الخرطوم: وصل الفريق محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع التي تخوض حربا مع الجيش في السودان، الخميس 28ديسمبر2023، إلى إثيوبيا غداة زيارة إلى أوغندا، في أول رحلة إلى الخارج منذ اندلاع الحرب، على ما أفادت الحكومة الإثيوبية.

ويقوم دقلو بهذه الجولة في وقت تضاعف الهيئة الحكومة للتنمية في شرق إفريقيا (إيغاد) وبين أعضائها أوغندا وإثيوبيا، جهودها لحمل دقلو وقائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان على التفاوض.

ولم يلتق القائدان العسكريان منذ اندلاع الحرب في منتصف نيسان/ابريل ولا يبدو أي منهما مستعدا لتقديم تنازلات على طاولة المفاوضات، خصوصا أن أيا منهما لم يحقق تقدما حاسما على الأرض.

وأدت الحرب بين الجيش وقوات الدعم الى سقوط 12 ألف قتيل وفق تقدير لمنظمة "أكليد" يعتقد على نطاق واسع أنه أدنى من الحصيلة الفعلية. كما تسببت المعارك بنزوح أكثر من سبعة ملايين شخص حسب الأمم المتحدة.

وأعلنت وزارة الخارجية الإثيوبية عبر منصة إكس "وصول قائد قوات الدعم السريع السودانية الفريق محمد حمدان دقلو اليوم إلى أديس أبابا"، مرفقة المنشور بصورة يظهر فيها خارجا من الطائرة وفي استقباله نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية ديميكي ميكونين.

وقد التقى رئيس الحكومة أبيي أحمد الذي أكد على منصة "إكس" أنه أجرى "نقاشا حول (كيفية) ضمان السلام الاستقرار في السودان".

وكتب دقلو على ""إكس" أيضا أنه بحث مع المسؤول الإثيوبي "ضرورة وضع حد بسرعة لهذه الحرب والأزمة التاريخية للسودان وافضل طريقة لتخفيف المعاناة عن الشعب السوداني".

وكان رئيس أوغندا يويري موسيفيني استقبله الأربعاء، وكتب في المساء عبر إكس أنه عرض خلال اللقاء "رؤيته لبدء مفاوضات ووقف المعارك وإعادة بناء الدولة السودانية على أسس جديدة وعادلة".

وقال مصدر قريب من قوات الدعم السريع لفرانس برس أنه "بعد زيارة أوغندا وإثيوبيا، يتوجه حميدتي إلى نيروبي (العاصمة الكينية) لمحاولة الحصول على تأييد الدول أعضاء إيغاد لموقفه، قبل الانتقال إلى جيبوتي للقاء الفريق البرهان".

وأعلنت وزارة الخارجية في جيبوتي في بيان مساء الأربعاء أن اللقاء الذي ترعاه إيغاد وكان مقررا عقده الخميس في جيبوتي "أرجئ إلى مطلع كانون الثاني/يناير لأسباب إجرائية". وتضم إيغاد ثماني دول هي كينيا وجيبوتي واثيوبيا وجنوب السودان والسودان والصومال وأوغندا وإريتريا.

ولم تفض محاولات وساطة سابقة حتى الآن سوى إلى هدنات وجيزة لم يتم احترامها.

وتوسع النزاع مؤخرا ليصل إلى ولاية الجزيرة بوسط السودان مع تقدم قوات الدعم السريع نحو الجنوب وفتح جبهات جديدة في الحرب.

المصدر: شبكة الأمة برس

إقرأ أيضاً:

