في بوركينا فاسو، وهي دولة في غرب أفريقيا تتصارع مع التهديد المستمر الذي تمثله الجماعات المتطرفة، يواجه المجلس العسكري انتقادات شديدة بسبب مزاعم عن قيامه بالتجنيد القسري للأفراد الذين يتحدثوا ضد الحكومة. تدق منظمات حقوق الإنسان أجراس الإنذار بشأن اختطاف المنتقدين، مما يسلط الضوء على نمط مقلق من حالات الاختفاء.

 

وفقا لما نشرته نيويورك تايمز، إحدى هذه الحالات تتعلق بالدكتور داودا ديالو، وهو صيدلي تحول إلى ناشط حقوقي وحصل مؤخرًا على جائزة مرموقة في مجال حقوق الإنسان. وبحسب ما ورد تم اختطاف الدكتور ديالو من شوارع العاصمة في وقت سابق من هذا الشهر، مما أثار مخاوف بين عائلته وزملائه. وأدى منشور لاحق على وسائل التواصل الاجتماعي يصوره وهو يرتدي خوذة عسكرية ويلوح ببندقية كلاشينكوف إلى تفاقم المخاوف، مما يشير إلى أنه ربما تم تجنيده بالقوة.

 

هذه الحادثة ليست معزولة، إذ اختفى أو تعرضوا للتجنيد القسري ما لا يقل عن 15 شخصا، بينهم صحفيون وناشطون في المجتمع المدني وطبيب تخدير وزعيم في المعارضة. وكان الأفراد المتضررون قد انتقدوا في السابق المجلس العسكري لفشله في مكافحة المتمردين وانتهاكاته المزعومة ضد السكان.

 

شهدت بوركينا فاسو، التي كانت ذات يوم دولة مستقرة يبلغ عدد سكانها 20 مليون نسمة، عنفًا متصاعدًا على مدى السنوات الثماني الماضية، يُعزى إلى الجماعات المتطرفة المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش. وبعد انقلابين في 10 أشهر، تعهد المجلس العسكري الحالي، بقيادة النقيب إبراهيم تراوري، بمواجهة الجماعات المسلحة بقوة. ومع ذلك، يرى النقاد أن الاستقرار قد تآكل أكثر في ظل حكم الكابتن تراوري، مع تصاعد العنف وسقوط جزء كبير من البلاد خارج سيطرة الحكومة.

 

حظيت الأزمة في بوركينا فاسو باهتمام دولي، حيث تتحمل منطقة الساحل وطأة الانتفاضات المتطرفة والانقلابات العسكرية. وأصبح ما يقرب من نصف أراضي بوركينا فاسو الآن خارج سيطرة الحكومة، ويحتاج أكثر من خمسة ملايين شخص إلى المساعدة الإنسانية. وتتهم كل من الجماعات المتطرفة والقوات التابعة للحكومة بقتل المدنيين، مما يساهم في تفاقم الوضع المزري.

 

رداً على هذه التحديات، قامت الحكومة التي يقودها الجيش بتطبيق إجراءات الطوارئ، بما في ذلك قانون "التعبئة العامة" الذي يمنح صلاحيات واسعة للرئيس. ويسمح هذا القانون بتجنيد المدنيين الذين تزيد أعمارهم عن 18 عاما. ومع ذلك، تؤكد جماعات حقوق الإنسان، بما في ذلك هيومن رايتس ووتش، أن التطبيق المستهدف لهذا القانون لإسكات المنتقدين ينتهك حقوق الإنسان الأساسية.

 

أعربت وزارة الخارجية الأمريكية عن قلقها بشأن الحكومة العسكرية في بوركينا فاسو، مشيرة إلى الاستخدام المتزايد للتجنيد الإجباري، وتقلص المساحة المدنية، والقيود المفروضة على الأحزاب السياسية. وعلى الرغم من حكم المحكمة الذي أعلن أن أوامر التجنيد غير قانونية لبعض الأفراد، إلا أن الأفراد المتضررين، خوفًا على حياتهم، ما زالوا مختبئين.

 

لم يستجب المجلس العسكري في بوركينا فاسو لطلبات إجراء مقابلات مع نيويورك تايمز، وامتنع عن التعليق على مزاعم التجنيد القسري. ويقول المنتقدون إن الحكومة تستغل قانون الطوارئ لخنق المعارضة ومعاقبة أولئك الذين ينتقدون طريقة تعاملها مع التحديات الأمنية.

