قالت صحيفة لوفيغارو إن باريس متشككة في "أغراض" العملية التي تقودها واشنطن في البحر الأحمر، مشيرة إلى مخاوف من أن تتحول البحرية الأميركية التي تبنت حتى الآن موقفا دفاعيا، إلى تبني إستراتيجية انتقامية تحت تأثير الهجمات الحوثية.

وأوضحت الصحيفة –في تقريرين منفصلين بقلم نيكولا باروت وأدريان جولم- أن العديد من حلفاء الأميركيين أعربوا عن شكوكهم بشان نوايا واشنطن، وذلك لأسباب تتعلق بالسياسة الداخلية لديهم، كما هو الحال في إسبانيا، أو للحفاظ على قنوات الاتصال مع العالم العربي، رغم الاتفاق على التنسيق وتبادل المعلومات.

ومع أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن أن التهديد الذي يشكله الحوثيون "لا يطاق"، فإن باريس تشعر بالقلق من امتداد الصراع -كما يقول نيكولا بارت- إذا ما انجذبت الولايات المتحدة للرد في اليمن ضد الحوثيين، مشيرة إلى ضربها سابقا رادارات للحوثيين عام 2016.

مهمة دفاعية

وفي محاولة لتوضيح الأمور، التقى وزير القوات المسلحة الفرنسية سيباستيان ليكورنو مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الأسبوع الماضي، وقال البنتاغون في بيان بالمناسبة إنهما اتفقا على مواصلة العمل معا لتحقيق "حلول ثنائية ومتعددة الأطراف"، حيث تستطيع فرنسا، بالإضافة إلى الفرقاطة لانغدوك، أن توفر قوة جوية "من قاعدتها في الإمارات أو من قاعدة جيبوتي".

وكان لويد أوستن قد قام برحلة طويلة إلى الشرق الأوسط لتوضيح معالم تحالف "حارس الازدهار" الذي يريد بناءه، ومهمته "الدفاعية" بطبيعتها، وأنه سيكون بمثابة "دورية" لمساعدة السفن التجارية عند "الضرورة".

وقد انضمت إليه، من الدول الـ40 التي شاركت في الاجتماع الافتراضي 20 دولة، وقليل من هذه الدول لديها قدرات دفاعية بحرية، كما تقول الصحيفة.

وألمحت لوفيغارو إلى أن الشكوك الفرنسية مردها هو أن هجمات الحوثيين اليمنيين على السفن التجارية في البحر الأحمر قد تجعل الولايات المتحدة أقرب إلى الرد العسكري، خاصة أنها أرسلت حاملة الطائرات "يو إس إس دوايت أيزنهاور" وسربها من الخليج العربي إلى خليج عدن، قبالة سواحل اليمن، وأن البنتاغون زود البيت الأبيض بخيارات عسكرية مختلفة ضد الحوثيين والقواعد التي يشنون منها هجماتهم.

وإضافة إلى ذلك، رفعت الإدارة الأميركية السرية قبل أيام عن معلومات استخباراتية تتهم إيران بالتورط في التخطيط لعمليات ضد الشحن التجاري في البحر الأحمر، وبتزويد الحوثيين بالصواريخ والمسيرات، وإتاحة أنظمة المراقبة والاستخبارات العملياتية اللازمة لمهاجمة السفن التجارية التي تعبر مضيق باب المندب.

وبالفعل أعلنت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي أدريان واتسون أن "الدعم الإيراني طوال أزمة غزة سمح للحوثيين بشن هجمات ضد إسرائيل وأهداف بحرية، على الرغم من أن إيران تترك لهم القرار العملياتي".

أزمة خطيرة

وذكرت الصحيفة أن الحوثيين شنوا هجماتهم البحرية الأولى دعما للفلسطينيين في غزة، بإطلاق صواريخ باليستية على ميناء إيلات الإسرائيلي، ثم هاجموا السفن المتجهة إلى إسرائيل عبر البحر الأحمر أو السفن المرتبطة بالمصالح التجارية الإسرائيلية، ومنذ ذلك الحين قاموا بنحو 40 هجوما ضد السفن التجارية، بطائرات واستخدام مسيرات وصواريخ باليستية مضادة للسفن.

ودفعت هذه العملية العديد من شركات الشحن إلى تحويل سفنها إلى رأس الرجاء الصالح، وأوقفت شركات النفط عبور الناقلات العملاقة في البحر الأحمر، مما زاد تكاليف شحن الحاويات بمئات الدولارات، وقد يؤدي ذلك إلى تأخير التوزيع ونقص المنتجات وتعطيل الاقتصاد العالمي.

