من تعليق الاحتجاج إلى محضر 26 دجنبر.. قاشا يُفصّل في توقيع الـ FNEاتفاق الحكومة والنقابات
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
أخبارنا المغربية ـــ ياسين أوشن
أسفر توقيع النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية واللجنة الحكومية الثلاثية على "محضر 26 دجنبر"، (أسفر) عن عدد من المتغيرات في الساحة التعليمية التي تمر من احتقان غير مسبوق.
فبينما رفضت التنسيقيات ما جاء في محضر الاتفاق بين الحكومة والنقابات حول النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية عنوانه: "من أجل مدرسة عمومية ذات جودة للجميع"، بحضور، هذه المرة، الجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي FNE؛ وافقت النقابات الخمس على مضامينه، موقعة بذلك على اتفاق مع الحكومة، الغاية من ورائه العمل على إنهاء الأزمة التي يمر منها قطاع التربية الوطنية منذ 5 أكتوبر المنصرم.
"كبير قاشا"، عضو المكتب الوطني للجامعة نفسها، قال إن "ما جاء به محضر 26 دجنبر نتفق نحن أيضا، إلى جانب هيئة التدريس والتنسيقيات الغاضبة، أنه لا يرقى إلى تطلعات وانتظارات الشغيلة التعليمية".
وزاد قاشا، وفق تصريح خص به موقع "أخبارنا"، أن "الجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي شاركت في 5 جولات فقط من مسلسل الحوار الذي عقدته الحكومة مع النقابات الأربع المعلومة؛ وهذه الأخيرة شاركت فيما يناهز 100 جولة دون أن تحقق أي مكسب للأساتذة الغاضبين".
عضو الـFNE أوضح أن "هناك ضغوطات من مركزيات نقابية وأحزاب سياسية، تروم ألا يتجاوز العرض الحكومي ما اتُّفق بشأنه يوم 10 دجنبر الجاري"، مشيرا إلى أن "الحكومة فيما يخص ملف الأساتذة المفروض عليهم التعاقد، تقول إنه قرار البنك الدولي، الذي يشدد على 'المؤسسة التنفيذية' ألا تتجاوز 20 ألف موظف في السنة في جميع القطاعات الحكومية".
واستطرد "قاشا" أن "الحكومة، التي نحاورها، لا تملك القرار فيما يخص 'ملف التعاقد' الذي بدأ العمل به منذ سنة 2016، ثم أخرج الأساتذة إلى الاحتجاج للمطالبة بالإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية"، موضحا أن "إنهاء التعاقد في التعليم يحتاج صراعا سياسيا ونقابيا، تنخرط فيه جميع هيئات وفعاليات المجتمع المدني".
وكدفاع عن الجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي؛ أورد المصدر عينه أن "نقابة قطاعية من قبيل الـFNE غير قادرة على حل هذا المشكل بمفردها، دون تظافر الجهود مع باقي الفاعلين في القطاع"، مشددا على أن "نقابته على الأقل انتزعت ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، في أفق مواصلة الاحتجاج إلى جانب الشغيلة التعليمية".
"إن توقيع محضر 26 دجنبر الحالي من عدمه عرف نقاشا في المجلس للوطني للجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي، بمشاركة الكتاب الجهويين والإقليميين وكل الجهاز التقريري للنقابة؛ إذ خلصنا إلى قبول التوقيع على الاتفاق إلى جانب باقي النقابات التعليمية الأربع"، يشرح "قاشا" نفسه.
وزاد عضو الـFNE أن "قرار التوقيع جاء خشية منا من تمرير اتفاق لا يرقى إلى مستوى التطلعات، ولهذا قررنا التوقيع كأخف الضررين ليس إلا"، كاشفا أن "الجامعة علقت الإضراب مؤقتا، نظرا إلى وجود التزامات مع وزارة التربية الوطنية تقول إنها ستفي بها بحلول شهر مارس المقبل".
