يمن مونيتور/ قسم الأخبار

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب جديد حول “يمن الثورة والديمقراطية والحرب”، والذي يتحدث عن يمن ما بعد ثورة فبراير وعوامل وعوائق التحول الديمقراطي في اليمن.

الكتاب الصادر عن أحد أهم مراكز البحث العربية، يشتمل على 13 دراسة لثلاثة عشر باحثًا من اليمن والأردن ومصر، متخصصين في عدة مجالات أبرزها الاقتصاد، والحوكمة، وإدارة الأزمات، والعلوم السياسية، والعلاقات الدولية، والدراسات العسكرية والأمنية والاستراتيجية، والأنثروبولوجيا، والتحول السياسي في اليمن، وأمن البحر الأحمر، والتنمية الدولية.

الكتاب من تحرير الدكتور بكيل الزنداني وعبده البرماوي، ويقع في 560 صفحة، من الحجم المتوسط شاملةً ببليوغرافيا وفهرسًا عامًّا، تتناول التحولات السياسية التي شهدها اليمن منذ اندلاع ثورة الشباب عام 2011، مرورًا بسقوط الدولة والعملية السياسية، وصولًا إلى الوضع الحالي في البلاد.

وتكمن أهمية هذا الكتاب الجماعي مِن جمْعِه بين تساؤلات الانتقال الديمقراطي وتساؤلات الدولة وبنائها؛ فاليمن في هذا الخصوص حالة استثنائية يتداخل فيها الثقافي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والمحلي والإقليمي بقوة. ويحاول الكتاب الإجابة عن مثل هذه التساؤلات، وتبيان العوامل التي أدت إلى وضع اللااستقرار في اليمن، والكشف عن أدوار أطرافه، والبحث في أحداث سنوات العقد 2011-2021 وتحليلها.

ويركز الكتاب على عوامل إعاقة التغيير في اليمن، ويضيف إلى مساهمة الدورَين الإقليمي والدولي في هذه الإعاقة قضايا داخلية؛ مثل الهوية والانتماء وتوزع الانتماءات في إطار المؤسسة العسكرية والعسكرة والانقسام الاجتماعي والبيروقراطية ومنظومة الإدارة العامة.

ويهتمّ الكتاب أيضًا بالعمق التاريخي للتغيير السياسي في اليمن منذ تأسيس الجمهورية اليمنية الموحَّدة في عام 1990 حتى بداية انقلاب جماعة الحوثيين.

ويعارض الكتاب فكرةً مفادها أن الهويات الأولية تواجه الهويةَ الوطنيةَ بسبب القبلية، وينحو إلى أن العامل المساعد في هذا هو السلطة التي توظف التكوين القبلي اليمني في مشاريع للسيطرة، ويصل إلى نتيجة متمثلة في أن القبيلة في اليمن تصلح واسطةً سياسيةً للتغيير مثلما تصلح وسيلةً عنفية وعسكرية، وذلك على الرغم من تشديد الكتاب على أن اليمن ليس كله قبليًّا، وعلى وجوب الرهان على مكوناته الحداثية؛ مثل المثقفين، والمهنيين، وغيرهم، وهذه المكونات هي العنصر المهم في دفع المسار الديمقراطي.

ويبرز الكتاب، أيضًا، تعلُّقَ بطء التنمية السياسية في اليمن بالاقتصاد، وبقيم النخب، وضعف دولة القانون والمؤسسات، وخيبة أمل اليمنيين في إمكان إيجاد الديمقراطية حلولًا سلمية لمشكلاتهم، وإزاحة نموذج الوحدة الطوعية لمصلحة نموذج الوحدة بالقوة التي ثبّطتهم عن فكرة ضرورة تطوير الديمقراطية، ودفعتهم إلى الزجّ بالدين والمذهبيات لتغذية الانقسامات، وأبقت الأجهزة الحكومية في بيروقراطية قاتلة منذ الوحدة، والعجزَ متمكّنًا حتى بعد الثورة، وتحطمت كل الآمال التي عُقدت على مؤتمر الحوار الوطني في الإصلاح الإداري، بل إنّ الأمر على عكس ذلك؛ إذ لم يسلم المؤتمرُ نفسه من الانعكاسات السلبية، فقد تشرذم وجَمد عن تقديم أيّ برامج إصلاح وانحسرت ثقة اليمنيين به.

ويتناول الكتاب أيضا، دور منظمات المجتمع المدني في اليمن، التي سرت فيها أيضًا تيارات من المآزق البنيوية؛ جرّاء الضعف المؤسسي، وغياب الحوكمة والرقابة، وتأثرها بتوجهات محافِظة، وارتباطها بهويات أولية واستقطابات جهوية ومذهبية، ثم جاءت الحرب لتقضي على كل مقدراتها المحدودة أصلًا.

ورغم من تبيان الكتاب أهمية العامل الخارجي المتمثل في دور الأمم المتحدة والمجتمع الأهلي، فقد أوضح أنّ أثر هذا العامل في الحالة اليمنية كان سلبيًّا، وذلك عندما طغت إرادة الخارج واستراتيجياته على تطلعات القوى المحلية وقوى الثورة نحو التغيير، ورسمت مسارًا ألحق الدولة الجديدة بإرادة أقوى منها ولا تعير الديمقراطية اهتمامًا، وفككت تماسك النسيج الوطني، حتى انتهت إلى الصورة الأسوأ للتدخل، وهو العسكري، وتكريس حروب الوكالات في اليمن.

