الاستخبارات"، وفق الصميدعي.
ويضيف: "إذا ما أراد العراق إنهاء التواجد عليه أن يقوم بالاستعداد لملء الفراغ، أي نشر قوات قادرة على الدعم اللوجستي والتصدي للإرهاب وقصف المواقع".
ويجب أن "يكون قادرا على جمع معلومات وجهود استخباراتية في معركة التنظيم"، حسب الباحث الذي يردف: "وإلا ستكون النتيجة مأساوية كما حصل في 2011 عندما خرجت القوات الأميركية، وانتشر الإرهاب إلى أن انهار البلد في 2013".
ماذا عن الدعم؟وتعتمد القوات العراقية بشكل كبير على الدعم الإيراني والميليشيات المدعومة من إيران والتحالف، حسب ما يوضح ريتش أوتزن كبير الخبراء في "المجلس الأطلسي" وضابط أميركي سابق.
ويرى في حديث لموقع "الحرة" أن "مطالبة الحكومة التحالف بالرحيل من شأنه أن يعمق الاعتماد على إيران ووكلائها".
و"قد يكون العراق قادرا على احتواء فلول داعش على هذا الأساس، ولكن ليس بنفس الدرجة، وليس من دون التنازل عن مزيد من السيطرة لطهران"، كما يضيف أوتزن.
الخبير الأميركي يشير من جانب آخر إلى أن حكومة العراق تعتمد على الدعم المصرفي والمالي من شركة Western بدرجة عالية.
ويتابع أنه "إذا تمت دعوة قوات التحالف للمغادرة، فمن غير الواضح ما إذا كان سيتم الحفاظ على أشكال الدعم الأخرى على نفس المستويات".
الباحث الهيتي من جانبه أيضا يشير إلى ذات الفكرة، ويقول إن "الجانب الأميركي يسيطر على التمويل العراقي. بمعنى المبالغ التي تأتي من البنوك الأميركية ثمن أسعار النفط".
وتشكل هذه الجزئية "عائقا وحيدا يحول دون إمكانية خروج العراق من المسار الذي تفرضه الولايات المتحدة الأميركية"، وفق الهيتي.
ومع ذلك يعتقد الباحث أنه "على المدى الطويل وليس البعيد جدا قد تكون هناك حلول محتملة عراقية صينية روسية إيرانية لإخراج العراق من المسار الذي هو عليه".
وربما تسعى بغداد إلى إنهاء وجود التحالف على الأرض مع الحفاظ على الدعم الخارجي (الدعم الجوي، والخدمات اللوجستية، وما إلى ذلك) المتمركز في البلدان المجاورة، حسبما يرى الضابط الأميركي السابق، أوتزن.
ويؤكد أنه "ليس من الواضح أن الولايات المتحدة ستوافق أو ينبغي لها أن توافق على ذلك"، وأنه قد يكون تصريح السوداني "وسيلة لبغداد للضغط على أربيل، حيث تستفيد حكومة إقليم كردستان أكثر من أي شيء آخر من وجود التحالف".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: المتحدة الأمیرکیة الولایات المتحدة التحالف الدولی فی العراق العراق من على الدعم
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يعلن عن تقدم كبير في مناطق وسط الخرطوم
الجيش السوداني أكد تواصل توجيه الضربات لقوات الدعم السريع في جميع محاور القتال يومياً وعلى مدار الساعة.
الخرطوم: التغيير
أعلن الجيش السوداني، مواصلة تقدمه في مناطق العاصمة الخرطوم، والسيطرة على نطاق واسع من وسط المدينة التي كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع، وتوجيه ضربات قوية لها.
وظلت مناطق واسعة من مدينتي الخرطوم وبحري تحت سيطرة قوات الدعم السريع منذ اندلاع النزاع بينها والجيش في منتصف ابريل من العام قبل الماضي، وتعتبر المساحات التي تقدم نحوها الجيش مؤخراً مواقع استراتيجية للدعم في العاصمة.
وقال الناطق باسم الجيش السوداني العميد ركن نبيل عبد الله في تصريح مقتضب اليوم الأربعاء، إن القوات المسلحة أحرزت اليوم تقدماً كبيراً بالخرطوم “وذلك بتطهير كامل منطقة الرميلة والإمدادات الطبية والمنطقة الصناعية الخرطوم ودار سك العملة”.
وأضاف: “توالي قواتنا توجيه الضربات الموجعة للمليشيا في كل المحاور وعلى مدار الساعة يومياً”.
ومنذ 26 سبتمبر الماضي دخلت الحرب الدائرة بين الجيش والدعم السريع مرحلة جديدة، حيث بدأ الجيش عملية عسكرية انتهت باستعادة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، قبل أن يعلن مؤخراً فك الحصار عن القيادة العامة للجيش وسلاح الإشارة واستعادة مصفاة الجيلي ومناطق واسعة في مدينة بحري.
وفي السياق، نقل موقع الجزيرة عن مصادر ميدانية قولها، إن قوات سلاح المدرعات التابعة للجيش السوداني بسطت سيطرتها على أحياء الرميلة والسجانة بالكامل والمنطقة الصناعية غرب العاصمة الخرطوم.
وأوضحت المصادر أن الجيش أصبح بذلك على مقربة من شارع الغابة المؤدي إلى وسط الخرطوم، حيث تتمركز قوات الدعم السريع.
وأشارت إلى أن قوات سلاح المدرعات تخطط للانضمام لوحدات من الجيش في منطقة المقرن التي تمركزت بها منذ سبتمبر الماضي وفي مقر القيادة العامة وسط المدينة.
وكان الجيش سيطر الأيام الماضية على أحياء حلة خوجلي وحلة حمد والدناقلة ومباني شركة الديار القطرية وصولاً إلى كبري المك نمر من ناحية الخرطوم بحري، فيما انسحبت قوات الدعم السريع إلى داخل الخرطوم متجهة إلى جنوب المدينة.
الوسومالجيش الخرطوم الخرطوم بحري الدعم السريع الرميلة السجانة السودان جسر المك نمر سك العملة نبيل عبد الله علي