كاتب إسرائيلي بريطاني: هل نحن الأشرار؟ الدعم الغربي للإبادة الجماعية في غزة يؤكد ذلك
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
نشر موقع (ميدل إيست آي) الإخباري مقالا تضمن هجوما لاذعا على الغرب بسبب دعمه "الإبادة الجماعية" التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة.
وجاء في المقال الذي كتبه الصحفي الإسرائيلي البريطاني جوناثان كوك، أن حملة التشهير "اليائسة" للدفاع عن جرائم إسرائيل تسلط الضوء على مزيج من "الأكاذيب الضارة" التي ظلت تشكل مرتكزا للنظام الديمقراطي الليبرالي لعقود من الزمن.
وذكر الكاتب مشهدا هزليا بريطانيا دارت أحداثه إبان الحرب العالمية الثانية، يلتفت فيه ضابط نازي بالقرب من الخطوط الأمامية إلى زميل له، وفي لحظة مفاجئة وكوميدية من عدم الثقة في النفس، يتساءل: "هل نحن الأشرار؟.
وقال كوك إننا وكثيرين منا "شعرنا وكأننا نعيش نفس تلك اللحظة، التي امتدت (بالنسبة لنا) لما يقرب من 3 أشهر رغم أنه ليس هناك ما يدعو للضحك". وأضاف أن الزعماء الغربيين لم يكتفوا، في تصريحاتهم وخطبهم، بدعم حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة فحسب، بل قدموا الغطاء الدبلوماسي والأسلحة وغير ذلك من المساعدات العسكرية.
واعتبر الكاتب أن الغرب متواطئ بشكل كامل في "التطهير العرقي" لنحو مليوني فلسطيني، فضلا عن قتل أكثر من 20 ألفا وجرح عشرات الآلاف، غالبيتهم من النساء والأطفال.
ويصر السياسيون الغربيون على "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" مع أنها دكت البنية التحتية في غزة، بما في ذلك المباني الحكومية، مما أدى إلى انهيار القطاع الصحي، وبدأت المجاعة والأمراض تفتك ببقية السكان.
أفعال دنيئة
ووفقا للمقال، ليس هناك مكان يفر إليه فلسطينيو غزة، ولا مخبأ يعصمهم من القنابل التي تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل. وإذا سُمح لهم بالفرار في نهاية المطاف فليس أمامهم من ملاذ سوى مصر المجاورة، التي ستكون "منفاهم" الدائم بعد عقود من النزوح من وطنهم.
وبينما تحاول العواصم الغربية تبرير ما يصفها بأفعال إسرائيل "الدنيئة" تلك، وذلك بإلقاء اللوم على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، يسمح القادة الإسرائيليون لجنودهم ومليشيات المستوطنين المدعومة من الدولة، باجتياح الضفة الغربية –"حيث لا توجد حركة حماس"- ليهاجموا ويقتلوا الفلسطينيين.
امرأة فلسطينية مغطاة بالغبار تندفع مع طفلها بين ذراعيها إلى المستشفى بعد القصف الإسرائيلي على خان يونس (الفرنسية)ويواصل كوك هجومه المحموم، ويقول إن إسرائيل تشن حربا "استعمارية بلا حياء" على النمط القديم ضد السكان الأصليين، من ذلك النوع الذي سبق القانون الدولي الإنساني، والقادة الغربيون يهللون لهم. ويتساءل: هل نحن على يقين بأننا لسنا الأشرار؟
ويقول إن الهجوم الإسرائيلي على غزة يثير اشمئزاز الكثيرين، ويكشف ما هو "بدائي وقبيح" في سلوك الغرب، الذي ظل محجوبا لأكثر من 70 عاما بمظاهر من التقدم خادعة، بالحديث عن تغليب حقوق الإنسان، وعن تطوير المؤسسات الدولية وقواعد الحرب، وعن ادعاءات الإنسانية.
نعم -يتابع كوك- لطالما كانت هذه الادعاءات "زائفة" دوما، وليس أدل على ذلك من الأكاذيب التي روجت للحروب في فيتنام وكوسوفو وأفغانستان والعراق وليبيا وأوكرانيا.