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: فی بورکینا فاسو المجلس العسکری حقوق الإنسان

إقرأ أيضاً:

معاداة المسلمين قاسم مشترك بين إسرائيل واليمين في أوروبا

 

الثورة / أمستردام / الأناضول/متابعات

في السنوات الأخيرة اتخذت الحكومة الإسرائيلية خطوات لتعزيز علاقاتها مع الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، وهو ما يراه خبراء بأنه قد يكون مدفوعًا بمعاداة المسلمين.
ورأى خبراء أن مساعي إسرائيل لتوطيد علاقاتها مع الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تزداد نفوذًا في أوروبا ولها تاريخ طويل من التوجهات التي توصف انهامعادية للسامية، تعود بشكل رئيسي إلى مشاعر العداء تجاه المسلمين والمهاجرين.
وعكست زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، إلى بروكسل (عاصمة بلجيكا والاتحاد الأوروبي) في فبراير الماضي، واللقاءات التي جرت في إطار مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، جوهر هذا التقارب.
وفي هذا السياق، يتحدث المحرر في موقع “ألكترونيك انتفاضة” ديفيد كرونين، ومؤلف كتابي “تحالف أوروبا مع إسرائيل” و”ظل بلفور” المؤرخ المتخصص بدراسة نفوذ اللوبي الإسرائيلي في أوروبا، ويان ترفورت، حول أبعاد تقارب إسرائيل وأحزاب اليمين المتطرف بالقارة العجوز، وأسبابه وانعكاساته.
التقارب بين إسرائيل واليمين المتطرف
يقول ديفيد كرونين إن تقارب إسرائيل مع الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا ليس بالأمر الجديد، مشيرًا إلى أن اللوبي (جماعات الضغط) المؤيد لإسرائيل يتابع عن كثب صعود هذه الأحزاب في القارة الأوروبية.
وأضاف: “اللوبي الموالي لإسرائيل يتابع عن كثب صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا، ونظرتها إلى دعم إسرائيل”.
وأشار إلى أن الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا “تدعم سياسات الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية بشكل أقوى من الأحزاب التقليدية”.
وتابع: “إسرائيل تسعى للحصول على دعم غير مشروط من أوروبا، وتجد في الأحزاب اليمينية المتطرفة الحليف المثالي لذلك، بينما تكتفي الأحزاب التقليدية، ولو من الناحية الرسمية، بانتقاد الاستيطان الإسرائيلي”.
وأوضح كرونين أن الدافع الرئيسي لليمين المتطرف في أوروبا هو العنصرية، مضيفًا: “اليمين المتطرف عنصري بطبيعته، والعديد من الأحزاب مثل حزب البديل من أجل ألمانيا لها جذور نازية”.
وأردف قائلا: “المشكلة أن العنصرية التي كانت موجهة ضد اليهود في القرن العشرين لم تختفِ بل غيّرت هدفها، وهي اليوم تستهدف المسلمين بالدرجة الأولى”.
وضرب كرونين مثالًا على ذلك بالسياسي الهولندي خيرت فيلدرز، المعروف بدعمه الشديد لإسرائيل، مبينا أن “فيلدرز كثيرا ما يربط دعمه لإسرائيل بانتقاداته اللاذعة للتعددية الثقافية في هولندا، ما يعكس التقاء المصالح بين الطرفين”.
تعاون بين الصهيونية والنازية في الثلاثينات
من الناحية التاريخية، يرى كرونين أن التعاون بين الحركة الصهيونية والجماعات اليمينية المتطرفة في أوروبا “ليس أمرًا جديدًا”، مشيرًا إلى أنه حتى في ثلاثينات القرن الماضي كان هناك تعاون بين الحركة الصهيونية وألمانيا النازية.
واستشهد في هذا الشأن بـ”اتفاقية النقل التي أبرمت لنقل اليهود من ألمانيا إلى فلسطين”.
وأشار إلى أن الدراسات التي حللت سجلات التصويت في البرلمان الأوروبي أظهرت أن الأحزاب اليمينية المتطرفة هي الأكثر دعمًا لسياسات إسرائيل.
واستدرك: “الأحزاب اليمينية المتطرفة مثل فوكس الإسباني هي الأكثر تأييدًا لإسرائيل، لكن المشكلة لا تقتصر على اليمين المتطرف فحسب، إذ أن الأحزاب التقليدية بدأت أيضًا في التحول نحو اليمين، كما أن دعم الاتحاد الأوروبي لإسرائيل تعزز بشكل كبير في السنوات الأخيرة”.
وفي السياق، انتقد كرونين موقف الاتحاد الأوروبي من إسرائيل، رغم قرار محكمة العدل الدولية الذي أقر بأن إسرائيل قد تكون ارتكبت جرائم إبادة جماعية في غزة.
وأردف: “وفقًا لاتفاقية منع الإبادة الجماعية، فإن الحكومات ملزمة بعدم تقديم أي دعم للأعمال التي ترقى إلى جرائم إبادة جماعية، لكن الاتحاد الأوروبي يتجاهل هذه الالتزامات تمامًا”.
