صحيفة : الاقتصاد الإثيوبي يعاني بسبب الاضطرابات في البحر الأحمر
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
تسببت التوترات في منطقة البحر الأحمر، في أزمة عالمية لما لهذه المنطقة من أهمية كبيرة في حركة التجارة الدولية، وأصبحت هجمات الحوثيين على السفن التي تمر منه تشكل تهديدا صريحا دعا الولايات المتحدة لتكوين تحالف بحري بزعم مواجهة هجمات الميليشيات الحوثية الموالية لإيران.
وحولت عدد من شركات الشحن العملاقة مسارها من البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح، الذي يتطلب وقتا وكلفة أكبر من المرور في قناة السويس الشريان الذي يمر منه 10% من حركة التجارة العالمية.
وفي هذا السياق، كانت إثيوبيا إحدى الدول التي تأثرت بشكل مباشر بالتوتر في البحر الأحمر، خاصة وأنها دولة حبيسة وتعتمد في صادراتها وواردتها على جيبوتي المطلة مباشرة على البحر الأحمر.
وقالت صحيفة "أديس فورتشن" الإثيوبية، إن تعطل التدفق الثابت عادة للشحن العالمي، مما أدى إلى إرسال موجات صادمة عبر قطاعي الاستيراد والتصدير في إثيوبيا، وبينما تستهدف الميليشيات المسلحة سفن الشحن الدولية في البحر الأحمر، وهو طريق بحري بالغ الأهمية، يعاني المجتمع التجاري في البلد الواقع في القرن الأفريقي من مخاوف بشأن عقبات لوجستية غير متوقعة.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الوضع، الذي لم تتم معالجته إلى حد كبير من قبل المسؤولين التنفيذيين في شركة الشحن الإثيوبية اللوجستية المملوكة للدولة (ESL)، يترك قطاع الاستيراد والتصدير في حالة من عدم الارتياح وعدم اليقين.
ولفتت "أديس فورتشن" إلى تصريحات الرئيس التنفيذي لشركة ESL حافظ بيريسو أمالو، الذي ادعى أن شركة الشحن لا تزال غير متأثرة بالاضطرابات التي تعطل كبار مشغلي النقل البحري الدوليين: "ليس بعد".
وعلقت الصحيفة بالقول إنه على الرغم من هذا التصريح إلا أنه يتناقض مع الواقع الذي تواجهه العديد من شركات الخدمات اللوجستية، حيث تسببت موجة الهجمات الأخيرة التي شنتها ميليشيات الحوثي من اليمن في حدوث اضطرابات كبيرة في طرق الشحن عبر البحر الأحمر. وأصبح الطريق، الذي يتضمن الممر الحيوي لباب المندب، الذي يمتد لمسافة 30 كيلومترًا فقط بين جيبوتي واليمن، الآن نقطة ساخنة للتوتر الجيوسياسي، وفي يوم واحد، 18 ديسمبر 2023، هاجمت مليشيات الحوثي السفن التي تعهدت بتقديم الدعم للفلسطينيين المحاصرين في غزة.
وقد أدى ذلك إلى إعادة توجيه ملحوظة لحركة الشحن، مع إعادة توجيه السفن إلى البحر الأبيض المتوسط وغيره من المياه الأكثر أمانًا، مما تسبب في تأخيرات وزيادة المخاوف بشأن سلامة الطاقم والبضائع ولا يمكن المبالغة في أهمية أهمية ممر البحر الأحمر في الشحن العالمي.
ووفقا لكلاركسون، إحدى شركات وساطة السفن الرائدة، فقد عبرت ما يقرب من 24 ألف سفينة قناة السويس هذا العام، وهو ما يمثل حوالي 10% من الحصة العالمية للوجستيات الشحن، ويشمل ذلك 20% من حركة الحاويات، و10% من النفط، و8% من الغاز الطبيعي المسال وبالتالي فإن تعطيل هذا الشريان الحيوي له آثار بعيدة المدى.
ولاحظت شركة ميرسك، عملاق الشحن العالمي والشريك التجاري القديم لشركة ESL، ارتفاعًا طفيفًا في أسعار أسهمها أثناء اجتيازها هذه المياه المضطربة، وأعرب دانييل زيميكائيل، المدير العام لشركة Global Shipping Plc، وكيل شركة Maersk في إثيوبيا، عن الحاجة إلى اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة، مشيرا إلى مخاوف تتعلق بسلامة الطاقم والبضائع.
وقالت الصحيفة الإثيوبية إنه حاليا ترسو سفينة تابعة لشركة ميرسك تحمل حوالي 300 حاوية متجهة إلى إثيوبيا بالقرب من البحر الأبيض المتوسط، في انتظار مرور أكثر أمانًا.