لقد كان الهدف الحقيقي للولايات المتحدة وشركائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) هو "نهب" موارد الآخرين، والحفاظ على مكانة واشنطن زعيمة للعالم، وإثراء النخب الغربية، حسبما ورد في مقال الموقع البريطاني.
ولكن الأهم من ذلك -برأي الصحفي الإسرائيلي البريطاني- هو أن "الخداع" كان بسرد شامل جر العديد من الغربيين وراءه، بادعاء أن الحروب كانت تهدف إلى التصدي لتهديد الشيوعية السوفييتية، أو "الإرهاب" الإسلامي، أو النزعة الاستعمارية الروسية المتجددة. كما كانت ترمي -في محصلتها- إلى تحرير المرأة المضطهدة، وصون حقوق الإنسان، وتعزيز الديمقراطية.
حرب الإبادة الجماعية
ويعتقد الكاتب أن هذا الغطاء السردي من جانب الغرب لتبرير أفعاله لا يجدي نفعا هذه المرة…"فليس هناك إنسانية في قصف المدنيين المحاصرين في غزة، وتحويل سجنهم الصغير إلى أنقاض، يذكرنا بمناطق الكوارث الزلزالية، ولكن هذه المرة كارثة من صنع الإنسان وحده".
ونفى أن تكون لحماس القدرة على إرسال أي نوع من الرؤوس الحربية إلى أوروبا، مضيفا أن قطاع غزة لم يكن يوما -حتى قبل تدميره- القلب لإمبراطورية إسلامية تتأهب للانقضاض على الغرب وتخضعه لأحكام الشريعة الإسلامية. كما أن من "شبه المستحيل أن تشكل حركة حماس -"التي تتألف من بضعة آلاف" من المقاتلين المتمركزين في غزة- تهديدا حقيقا لنمط الحياة في الغرب.
وبحسب المقال، فإن التشكيك في حق إسرائيل في إبادة الفلسطينيين في غزة، وترديد شعار يدعو الفلسطينيين للانعتاق من ربقة الاحتلال والحصار، ومطالبتهم بحقوق متساوية للجميع في المنطقة، كلها أمور ينظر إليها الغرب والإسرائيليون على أنها من قبيل معاداة السامية.
ولفت كوك إلى أن مجلس النواب البريطاني أصدر بأغلبية ساحقة قرارا يساوي بين معاداة الصهيونية –وتنطبق في هذه الحالة على من يعارض "حرب الإبادة الجماعية" التي تشنها إسرائيل على غزة- وبين معاداة السامية.
ووصف حملة التشهير الجماعية في الغرب بأنها "مطلقة العنان" بحيث بدأت النخب الغربية من تلقاء نفسها في لجم حرية التعبير والفكر في المؤسسات التي من المفترض أن تتمتع بحماية شديدة فيها.
وخلص إلى أن قطاع غزة ليس مجرد خط مواجهة في حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني ، بل أيضا خط مواجهة في حرب النخب الغربية على "قدرتنا على التفكير النقدي من أجل تطوير أساليب عيش مستدامة، والمطالبة بمعاملة الآخرين بالكرامة والإنسانية التي نتوقعها لأنفسنا". وختم كوكك قائلا: "نعم إن خطوط المعركة مرسومة، وكل من يرفض الوقوف إلى جانب الأشرار فهو العدو".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حرب الإبادة الجماعیة قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
الغارديان: دعوة البابا للتحقيق في الإبادة الجماعية بغزة يعكس تصاعد التدقيق العالمي
قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن دعوة بابا الفاتيكان البابا فرانسيس للتحقيق في جرائم الحرب التي ترتكب في قطاع غزة تعكس تزايد التدقيق العالمي على الصراع المستمر، لكنها أشارت إلى أن المحاسبة الحقيقية لا تزال بعيدة المنال.
وأضافت الصحيفة، في افتتاحية جديدة، أن دعوة البابا جاءت بعد ضربة جوية إسرائيلية استهدفت مجمعا سكنيا في شمال غزة، ما أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 30 شخصا.
