أخبارنا:
2024-12-27@14:17:20 GMT

تطورات مؤثرة في مستقبل العلاقات المغربية الجزائرية

تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT

تطورات مؤثرة في مستقبل العلاقات المغربية الجزائرية

بقلم: بلال التليدي

عرفت الأيام القليلة الماضية سلسلة مزدحمة من التطورات التي من المتوقع أن يكون لها تأثير دال على مستقبل العلاقات المغربية الجزائرية. في البدء نشير إلى تطورين مهمين، يخصان العلاقة المغربية الأمريكية، فقد زار نهاية هذا الأسبوع (17-18 ديسمبر/كانون الأول الجاري) نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون شمال إفريقيا، جوشوا هاريس الرباط والتقى بوزير الخارجية المغربية ناصر بوريطة، وسبقته الخارجية الأمريكية بالتأكيد في تصريح لها على عدم تغير موقفها الثابت والواضح من قضية الصحراء، مجددة دعم واشنطن للمقترح المغربي للحكم الذاتي وواصفة إياه بـ»الجاد وذي المصداقية والواقعي».

أما التطور الثاني، فيهم تأشير «مشروع قانون إقرار الدفاع الوطني الأمريكي، الخاص بسنة 2024، على انضمام المغرب إلى القيادة المركزية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، المعروفة اختصارا بـ US CENTCOM.

التطور الثالث، يهم العلاقات العربية الروسية، واستضافة المغرب لفعاليات الدورة السادسة من منتدى التعاون العربي الروسي بمراكش (20 ديسمبر/كانون الأول الجاري) ورئاسة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة لهذا الاجتماع ذي الطابع الإقليمي وحديث عن مقاطعة جزائرية لهذا المنتدى.

التطور الرابع، ويهم مستوى التصعيد العسكري في المنطقة، إذ أفاد المغرب بتعرض إقليم أوسرد المغربي (الأقاليم الجنوبية) لهجوم نفذته قوات البوليساريو يوم الجمعة 15 ديسمبر الجاري، ولم يخلف خسائر بشرية ولا مادية، ووقوف عناصر المينورسو والقوات المسلحة الملكية على هذا الحادثة.

أما التطور الخامس، فيهم العلاقات الجزائرية المالية، إذ استدعت الخارجية المالية أمس الخميس السفير الجزائري لتبلغه مذكرة احتجاج ضد أفعال جزائرية «غير ودية» من جانب بلاده، و»تدخلها في الشؤون الداخلية» لمالي بسبب عقد الجزائر اجتماعات مع الانفصاليين الطوارق دون سابق تنسيق مع السلطات المالية وتقديمها الدعم لهم.

هذه التطورات المؤثرة، مع تزامن عقد المنتدى العربي الروسي مع احتجاج مالي على الجزائر، تشير إلى أن المعادلة في المنطقة بصدد التغير، وأن الجزائر بدأت تفقد الجغرافيا السياسية وأيضا الدبلوماسية في مواجهتها للمغرب، فمن جهة، سيصعب على موسكو تفهم مقاطعة الجزائر للمنتدى العربي الروسي المنعقد بمراكش، لأن تعليل الجزائر الأمر بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، يتعارض بشكل مطلق مع تعليل سابق لها بخصوص مشاركة المغرب في القمة العربية في الجزائر، وأن الجزائر تميز بين العلاقات الثنائية والعلاقات المتعددة الأطراف، ومن ثم، سيكون من الصعب على موسكو تفهم الموقف الجزائري بهذا الخصوص، هذا إن لم تكن مقاطعة الجزائر لهذا الاجتماع موجهة أساسا إلى موسكو بحكم تطور العلاقات مع المغرب، والتي بدأت تتجه إلى مسارات مقلقة للجزائر، إذ تتهم الجزائر الإمارات العربية المتحدة بالعمل على دفع موسكو في اتجاه المغرب وإبعادها عن الجزائر.

وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، صرح أول أمس في الرباط بأن موقف بلاده من قضية الصحراء، هو دعم قرارات مجلس الأمن، ودعم جهود مبعوث الأمين العام للصحراء ديميستورا، وهو ما يعني أنه مع إلزام الجزائر بالمشاركة في الموائد المستديرة، ومع أنها تؤسس جهود الحل السياسي على الحل الواقعي القابل للتطبيق، أي على مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب، وليس على مطلب الاستفتاء الذي تتشبث به الجزائر والذي أكد مجلس الأمن في قراراته على عدم قابليته للتطبيق.

كما يكشف التوتر بين الجزائر ومالي، عزلة الجزائر جيوسياسيا، وتعميق عزلتها، فهي اليوم، تعيش على إيقاع حدود مضطربة من جهة ليبيا، ودولة غير مأمونة الاتجاه والولاء من جهة تونس، وعلاقات ملتهبة مع المغرب، وتوتر العلاقات مع مالي، وهشاشة الاستقرار السياسي في النيجر.

