لعبة الظهور والإختفاء!!
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
صباح محمد الحسن
لم يكن تأجيل لقاء الجنرالين قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان وقائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو إلى منتصف يناير المقبل خبراً مفاجئا فحميدتي كشف عن ذلك أمس الأول قبل وصوله إلى كمبالا عندما قال إن ثمة عقبات تعترض اللقاء بينه والبرهان
وبالأمس نقلت الأخبار وصول دقلو إلى العاصمة الأوغندية كمبالا ومن المتوقع أن يلتقي حميدتي بأعضاء مجموعة الايغاد وايضا برئيس تنسيقية القوي الديمقراطية المدنية (تقدم) الدكتور عبدالله حمدوك.
لكن ظهور وتحركات قائد الدعم السريع لم تأت لتكون في إتجاه الطاولة الثنائية التي تجمع بينه وبين الفريق البرهان مباشرة.
فالجنرال يقوم الآن بتقديم نفسه على المسرح من جديد ليس ليحكي عن (رحلة العودة من الموت)، التي ظلت الخطابات الرسمية للدولة تستخدمها للتشكيك في اللقاء بينه والبرهان ولكن لأن ظهوره بات أمرًا ضروريًا في معادلة الحل السياسي.
سيما أن الجميع الآن يقف على هضبة الحقيقة بعد أن تجاوز الكذبات لذلك جاء الظهور (برومو) تمهيدا للقاءات وإجتماعات مرتقبه لابد أن يسبقها حميدتي بظهور علني
ولكن المستمع لتصريح حميدتي قبل هبوط طائرته في كمبالا يستطيع أن يقرأ أن اللقاء بينه والبرهان لن يلتئم في موعده فالرجل قال(إن هناك عقبات واضحة تعترض لقاءه بالفريق البرهان).
هذا التصريح أكد ان الموعد تم تأجيله قبل وصوله إلى كمبالا
كما أن حميدتي قصد بظهوره أن يقول إن الغائب الآن عن المسرح هو الفريق عبد الفتاح البرهان و ليس شخصه وأن العقبة هي مجموعة الفلول التي تحول بينه والجنرال.
إذن أين هو البرهان الآن!! أم أنها لعبة تبادل الظهور والإختفاء بين الجنرالين
فبما أن قائد الدعم السريع ظهر في كمبالا ليؤكد إبداء حسن النية في التفاوض وجديته وحرصه على اللقاء سيما أن الحكومة السودانية تحدثت عن إعتذاره عن لقاء البرهان، فهل قصدت الحكومة تضليل المواطن لتشير إلى أن الغياب المحتمل سيكون غياب البرهان وليس دقلو !!
ووجود حميدتي في أروقة الحل يعني أنه يتأهب للقاء البرهان.
ولكن كيف تتم إزالة العقبات التي أشار لها دقلو!! ففي المسافة بين لقاء الجنرالين بقياس ساعة الزمن، هل ثمة ما يحدث وماهو مفاجئ ويمكن أن يعجل بالخطى أو يحسم فوضى القرار الرئاسي!! أم أن هناك أحداث مفصلية تحدث ماقبل الموعد الجديد، لتزيل هذه الضبابية وتجعل المشهد أكثر وضوحا لأن هذه الغيوم خلفها إشراق سيعم الضياء فيه السودان وسيزول وينقشع هذا الظلام في ايام قليلة بلاشك.
طيف أخير:
الأعلام الكيزاني الذي قال إنه يساند البرهان في حربه لأنه القائد وان مساندته واجب وطني لماذا يقف الآن ضده قبل أن تنتهي الحرب!!
نقلاً عن صحيفة الجريدة
الوسومصباح محمد الحسنالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: صباح محمد الحسن
إقرأ أيضاً:
مقاتل العطاوة الذي يتم استغلاله وإرساله لقتل آخرين في الهلالية لم تكن بينه وبينهم أي عداوة
مع أن الوصف ب “عربي” و “زرقة” في دارفور منتشر و مقبول من الطرفين ؛ فإن هذه الأوصاف لم تحمل أي حمولات عنصرية تقضي بأن هناك عنصر عربي يفوق الأفريقي أو العكس. بل عاش العرب غالبا تحت حكم الممالك غير العربية فكانوا الجند و الرعية بينما كان الزرقة هم الملوك. و كان العرب هم البدو بينما اُختزلت الحضارة غالبا في سواهم.