وقال زيميكائيل لصحيفة فورتشن: "لقد أثر الهجوم على ملاحة السفن".
وتقوم الشركة بتأجير فتحات لما يصل إلى 20 ألف حاوية سنويا للشحنات المتجهة إلى إثيوبيا، مع وصول سفينة واحدة على الأقل أسبوعيا يخشى دانيال أن يشكل التعطيل عبئًا لوجستيًا وماليًا.
وعلى الرغم من متانة البقول والسمسم، والتي يمكن تخزينها لمدة تصل إلى عامين، فإن سيساي يشعر بالقلق بشأن الضغوط المالية على المصدرين بسبب رأس المال العامل المقيد. ومما يزيد الوضع تعقيدًا أن السلع غالبًا ما تكون بمثابة عناصر في إجراءات التصدير.
إن تغيير مسار السفن إلى رأس الرجاء الصالح بجنوب أفريقيا يضيف 10 أيام إلى وقت وصول الشحنات، مما يضيف تكلفة إلى رسوم الحاوية البالغة 1500 دولار، وتأتي الأزمة في وقت بدأت فيه صناعة الشحن في التعافي من آثار الوباء العالمي.
شركة ESL، وهي شركة تابعة لشركة الاستثمار الإثيوبية القابضة (EIH)، وهي صندوق الثروة السيادية، تدير أسطولًا مكونًا من 11 سفينة وتشارك في العديد من ترتيبات التأجير والتأجير مع شركات الشحن الرائدة مثل شركة البحر الأبيض المتوسط للشحن (MSC)، وEvergreen Marine، وMaersk Line. .
واستجابة للأزمة الحالية، أعلنت شركة ميرسك عن تطبيق رسوم إضافية على تعطيل العبور (TDS) على 27 طريقًا تجاريًا، إلى جانب رسوم إضافية للطوارئ (ECS)، ملقية باللوم على المخاطر والصعوبات المتزايدة في الملاحة عبر البحر الأحمر.
وأكدت الصحيفة أن التأثير المضاعف لهذه الاضطرابات واضح في جميع أنحاء القطاع التجاري في إثيوبيا.
وأبلغت جمعية مصنعي ومصدري البذور الزيتية والبقوليات الإثيوبية عن تأخيرات كبيرة في الشحنات المتجهة إلى أوروبا وإسرائيل، وأعرب سيساي أسماري، رئيس الرابطة، عن قلقه العميق إزاء ركود شحنات التصدير الهامة من البقول والبذور الزيتية التي تمثل جزءًا كبيرًا من التجارة مع أوروبا وإسرائيل.
ويشعر قطاع القهوة، وهو ركيزة أخرى للاقتصاد، بالضغوط أيضًا وما يقرب من 40٪ من صادرات القهوة موجهة إلى الأسواق الأوروبية، واعترف جيزات وركو، المدير العام لجمعية مصدري البن الإثيوبيين، بالانخفاض العام في الصادرات، وعزا ذلك ليس فقط إلى أزمة البحر الأحمر ولكن خوفه من أن الحصار المطول يمكن أن يؤثر بشدة على الصناعة، لا سيما في أعقاب مبادرة الاتحاد الأوروبي الأخيرة، التي تستهدف المنتجات المرتبطة بإزالة الغابات.
وقال سيساي: "ليس لدينا أي خيارات أخرى سوى الانتظار".
بالنسبة لأريجا شوميت، الخبير الاقتصادي، فإن التداعيات الأوسع نطاقا لهذه الاضطرابات ستكون مؤلمة ويقول إن الناس يعانون بالفعل من ارتفاع معدلات التضخم وقد يواجهون المزيد من الضغوط حيث يؤدي تعطيل سلسلة التوريد إلى زيادة تكاليف المعيشة المتزايدة وقد تجد الصناعات التي تعتمد على المدخلات المستوردة نفسها في وضع محفوف بالمخاطر على نحو متزايد، في حين قد يتضاءل الطلب على الصادرات الزراعية، مما يجهد الاقتصاد.
ويشعر الخبير الاقتصادي بالقلق من أن التأخير المحتمل في شحنات الوقود من دول الشرق الأوسط يمثل احتمالًا مثيرًا للقلق بشكل خاص، نظرًا لقدرته على اختناق قطاعات مختلفة وتفاقم الوضع الصعب بالفعل.