الملاحظة المقارنة، تفيد بأن المعادلة تغيرت بشكل كبير، ففي الوقت الذي كان المغرب يدور في فلك أمريكا وفرنسا، وكانت الجزائر تتمسك بدعم موسكو لها وتناور في علاقتها مع إسبانيا، وكان الطرفان الإقليميان (المغرب والجزائر) يتنازعان النفوذ في منطقة الساحل جنوب الصحراء، ويسعيان إلى توسيع عملية الاستقطاب إفريقيا، أضحى المغرب، يوسع علاقاته مع موسكو، ويحتضن لقاء عربيا روسيا في مراكش بمقاطعة جزائرية، ويؤشر التوتر مع مالي على بداية فقدان الجزائر للجغرافيا السياسية ولمركز النفوذ في منطقة الساحل جنوب الصحراء. أما من جهة الدعم الدولي، فالمسار الذي اتجه إليه المغرب، أثمر اعترافا أمريكيا بمغربية الصحراء وتأكيدا واضحا لواشنطن لدعمها لمقترح الحكم الذاتي، وانخراطا إسبانياً واضحا في دعم هذا المقترح، ووجود مؤشرات تحول في الموقف الفرنسي، في الوقت الذي لم تنجح فيه الجزائر في تأمين استمرار شراكة استراتيجية جزائرية فرنسية على حساب المغرب، وعادت لإصلاح علاقاتها بإسبانيا دون أن تستجيب مدريد لأي مطلب من مطالب الجزائر، التي سبقت أن وضعت شروطا لتصحيح هذه العلاقة بعد أن بعث رئيس الوزراء بيدرو سانشيز رسالة إلى الملك محمد السادس يعبر فيه عن موقفه الداعم للمقترح المغربي للحكم الذاتي. فقد أقدمت الجزائر على تعيين عبد الفتاح دغموم سفيرا جديدا لها في إسبانيا وإنهاء الأزمة التي استمرت حوالي عشرين شهرا، بعدما تأكدت أن مدريد ليست بصدد تغيير موقفها من الصحراء المغربية.

حسابات الجزائر، كانت تقوم على فكرة أن موقف بيدرو سانشيز لا يمثل الدولة الإسبانية، وأن حكومته لن تستمر في الحكم، وأن التغيير السياسي المقبل في إسبانيا، ستنتج عنه ضرورة تغير موقفها من الصحراء، لكن الوقائع أثبتت عدم دقة هذا التقدير، وأثبتت الحسابات الانتخابية والتحالفية عودة بيدرو سانشيز للحكم، وبالتالي استمرار الموقف الإسباني الداعم لمغربية الصحراء.

من المثير للانتباه في هذا الصدد أن المغرب اختار – وللمرة الثالثة – نهج الهدوء وضبط النفس في التعامل مع هجمات البوليساريو التي تستهدف أراضيه، مرتين في مدينة السمارة، ومرة ثالثة في مدينة أوسرد، مع تصريح ممثله الدائم بمجلس الأمن عمر هلال بأن الرباط ستختار الوقت والمكان المناسب للرد.

واضح من هذه السياسة عدم الانفعالية، أن المغرب، يرتب الأجواء الدولية والإقليمية لسلوك يشبه إلى حد كبير السلوك الذي قام به عندما استهدفت البوليساريو منطقة الكركرات، ورهنت التجارة الدولية هناك، فالتطورات الجارية، بما في ذلك تعزيز العلاقات المغربية الأمريكية، لاسيما في شقها العسكري، وتطور العلاقات المغربية الروسية، وتقوية العلاقات المغربية الإسبانية، وسعي حثيث إلى جر باريس إلى منطقة الاعتراف بمغربية الصحراء، كل ذلك يعزز فرضية أن يتجه المغرب إلى خطة مماثلة لخطته بالكركرات، لا تثير أي قلق دولي، وتجعل من بسط المغرب لنفوذه على المنطقة العازلة خيارا ضروريا لتأمين المنطقة.

زيارة نائب وزير الخارجية الأمريكي للجزائر، بل وبدؤه بها يمكن أن يفهم في هذا الإطار، أي بعث رسالة تحذيرية من مخاطر الاستثمار في الخيار العسكري عبر دعم هجمات البوليساريو لمدن المغرب الجنوبية.

وهكذا، يمكن أن نعتبر الهجوم على مدينة أوسرد بمثابة رد جزائري على زيارة نائب وزير الخارجية الأمريكي جوشوا هاريس لها، وأن الرباط التقطت الرسالة، وأن الطريق صار معبدا للانتقال من مرحلة ضبط النفس إلى ترتيب الأثر السياسي عن الدعم الدولي والإقليمي الذي حصلته، وإنتاج سياسة وشيكة على شاكلة سياسته بتأمين معبر الكركرات.

