عمار العركي يكتب – المقاومة الشعبية السودانية تُهدد المشروع الامريكي في القرن الإفريقي
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
الذاكرة السياسية القريبة لمنطقة القرن الافريقي تقول بفشل (المشروع الامريكي الاماراتي) المخطط له عقب ثورات الربيع العربي ، وتموضع الامارات ونفوذها في المنطقة باسم دول ( التحالف العربي)، الذي من خلاله تمكنت من تحييد مصر وابعادها من المنافسة كذلك قطر و تركيا بالحصار والمقاطعة و الانفراد بالنفوذ والتأثير في المنطقة، وبالتالي رسى عليها عطاء الوكالة من قبل إدارة الرئيس الامريكي (ترمب) بعد “دفعها” للرسوم المقررة ، والعمل على اعادة ترتيب المنطقة وفق التصورات الامريكية.
هذا الفشل كان سببه الرئيس هي السياسية الاماراتية العقيمة القائمة على “سياسية الدفع المادي” وشراء الحكومات والرؤساء ، والناتجة عن عدم فهم الإمارات لطبيعة المنطقة وتعقيداتها وشعوبها ، الذين افشلوا خططها ومشاريعها السياسية والاقتصادية في كل دولة وطأتها قدم الإمارات وحاولت النفوذ فيها ، فالبرلمان الشعبي في “الصومال” قام بطرد شركة الموانيء الإماراتية رغم تحالف الامارات مع الرئيس الصومالي السابق “محمد عبدالله فرماجو”، مما جعل الامارات تسعى في جلب الاعتراف الدولي والاقليمي “بجمهورية أرض الصومال” الانفصالية والمعلنة من جانب واحد وغير المعترف بها دوليا في القرن الإفريقي.
كذلك الشعب “الجيبوتي” الذي ضغط على الرئيس الجيبوتي ” اسماعيل عمر قيلي” وأجبره على فض اتفاقيات ادارة ميناء “دوارليه”.
بدوره الشعب “الارتري” المتضرر من ايجار الامارات لميناء “عصب” بعد مقتل مواطن ارتري في تظاهرة تندد بمنحها الميناء قبل ان يقوم الرئيس الارتري “اسياسي افورقي” بالغاء اتفاق الإيجارلعدم التزامها بتنفيذ التزامات الاتفاق.
تواصل الرفض الشعبي في المنطقة لكل مساعي الامارات ، ففي السودان كان الرفض الشعبي في بورتسودان الذي اجبر البشير الغاء الاتفاق مع واجهتها وشريكتها الشركة الفنلندية وارجاع مبلغ مقدم التعاقد، وتكرر الرفض الشعبي الذي افشل صفقتي ابوعمامة والفشقة ، وهذا على سبيل المثال وليس الحصر.
بعد ذهاب “ترمب” ومجيء “بايدن” الذي لاحظ تزايد كراهية شعوب المنطقة لامريكا بسبب تصرفات حليفها الامارات ، فسعى “بايدن” في إصلاح ما افسده سلفه “ترامب” و الامارات في المنطقة ، فعمد علي اتباع إسلوب “المتابعة المباشرة” والتقليل من إسلوب “الوكالة” ، ولاول مرة تقوم ” امريكا”بتعيين مبعوث خاص للقرن الافريقي في إشارة واضحة بعدم الرضا عن اداء الوكيل، ولكن لخلافات داخل الادارة الامريكية وبايعاز من اصدقاء الامارات داخل الادارة خاصة الخارجية الامريكية تم اعاقة عمل المبعوث الذي استقال بعد ستة اشهر فقط ، وكذلك خلفه الذي استقال بعد عام ، والثالث تم تغييره وهذا الاخير الحالي “هالك هامر ” ،والذي لا نرى له اثراً او تأثيراً فيما يدور .
تفجر “المقاومة الشعبية السودانية” المتنامي، غير في ميزان المعادلة ، وخلطت المقاومة الشعبية جميع الأوراق بما فيها اوراق الولايات المتحدة ، وتعدي التأثير الداخل السوداني الي الخارج على مستوي المنطقة برُمتها ، فأصبحت “امريكا” محبطة من تصرفات وعبث “الامارات” ، وهي تعلم ان تأثيرالمقاومة الشعبية السودانية سيمتد ويعم جميع شعوب المنطقة بما فيها الدول التي تدين حكوماتها وشعوبها لها وللامارات مثل، تشاد ، اثيوبيا ، كينيا ، وهو ما تترقبه وتنتظره كل من “روسيا والصين” ، ان لم يكن تعملان عليه وتأجيجه.
كذلك امريكا الغاضبة والمحبطة تنظر للامارات بانها المتسبب الأول في اطلاق مارد المقاومة الشعبية عقب دخول ميلشياتها لولاية الجزيرة وهناك أميل كثيرا لمنطق وتحليل الكاتب “مكي المغربي” في تفسير اإنسحاب الجيش من “مدني” دون مقاومة، والذي فسره مكي بسبب
( التوجيهات الامريكية “للميلشيا” بعدم التمدد ودخول ولاية الجزيرة ، وعلي “الجيش” عدم اعتراضها ان دخلت).