وأوضحت أن البابا دعا، للمرة الأولى، إلى النظر في احتمال وقوع "إبادة جماعية" خلال هذا النزاع الذي اشتعل في السابع من تشرين الأول /أكتوبر عام 2023، مشيرة إلى أن "عدد القتلى المذهل في غزة يشدد على الحاجة للتحقيق".
وأشارت "الغارديان" إلى أن "عدد القتلى الفلسطينيين في غزة، والذي يقدر بـ 44,000 شخص، معظمهم من النساء والأطفال، يبرز مدى إلحاح الدعوة إلى المحاسبة". ولفتت إلى أن التدقيق القانوني يتطلب الوصول إلى غزة، وهو ما لم يتحقق حتى الآن بسبب إغلاق القطاع لأكثر من 13 شهرا، رغم دعوات محكمة العدل الدولية للسماح بدخول فرق تحقيق.
وأوضحت الصحيفة أن البابا لم يصدر حكما قانونيا بشأن تصنيف ما يحدث كإبادة جماعية، لكن جهات أخرى كانت أقل تحفظا. فقد ذكرت لجنة أممية الأسبوع الماضي أن الإجراءات الإسرائيلية في غزة تتماشى مع تعريف الإبادة الجماعية، مشيرة إلى القتل الواسع للمدنيين وفرض ظروف قاسية بشكل متعمد على الفلسطينيين.
ومع ذلك، شددت الغارديان على أن مثل هذه التصريحات قد تزيد من توتر العلاقات الدولية وتثير غضب دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ولفتت الصحيفة إلى أن "العديد من الإسرائيليين يرفضون وصف ما يحدث في غزة بأنه إبادة جماعية"، مشيرة إلى أن "وسائل الإعلام الإسرائيلية، وفقا للأمم المتحدة، قللت من عدد القتلى المدنيين في غزة، حيث ذكرت أن العدد لا يتجاوز 1000، منهم أقل من 50 طفلا، وهو ما يحجب الصورة الأوسع لحجم المأساة".
وفي السياق، ذكرت "الغارديان" أن منظمة "هيومن رايتس ووتش" اتهمت الاحتلال الإسرائيلي الإسرائيلي الأسبوع الماضي بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مشيرة إلى التهجير العنيف والمنظم للفلسطينيين، محذرة من أن استمرار هذه السياسات سيؤدي إلى تطهير عرقي.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى تقرير نشرته صحيفة "هآرتس الإسرائيلية" عن خطط جيش الاحتلال الإسرائيلي لتحويل قطاع غزة إلى مناطق محتلة تخضع لإدارة عسكرية، وسط تقارير عن مجاعة متعمدة تفاقم الوضع الإنساني الكارثي.
وبحسب "الغارديان"، فإن تصعيد الحرب الإسرائيلية "عزز مواقف العرب وإيران حول القضية الفلسطينية، وهو ما كان مستحيلا في ظل إدارة ترامب الأولى".
كما شددت على أن "فشل الولايات المتحدة، المورد الرئيسي للأسلحة لإسرائيل، في فرض وقف لإطلاق النار أو التوصل إلى صفقة تبادل اسرى، يعكس ضعف تأثير إدارة بايدن".
وأوضحت الصحيفة أن "التوجهات اليمينية في الحكومة الإسرائيلية، بقيادة بتسلئيل سموتريتش، تسعى لاستغلال الوضع لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية، وسط دعوات أوروبية لفرض عقوبات على المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية".
حذرت الصحيفة من أن "عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى السلطة قد تعقد الأمور بشكل أكبر للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء"، مشيرة إلى أن "تعييناته المبكرة تعكس عدم وجود أفق لدعم القضية الفلسطينية، بينما يواجه الإسرائيليون الذين يعارضون احتلال الأراضي الفلسطينية مستقبلا غامضا".
واختتمت "الغارديان" افتتاحيتها، بالتأكيد على أن "إرث الرئيس الأمريكي جو بايدن في الشرق الأوسط قد يُذكر باعتباره فشلا في دعم المبادئ الأساسية للنظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة"، لافتة إلى أن "استمرار الحروب الإسرائيلية المتواصلة يقوض هذه المبادئ، ما يزيد من تعقيد الوضع في المنطقة".