عقوبة الإعدام.. تاريخها وطرق تنفيذها وأكثر الدول تطبيقا لها
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
ينظر بعض الناقدين إلى عقوبة الإعدام أنها عقوبة قاسية ولا إنسانية، وتوصف بأنها "إجهاض للعدالة"، لأنها قد تؤدي في كثير من الحالات إلى إنهاء حياة أشخاص خضعوا إلى محاكمات غير عادلة، ويعدها كثيرون في الوقت الحالي انتهاكا لحقوق الإنسان، لكن ما يزال هناك من يدافع عنها لأنها عقوبة رادعة تضمن أمن المجتمع، وقد تثني المجرمين عن أفعالهم.
لعقوبة الإعدام تاريخ طويل، فقد استخدمت من قبل معظم الشعوب وفي كل الأزمنة، مع اختلاف طرق تطبيق هذه العقوبة والأسباب التي تدعو إلى فرضها، إذ تراوح الإعدام ما بين قطع الرأس أو الحرق أو السلخ أو التقطيع أو استخدام الخازوق أو الرمي بالرصاص أو الشنق أو غير ذلك، كما تراوحت الجرائم التي تطبق عقوبة الإعدام على مرتكبيها ما بين القتل والخيانة وممارسة السحر والاغتصاب والكفر وغيرها.
وتشير السجلات التاريخية إلى أن عقوبة الإعدام كانت حاضرة منذ بداية التاريخ، وقد كانت جزءا من أنظمة العدالة التي انتهجتها الشعوب والقبائل البدائية، مع العلم أن المجتمعات القبلية كانت تميل إلى تطبيق عقوبات أخرى مثل دفع الدية أو النفي أو العقاب الجسدي. وكذلك وردت عقوبة الإعدام في الشرائع القديمة، إذ تنص عليها التوراة في جرائم القتل والسحر والاختطاف والجرائم الجنسية والتجديف (الاستهزاء بالله وبدينه) وانتهاك السبت.
وفي اليونان القديمة، كانت عقوبة الإعدام حاضرة كذلك، إذ يراها أفلاطون وسيلة للتطهير، باعتبار أن الجرائم هي نوع من أنواع "النجس"، كما كان يعتقد أن جرائم القتل ليست طبيعية ولا تتم بالرضا التام، بل هي عبارة عن مرض أصاب روحه، لذا فإن لم يكن إعادة تأهيل هذه الروح ممكنا سيكون الإعدام هو الحل الأخير المتبقي.
حفر على الخشب لمشهد إعدام الملك الفرنسي لويس السادس عشر عام 1793 (غيتي)أما أرسطو فكان يعتقد أن الإنسان يمتلك إرادة حرة وأنه مسؤول عن أفعاله، ومن ثم فإذا وقعت جريمة وجب على القاضي أن يحدد العقوبة التي تكافئ حجمها، وهكذا ظهر التعويض المالي بديلا عن الإعدام للمجرمين الأقل تعنتا، والذين من الممكن إعادة تأهيلهم، ومع ذلك، يرى آخرون أن عقوبة الإعدام لا تزال ضرورية.
وفي روما القديمة، كان تطبيق عقوبة الإعدام ضد المواطنين الرومان أمرا غير اعتيادي في فترة من الفترات، إذ تم تفضيل أحكام بديلة تتوقف على نوع الجريمة وعلى الشخص الذي ارتكبها، وتتراوح العقوبات ما بين التوبيخ الخاص أو العام والنفي، ومصادرة الممتلكات أو التعذيب، أو حتى السجن، وقد يلجأ القضاة في بعض الحالات إلى الإعدام كحل أخير.
مع ذلك أصبح الإعدام لاحقا وسيلة أكثر شيوعا للعقاب، في جرائم معينة مثل الخيانة، كذلك عندما لا يكون الجناة مواطنين رومانيين. وكان الموت البطيء بالصلب يمارس على نطاق واسع عند الرومان، إذ قد يستغرق المحكوم عليه ما يصل إلى بضعة أيام حتى يموت. وعادة ما تُترك جثث المصلوبين على الصلبان لتتحلل وتأكلها الحيوانات.
وعلى الرغم من أن عقوبة الإعدام شائعة في الصين في الوقت الحاضر، فإن التاريخ القديم للبلاد شهد فترة منعت فيها هذه العقوبة، وكان ذلك تحديدا في عهد الإمبراطور شوانزونغ من أسرة تانغ (الذي حكم من 712م إلى 756م).