تحديات السودان مع مطلع 2025

في نهاية 2024 يبدو المشهد في السودان مختلفاً تماماً عما كان عليه في الأيام الأخيرة من العام الماضي. آنذاك واجه الجيش خسارة كبيرة عندما اجتاحت «قوات الدعم السريع» مدني، عاصمة ولاية الجزيرة و«صرة السودان»، بعد انسحاب قيادة الفرقة الأولى مشاة من دون معارك تذكر. تبع ذلك موجة من التساؤلات بشأن مسار الحرب، وحملات من التشكيك بعد أن خسر الجيش مواقع عديدة ومدناً حيوية، وتمددت «قوات الدعم السريع» في مساحات شاسعة، ومعها اتسعت دائرة النزوح القسري للمواطنين، ودورة الانتهاكات الفظيعة والتدمير الممنهج لقدرات البلاد.
اليوم تظهر الصورة مختلفة بشكل كبير بعد الانتصارات الأخيرة التي حققها الجيش السوداني والقوات المشتركة وكتائب الإسناد من المستنفرين، متمثلة في استرداد مناطق استراتيجية، واستهداف خطوط الإمداد بما في ذلك تدمير قاعدة الزرق في شمال دارفور التي تعد أهم قواعد «قوات الدعم السريع» وشريان الإمداد بالوقود وشحنات الأسلحة القادمة من الخارج. في غضون ذلك واصل الجيش وحلفاؤه التقدم نحو مدني، واستعادوا السيطرة على معظم أنحاء مدينة بحري وتقدموا للالتقاء مع القوات التي كانت معزولة في سلاح الإشارة، ليبدأ من هناك الزحف لاستكمال استعادة الخرطوم.
ينظر كثيرون إلى هذه التطورات المتسارعة كمؤشر على نقلة نوعية في مسار الحرب توحي بأن مطلع العام الجديد سيشهد تحولات ميدانية ستكون لها انعكاساتها على مجمل الأوضاع، مع تغير موازين القوى بشكل كبير وواضح. ومع ذلك، فإن مستقبل الوضع في السودان يعتمد على جملة من العوامل العسكرية، والسياسية، والإنسانية، والاقتصادية، والخارجية أيضاً.
الانتصارات العسكرية التي تحققت للجيش وحلفائه تمثل فرصة حقيقية لتعزيز الجهود نحو إنهاء الحرب، لكنها ليست حلاً نهائياً بحد ذاتها. فالوضع أعقد من ذلك بكثير، والمعالجات تحتاج إلى نظرة متعمقة في كيفية معالجة آثار هذه الحرب التي هزت السودان بشكل غير مسبوق، وأحدثت فيه جروحاً غائرة واستقطاباً حاداً، بما يستدعي تضافر الجهود، ورؤية حكيمة لكيفية عبور هذا المنعطف بسلام وبالطريقة التي تحافظ على وحدة السودان، وتصد عنه المكايد والمؤامرات التي غذت هذه الحرب.
خلال العام الجديد يمكن أن يشهد السودان نقلة مهمة إذا تم البناء على التحولات العسكرية الأخيرة بطريقة استراتيجية وشاملة تعالج الأزمة بمختلف أبعادها. فتحقيق السلام يتطلب أكثر من الانتصار في المعارك؛ إنه يتطلب رؤية للمعالجة السياسية تتجاوز دعوات الإقصائيين، وتفتح الباب أمام الحوار الشامل، الذي من دونه لن يكون هناك حل حقيقي، أو استقرار يحقق للبلد الوقوف على قدميه لمواجهة حرب أخرى أصعب هي إعادة البناء والإعمار، وجذب المساعدات والاستثمارات الضرورية في المرحلة المقبلة.
التحديات كثيرة، والطريق لن يكون سهلاً. بداية هناك التحدي المتعلق بكيفية معالجة الوضع الإنساني المتفاقم، والمعاناة التي تشتد كلما طال أمد الحرب. فالسيطرة على الأرض لا تعني انفراجاً إذا لم يتبعها توفير الظروف الأمنية، والخدمات الأساسية التي تتيح عودة النازحين والمهجرين إلى ديارهم، وتضمن تقديم الإغاثة العاجلة التي يحتاجونها. فالسودان اليوم يواجه واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية المركبة نتيجة التهجير القسري، والتدمير الممنهج للبنى التحتية والمنشآت الخدمية، وتعطل وسائل الإنتاج، وشل الحياة الطبيعية بما في ذلك العمل والتعليم.
تحدٍّ آخر سيتمثل في الطريقة التي سترد بها «قوات الدعم السريع»، والأطراف الخارجية الداعمة لها، وهل ستمضي في الحرب بما يعني إطالة أمدها. فالواضح الآن وفقاً للتحولات في الميدان، وفي موازين القوى، أن محاولة فرض السيطرة على السودان تبددت، وأن أقصى ما يمكن أن يحدث هو فرض واقع تقسيمي في غرب البلاد إلى حين، أو حدوث تحول في موقف الجيش الأخير وقبوله العودة إلى منبر جدة، للتفاوض هذه المرة على شكل انتهاء الحرب انطلاقاً من مفهوم أن الحروب تنتهي عادة بترتيبات عبر التفاوض حتى ولو كان هناك نصر ميداني.
في هذا الإطار فإن هناك عدة أسئلة شائكة مثل: هل بعد كل الانتهاكات التي حدثت، يمكن أن يكون هناك دور لـ«الدعم السريع» في أي مشهد مستقبلي؟ وهل يمكن استيعابها في الجيش الوطني «المهني» الواحد الذي يفترض أن يكون من بين أهداف وخطط مرحلة ما بعد الحرب التي ستشمل أيضاً الفصائل والحركات المسلحة الأخرى؟ وهل أن منحها أي دور مستقبلي سيعني نهاية الحروب في السودان، أم أنه سيشجع آخرين على تكرار تجربتها بكل مرارتها؟
يبقى بعد ذلك التحدي المتمثل في الإرادة السياسية للحل، وما إذا كانت الانتصارات الأخيرة التي حققها الجيش وحلفاؤه ستفتح مجالاً للبدء في خطوات نحو إطلاق حوار وطني سياسي شامل حول مستقبل السودان، وكيف يُحكم بما يحقق له الاستقرار، ويفتح طريق التنمية المتوازنة والمستدامة، ويعالج القضايا الجوهرية المتجذرة بما ينهي دوامة الحروب المستمرة منذ ما قبل الاستقلال والتي كبلت البلد وكلفته أثماناً باهظة.

مقالات مشابهة

  • السودان.. الكارثة المنسية
  • الحرب الأهلية في السودان تخلّف أزمة إنسانية غبر مسبوقة: 150 ألف قتيل و12 مليون نازح
  • قتلى بينهم طفلتان بقصف للدعم السريع على مخيم في الفاشر
  • السودان: حكومات الحرب الموازية
  • بالصورة.. أسرة النقيب المتمرد سفيان بريمة تخاطب قائد ثاني قوات الدعم السريع بحثاً عن إبنها (معتقل عندكم منذ سقوط تمبول الرجاء إبلاغنا عن حالته إن كان على قيد الحياة من عدمها)
  • تحديات السودان مع مطلع 2025
  • تقدم الجيش السوداني في دارفور هل يغير معادلات الحرب في السودان؟ ؟
  • اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع بالخرطوم ودارفور
  • يوسف عزت ..إذا كان هنالك تشكيل لحكومة مدنية يجب أن تكون بقيادة قائد الدعم السريع المعروف
  • الحركة الشعبية والدعم السريع- رؤى متضاربة وصراع المصير