النفوذ سياسي
من جهته، اعتبر المؤرخ الهولندي يان ترفورت، أن إسرائيل تحاول منذ 7 أكتوبر 2023 تعزيز علاقاتها مع أحزاب اليمين المتطرف ذات الجذور النازية الجديدة، مثل حزب ديمقراطيو السويد، وحزب البديل من أجل ألمانيا، والجبهة الوطنية في فرنسا.
وقال: “يحدث هذا بدافع المصالح السياسية قصيرة المدى، فإسرائيل إذا أرادت الاستمرار في ارتكاب الإبادة الجماعية في غزة وعملياتها في الضفة الغربية وجنوب لبنان وسوريا، فهي بحاجة إلى نفوذ سياسي يمنع الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية من التدخل في الأمر”.
وأشار ترفورت إلى أن الأحزاب اليمينية المتطرفة نمت بفضل المشاعر المعادية للمسلمين والمهاجرين، وهي المشاعر التي تغذيها إسرائيل وجماعات الضغط الموالية لها في أوروبا.
وأوضح أن محاولات إسرائيل إقامة علاقات مع أحزاب النازيين الجدد تأتي في إطار تحالف سياسي قائم على المصالح المشتركة.
وتابع بالقول: “إسرائيل تسعى إلى التعاون مع هذه الأحزاب ليس بسبب توافق أيديولوجي، وإنما لأنها تحتاج إلى دعم سياسي في أوروبا”.
ورجح أنه في المقابل، تحاول هذه الأحزاب “تلميع صورتها عبر تبني موقف مؤيد لإسرائيل، مما يساعدها في التخلص من وصمة العار النازية المرتبطة بها منذ الحرب العالمية الثانية.”
وأكد ترفورت أن الأحزاب اليمينية المتطرفة تستفيد من هذا التقارب، حيث تستخدم ذريعة حماية المجتمعات اليهودية لتبرير سياساتها العنصرية ضد المهاجرين.
واستطرد قائلًا: “هذه الأحزاب تدرك أن أفضل وسيلة للخروج من عباءة الحزب العنصري في أوروبا هي تبني موقف مؤيد لإسرائيل.
أوجه التشابه الأيديولوجي بين إسرائيل واليمين المتطرف
وفيما يتعلق بالتقارب الأيديولوجي بين إسرائيل وهذه الأحزاب، أوضح ترفورت أن إسرائيل، تقوم على نظام الفصل العنصري “الأبارتهايد”، تسعى إلى تعزيز نموذج مشابه في الدول الغربية.
وأشار إلى أن “هذه الأحزاب اليمينية المتطرفة تريد تأسيس نظام يمنح المسلمين والمهاجرين وضعًا قانونيًا أقل شأنًا، وهو ما يتماشى تمامًا مع السياسات الإسرائيلية التي تصنف غير اليهود كمواطنين من الدرجة الثانية”.
وضرب مثالًا بحزب الحرية الهولندي الذي يتزعمه خيرت فيلدرز، موضحًا: “حزب الحرية في هولندا يريد حظر القرآن الكريم ومنح المهاجرين المسلمين حقوقًا أقل، وهو بالضبط ما تفعله إسرائيل مع غير اليهود “.
** خطر تمدد اليمين المتطرف
وفي هذا الشأن، حذر ترفورت من أن تصاعد نفوذ الأحزاب اليمينية المتطرفة لا يهدد المسلمين والمهاجرين فقط، بل قد يمتد إلى استهداف فئات أخرى.
وقال: “عندما زار ستيف بانون (مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب) إسرائيل، قال آنذاك: عدوكم الرئيسي هو اليهود التقدميون ذوو التوجهات اليسارية الكوزموبوليتية”.
وأشار ترفورت إلى أن هذا التصريح يعكس بوضوح أن تصاعد قوة اليمين المتطرف قد يؤدي لاحقًا إلى استهداف اليهود أنفسهم، خاصة أولئك الذين يحملون أفكارًا ليبرالية أو تقدمية أو غير المتدينين.
وختم المؤرخ الهولندي بالقول: “عندما يقوى اليمين المتطرف تصبح السياسات المعادية للسامية أكثر انتشارًا، وقد يتعرض اليهود التقدميون وغير المتدينين لتمييز مماثل لما يعاني منه المسلمون والمهاجرون اليوم”.

مقالات مشابهة

  • هجوم برلماني على الحكومة بسبب تأخر صرف مستحقات مزارعي القطن
  • إحالة تقارير متابعة أداء الحكومة ربع السنوية إلى اللجان المختصة
  • النواب يحيل تقارير المتابعة ربع السنوية عن أداء الحكومة إلى اللجان المختصة لدراستها
  • انتقاد إسرائيلي لكاتس بعد توبيخه رئيس الاستخبارات بسبب خطة ترامب
  • انتقاد اسرائيلي لكاتس بعد توبيخه رئيس الاستخبارات بسبب خطة ترامب
  • صافرة من بوركينا فاسو تضبط لقاء صقور الجديان وجنوب السودان
  • الإحصاء:16% نسبة تمثيل المرأة في الحكومة 2024
  • تعليق الدراسة بعدد من الجماعات في أزيلال كإجراء احترازي بسبب التساقطات الثلجية المرتقبة
  • معاداة المسلمين قاسم مشترك بين إسرائيل واليمين في أوروبا
  • قتلى وجرحى بين مسلحين وفصائل متطرفة في سوريا