مع ذلك لم يستمر هذا المنع أكثر من 12 عاما ليعود مجددا، إذ انتشرت عقوبة الإعدام بأساليب قاسية مثل الجلد بالعصا الغليظة حتى الموت وتقطيع جسد الجاني وتركه ينزف حتى الموت، وإذا كان المحكوم عليه أحد الشخصيات المرموقة فقد يمنح امتيازا خاصا بأن يسمح له بالانتحار بدلا من تطبيق حكومة الإعدام عليه.
ولم تكن أساليب الإعدام القاسية حكرا على الصين، فقد اشتهرت بها أوروبا في حقبة العصور الوسطى، حيث كانت عقوبة على جرائم ما دون القتل مثل ممارسة السحر أو اللواط.
مطالب إلغاء عقوبة الإعداممع بداية النصف الثاني من القرن الـ17 ظهرت حركات فكرية وثقافية وفلسفية جديدة في أوروبا منها حركة "لوميير"، التي أعادت تحديد مكانة الفرد في الدولة والمجتمع بموجب ما يسمى "العقد الاجتماعي"، وهو عقد ينشأ منذ الولادة بين المواطن والمجتمع، وانطلاقا من هذا العقد بات ينظر إلى عقوبة الإعدام باعتبارها مفيدة للمجتمع من خلال تأثيرها الرادع، كذلك باتت تعتبر وسيلة لحماية المجتمع في مواجهة المجرمين.
وخلال القرون القليلة الماضية، مع ظهور الدول القومية الحديثة، أصبحت العدالة مرتبطة بشكل متزايد بمفهوم الحقوق الطبيعية والقانونية، وتزامن ذلك مع انتقادات وجهت لعقوبة الإعدام.
ففي عام 1764 قدم السياسي والفيلسوف الإيطالي سيزار بيكاريا أطروحة حول الجرائم والعقوبات تحتوي تحليلا مفصلا عن أهمية إلغاء عقوبة الإعدام، وحذا حذوه لاحقا الفيلسوف والقانوني الإنجليزي جيرمي بنثام.
وقد لاحظ بيكاريا، ومن بعده تشارلز ديكنز وكارل ماركس، ارتفاعا في معدل الجرائم العنيفة في أوقات وأماكن تنفيذ عمليات الإعدام، حيث كانت عمليات الإعدام حينها تنفذ علنا. وأدى الاعتراف الرسمي بهذه الظاهرة إلى تنفيذ عمليات إعدام داخل السجون، بعيدا عن الرأي العام.
وعلى الرغم من الأصوات المنادية بإلغاء هذه العقوبة، فإنها بقيت مستمرة، فقد أقر البرلمان في إنجلترا في القرن الـ18، زيادة عدد الجرائم التي يعاقب عليها القانون بالإعدام إلى أكثر من 200 جريمة. وكانت هذه الجرائم في الأساس جرائم تتعلق بالممتلكات، على سبيل المثال قطع شجرة كرز في بستان، أو سرقة المتاجر أو الماشية.
وقفة لجمعية واعد في غزة ضد قانون الإعدام الإسرائيلي (الجزيرة)وحتى خلال القرن العشرين، لم يشهد العالم تطورا كبيرا بخصوص عمليات الإعدام، فيما عدا الاختفاء التدريجي لأساليب الإعدام الوحشية التي كانت تستخدم في القرون الوسطى، والتي قد يتعذب فيها الجاني لأيام قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.
في ألمانيا النازية على سبيل المثال، كان هناك 3 أنواع من عقوبة الإعدام، الشنق وقطع الرأس والموت رميا بالرصاص.
كما استخدمت المنظمات العسكرية الحديثة عقوبة الإعدام كوسيلة للحفاظ على الانضباط العسكري. في الماضي، كان الجبن والغياب بدون إذن والفرار والعصيان والتهرب من نيران العدو وعصيان الأوامر جرائم يعاقب عليها بالإعدام.
وقد استخدمت عدد من الدول التي حكمتها حكومات فاشية أو شيوعية عقوبة الإعدام وسيلة للقمع السياسي. ووفقا لوبرت كونكويست، الخبير البارز في عمليات التطهير التي قام بها جوزيف ستالين، تم إعدام أكثر من مليون مواطن سوفياتي خلال ما عرف بـ"عملية التطهير الكبرى" من عام 1936 إلى عام 1938، جميعهم تقريبا برصاصة في مؤخرة الرأس.
