الذاكرة السياسية القريبة لمنطقة القرن الافريقي تقول بفشل (المشروع الامريكي الاماراتي) المخطط له عقب ثورات الربيع العربي ، وتموضع الامارات ونفوذها في المنطقة باسم دول ( التحالف العربي)، الذي من خلاله تمكنت من تحييد مصر وابعادها من المنافسة كذلك قطر و تركيا بالحصار والمقاطعة و الانفراد بالنفوذ والتأثير في المنطقة، وبالتالي رسى عليها عطاء الوكالة من قبل إدارة الرئيس الامريكي (ترمب) بعد “دفعها” للرسوم المقررة ، والعمل على اعادة ترتيب المنطقة وفق التصورات الامريكية.

هذا الفشل كان سببه الرئيس هي السياسية الاماراتية العقيمة القائمة على “سياسية الدفع المادي” وشراء الحكومات والرؤساء ، والناتجة عن عدم فهم الإمارات لطبيعة المنطقة وتعقيداتها وشعوبها ، الذين افشلوا خططها ومشاريعها السياسية والاقتصادية في كل دولة وطأتها قدم الإمارات وحاولت النفوذ فيها ، فالبرلمان الشعبي في “الصومال” قام بطرد شركة الموانيء الإماراتية رغم تحالف الامارات مع الرئيس الصومالي السابق “محمد عبدالله فرماجو”، مما جعل الامارات تسعى في جلب الاعتراف الدولي والاقليمي “بجمهورية أرض الصومال” الانفصالية والمعلنة من جانب واحد وغير المعترف بها دوليا في القرن الإفريقي.

كذلك الشعب “الجيبوتي” الذي ضغط على الرئيس الجيبوتي ” اسماعيل عمر قيلي” وأجبره على فض اتفاقيات ادارة ميناء “دوارليه”.

بدوره الشعب “الارتري” المتضرر من ايجار الامارات لميناء “عصب” بعد مقتل مواطن ارتري في تظاهرة تندد بمنحها الميناء قبل ان يقوم الرئيس الارتري “اسياسي افورقي” بالغاء اتفاق الإيجارلعدم التزامها بتنفيذ التزامات الاتفاق.

تواصل الرفض الشعبي في المنطقة لكل مساعي الامارات ، ففي السودان كان الرفض الشعبي في بورتسودان الذي اجبر البشير الغاء الاتفاق مع واجهتها وشريكتها الشركة الفنلندية وارجاع مبلغ مقدم التعاقد، وتكرر الرفض الشعبي الذي افشل صفقتي ابوعمامة والفشقة ، وهذا على سبيل المثال وليس الحصر.

بعد ذهاب “ترمب” ومجيء “بايدن” الذي لاحظ تزايد كراهية شعوب المنطقة لامريكا بسبب تصرفات حليفها الامارات ، فسعى “بايدن” في إصلاح ما افسده سلفه “ترامب” و الامارات في المنطقة ، فعمد علي اتباع إسلوب “المتابعة المباشرة” والتقليل من إسلوب “الوكالة” ، ولاول مرة تقوم ” امريكا”بتعيين مبعوث خاص للقرن الافريقي في إشارة واضحة بعدم الرضا عن اداء الوكيل، ولكن لخلافات داخل الادارة الامريكية وبايعاز من اصدقاء الامارات داخل الادارة خاصة الخارجية الامريكية تم اعاقة عمل المبعوث الذي استقال بعد ستة اشهر فقط ، وكذلك خلفه الذي استقال بعد عام ، والثالث تم تغييره وهذا الاخير الحالي “هالك هامر ” ،والذي لا نرى له اثراً او تأثيراً فيما يدور .

تفجر “المقاومة الشعبية السودانية” المتنامي، غير في ميزان المعادلة ، وخلطت المقاومة الشعبية جميع الأوراق بما فيها اوراق الولايات المتحدة ، وتعدي التأثير الداخل السوداني الي الخارج على مستوي المنطقة برُمتها ، فأصبحت “امريكا” محبطة من تصرفات وعبث “الامارات” ، وهي تعلم ان تأثيرالمقاومة الشعبية السودانية سيمتد ويعم جميع شعوب المنطقة بما فيها الدول التي تدين حكوماتها وشعوبها لها وللامارات مثل، تشاد ، اثيوبيا ، كينيا ، وهو ما تترقبه وتنتظره كل من “روسيا والصين” ، ان لم يكن تعملان عليه وتأجيجه.

