الإبداع الفني للغة العربية في العمارة والديكور
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
د. لينا الموسوي
احتفل العالم الأسبوع الماضي باليوم العالمي للغة العربية، وهي لغة التواصل والتخاطب بين الناس في الدول العربية، وواحدة من أكثر اللغات تأثيرًا في الفنون والأدب، فهي لغة الفنون والعمارة والموسيقى، لغة الإبداع التي وظَفها الكتاب والفنانون والمهندسون المعماريون للتعبير عمّا في دواخلهم بتشكيلها، وذلك بما تحمله الحروف من قوة روحانية كونية محفوظة من الرحمن، وقوة فنية تشكيلية مخطوطة.
وتحظى اللغة العربية بأهمية كبيرة عند العرب والمسلمين؛ فهي لغة القرآن، ومع انتشار الإسلام وحضاراته انتشرت وأصبحت لغة السياسة والعلم والأدب والفن والعمارة في أراضي حكم المسلمين؛ حيث يعد التكلم بها عاملًا مؤثرًا على العقل والخلق والروح والدين للأسرار الكونية التي منح الله تعالى حروفها.
وتمتاز اللغة العربية بقدرتها على التكيف والإبداع في مختلف المجالات والعلوم؛ سواء كانت في معانيها التي تتميز بالفصاحة والترادف أو ترددات الأصوات؛ فظهرت على شكل مؤلفات فقهية ودواوين شعرية ومقالات، أو جمال حروفها وانسيابية تشكيل خطوطها التي شكّلت هيئة مخطوطات وجداريات فنية ومعمارية مبدعة لتظل خالدة في مختلف المجتمعات الإسلامية والعالمية.
وكتابة الحروف العربية من أكثر الفنون جمالًا وإبهارًا من حيث الشكل والمرونة في التشكيل؛ حيث يستطيع الفنان أن يستخرج قطعًا فنية إبداعية من حرف أو كلمات؛ لتكون تُحفًا تشكيلة، إما عن طريق اللوحات الفنية أو الحِرَف بأنواعها، إضافة إلى القماش والمجوهرات. كما نجد أنه تم توظيف الحروف والخط العربي في نقشه على الجدران في الأبنية المدنية والدينية لجمال هذه المخطوطات وزينتها التكوينية.
ولا تزال اللغة العربية لغة العلم والثقافة ووسيلة التواصل في العصر الحديث؛ حيث تم تطوير الحروف والخط العربي ونقلها من مرحلة النقوش والزخارف الجدارية إلى ظهورها كجزء أساسي في تصميم مواد كتل الأبنية المعمارية لتصبح مُشكَّلةً على هيئة شبابيك زجاجية أو خرسانات أو غيرها من مواد الأبنية المُستخدمة؛ فنجدها مرئية في "متحف المستقبل" للمرحومة المعمارية زهاء حديد في دبي؛ حيث أبدعت في تشكيل الحروف العربية من الخارج لتظهر على شكل بناية مخطوطة، ومن الداخل، فتكون جزءًا لا يتجزأ عن التصميم الداخلي؛ كأنها تنطق لتقول أنا اللغة العربية القيِّمة في الشكل والمضمون.
وهناك أمثلة أخرى لاستخدام الحروف العربية في مركز البحث العلمي في قطر، ومعرض الكتاب في الشارقة، وغيرها من الأبنية الحديثة المعاصرة.
وفي هذ العجالة، أحببتُ أن أتكلم قليلا كمهندسة معمارية وكاتبة عاشقة للغتنا العربية مُغتربة في إحدى الدول الغربية، أؤكد على أهمية اللغة العربية وتعليمها وتداولها داخل مجتمعنا الأسري ومع أبناءنا مهما كانت صعبة النطق أو المعنى؛ حيث التعلم في الصغر كالنقش في الحجر، وإذا اعتاد الأطفال على تداول اللغة العربية وحروفها- وإن كانت عامية- يَسهُل عليهم نُطقها نُطقًا صحيحًا، وهذه رسالة أُقدمها من القلب إلى كل أم تتكلم اللغة العربية.. أن تُعلِّم أولادها لغتهم الأم التي هي لغة القرآن والانتماء، وهي الأساس والهوية التي سوف يستند عليها الأبناء في ظل كل تطورات العالم.