كما صرح مؤسس جمهورية الصين الشعبية، ماو تسي تونغ علنا أنه تم إعدام 800 ألف شخص في الصين خلال الثورة الثقافية (1966-1976)، وفي رد فعل جزئي على مثل هذه التجاوزات، بدأت منظمات الحقوق المدنية في التركيز بشكل متزايد على مفهوم حقوق الإنسان والسعي لإلغاء عقوبة الإعدام.
عقوبة الإعدام في العصر الحديثبعد الحرب العالمية الثانية، أسفرت التغييرات السياسية التي شهدتها بعض الدول التي تحولت إلى الديمقراطية، عن تطورات حقوقية عديدة شملت إلغاء عقوبة الإعدام.
فقد ألغت معظم الدول، بما في ذلك جميع الدول المتقدمة تقريبا، عقوبة الإعدام إما في القانون أو في الممارسة العملية، خاصة وأن إلغاء عقوبة الإعدام أصبح شرطا لدخول الاتحاد الأوروبي.
والاستثناءات البارزة هي الولايات المتحدة واليابان وتايوان وسنغافورة، ففي حين تبنت بعض الولايات في الولايات المتحدة الأميركية إلغاء عقوبة الإعدام، ما تزال هذه العقوبة مطبقة في بعض الولايات الأخرى، بالإضافة إلى تنفيذ عقوبة الإعدام في الصين والهند ومعظم الدول الإسلامية.
وفي الوقت الحالي لا تزال 54 دولة تعمل بعقوبة الإعدام، وألغتها 112 دولة تماما، وطبقت 7 دول ذلك بالنسبة لجميع الجرائم إلا في ظل ظروف خاصة، وألغتها 22 دولة أخرى في الممارسة العملية لأنها لم تطبقها لمدة 10 سنوات على الأقل.
وغيرت بعض الدول قوانينها أو سعت إلى ذلك، ومنها باكستان التي رفعت في ديسمبر/كانون الأول 2014 قرارا بإلغاء إيقاف العمل بأحكام الإعدام، وذلك بعد مذبحة مدرسة بيشاور التي قُتل خلالها 132 طالبا و9 موظفين في المدرسة العسكرية العامة وكلية بيشاور على يد أعضاء من حركة طالبان الباكستانية، وهي جماعة منفصلة عن حركة طالبان الأفغانية التي أدانت الهجوم. ومنذ ذلك الحين، أعدمت باكستان أكثر من 400 مدان.
وفي عام 2017، اتخذت تركيا والفلبين خطوات لإعادة عقوبة الإعدام. وفي العام نفسه فشل إقرار القانون في الفلبين في الحصول على موافقة مجلس الشيوخ.
وفي 29 ديسمبر/كانون الأول 2021، بعد تعليق دام 20 عاما، تبنت حكومة كازاخستان تعديلات على بعض القوانين بشأن إلغاء عقوبة الإعدام، وأعادتها للتطبيق.
وعلى الرغم من أن القانون الدولي ينص على أن عقوبة الإعدام يجب أن تقتصر على حالات ارتكاب الجرائم الخطيرة مثل جرائم القتل، ترى المنظمات الحقوقية مثل منظمة العفو الدولية، أنه لا يجوز تطبيق هذه العقوبة بأي حال من الأحوال، كونها تنتهك حقوق الإنسان، ولا سيما الحق في الحياة وحق الإنسان في العيش متحررا من التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وكلا الحقين محميان بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي اعتمدته الأمم المتحدة عام 1948.
عقوبات الإعدام بالأرقامتصدر منظمة العفو الدولية تقارير سنوية توضح فيها حوادث الإعدام التي استطاعت توثيقها حول العالم، حيث تظهر التقارير أن الصين تحتل الرتبة الأولى عالميا في تنفيذ أحكام الإعدام، وعلى الصعيد العربي فإن الدول الأكثر استخداما لهذه العقوبة هي مصر والمملكة العربية السعودية، وفيما يلي موجز تقارير منظمة العفو الدولية خلال السنوات الأخيرة:
2010: سجلت منظمة العفو الدولية 527 عملية إعدام في 2010، وقد حدثت النسبة الأكبر منها في الصين ومصر وإندونيسيا وإيران ولاوس وليبيا وماليزيا وتايلاند والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية واليمن، وكان معظمها بسبب جرائم تتعلق بالمخدرات.