كذلك امريكا الغاضبة والمحبطة تنظر للامارات بانها المتسبب الأول في اطلاق مارد المقاومة الشعبية عقب دخول ميلشياتها لولاية الجزيرة وهناك أميل كثيرا لمنطق وتحليل الكاتب “مكي المغربي” في تفسير اإنسحاب الجيش من “مدني” دون مقاومة، والذي فسره مكي بسبب
( التوجيهات الامريكية “للميلشيا” بعدم التمدد ودخول ولاية الجزيرة ، وعلي “الجيش” عدم اعتراضها ان دخلت).

تفجر المقاومة الشعبية أجبر الجميع علي اعادة تقدير المواقف والتموضع الاقليمي ، فامريكا وعبر الكونغرس جاهرت بعدم الرضا عن “الامارات” وطالبتها بتغيير سياساتها تجاه. السودان ، تزامناً مع قيام امريكا نفسها بتغيير سياستها حيال “ارتريا” بعد عشرين عام من التشدد الذي يلامس العداء ، بينما سارعت كل من مصر و تركيا بتنبيه رعاياهم و ضرورة مغادرتهم السودان في خطوة لم نجد لها تفسير سوي انه تحوط من الدولتين تحسباً لنُذر حرب أهلية شاملة في السودان ، او لربما وجود نوايا لتهور اماراتي جديد في تدخل دولي مباشر من اجل خمد المقاومة الشعبية المتنامية والتي بكل الاحوال تعني تحرير شهادة وفاة للمشروع الامريكي الاماراتي في القرن الافريقي.

خلاصة القول ومنتهاه:

إرادة شعوب القرن الافريقي هي القاهرة فوق لكل شيء من بعد الله ، وامريكا لديها تجربة مريرة مع الشعب الصومالي ، يُعيد كتابتها وسبرة الشعب السوداني ، بشكل اوسع وأشمل نسبة كونه شعب معلم يتوسط شعوب المنطقة، والاول بين شعوب افريقيا ومنطقة القرن الافريقي في الثورات و الانتفاضات واحداث التغيير الذي يريد.

ليس امام الولايات المتحدة ان رامت السلامة وعدم تضرر مصالحها الا تغيير سياساتها تجاه السودان وكبح جماح الامارات ، الانحياز لإرادة الشعب السوداني وخياراته حقيقة وليس إدعاء.

المصدر: نبض السودان

كلمات دلالية: الشعبية المقاومة عمار العركي يكتب المقاومة الشعبیة القرن الافریقی فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