 

كاتب وباحث مغربي

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: العلاقات المغربیة الخارجیة الأمریکی وزیر الخارجیة من جهة

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية: متفائل للغاية بمستقبل العلاقات بين مصر وتشاد

قال الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية، إنّ هناك طموح كبير في دفع العلاقات بين مصر وتشاد في كل المجالات، كما أجرت الشركات المصرية اليوم لقاءات مهمة بحضوره مع وزير البنية التحتية التشادي، بالإضافة إلى وزراء قطاعيين مثل وزارة الاتصالات ووزارة الصحة.

وزير الخارجية والهجرة يزور فرع جامعة الإسكندرية في تشاد مصر وتشاد تتفقان على إنشاء طريق يربط بحيرة تشاد بالمتوسط هناك إمكانيات كبيرة لتعزيز التعاون مع تشاد

وأضاف عبد العاطي في لقاء مع الإعلامي همام مجاهد، عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، على هامش زيارته دولة تشاد: «هناك إمكانيات كبيرة لتعزيز التعاون مع تشاد، ولدينا مدينة الدواء المصرية، ويتم الحديث عن دخول الدواء المصري السوق التشادي، فهو مشهور بأنه رخيص الثمن وعالي الجودة".

وتابع وزير الخارجية: «أنا متفائل للغاية بمستقبل العلاقات بين مصر وتشاد، وسوف تكون هناك لجنة مشتركة يرأسها وزيرا خارجية البلدين وعضوية الوزراء الفنيين من البلدين ستجتمع في القاهرة بشهر مارس القادم لمراجعة المشروعات والعمل على تنفيذها، وثمة أفكار مبتكرة لمعالجة التمويل، مثل الصفقات المتكافئة، وغيرها من الأفكار لتوفير خطوط لتمويل وتنفيذ هذه المشروعات».

وذكر وزير الخارجية، إنّ ثمّة فرص كبيرة في السوق التشادي، وبخاصة لقطاعات الزراعة والطاقة الجديدة المتجددة والتعمير والبناء والتشييد.

 زيارة الرئيس التشادي الأخيرة لمصر

وأضاف عبد العاطي على هامش زيارته دولة تشاد: «خلال زيارة الرئيس التشادي الأخيرة لمصر وتشرفه بمقابله الرئيس السيسي تم الاتفاق على مشروع الربط البري، وهو مشروع ضخم كبير وطموح وممر كبير للتنمية».

وتابع وزير الخارجية: «هذا المشروع يربط بين ميناء سفاجا المصري على البحر الأحمر ومدينة أم جرس في شمال تشاد مرورا بالأراضي الليبية، ونسعى إلى تنفيذ هذا المشروع وستتولى شركة المقاولون العرب الجزء الأكبر من عملية التنفيذ عبر التحالف مع الشركات الأخرى».

نقلة نوعية غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين مصر وتشاد

وأكد، أن تنفيذ هذا المشروع سيمثل نقلة نوعية غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين مصر وتشاد، مشددًا، على أنه ممر للتنمية وسيكون بجواره ربط من خلال شبكة الألياف الضوئية لإحداث ثورة في الاتصالات وثورة في الإنترنت داخل تشاد، وسيتم إقامة العديد من المشروعات العمرانية والمجتمعات الزراعية على جانبي هذا الطريق.

مقالات مشابهة

  • النظام العسكري الجزائري يفشل في تسميم العلاقات المغربية المصرية بترويج وثائق مزورة
  • وزير الخارجية: متفائل للغاية بمستقبل العلاقات بين مصر وتشاد
  • المغرب: موجة حزن تجتاح منصات التواصل بعد وفاة التيكتوكر هشام
  • تقرير: الجزائر تستغل قمة طرابلس لمهاجمة المغرب ودعم البوليساريو
  • صحيفة إسبانية: المغرب يتوسع في سيطرته على إدارة المجال الجوي في الصحراء
  • نيويورك تايمز : كاريزما فوزي لقجع جعلت من الكرة المغربية دبلوماسية قائمة بذاتها
  • مباحثات مصدري أوزبكية لمناقشة مستقبل العلاقات الاقتصادية والاستثمارية المُشتركة
  • محمد بن راشد يعلن فوز البروفيسورة الجزائرية ياسمين بلقايد بـ«نوابغ العرب» في الطب
  • عدن.. وزير الخارجية يلتقي مدير الصحة العالمية الذي يزور اليمن لأول مرة
  • سفير مصر بالمغرب: سأدعو المستثمرين المغاربة لزيارة وحدات الإنتاج الحربي