بالنسبة لبعض خبراء قطاع الخدمات اللوجستية، تعد أزمة البحر الأحمر بمثابة تذكير صارخ بنقاط الضعف الكامنة في شبكات التجارة العالمية ويشكل الوضع الحالي مخاطر كبيرة على بلد ترتبط حياته الاقتصادية ارتباطًا وثيقًا بهذه الشبكات، وفقًا لخبير التوريد والخدمات اللوجستية ماتيوس إنسيرمو الذي حذر من حدوث اضطراب محتمل يشبه كوفيد-19 في سلاسل التوريد إذا لم يتم حل الأزمة بسرعة.
وكشف المطلعون على الصناعة لصحيفة فورتشن أن المسؤولين الفيدراليين شكلوا لجنة لاستكشاف استراتيجيات بديلة استجابة لهذه الأزمة المتكشفة ومع ذلك، لا تزال السلطة البحرية الإثيوبية ملتزمة الصمت، حيث يفضل مسؤولون مثل جيتنيت أباي، مستشار الإدارة البحرية والمستشار البحري، إبقاء القضية خارج دائرة الضوء الإعلامية.
وقال جيتينيت لصحيفة فورتشن: "لا نريد أن تتحول القضية إلى مجلد إعلامي".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الاقتصاد الاثيوبي الاضطرابات في البحر الأحمر حركة التجارة الدولية هجمات الحوثيين البحر الأحمر رأس الرجاء الصالح المرور في قناة السويس حركة التجارة العالمية البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
معركة البحر الأحمر .. واشنطن بلا مخالب
فمنذ منتصف مارس الماضي، كثفت المقاتلات الأمريكية الغارات العدوانية على محافظات عدة، ولكن أهدافها تجمعات سكنية وبقايا ميناء ومستشفى للسرطان وخيام للبدو وكذلك الأسواق والطرقات والمحصلة سقوط المئات من الشهداء والجرحى، أما الصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية فصافرات الإنذار وكاميرات الصهاينة المستوطنين تثبت أنها لا تزال بسلام وتؤدي مهامها على أكمل وجه.
هزائم نكراء تتلقها الولايات المتحدة على أكثر من صعيد، ففي سماء اليمن، حققت الدفاعات الجوية نتائج ملموسة في إمكاناتها وفاعلية عملياتها.
فخلال الأسبوع الماضي تمكنت من إسقاط ثلاث طائرات استطلاع مسلحة نوع “إم كيو 9” في أجواء محافظتي صنعاء والحديدة، ليرتفع عدد الطائرات الأمريكية المُسقطة خلال هذا الشهر إلى سبع، وإجمالي الطائرات المُسقطة منذ بداية عمليات الإسناد إلى 22 طائرة، بخسائر تجاوزت 200 مليون دولار، ما يمثل أعلى تكلفة يتكبدها البنتاغون في حملته ضد اليمن.
وتجدر الإشارة إلى أن تكلفة الطائرة المسيرة المتطورة “ريبر” تبلغ حوالي 30 مليون دولار وتحلق على ارتفاعات تزيد عن 12 ألف متر، ما يجعل إسقاطها إنجازاً عسكرياً نوعياً.  إن اللافت في المشهد هو التطور النوعي في قدرات الدفاع الجوي اليمنية.
فوفقًا لتقارير متطابقة من “فوكس نيوز” و”ذا وور زون” وشبكة (CNN) ووكالة أسوشيتد برس، نجحت القوات اليمنية في إسقاط ما لا يقل عن 7 طائرات أمريكية مُسيّرة من طراز “إم كيو-9 ريبر” المتطورة خلال أسابيع قليلة، والتي تُقدر قيمة الواحدة منها بعشرات الملايين من الدولارات، ليصل إجمالي الخسائر إلى 200 مليون دولار.
المفاجأة المدوية لواشنطن تأتي من قدرة اليمن المتطورة على إسقاط أحدث طائراتها المسيرة. ففي غضون أقل من ستة أسابيع، تمكنت الدفاعات اليمنية الجوية الباسلة من إسقاط سبع طائرات مسيرة أمريكية من طراز “ريبر” المتطور، وفقاً لما كشفته وكالة “أسوشيتد برس” نقلاً عن مسؤولين عسكريين. هذه الخسائر المادية الفادحة، التي تتجاوز قيمتها 200 مليون دولار، تمثل أغلى فاتورة يتكبدها البنتاغون في حملته العبثية ضد اليمن.
وإذا علمنا أن تكلفة الطائرة المسيرة الواحدة من هذا الطراز تقارب 30 مليون دولار وتحلق على ارتفاعات تزيد عن 12 ألف متر، فإن هذا الإنجاز اليمني يمثل صفعة مدوية للغطرسة الأمريكية وتفوقها التقني المزعوم.