لتكن أساليب تعلُّم الحروف العربية مُبسّطة عن طريق رسم الحروف وتشكيلها الفني لتتعود عليها عين القارئ، أو عن طريق الكلام الجميل واللفظ البسيط الصحيح؛ فتتعود عليها الأذن، أو عن طريق زاوية ديكور مخطوطة بآيات قرآنية أو أبيات شعرية عريقة.
أما عنِّي كمهندسة معمارية عاشقة لحروف لغتنا العربية؛ فقد استطعتُ استخدام الحروف العربية في تصاميم معاصرة لأبنية عامة كالمساجد والمكاتب والحدائق إضافة إلى الديكورات الداخلية؛ حيث عكفتُ على توظيف الحروف الجميلة في تصميم الأثاث والستائر وغيرها من أكسسوارات الديكور واللوحات الفنية.
أتمنى الخلود للُغتنا العربية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
غير آمنة.. تأثيرات مدمرة على الأبنية المجاورة لأماكن الضربات الإسرائيلية
تتضرر الأبنية المجاورة لأماكن الاستهدافات الإسرائيلية بشكل متفاوت، وتصبح خطرة وغير آمنة للسكن، وفق مهندسين تحدث إليهم موقع "الحرة"، فيما تطرح تساؤلات عن تأثير الغارات والمخاطر المحدقة بهذه المباني.
ولا يقتصر الضرر فقط على الأهداف المباشرة للغارات الإسرائيلية، ويمتد ليشمل المباني والأماكن المجاورة. ومع اقتراب فصل الشتاء، تتزايد المخاوف حول صلاحية هذه المباني للسكن وسلامة قاطنيها.
تأثيرات مدمرةويرى الخبراء أن الأضرار الهيكلية الناتجة عن قوة الانفجارات، تؤدي إلى إضعاف الأساسات والجدران، ما يجعل المباني عرضة للانهيار الجزئي أو الكلي، فيما تظهر تشققات في الجدران والأسقف قد تكون خفية أو ظاهرة، مما يزيد من خطر الانهيار.
وتتعرض البنية التحتية أيضا للتأثير المدمر نتيجة الغارات، وتتضرر شبكات المياه والكهرباء والاتصالات والإنترنت والصرف الصحي، وقد يؤدي تسرب مياه الأمطار والرياح العاتية إلى تدهور حالة المباني المتضررة، خاصة مع وجود تشققات في الأسقف والجدران مما يضعف الأعمدة والأساسات ويعرضها لخطر الانهيار.
هل المباني صالحة للسكن؟تختلف حالة المباني المتضررة، ويجب إجراء تقييم هندسي شامل لتحديد مدى الأمان، وفقا للخبراء، وإذا كانت الأضرار تشمل الأساسات أو الهياكل الحاملة، فإن المبنى يصبح غير صالح للسكن، ويجب إجراء مسح هندسي لجميع المباني المتضررة في المناطق المستهدفة.
وقال المهندس المدني والإنشائي، محمد كلّم، في حديثه لموقع "الحرة" إن تأثير الغارات على الأبنية المجاورة للمباني المستهدفة يتفاوت بين التدمير الجزئي والكلي.
وأوضح أن الأضرار عادة تصيب الهيكل الإنشائي كليا أو جزئيا، والتأثير يمكن أن يطال الأسقف والأعمدة والجسور والأساسات والجدران.
هدموفي حالة الدمار الكلي يتم التصنيف هدم، وعندها يجب إزالة الردم وإعادة البناء من جديد، وفي حالة الدمار الجزئي، يمكن اللجوء إلى التدعيم والترميم الإنشائي والتدعيم الكلي، وفقا لكلّم الذي شدد على خطورة السكن في الأبنية المتضررة.
وأشار إلى أنه في مرحلة إعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب، يجب إجراء مسح شامل للمباني المدمرة كليا أو جزئيا، وتلك التي تحتاج إلى ترميم عادي أو إنشائي، للحفاظ على سلامة السكان وتفادي خطر الانهيارات والسقوط.
ولفت كلّم إلى أهمية دراسة تأثير القنابل على البيئة من تربة ومياه وهواء، وقال إن ذلك يتطلب فرقا فنية وهندسية متخصصة ومعدات متطورة، مشددا على ضرورة إجراء مسح شامل لتحديد المباني الممكن ترميمها والسكن فيها وما إذا كانت صالحة أم لا.