المستشار السياسي السابق لـ”حميدتي” يكتب عن مستقبل الدعم السريع في السودان

إ

عداد: يوسف عزت

*مقدمة:* يواجه السودان مرحلة دقيقة من تاريخه الحديث، حيث تعكس المواجهة المسلحة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني صراعًا أكثر تعقيدًا من كونه نزاعًا عسكريًا. فعلى الرغم من النجاحات الميدانية التي حققتها قوات الدعم السريع في بداية النزاع، إلا أنها تعاني حاليًا من تراجع ملحوظ على الأصعدة السياسية والاجتماعية والعسكرية. يهدف هذا التحليل إلى دراسة الأسباب الجوهرية لهذا التراجع، مع التركيز على العوامل البنيوية، والسياسية، والقيادية. كما يسعى للإجابة على السؤال المركزي: هل تمتلك قيادة الدعم السريع استراتيجية واضحة لحماية المجتمعات وضمان بقائها وسط هذا التصعيد؟ *أولاً: غياب الانضباط والانفلات الأمني* تعدّ السيطرة على الأمن والنظام أحد العناصر الأساسية للحفاظ على الشرعية والقبول الشعبي. غير أن الواقع في مناطق نفوذ قوات الدعم السريع يُظهر اختلالًا أمنيًا خطيرًا انعكس في انتشار أعمال النهب، وانتهاكات حقوق المدنيين. ويمكن تحليل آثار هذا الانفلات من خلال بعدين أساسيين:  1. فقدان التأييد الشعبي:  • أسهمت الانتهاكات الميدانية في تقويض الثقة الشعبية بقوات الدعم السريع، خاصةً في المناطق الحضرية التي كانت أكثر تضررًا من عمليات النهب والاعتداءات.  • انعكست هذه الانتهاكات على صورة القيادة باعتبارها غير قادرة على السيطرة على عناصرها، مما أدى إلى عزلة متزايدة في الأوساط المجتمعية.  2. تعزيز الفوضى وانعدام السيطرة:  • أدى غياب المحاسبة الداخلية إلى بروز مجموعات منفلتة تعمل خارج السيطرة المباشرة للقيادة، مما كرّس بيئة من الفوضى وصعوبة استعادة النظام. *الخلاصة:* أضعف الانفلات الأمني قدرة الدعم السريع على تقديم نفسه كفاعل منظم ومشروع، وخلق حالة من الاستقطاب السلبي ضده داخل المجتمعات المحلية. ⸻ *ثانياً: تراجع الرؤية السياسية وانعدام المصداقية* بدأت قوات الدعم السريع مسارها السياسي بعد اندلاع الحرب عبر طرح رؤية الحل الشامل دات النقاط العشر، والتي لاقت قبولًا داخليًا وخارجيًا باعتبارها محاولة لصياغة مشروع سياسي مدني. إلا أن هذا الزخم تلاشى بسبب تضارب الخطاب السياسي مع الواقع الميداني.  1. التناقض في الخطاب السياسي:  • اعتمدت القيادة خطابًا يركز على مواجهة الإسلاميين (“الكيزان”)، مما أكسبها دعمًا مؤقتًا من القوى المدنية المناهضة للنظام السابق.  • غير أن وجود عناصر محسوبة على الإسلاميين داخل صفوف الدعم السريع قوّض مصداقية هذا الخطاب، وكشف عن تناقض جوهري بين الشعارات والممارسات.  2. تأثير الحرب على الأولويات السياسية:  • فرضت الحرب أولويات جديدة على قيادة الدعم السريع، حيث أصبح الحشد القبلي والاجتماعي أولوية تفوق الالتزام بالمشروع المدني، مما أدى إلى تراجع الرؤية السياسية إلى مجرد أداة تكتيكية. *الخلاصة:* غياب خطاب سياسي متماسك يعكس رؤية مستقبلية واضحة أدى إلى فقدان الدعم الشعبي والانكشاف أمام المجتمع الدولي كفاعل غير قادر على الالتزام بمبادئ التحول المدني. ⸻ *ثالثاً: ضعف القيادة وتعدد مراكز القرار* تعاني قوات الدعم السريع من أزمة قيادية بنيوية تتجلى في غياب مركز موحد لاتخاذ القرارات الاستراتيجية. وتظهر هذه الإشكالية في النقاط التالية:  1. تعدد دوائر صنع القرار:  • يشكل التداخل بين القائد الأول (محمد حمدان دقلو – حميدتي) ونائبه (عبد الرحيم دقلو) مصدرًا لتضارب القرارات وتباطؤ الاستجابة للأحداث.  • تسهم تأثيرات المحيطين بالقيادة من أفراد الأسرة والمقربين في خلق ديناميكيات معقدة تُعيق اتخاذ قرارات حاسمة.  2. غياب التخطيط طويل الأمد:  • تفتقر القيادة إلى رؤية استراتيجية بعيدة المدى، حيث يعتمد اتخاذ القرارات على ردود الفعل الآنية دون تحليل معمق للعواقب المستقبلية. *الخلاصة:* انعكس غياب القيادة المركزية الموحدة على كفاءة إدارة الحرب، وتسبب في قرارات متضاربة، مما أضعف الموقف السياسي والعسكري للدعم السريع. ⸻ *رابعاً: أزمة التحالفات السياسية والعسكرية* تورطت قيادة الدعم السريع في تحالفات متباينة مع قوى سياسية وعسكرية، خلال السنوات الماضية آخرها تبني مشروع “السودان الجديد”. لكن هذه التحالفات تعاني من تناقضات بنيوية واضحة:  1. التناقض مع التركيبة الاسرية والاجتماعية للدعم السريع:  • يتطلب مشروع السودان الجديد إعادة هيكلة الدعم السريع كمؤسسة قومية ديمقراطية، في حين أن بنيته القائمة تعتمد على قيادة الأسرة والولاءات القبلية.  