تلوح في الأفق انفراجة قريبة للأزمة التي تسببت بها جماعة الحوثي وتهديدها حركة الملاحة والشحن داخل البحر الأحمر، عبر مهاجمة السفن الإسرائيلية التي تمر من مضيق باب المندب، تضامنا مع قطاع غزة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي تسبب في تحويل عدد من شركات الشحن الدولية وجهتها إلى الطريق البحري القديم الذي يدور حول قارة إفريقيا وهو طريق "رأس الرجاء الصالح".

العودة إلى البحر الأحمر 

واستهدفت جماعة أنصار الله الحوثي في اليمن، العديد من السفن التجارية التابعة لإسرائيل عند مرورها باب المندب ومضيق هرمز في الخليج العربي، الأمر الذي دعا الولايات المتحدة الأمريكية، إلى إنشاء قوة دولية لحماية الممرات الملاحية في البحر الأحمر والخليج العربي وكذلك المحيط الهندي.

من جهتها، كشفت مصادر ملاحية، أن شركتي (إيفرجرين) التايوانية، (سي أم آي سي جي أم) الفرنسية للشحن البحري أرسلتا إخطارات لقناة السويس وشركات لوجيستية بعودتهما للملاحة في البحر الأحمر والممر الملاحي خلال الأيام المقبلة.

وقالت المصادر، من بينها مسؤول ملاحي بقناة السويس، لـ "العربية"، إن القناة ستستقبل أولى ناقلات إيفرجرين الأسبوع المقبل بعد الإخطار الذي أرسلته بعودتها للملاحة، مشيرة إلى أن "الناقلة تحمل اسم (زيوس) وموجودة حاليا بالمياه الإقليمية السعودية".

قناة السويس بخير.. فيتش تنصف الممر الأهم عالميا و20 دولة بحارس الازدهار لماذا يربك الحوثي الحسابات الأمريكية مع إسرائيل رغم اعتراض مسيراته

وذكر مصدر، أن السفينة (سي. إم. إيه واشنطن) التابعة لعملاق النقل البحري الفرنسي، والتي كانت تقف بخليج عدن الأسبوع الماضي، استأنفت رحلاتها بالبحر الأحمر ومن المنتظر أن تدخل اليوم الخميس، ميناء السخنة المصري لتفريغ شحنتها.

وأعلنت شركة "سي أم آي سي جي أم" الفرنسية و"ميرسك" الدنماركية استنئناف تسيير سفنها عبر البحر الأحمر، وذلك بعد تعليق حركة الشحن بسبب هجمات جماعة الحوثيين على خلفية الحرب في غزة.

وقالت الشركة الفرنسية في رسالة لعملائها، إن "بعض السفن عبرت البحر الأحمر"، وإنها تعتزم "زيادة تسيير سفنها عبر قناة السويس بشكل تدريجي".

من جهتها، أكدت "ميرسك" أنها تعتزم "استئناف الملاحة في البحر الأحمر"، مشيرة الى أن السفن ستعاود استخدام هذا الممر البحري "في أسرع وقت ممكن".

وكانت شركات نقل عالمية كبرى قد أعلنت من منتصف ديسمبر، تعليق مرور سفنها عبر البحر الأحمر بعد إعلان الحوثيين منع مرور السفن من وإلى إسرائيل. واستهدفت عددا من السفن التي تتعامل مع إسرائيل.

تهديدات جماعة الحوثي

وأكد الحوثيون اليمنيون أن عملياتهم تأتي لنصرة غزة التي تشهد حربا منذ السابع من أكتوبر بين إسرائيل وحركة حماس، مؤكدين أنها "ستتواصل ما لم يتم السماح بإدخال مواد إغاثية من أغذية وأدوية الى القطاع المحاصر".

ودفعت هجمات الحوثيين، الولايات المتحدة إلى تشكيل تحالف دولي يعرف بـ حارس الازدهار، يضم أكثر من 20 بلدا لحماية الملاحة في البحر الأحمر.

ورأت شركة "ميرسك" أن تشكيل هذا التحالف "نبأ جيد لكامل قطاع" النقل البحري؛ لأنه يتيح استئناف حركة الملاحة، الا أنها اعتبرت أن "الخطر عموما في هذه المنطقة ما زال قائما".