ويُظهر الكتاب كيفية تطور المطالب المشروعة – كما حدث في قضية جنوب اليمن – إلى تهديد لوحدة الدولة، اتّخذ من التمييز الاجتماعي وقودًا لمطالب مناطقية بالتوزيع العادل، انقلبت خيارات انفصالية تمثلت في صيغة فدرالية تضمن استفادة الجنوب العادلة من الموارد. وبعد سلمية قوى الجنوب خلال المراحل الأولى للثورة، اعتمدت الفعل العسكري الهادف إلى إنهاء الوحدة حين أسست مجلسًا انتقاليًّا يعبّر عن سلطة الجنوب.

ويبين الكتاب التأثير التفاعلي بين الاقتصاد والتغيير السياسي في اليمن، وكيف أنّ الأزمة الاقتصادية الخانقة عجّلت، خلال حرب 1994، بتبنّي برامج صندوق النقد الدولي، على الرغم مما فرضته من إدارة سلطوية للاقتصاد قوامها التوزيع الريعي الزبائني. ومع ذلك، أدى الصراع إلى إفشال الإصلاحات المرجوّة من تلك البرامج، ولم يصل اليمن إلى أي تنمية حقيقية، أو أي عدالة اجتماعية؛ ما أدى إلى اندلاع ثورة الشباب، وتكريس سلطتين في اليمن لإدارة الاقتصاد إثر حرب 2014.

ويشكّل الكتاب إضافة مهمة إلى المكتبة العربية، والأمل قائم في أن يسد ثغرة في الأدبيات عن اليمن، وأن يشكّل مقدمةً لعمل بحثي وأكاديمي عربي أكبر، والأمل كذلك معقود بمساهمة رؤاه وزوايا نظره في الدفع ببحوث جديدة عن المجتمع اليمني تتسم بالأصالة والجدة وتفسر مآلات ثورته السلمية، وأبعاد أزماته الديمقراطية، وكل ذلك للوصول إلى غاية ذات أهمية قصوى؛ هي إخراج اليمن من عثرته.

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: المركز العربي للأبحاث اليمن كتاب جديد مركز أبحاث فی الیمن

إقرأ أيضاً:

“أويل برايس”: عائدات ليبيا النفطية الضخمة قد تُسهم في استقرار البلاد

قالت منصة “أويل برايس” النفطية، إن خطر تجدد المواجهات في طرابلس يؤشر على تراجع سيطرة رئيس وحدة حكومة الوحدة المؤقتة، عبدالحميد الدبيبة.

وبينت أن شركات النفط العالمية الكبرى تستأنف نشاطها رغم مشاهدة ليبيا تتفكك، في ظل سعي مراكز القوى المتنافسة لاستعادة سيطرتها على المناطق والمؤسسات.

وتابع: “يميل المحللون إلى الاعتقاد بأن عائداتها النفطية الضخمة قد تُسهم في استقرار البلاد، لكن العكس هو الأرجح حاليًا ما لم يوجد حل لتقاسم الثروة”.

وذكر أن الدبيبة طالب قوة الردع الخاصة بالتخلي عن سيطرتها على مطار معيتيقة ومنشآت السجن المجاورة له، وردّت قوة الردع بإعلان “حرب بقاء”.

وأشارت إلى استعدادها للتصعيد العسكري في حال واجهت أي تحديات.

ونوهت بأن هذه المواجهة الجديدة، التي تأتي بعد اشتباكات مايو، تُنبئنا بأن الدبيبة يفقد سيطرته على حكومة الوحدة، وتؤشر على ضعف وتراجع قدرته على فرض التسلسل القيادي.

الوسومليبيا

مقالات مشابهة

  • “أويل برايس”: عائدات ليبيا النفطية الضخمة قد تُسهم في استقرار البلاد
  • مؤسسة الثورة للصحافة تدين إغلاق حسابها على منصة “إكس”
  • عمومية «كتاب مصر»: ندعم قرارات القيادة السياسية للحفاظ على أمن واستقرار الوطن
  • عمومية كتاب مصر : ندعم قرارات القيادة السياسية للحفاظ على استقرار الوطن
  • “جنون البقر الأكاديمي”: حين يتحول الباحث إلى ماكينة إنتاج والأكاديمي إلى نجم استعراض
  • “الجبهة الديمقراطية” تُدين العقوبات الأمريكية على المقررة الأممية ألبانيز
  • المعهد الجزائري للبترول يتوج بجائزة “أوبك” لأفضل معهد أبحاث في الطاقة 2025
  • أبو الغيط يستقبل الباعور.. دعم عربي لمستقبل دستوري وانتخابات نزيهة في ليبيا
  • أكد ضرورة الانتقال الكامل إلى العمل السياسي.. “أوجلان” يعلن انتهاء الأعمال المسلحة ضد تركيا
  • حزب الديمقراطية يشارك في مراسم نزع سلاح “العمال الكردستاني”.. وتوصيفه “يوم تاريخي”