عرب دارفور لم ينظروا لأنفسهم كمتفوقين عرقياً عن الزرقة و لا عن الجلابة بالطبع ، ربما حاربت هذه القبائل ضد حركات جنوب السودان منذ الإستقلال بحماسة دينية مختلطة بلوثة عنصرية أعادت روح غارات تجارة الرقيق التي شاركوا في بعضها مع الزبير باشا و الأتراك و بعض فترات المهدية التي تقلبت بين السماح بالرق أو منعه حسب قوة الدولة.
و بينما كان تفسير مثقفي الخرطوم لحرب الجنوب بأنها عنصرية أو دينية فإن كسلهم الفكري لم ينجح في استخدام ذات التفسير لما حصل في دارفور. لا دعاوي التفوق العنصري و لا الديني يمكن لها تفسير حرب دارفور منذ ٢٠٠٣.
و بينما جارينا مظان الدعم الدولي للتمرد بحمل لواء الأفرقانية و سعينا كيداً ضد حكم الكيزان بالزعم أن “الجعلي يعتقد أنه متفوق عنصراً على الفوراوية” كما أشار الدكتور الترابي في ذروة عدائه لأبنائه الذين طردوه من الحكم ، فخلط المطامع المادية كضعف التنمية مع فكرة الصراع العنصري الذي يسعّر الحروب و يستنزل دعومات الرجل الأبيض ؛ بالقول أن قبائل الجلابة تحاول القضاء على قبائل الزرقة. و بينما صدّقنا هذه الفرية على أنفسنا زماناً طويلاً ، نجد الآن أن العرب من دارفور و ليس الزرقة هم الذين يشتكون من عنصرية الجلابة. بل يدعو العرب فجأة لفكرة تفوق عرب الغرب على عرب البحر تحت الفكرة التي سمّوها فجأة و بدون مقدمات : أولاد الجنيد.
بينما تبدو قبائل الزرقة مستعدة للعيش تحت سماء واحدة مع الجلابة بتسامح و محبة.
الحقيقة أن إرث السودانيين في التعايش و قبول الناس لبعضهم البعض كبير جداً ، الشيء الذي أغرى كثير من القبائل الأفريقية و العربية بالهجرة للبلاد قديماً و حديثاً فهو “جنة التسامح التي تسع الجميع”. و أن كل كبار المجرمين و موقدي الحروب حاولوا إقناعنا بأننا نحارب لأسباب عنصرية نبحث عنها في قاع أفئدتنا فلا نجد منها شيئاً بينما تتعالى الأصوات من خارجنا بمكرفونات السياسين: أنتم شعب عنصري و فريد في تبني العنصرية .
لسنا عنصريين ، بل كل المتحاربين لهم أطماع مادية معروفة ؛ لا يقاتلون لأسباب ثقافية و لا تحررية و لا اصلاحية. هذه الحرب مثل الحروب التي سبقت. تحالف جمع نصر الدين عبد الباري من الفور و التعايشي من عرب البقارة التقليديين و دقلو ممثل الوافدين التشاديين – الذين رحّب بهم أهل الإقليم – مع سياسيين من الإقليم الأوسط و الشمالية و شرق السودان و مع المك المزعوم أبو شوتال لفرض مشروع إقليمي و أطماع اماراتية.
أي خطبة عصماء عن دور العنصرية في هذه الحرب كممارسة جمعية سودانية ضد بعضنا البعض هي كذب مفضوح لإقناعنا بما يشغلنا عن الأسباب الحقيقية لإشعال هذه الحرب ضد هذا الشعب . و تقع مسؤولية كبيرة على مقاتل العطاوة الذي يتم استغلاله و إرساله لقتل آخرين في الهلالية لم تكن بينه و بينهم أي عداوة حتى فجر يوم الإنقلاب الذي خططت له الإمارات . أي فجر ١٥ أبريل ٢٠٢٣.
عمار عباس
إنضم لقناة النيلين على واتساب