وفي حالة تملصت الوزارة الوصية على القطاع من التزاماتها، يخلص كبير قاشا، "آنذاك سنعود إلى الساحة النضالية التي كنا فيها قبل ظهور بعض التنسيقيات التي تدافع عن مصالح ضيقة"، مستطردا في ختام تصريحه أن "نقابتنا لا تعد المطالب بالآلة الحاسبة؛ بل تنظر إلى الملفات بشكلها الشمولي لا الفئوي".
تجدر الإشارة إلى أن الاتفاق وقعه من جانب الحكومة كل من وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ووزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، والوزير المنتدب المكلف بالميزانية، ومن جانب النقابات كل من الجامعة الوطنية للتعليم UMT، والجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي FNE، والنقابة الوطنية للتعليم CDT، والجامعة الحرة للتعليم UGTM، والنقابة الوطنية للتعليم FDT.
يذكر أيضا أن محضر الاتفاق ينص على إصدار مرسوم يتم بموجبه نسخ المرسوم الصادر في 6 أكتوبر 2023 في شأن النظام الأساسي، الذي أخرج الشغيلة التعليمية إلى الشارع للاحتجاج، مسببا شللا في المدارس العمومية لما يزيد عن شهرين من الزمن، وسط دعوات إلى الاستجابة لمطالب رجال ونساء التعليم، حتى يستفيد المتعلمون من حصصهم الدراسية أسوة بباقي التلاميذ المغاربة الذين يدرسون في المدارس الخصوصية بشكل طبيعي.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: التربیة الوطنیة
إقرأ أيضاً:
التوجه الاستراتيجي نحو المستقبل
يعتبر مرور 54 عاما من عمر الدولة العمانية الحديثة حقبة زمنية كافية كي يكون لدينا فكر استراتيجي عماني مطالب بتقديم حلول مناسبة لمعالجة تحديات المرحلة الحالية ويستشرف المستقبل وآفاقه بشكل عملي وعلمي.
على الفكر الاستراتيجي العماني أن يكون ذكيا فلا يهتم فقط بـ «إلى أين نريد أن نصل؟ ولكن كيف نصل إلى هناك؟» عليه أن يقدم سيناريوهات وبدائل للتعامل مع تحديات تطوير التنمية في سلطنة عمان وكيف نعالج مشكلاتنا في ظل الفرص والتحديات الموجودة في البيئة الخارجية والداخلية؟ مع الآخذ بالاعتبار أن ليس ما كنا نقوله بالأمس، بالضرورة صالح لليوم وللمستقبل، فالظروف قد اختلفت والمشاكل تنوعت والتحديات الداخلية أصبحت في مستوى التهديدات الخارجية وربما تفوقها، ورياح التغيير تشمل كل شيء، وعلى الفكر الاستراتيجي العماني مسايرتها والتعامل معها.
إن «رؤية عمان 2040» كمظلة تنظيمية بأطرها ومكاتب التنفيذ وأفرعها في المحافظات والدوائر الحكومية يجعل التوجه الاستراتيجي يتقدم بشكل حركي وديناميكي على الأرض وبمسارات استراتيجية تتضمن أبرز المؤشرات المطلوب تحقيقها للوصول إلى الرؤية ومرتبطة بشكل وثيق مع عدد من الأولويات الوطنية لتضع السلطنة على خارطة التصنيف العالمي على مدى العقدين القادمين. كما رسمت التوجهات والأهداف والسياسات الرئيسة الكفيلة بترجمة هذه الأهداف إلى خطط عمل تنفيذية محددة المعالم والتطلعات، ومقيدة بإطار زمني تقيس وتقيم مؤشرات الأداء المحلية والعالمية بموضوعية وشفافية. إن الرؤية تشكل بوصلة مهمة لتوجيه القطاعات إلى المستقبل وأهدافه الاستراتيجية وبما يساعد على مراقبة ومتابعة الأداء الحكومي إجراءات وخدمات وإنتاجية، وبالتالي تعزيز ثقافة الأداء والمساءلة والشفافية المنشودة.