تفجر المقاومة الشعبية أجبر الجميع علي اعادة تقدير المواقف والتموضع الاقليمي ، فامريكا وعبر الكونغرس جاهرت بعدم الرضا عن “الامارات” وطالبتها بتغيير سياساتها تجاه. السودان ، تزامناً مع قيام امريكا نفسها بتغيير سياستها حيال “ارتريا” بعد عشرين عام من التشدد الذي يلامس العداء ، بينما سارعت كل من مصر و تركيا بتنبيه رعاياهم و ضرورة مغادرتهم السودان في خطوة لم نجد لها تفسير سوي انه تحوط من الدولتين تحسباً لنُذر حرب أهلية شاملة في السودان ، او لربما وجود نوايا لتهور اماراتي جديد في تدخل دولي مباشر من اجل خمد المقاومة الشعبية المتنامية والتي بكل الاحوال تعني تحرير شهادة وفاة للمشروع الامريكي الاماراتي في القرن الافريقي.
خلاصة القول ومنتهاه:
إرادة شعوب القرن الافريقي هي القاهرة فوق لكل شيء من بعد الله ، وامريكا لديها تجربة مريرة مع الشعب الصومالي ، يُعيد كتابتها وسبرة الشعب السوداني ، بشكل اوسع وأشمل نسبة كونه شعب معلم يتوسط شعوب المنطقة، والاول بين شعوب افريقيا ومنطقة القرن الافريقي في الثورات و الانتفاضات واحداث التغيير الذي يريد.
ليس امام الولايات المتحدة ان رامت السلامة وعدم تضرر مصالحها الا تغيير سياساتها تجاه السودان وكبح جماح الامارات ، الانحياز لإرادة الشعب السوداني وخياراته حقيقة وليس إدعاء.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: الشعبية المقاومة عمار العركي يكتب المقاومة الشعبیة القرن الافریقی فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
محمد الضيف.. الشبح الذي قاد كتائب القسام إلى طوفان الأقصى
جعلت قدرته على المراوغة وقيادته لكتائب القسام من محمد الضيف رمزًا للكفاح المسلح الفلسطيني حتى طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر عام ٢٠٢٣.
وعلى مدى العقود، تمكنت إسرائيل من اغتيال العشرات من قادة المقاومة الفلسطينيين، بمن فيهم العديد من قادة كتائب القسام مثل صلاح شحادة وعماد عقل ويحيى عياش، إلا أن الضيف نجا من محاولات الاغتيال وواصل القتال.
تحت قيادته، تحولت الجناح العسكري لحركة حماس من مجموعات صغيرة من المقاتلين ضعيفي التسليح إلى قوة شبه عسكرية. ورغم أن الضيف كان متمركزًا في غزة، إلا أن الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية كانوا يهتفون باسمه في السنوات الأخيرة طلبًا للمساعدة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وأصبحت هتافات عربية مقفاة بدأت في القدس المحتلة شائعة بشكل خاص خلال الحرب على غزة: "حُط السيف جنب السيف، إحنا رجال محمد الضيف".
يُعرف بلقب "الشبح" نظرًا لقدرته الفائقة على التواري عن الأنظار والنجاة من محاولات الاغتيال المتكررة التي استهدفته على مدار عقود. ورغم السرية التي تحيط بشخصيته، إلا أن تأثيره لا يمكن إنكاره.
وُلد محمد الضيف، واسمه الحقيقي محمد دياب إبراهيم المصري، في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة عام 1965 لعائلة فلسطينية هجّرت من قريتها الأصلية خلال نكبة 1948. نشأ في بيئة تعاني من الفقر والقمع الإسرائيلي، مما عزز لديه الوعي السياسي والميل إلى الكفاح المسلح.
درس الضيف العلوم في الجامعة الإسلامية في غزة، حيث بدأ نشاطه في صفوف الجماعة الإسلامية التي شكلت لاحقًا النواة الأولى لحركة حماس. في أواخر الثمانينيات، انضم إلى كتائب القسام، وأثبت قدراته العسكرية والتنظيمية، ليصعد سريعًا في صفوف المقاومة.
بعد اغتيال القائد صلاح شحادة عام 2002، تولى الضيف قيادة كتائب القسام، ومنذ ذلك الحين، شهدت الكتائب تطورًا نوعيًا في قدراتها العسكرية. كان له دور محوري في تطوير الأنفاق الهجومية، الصواريخ بعيدة المدى، والطائرات المسيرة، مما عزز قدرة المقاومة على مواجهة إسرائيل.
ورغم خسارته أفرادًا من عائلته في إحدى الغارات، بما في ذلك زوجته وابنه عام 2014، ظل الضيف متمسكًا بخياره العسكري، موقنًا بأن النصر لن يتحقق إلا عبر المقاومة.