وقال جون ماكوون، المحلل في مركز الإستراتيجية البحرية في أرلينغتون بولاية فيرجينيا إن "هذه أزمة خطيرة بالنسبة للتجارة البحرية العالمية"، وأضاف أن "التجارة البحرية بين آسيا وأوروبا التي تمثل ما بين 25 إلى 30% من التجارة العالمية، تمر غالبيتها عبر قناة السويس"، مشيرا إلى أن هجمات الحوثيين لها عواقب تتجاوز البحر الأحمر، وتؤثر على العالم بأسره.

وأعلنت الولايات المتحدة إنشاء عملية بحرية دولية تحت اسم "حارس الازدهار"، مسؤولة عن ضمان أمن هذا الطريق البحري، وقال لويد أوستن "هذا تحدٍ دولي يتطلب عملا جماعيا"، ورد الحوثيون برسالة تحد تقول "لدينا الوسائل اللازمة لإغراق أسطولكم وغواصاتكم وسفنكم الحربية، البحر الأحمر سيكون مقبرتكم".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی البحر الأحمر السفن التجاریة

إقرأ أيضاً:

من البحر الأحمر والأسود.. دروس للبحرية الأميركية لاحتمال مواجهة الصين

 تتعلم البحرية الأميركية دروسا من قتالها في البحر الأحمر خلال العام الماضي وما فعلته أوكرانيا لصد الروس في البحر الأسود، تفيد في مساعدة القادة العسكريين الأميركيين على الإعداد لأي صراع مستقبلي محتمل مع الصين.

من الطائرات بدون طيار والسفن غير المأهولة إلى التشغيل الأكثر تقدما للمدافع على متن السفن، تعمل البحرية على توسيع مهاراتها القتالية وتوسيع نطاق التدريب. كما أنها تعمل على التغلب على مشكلة التجنيد حتى تتمكن من الحصول على البحارة الذين تحتاجهم لخوض الحرب القادمة.

تضع الأدميرال ليزا فرانشيتي، رئيسة العمليات البحرية، سلسلة من الأهداف، بما في ذلك العديد من الأهداف التي سيكون من الصعب للغاية تحقيقها، وفي خطة ملاحة جديدة تحدثت عنها في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس، تقول إن الهدف هو أن تكون مستعدا لمواجهة ما يسميه البنتاغون التحدي الرئيسي للأمن القومي: الصين.

وتقول "أنا أركز بشدة على 2027. إنه العام الذي أخبر فيه الرئيس شي (جين بينغ) قواته أن تكون مستعدة لغزو تايوان"، وتضيف "نحن بحاجة إلى أن نكون أكثر استعدادا". 

وتشمل الخطة الجديدة، التي من المقرر إصدارها الأربعاء، ما تعتبره سبعة أهداف ذات أولوية، تتراوح من التغلب على التأخير في صيانة مستودعات السفن إلى تحسين البنية التحتية للبحرية والتجنيد واستخدام الطائرات بدون طيار والأنظمة المستقلة.

تتمثل إحدى التحديات الكبيرة في أن يكون 80٪ من القوة جاهزة بما يكفي في أي وقت للانتشار للقتال إذا لزم الأمر، وهو أمر اعترفت بأنه "هدف ممتد". وقالت إن المفتاح هو الوصول إلى مستوى من الاستعداد القتالي حيث "إذا تم الاتصال بنا، يمكننا الضغط على زر" انطلق "ويمكننا زيادة قواتنا حتى نتمكن من تلبية النداء".

 ويأتي الإعلان عن الأهداف في الوقت الذي يسير قادة الولايات المتحدة على خيط رفيع، ويتعهدون بالالتزام بالدفاع عن تايوان بينما يعملون أيضا على إبقاء الاتصالات مفتوحة مع بكين لردع صراع أكبر.

ورفضت تايوان، وهي جزيرة ديمقراطية تتمتع بالحكم الذاتي وانفصلت عن الصين الشيوعية في عام 1949، مطالب بكين بقبول الوحدة. وتقول الصين إنها ستفعل ذلك بالقوة إذا لزم الأمر. والولايات المتحدة ملزمة بموجب القانون المحلي بالمساعدة في الدفاع عن تايوان وتزويدها بالأسلحة والتكنولوجيا لردع الغزو.