ووفقا لمنظمة العفو الدولية، هناك اعتقاد بأن الصين نفذت في العام ذاته آلاف عمليات الإعدام الأخرى، عدا تلك التي تم توثيقها في السجلات الرسمية، إلا أن الصين لم تفصح عنها، إذ تصنف هذه المعلومات على أنها من أسرار الدولة.
2015: شهد عام 2015 ارتفاعا هائلا في عدد الأشخاص الذين أُعدموا، وصل إلى ما لا يقل عن 1634 شخصا، وهو أعلى رقم سجلته منظمة العفو الدولية منذ عام 1989.
وقد حدث ما يقرب من 90% من هذه الحالات في 3 دول فقط: إيران وباكستان والمملكة العربية السعودية، لكن هذه الأرقام تستثني الصين، التي لا تفصح عن جميع حالات الإعدام التي تقوم بها وفقا لمنظمة العفو الدولية.
2016: أُعدم ما لا يقل عن 1032 شخصا في 23 دولة في عام 2016، ونُفذت معظم عمليات الإعدام في الصين ثم إيران تليها المملكة العربية السعودية ثم العراق ومن بعدها باكستان.
2017: سجلت منظمة العفو الدولية ما لا يقل عن 993 عملية إعدام في 23 دولة في عام 2017، ونُفذت معظم عمليات الإعدام في الصين وإيران والمملكة العربية السعودية والعراق وباكستان وفقا للترتيب.
2018: سجلت منظمة العفو الدولية ما لا يقل عن 690 عملية إعدام في 20 دولة في عام 2018، ونُفذت معظمها في الصين تلتها إيران ثم المملكة العربية السعودية ومن بعدها فيتنام ثم العراق.
2019 :نفذت خلال هذا العام 657 عملية إعدام في 20 دولة، وفقا لتقرير منظمة العفو الدولية، وقد احتلت الصين الرتبة الأولى وتلتها إيران، ثم المملكة العربية السعودية فالعراق ومن بعدها مصر.
2020: سجلت منظمة العفو الدولية 483 عملية إعدام في 18 دولة في عام 2020، ونفذت معظمها في الصين وتلتها إيران ثم مصر ثم العراق ثم المملكة العربية السعودية.
2021: وفقا لتقرير منظمة العفو الدولية لعام 2021، فقد تم إعدام ما لا يقل عن 579 شخصا في 18 دولة، ونفذت معظم عمليات الإعدام خلال هذا العام في الصين تليها إيران ثم مصر ثم المملكة العربية السعودية وتليها سوريا.
2022: وفقا لمنظمة العفو الدولية، فقد نفذت 883 عملية إعدام في 20 دولة في عام 2022، وقد نفذت معظم هذه العمليات في الصين وإيران والمملكة العربية السعودية ومصر والولايات المتحدة الأميركية.
وتعتقد منظمة العفو الدولية أن الصين نفذت آلاف الإعدامات في ذلك العام، لكن لم يتم الإفصاح عنها جميعها، وباستثناء الصين، فإن 90% من جميع عمليات الإعدام المبلغ عنها في 2022 نُفذت في 3 دول فقط هي إيران والمملكة العربية السعودية ومصر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: والمملکة العربیة السعودیة إلغاء عقوبة الإعدام عملیات الإعدام هذه العقوبة ما لا یقل عن دولة فی عام الإعدام فی أن الصین فی الصین أکثر من
إقرأ أيضاً:
تقرير يكشف الدول التي ساعدت على نمو صادرات الاحتلال الإسرائيلي
في ظل الأحاديث المتصاعدة عن المقاطعة الاقتصادية التي تفرضها العديد من دول العالم على دولة الاحتلال بسبب عدوانها المتواصل على فلسطين ولبنان، إلا أن تقريرا للتجارة الخارجية الإسرائيلية كشف عن تعزيز علاقاتها التجارية مع أوروبا وآسيا وأمريكا، وتوجه لديها بتوسيع الأسواق، وتعميق التعاون الدولي.