 ويُعد إسقاط هذه الطائرات المُسيّرة، التي تعتمد عليها واشنطن بشكل كبير في عمليات الاستطلاع والمراقبة، خسارة استراتيجية كبيرة للولايات المتحدة، حيث أعاق قدرتها على الانتقال إلى “المرحلة الثانية” من عمليتها التي كانت تهدف إلى تحقيق التفوق الجوي واستهداف قادة “أنصار الله”.
وقد اعترف مسؤولون أمريكيون بأن “الخسارة المستمرة للطائرات بدون طيار جعلت من الصعب على الولايات المتحدة تحديد مدى تدهور مخزونات أسلحة الحوثيين بدقة”، مؤكدين أن أداء القوات اليمنية في استهداف هذه الطائرات يتحسن باستمرار.
-إخراج القوة البحرية عن الخدمة
وفي تطور لافت يُنذر بتغيير جذري في موازين القوى البحرية، تُحكم القوات المسلحة اليمنية قبضتها على المياه الإقليمية في البحر الأحمر، مُوسعة نطاق عملياتها لتتجاوز استهداف السفن التجارية التابعة للعدو الإسرائيلي ليشمل القطع البحرية الأمريكية نفسها.
هذا التصعيد، الذي يأتي في سياق الدعم اليمني المتواصل لفلسطين وغزة، يُلقي بظلال قاتمة على قدرة واشنطن على بسط نفوذها وإدارة عملياتها العسكرية في المنطقة الحيوية.
تأثير العمليات العسكرية اليمنية أعاق الخطط الاستراتيجية الأمريكية القائمة على سرعة الانتشار في أي نقطة في البحار الممتدة، إلا أن هذه الميزة فقدتها الولايات المتحدة مع إغلاق اليمن لمضيق باب المندب وهو الشريان الرئيسي للإمدادات العسكرية الأمريكية،
وفي هذا السياق ذكر تقرير صادر عن “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” إلى أن “التهديدات المتزايدة التي تواجه الإمدادات العسكرية الأمريكية بسبب هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، تُعيق بشكل كبير قدرة واشنطن على نشر قواتها وإدارة العمليات بفاعلية.”
هذا التقييم يعكس حالة الارتباك والقلق المتصاعد داخل المؤسسة العسكرية الأمريكية إزاء القدرات المتنامية للقوات اليمنية. كما يواصل اليمن إخراج القطع الأمريكية عن الخدمة منها حاملات الطائرات، وأول أمس صرح مسؤولون أمريكيون لقناة الجزيرة أنه سيتم سحب حاملة الطائرات “ترومان” في القريب العاجل،
وهذا التصريح جاء بعد أيام من تأكيد رئيس المجلس السياسي الأعلى بأن “ترومان” خرجت عن الخدمة بفعل الضربات اليمنية عند أول مواجهة لها، كما علّق الرئيس المشاط على التصريح الأمريكي في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، أن إدارة ترامب تمارس التضليل والكذب منذ اليوم الأول للعدوان على اليمن، من ضمن ذلك التضليل محاولة العدو الأمريكي عبر وسائله الإعلامية إثبات أن حاملة الطائرات “ترومان” لم تتعرض لعملية بطولية من قواتنا المسلحة الضاربة، أخرجتها عن الجاهزية، وأفقدتها زمام المبادرة في الأيام الأولى من مشاركتها في العدوان على بلدنا.
وقال: “إن من ضمن ذلك التضليل نشر مقاطع بتاريخ 22 أبريل كما يزعم من قام بنشرها”.. داعيا وسائل الإعلام الدولية بما فيها الأمريكية إلى مطالبة المجرم ترامب وقياداته الفاشلة بنشر بيانات الحاملة “ترومان” للفترة من 20 إلى 23 من مارس 2025م، بما فيها تصوير الكاميرات المثبتة على جوانبها وداخل غرفة قيادتها.
ما يعزز مصداقية صنعاء أن الجيش اليمني تمكن من إخراج ثلاث من حاملات الطائرات الأمريكية خلال الفترة الأولى من التصعيد على غزة، منها “آيزنهاور، لينكولين، وروزفلت”، كما أن اضطرار الأمريكي لاستقدام حاملات طائرات جديدة -بالرغم من الحاجة الأمريكية لها في ظل التصعيد مع الصين- يؤكد مدى المأزق الأمريكي في البحر الأحمر.