ولعل تجربة «رؤية عمان 2040» تدل على إدراك مهندسي تلك الرؤية بالأولويات الوطنية المرتبطة بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية وتكنولوجيا المعلومات وإدارة الموارد البشرية... الخ، وقد أدى ذلك إلى أن تركيز تلك الرؤية ونطاقها متسقان مع المشروع العماني الهادف إلى التطوير وإكمال زخم التقدم والبناء بثبات وبتركيز كبير على إيجاد مجتمع إنسانه مبدع وبيئته عناصرها مستدامة واقتصاد بنيته تنافسية ودولة أجهزتها مسؤولة. إن الرؤية هي بمثابة خارطة طريق لخطة استراتيجية وطنية شاملة يشارك في تنفيذها الجميع من حكومة ومواطنين وقطاعات عمل، وبالتالي يتحقق الترابط الاستراتيجي بين أنشطة القطاعات بالدولة، فكل قطاع يعمل بتكامل حقيقي مع القطاعات الأخرى، وسيمكن الجميع من فهم الصورة الكبيرة (عمان الغد) والارتباط الاستراتيجي بين القطاعات بشكل رأسي وأفقي.
عليه فمن الضروري الإيمان بأن الرؤية الوطنية ستسهم في تشكيل القوة الناعمة العمانية وتوجهها لمساندة الدولة في سبيل تنفيذ الاستراتيجيات وبشكل يساعد على تأسيس شراكة حقيقية بين الحكومة وكل من القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني. إن تطوير الرؤية جاء لتنظيم نشاط الدولة للولوج إلى نادي التنافسية الدولي من خلال تقييم مقومات المنظومة الوطنية وتحليل نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات فيها، وبناء عليه تعزيز قدرة جميع قطاعات الوطن لتتحرك بطموح وثقة في مسارها الاستراتيجي من مواطن الضعف إلى مواطن القوة وتحويل التهديدات إلى فرص، مع التأكيد على تبني مفهوم استراتيجي للتربية والتعليم والبحث العلمي، فعلى قطاع التعليم أن يركز على تنمية وصقل الكفاءات والمهارات (competency-based system) وأن يكون مشعلا استراتيجيا رائدا لتخريج أجيال لديهم مهارات سوق العمل القادرة على تلبية متطلبات ذلك السوق وتخصصاته المتنوعة ومتسلحين بالقيم والصبر وحب الوطن وبعيدا عن الرؤى الفردية التي أدت إلى استنساخ تجارب مستهلكة لا تتواكب مع روح العصر ولا تتناسب مع الثقافة العمانية.
إن استمرارية الحلم بخطة استراتيجية وطنية لعُمان الغد أمر مشروع ويمكن تحقيقه متى ما استطعنا تطبيق المفاهيم العلمية بشكل منهجي من خلال تبني مبادئ قيادة التحول لإيجاد خارطة للمسار الاستراتيجي لتعمل كبوصلة موجهة تحقق التنسيق والتكامل المطلوب لعمل قطاعات الدولة وتطوير أدائها وتحفيز القطاع الخاص ليكون شريكا حقيقيا فاعلا للحكومة. ولعل ذلك المسار سيوجه ويرشد الإنفاق العام ليلبي مقتضيات أولويات المصالح الاستراتيجية للدولة والمواطن من خلال عملية منهجية لإدارة المشاريع التنموية والتطويرية على اختلاف نطاقها وطبيعتها (الاجتماعية، والصناعية، والزراعية، والاستثمارية، والخدمية، والأمنية، والتقنية، والتعليمية، ... الخ)، كما سيعمل المسار الاستراتيجي على تعزيز عمليات الرقابة على مختلف محاور التنفيذ من خلال متابعة الخطط القصيرة المدى التي تنفذ في كل قطاع لتحقيق الأولويات الوطنية للتأكد من أنها تسير كما وكيفا وزمنا تجاه تحقيق مستهدفات الرؤية والخطط والبرامج العامة، وذلك ما سيؤدي في النهاية إلى طرح حزم من الترتيبات والحلول الاستراتيجية الفعالة والقابلة للتطبيق على الأرض والهادفة إلى تنمية اقتصادية واجتماعية وتعليمية وإنسانية مستدامة وجادة محورها الأساسي المواطن المخلص لوطنه وقيادته والملتزم بهويته وقيمها الأصيلة ويحقق من جانب آخر التصور المنشود «لرؤية عمان التي نريد».