ونقل عامي روحاكس دومبا مراسل مجلة يسرائيل ديفينس، "بيانات أوردها تقرير للتجارة الخارجية لإسرائيل عن الشهر الماضي، ألقى فيها نظرة متعمقة على طبيعة علاقاتها الاقتصادية الخارجية، ومدى اعتمادها على الأسواق الدولية الرائدة، مركزاً على بيانات التصدير والاستيراد للسلع، مع التركيز على أسواقها الرئيسية الثلاثة: أوروبا وآسيا وأمريكا".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "أوروبا الوجهة الأكبر لصادرات السلع الإسرائيلية، بحصة بلغت 34% من إجمالي الصادرات، وهي أكبر مصدر للواردات بحصة 45% من إجماليها، مما يجعل العلاقات التجارية مع أوروبا لا تعتمد على القرب الجغرافي فحسب، بل تقوم أيضاً على العلاقات السياسية والاقتصادية المستقرة، وحقيقة أن دول الاتحاد الأوروبي تشكل سوقًا تكنولوجيًا مستقرًا تساعد على توسيع الصادرات في مجالات مثل المواد الكيميائية والأجهزة الطبية والتقنيات المتقدمة، وقد تمكنت دولة الاحتلال من الاستفادة من طلب السوق الأوروبية على منتجاتها المتطورة، مما يؤدي لزيادة قيمة الصادرات لهذه المنطقة".
وكشف التقرير أن "آسيا تعتبر ثاني أكبر وجهة للصادرات الإسرائيلية بـنسبة 33% من إجمالي الصادرات، وثاني أكبر مصدر للواردات بنسبة 34% من إجمالي الواردات، حيث تعدّ الصين شريكًا اقتصاديًا مهمًا بشكل خاص، ولا تزال سوقًا رئيسيًا للسلع الإسرائيلية، خاصة في مجالات مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومعدات الدفاع والزراعة المتقدمة".
وأشار أن "هذه البيانات توضح الاتجاه العالمي لتعزيز السوق الآسيوية بشكل عام، والصينية بشكل خاص، حيث يتزايد الطلب على التقنيات المتقدمة والمنتجات المبتكرة، وفي عصر تعزز فيه الصين مكانتها كقوة اقتصادية مهمة، تصبح العلاقات التجارية النامية مع دولة الاحتلال ميزة استراتيجية، خاصة بالنسبة للصناعات التي تعزز القدرات التكنولوجية لكلا الجانبين".
وأوضح التقرير أن "قارة أمريكا الشمالية، خاصة الولايات المتحدة، تعتبر ثالث أكبر مقصد للصادرات الإسرائيلية بحصة 31%، وثالث أكبر مصدر للواردات بحصة 12%، مع العلم أنها ليست شريكا اقتصاديا رئيسيا فحسب، بل أيضا حليف استراتيجي للاحتلال، وترتكز علاقاتهما على تحالفاتهما السياسية والاقتصادية المستقرة، والتقييم المتبادل في المجال الأمني، لاسيما في صادرات الأمن والتكنولوجيا والمنتجات الطبية، التي تقود الصادرات من إسرائيل إلى الولايات المتحدة".
وأشار أن "السوق الأمريكي يوفّر إمكانية وصول البضائع الإسرائيلية لأسواق إضافية في أمريكا الشمالية والجنوبية، مما يساهم في توسيع دائرة عملاء الشركات الإسرائيلية، ويكشف التقرير اعتماد الاحتلال على العلاقات التجارية مع مناطق جغرافية متنوعة".
وأكد أن "العجز التجاري الذي تعانيه دولة الاحتلال بما قيمته 10.2 مليار شيكل، يسلط الضوء على الفجوة بين حجم الواردات والصادرات، وقد يشكل هذا العجز تحديا على المدى الطويل، لأنه يزيد من اعتمادها على الأسواق الخارجية، لكنه يوفر أيضا فرصة للنمو الاقتصادي من خلال زيادة الاستثمارات في المنتجات والخدمات التي يتم إنتاجها لديها، وتصديرها للخارج".
وكشف أن "هناك العديد من الدول، خاصة الصين، ربما تكون محرّكًا لمراكز نمو الصادرات الإسرائيلية في السنوات المقبلة، وفي الوقت نفسه، ستستمر أوروبا في العمل كوجهة مهمة بفضل قربها من دولة الاحتلال، وعلاقاتها التجارية التقليدية، فيما سيساعدها الاستمرار بتعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول أخرى في آسيا وأمريكا اللاتينية على تنويع الأسواق التي تصدر إليها، وتقليل الاعتماد على أسواق معينة فقط التجارة الخارجية".