ومن العناصر المهمة في أي صراع في آسيا والمحيط الهادئ الحاجة إلى السيطرة على البحار. وقالت فرانشيتي إن الولايات المتحدة يمكن أن تتعلم من كيفية استخدام الأوكرانيين للطائرات بدون طيار والغارات الجوية والسفن غير المأهولة بعيدة المدى للحد من نشاط السفن الروسية في غرب البحر الأسود وإبقاء الوصول مفتوحا إلى الموانئ الحيوية. 

وقد قدمت معركة البحرية التي استمرت شهورا مع المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن دروسا أخرى، وأوضحت" أعتقد أنه ربما لا أحد يتعلم أكثر من البحرية، لأن هذه هي المرة الأولى التي نكون فيها في منطقة اشتباك الأسلحة لهذه الفترة المستمرة ".

وقالت إن البحارة يراقبون هجماتهم ويحللون البيانات بينما تستجيب السفن. 

وفي وقت سابق من هذا العام، تمركزت حاملة الطائرات "يو إس إس دوايت دي أيزنهاور" في البحر الأحمر لمساعدة إسرائيل والدفاع عن السفن التجارية والعسكرية من هجمات الحوثيين. وعادت حاملة الطائرات إلى الوطن بعد انتشار دام أكثر من ثمانية أشهر قالت البحرية إنه كان أعنف معركة بحرية منذ الحرب العالمية الثانية.

ومن الجهود الرئيسية الأخرى تحسين تطوير البحرية للأنظمة والأسلحة غير المأهولة والمستقلة ودمجها في التدريب والقتال. ونظرا لأن الجيش يجلب تقنيات جديدة، بما في ذلك السفن السطحية غير المأهولة، تحتاج البحرية إلى التأكد من أن لديها بحارة مدربين يمكنهم استخدامها وإصلاحها. 

وتشير خطة الملاحة الجديدة إلى أن البحرية تعمل الآن على مفاهيم ومتطلبات أنظمة روبوتية أكبر وتطبيقات الذكاء الاصطناعي التي يمكن استخدامها لفهم ساحة المعركة والتحكم فيها.

يدرك قادة البحرية أيضا القيود المالية التي من المحتمل أن يواجهوها من الكونغرس، وهي قيود لا يمتلكها منافسون مثل الصين. وتتفوق الصين على الولايات المتحدة في عدد السفن ومن المتوقع أن تفعل ذلك في المستقبل. 

وقال مسؤولو البحرية إنه رغم رغبتهم في قوة بحرية أكبر، إلا أنهم بحاجة إلى تعويض ذلك من خلال العمل بشكل أكثر فعالية مع الجيش والقوات الجوية وقوة الفضاء ومشاة البحرية، وهو أمر قامت به الولايات المتحدة تاريخيا بشكل جيد للغاية.

وسيكون التحدي هو القضاء على تجاوزات الصيانة التي غالبا ما تمنع السفن من الانتشار في الوقت المحدد. وقالت فرانشيتي إن إدخال السفن وإخراجها من المستودعات في الوقت المحدد أمر بالغ الأهمية لوجود بحرية جاهزة للقتال. هذه هي الأشياء التي نعلم أننا بحاجة إلى أن نكون قادرين على القيام بها للحصول على القوة التي ستكون أكثر استعدادا كل يوم.

مقالات مشابهة

  • من البحر الأحمر والأسود.. دروس للبحرية الأميركية لاحتمال مواجهة الصين
  •   البحرية الامريكية:فشلنا في البحر الاحمر ونواجه تحديات في صيانة السفن والقدرة على الانتشار
  • متعة الاستمتاع بالطبيعة الصحراوية.. تعرف على سياحة السفاري بالبحر الأحمر
  • دفاع النواب تُثمن إنقاذ القوات البحرية لـ3 سائحين بريطانيين بالبحر الأحمر
  • وظائف شاغرة بفنادق سياحية بالبحر الأحمر.. اعرف شروط التقديم
  • معلومات عن سمكة شيطان البحر في يومها العالمي.. ظهرت بالبحر الأحمر
  • القوات البحرية تنقذ 3 سائحين بريطانيين بالبحر الأحمر- صور
  • تفاصيل إنقاذ القوات البحرية لـ3 سائحين بريطانيين فقدوا في رحلة غوص بالبحر الأحمر
  • المتحدث العسكري: القوات البحرية تنقذ 3 سائحين في البحر الأحمر
  • قائد أوروبي في البحر الأحمر: ساهمنا بحماية 300 سفينة