2. الطابع التكتيكي للتحالفات:  • تتعامل قيادة الدعم السريع مع التحالفات كأدوات مرحلية فرضتها ظروف الحرب، دون التزام فكري أو سياسي حقيقي بالمبادئ التي تقوم عليها هذه التحالفات. *الخلاصة:* غياب رؤية استراتيجية للتحالفات والثبات عليها جعل الدعم السريع يبدو كفاعل انتهازي، مما يهدد استمرارية هذه التحالفات ويؤدي إلى عزلة سياسية متزايدة. *خامساً: الصدام مع الدولة المركزية وتأثيره على الاصطفاف القبلي* أدى الصدام المباشر بين قوات الدعم السريع والدولة المركزية إلى إعادة تشكيل الاصطفافات القبلية في السودان بصورة غير مسبوقة فللمرة الأولى في تاريخ السودان الحديث، أصبحت المجتمعات العربية منقسمة بين دعم الجيش أو الدعم السريع، مما أدى إلى حالة استقطاب حاد والدخول في حرب اهلية مباشرة.  • دفع هذا الاستقطاب المجتمعات إلى تسليح نفسها بشكل مستقل، مما حول الحرب لحرب أهلية واسعة النطاق ذات قوى متعددة. *الخلاصة:* ساهم الصدام مع الدولة المركزية في تفكيك التحالفات القبلية التقليدية وأدى إلى تعميق الانقسامات المجتمعية واعاد المكونات العربية  في غرب السودان إلى محيطها التقليدي والتحالف مع قوى الهامش التي كانت  تستخدم هذه المجتمعات لقمعها ،كأداة لسلطة المركز . يمكن تطوير هذا التحول لحل صراع المركز والهامش  بتبني مشروع  دولة خدمية بدلا من التعريف التقليدي للصراع بأن المركز هو عروبي إسلامي والهامش إفريقي زنجي وهو تعريف غير صحيح كرست له سلطة الحركة الإسلامية وعمقتها وتبنتها كسياسات حتى الان ، وكنتيجة لذلك انفجر الصراع بهذه الصورة التي نشهدها الان ، ولكن يمكن وفق المعادلات الراهنة الوصول لحلول لصالح جميع السودانيين من خلال التفكير الواقعي والاعتراف بالأزمة وحلها حلا جذريا وذلك يحتاج لعقول تنظر إلى ابعد من مصالحها. *الإجابة على السؤال الجوهري:* هل تمتلك قيادة الدعم السريع استراتيجية واضحة لحماية المجتمعات التي تقع في مناطق سيطرتها وضمان بقائها؟ بناءً على التحليل السابق، لا تمتلك قيادة الدعم السريع استراتيجية متكاملة لتحقيق هذا الهدف، وذلك للأسباب التالية:  1. الارتجالية بدل التخطيط الاستراتيجي.  2. التناقض في الخطاب السياسي والممارسات.  3. غياب قيادة موحدة لاتخاذ القرارات.  4. الاعتماد على تحالفات ظرفية غير مستدامة. 5-عدم  القدرة هلى التخلص من ارث الماضي  والتكيف مع التحولات التي تستدعي اعادة تشكيل القيادة وصياغة مشروع وطني يمثل مصالح قطاعات واسعة  تتبناه وتشارك في تنفيذه. *توصيات*  1. إعادة هيكلة القيادة: إنشاء مركز موحد لاتخاذ القرارات الاستراتيجية.  2. ضبط الأمن: فرض انضباط صارم على القوات ومحاسبة المتجاوزين.  3. صياغة رؤية سياسية متماسكة: تطوير مشروع وطني يعكس المصالح الحقيقية لجميع الفئات.  4. تعزيز المشاركة المجتمعية: إشراك الكفاءات المحلية في صنع القرار.  5. تبني استراتيجية طويلة الأمد: التركيز على حلول مستدامة تربط بين الأمن والسياسة والتنمية. *خاتمة* يتضح أن قيادة الدعم السريع تواجه تحديات بنيوية تهدد بقاءها كفاعل سياسي وعسكري مؤثر. إن غياب التفكير الاستراتيجي والارتباك في الخطاب والممارسة يجعل مستقبلها مرهوناً بقدرتها على إصلاح هذه الاختلالات واعتماد رؤية متماسكة ومستدامة. الدعم السريعالمستشار السياسي السابقحميدتي

مقالات مشابهة

  • عادل الباز يكتب: الخطة (ط): التطويق (1)
  • على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية (12 – 20)
  • كيكل: الوحدة التي حدثت بسبب هذه الحرب لن تندثر – فيديو
  • الاتحاد الإفريقي يدعو العالم لعدم الاعتراف بأيِّ كيان موازٍ في السودان
  • ناشط سياسي يكشف أسباب إشعال الإمارات للحرب في جنوب السودان
  • الاتحاد الإفريقي يعرب عن قلقه بشأن تطورات تيجراي الإثيوبية
  • على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية (11 – 20)
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. أنا السجّان الذي عذّبك
  • مشاركة المقاومة الشعبية
  • المستشار السياسي السابق لـ”حميدتي” يكتب عن مستقبل الدعم السريع في السودان