منصة “باي جياهاو” الصينية من جانبها أكدت أن حاملة الطائرات “كارل فينسون” تعرضت لأضرار بالغة، ما اضطرها للتراجع لمسافة 800 كيلومتر، وهو ما يُعد ضربة موجعة لصورة الأسطول الأمريكي القوي.
يُضاف إلى الخسائر في الطائرات المسيرة، التكاليف التشغيلية الهائلة للعمليات العسكرية الأمريكية. فالتكلفة التشغيلية لحاملة الطائرات الواحدة تتراوح بين 6 إلى 8 ملايين دولار يومياً، وقد ترتفع إلى 10 ملايين دولار في حالة تنفيذ مهام قتالية، بالإضافة إلى ملايين أخرى لتكاليف التشغيل والصيانة والتدريب.
كما أن استخدام الصواريخ الاعتراضية باهظة الثمن، حيث يتراوح سعر صاروخ “ثاد” الواحد بين 11 إلى 15 مليون دولار، وبطارية “ثاد” بين 800 مليون إلى 1.2 مليار دولار، يؤكد أن الولايات المتحدة تنزلق إلى “حرب استنزاف” مكلفة للغاية في اليمن.
ورغم قدرة واشنطن على الاستمرار لأشهر طويلة، إلا أن هذه التكاليف الباهظة، بالإضافة إلى الخسائر المتزايدة، تثير تساؤلات جدية حول جدوى هذه الحملة.
-تحديات هيكلية وتأخر في تطوير القدرات الأمريكية
يُسلط تقرير لمجلة الدفاع الإيطالية الضوء على التحديات الهائلة التي تواجه البحرية الأمريكية في سعيها لدمج أنظمة جديدة لاعتراض الطائرات بدون طيار على متن مدمراتها المتطورة، مُشيراً إلى معضلة تقنية وعسكرية معقدة تُعيق قدرتها على مواكبة التهديدات المتسارعة التي تشكلها القوات اليمنية.
كما يُبرز تقرير لمعهد البحرية الأمريكية التحديات الجسيمة التي تعرقل مساعي البحرية الأمريكية لتسريع تطوير ونشر أسطول فعال من السفن السطحية غير المأهولة لمواجهة التهديدات العالمية المتزايدة، مُحذراً من أن الرهان على السفن غير المأهولة لا يزال بطيئاً ومتعثراً وسط تحديات هيكلية وتكتيكية تُعيق هذا التحول الاستراتيجي الحيوي. 
هذه الحقائق تُشير بوضوح إلى أن العدوان الأمريكي الغاشم على اليمن لم يفلح في تحقيق أهدافها في ردع القوات اليمنية أو إضعاف قدراتها. بل على العكس فهذه الضربات قد زادت من تصميم اليمنيين على مواصلة دعمهم لفلسطين ومواجهة النفوذ الأمريكي في المنطقة.
إن اعترافات وسائل الإعلام الأمريكية والمسؤولين العسكريين بالتحديات المتزايدة التي تواجهها قواتهم في البحر الأحمر، والخسائر الفادحة التي تتكبدها، تُعد بمثابة شهادة على التراجع الأمريكي وتغيير موازين القوى البحرية في المنطقة.
فاليمن، بإمكاناته المتواضعة وإرادته الصلبة، يُعيد رسم قواعد الاشتباك ويُجبر أقوى قوة بحرية في العالم على إعادة حساباتها وتقييم استراتيجياتها في منطقة باتت عصية على الهيمنة الأمريكية المطلقة.
إن هذا الفشل المتواصل للولايات المتحدة في اليمن، وتكبدها خسائر مادية وبشرية متزايدة، سيكون له تداعيات عميقة على الداخل الأمريكي. فالتساؤلات حول جدوى هذه الحرب العبثية ستتعالى، وستزداد الضغوط على الإدارة الأمريكية لوضع حد لهذا النزيف المستمر للموارد.
والأهم من ذلك، أن هذا الفشل العسكري والسياسي يقوض من مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى أمام منافسيها على الساحة الدولية، الذين يراقبون عن كثب هذا التراجع الأمريكي في مواجهة صمود يمني أسطوري.
إن اليمن، بصموده الأسطوري وتضحياته الجسيمة، وبما حققه من تقدم ملحوظ في قدراته العسكرية، قد لقن الولايات المتحدة درساً قاسياً في فنون القتال وإرادة الشعوب.
هذا العدوان لن يزيد شعب الإيمان والحكمة إلا عزة وكرامة وإصراراً على مواصلة طريق الحق ونصرة قضايانا العادلة. وسيظل اليمن، بعون الله، شامخاً عصياً على الانكسار، شاهداً على تهاوي أوهام القوة الأمريكية وتراجع نفوذها في المنطقة