أضرار جانبيةمن جانبه يؤكد المهندس المعماري، يزن الغنيمي، أن المخاطر كبيرة فيما يتعلق بالأضرار الجانبية الناتجة عن الغارات الجوية العنيفة.
ويقول في حديثه لموقع "الحرة" إن "نتيجة الحرب هناك أضرار مباشرة وأخرى جانبية، وتصيب في الغالب أهدافا مدنية وسكانا مدنيين والبنية التحتية، ناهيك عن الأضرار النفسية على السكان وخاصة على الأطفال".
وتقول إسرائيل إنها تستهدف مباني ومواقع عسكرية لحزب الله في لبنان ولحركة حماس في غزة، وإنهما يتخذان من المدنيين دروعا بشرية، ويقيمان هذه المنشآت داخل مناطق مكتظة بالسكان، فيما تظهر غالبية الفيديوهات أن الأماكن المستهدفة هي منشآت مدنية ومنها المباني والأبراج والأحياء السكنية.
وأضاف الغنيمي أن "الغارات ينتج عنها تأثيرات سلبية على الاقتصاد والبيئة أيضا، ومنها ما يستهدف منشآت حيوية، وبنى تحتية، مثل الطرق والجسور، وأعمدة الكهرباء والاتصالات وغيرها".
وأوضح أن التأثيرات البيئية السلبية واضحة "بسبب الغازات المنبعثة عن الغارات والقنابل والصواريخ، والمخلفات التي عادة ما تبقى في الأماكن العامة وتشكل خطرا خفيا".
العوامل الجويةوفيما يخص العوامل الجوية الأخرى، يرى الغنيمي أن الرياح والعواصف والأمطار والأعاصير في المناطق الساحلية يمكن أن تؤثر سلبا على المباني الغير مستقرة بشكل كامل.
ويضيف أن الكوارث الطبيعية الأخرى مثل الزلازل قد تفاقم المشكلة، بمعنى أن الخطر يزداد مع وجود العديد من الأبنية المتضررة والآيلة للسقوط.
وشدد المهندس المعماري على ضرورة قيام فرق مختصة بالكشف على المباني المتضررة لمعرفة حالة الأساسات وحديد التسليح والمصاعد والأدراج وغيرها من المرافق.
خسائر فادحةوتكبد لبنان خسائر اقتصادية فادحة بأكثر من خمسة مليارات دولار خلال أكثر من عام من القصف المتبادل بين حزب الله وإسرائيل والذي تصاعد أواخر سبتمبر الماضي إلى حرب مفتوحة، بحسب ما أعلن البنك الدولي قبل أيام، مع تواصل الغارات الدامية على مناطق عدة.
كما أكد البنك الدولي في تقرير أنه منذ الثامن من أكتوبر 2023 "تسبب النزاع في تضرر ما يقدر بـ99209 وحدات سكنية" مقدرا هذه الأضرار بـ3,4 مليارات دولار.
وفي سبتمبر الماضي، قالت الأمم المتحدة إن ثلثي المباني في قطاع غزة دُمرت أو تضررت منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023.
وفي تحديث لتقييم الأضرار، قال مركز الأقمار الاصطناعية التابع للأمم المتحدة (يونوسات) إن الصور عالية الدقة التي تم جمعها يومي 3 و6 سبتمبر أظهرت تدهورا واضحا.
وقال مركز يونوسات: "يظهر هذا التحليل أن ثلثي إجمالي المباني في قطاع غزة لحقت بها أضرار. تمثل هذه الـ 66 في المئة من المباني المتضررة في قطاع غزة 163778 مبنى في المجموع".
وقدر التقييم الأخير، استنادا إلى صور تعود إلى أوائل يوليو، أن 63 في المئة من المباني في القطاع تضررت.
وقدر المركز أن الأضرار تشمل الآن "52564 مبنى مدمر؛ و18913 مبنى متضرر بشدة؛ و35591 مبنى بهياكل متضررة؛ و56710 مباني لحقت بها أضرار متوسطة".
ولحقت أضرار جسيمة بمدينة غزة حيث دُمر 36611 مبنى.