بدورها، أكدت الشركة الفرنسية أنها "تتابع الوضع بشكل دائم، وهي على استعداد لإعادة تقييم خططها اذا تطلب الأمر.

وكان الجيش الأميركي قد أعلن الثلاثاء أنّه أسقط أكثر من 10 طائرات مسيّرة هجومية وصواريخ أطلقها الحوثيون من اليمن باتجاه سفن شحن في البحر الأحمر من دون أن تسفر عن إصابات أو أضرار.

ممر آمن.. تفاصيل جديدة بشأن عملية "حارس الازدهار" لحماية الملاحة بالبحر الأحمر كتائب القسام تعلن تدمير جرافة إسرائيلية في مخيم البريج وسط قطاع غزة

بدورهم، شدد الحوثيون الثلاثاء على استمرار دعم وإسناد الشعب الفلسطيني، مجددين موقفهم "بشأن منع مرور كافة السفن الإسرائيلية".

ويعد البحر الأحمر الرابط بين قناة السويس ومضيق باب المندب ممرا أساسيا للملاحة الدولية، وتمرّ عبره زهاء 20 ألف سفينة تجارية سنويا.

ويفرض تفادي المرور عبر البحر الأحمر تكاليف ووقتا إضافيين على شركات النقل، اذ تضطر إلى الاستدارة حول قارة إفريقيا للانتقال من آسيا الى أوروبا، عوضا عن عبور البحر الأحمر وقناة السويس وصولا الى المتوسط.

ومع تزايد التوتر في البحر الأحمر عقب الهجمات الحوثية على السفن التجارية، أكد وزيرا الخارجية المصري والأردني، أن أمن الملاحة في البحر الأحمر "جزء لا يتجزأ من الأمن القومي للبلدين".

انتظام المرور عبر القناة

والتقى وزير الخارجية، السفير سامح شكري نظيره الأردني أيمن الصفدي بالقاهرة، الثلاثاء، حيث تناولا عدة موضوعات ذات اهتمام مشترك، من بينها أمن الملاحة في البحر الأحمر.

كما أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، الثلاثاء، بأن مسألة أمن الملاحة في البحر الأحمر تبرز في ظل أهمية هذا المسار بالنسبة لحركة التجارة الدولية، ومن ثم فإن الأمر يعتبر "جزءا لا يتجزأ" من الأمن القومي للبلدين.

وتوقفت كبرى شركات الشحن في العالم، عن استخدام طرق البحر الأحمر بعد أن بدأت جماعة الحوثي المسلحة في اليمن استهداف السفن في وقت سابق من هذا الشهر مما أدى إلى تعطيل التجارة العالمية.

من جانبه قال اللواء سمير فرج، المفكر والخبير الاستراتيجي، إن هناك أهمية كبيرة للقواعد العسكرية المتواجدة في جيبوتي للبحر الأحمر، لافتا إلى أن أي "تقصير يحدث في البحر الأحمر له تأثير على قناة السويس".

وأضاف المفكر والخبير الاستراتيجي، أنه خلال أسبوعين ستنتهي أزمة تحديد حركة الملاحة في البحر الأحمر، مبينا أن هناك تصاعدا كبيرا من قبل الحوثيين في البحر الأحمر.

وأكد أن القواعد العسكرية المتواجدة في جيبوتي مهمة، في ظل نجاحها للقضاء على قراصنة البحر الأحمر، مبينا أن "أمريكا من خلال قواتها تستطيع السيطرة على البحر الأحمر".

ولفت اللواء سمير فرج، إلى أن الولايات المتحدة تمثل 99% مما يتم في العالم وهي مقولة الرئيس الراحل السادات، لافتا إلى سيطرة إيران على باب المندب من خلال الحوثيين ومضيق هرمز، يتسبب في مشكلة بالمنطقة من خلال تصرفاتها.

وشدد اللواء سمير فرج، على أن مصر قادرة على حماية قناة السويس من أي تهديدات، مشيرا إلى أن "مصر لديها قوات بحرية ترتيبها السادس على العالم"، مشددا على أن المشكلة الحالية بين الحوثيين في اليمن وإسرائيل.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: البحر الأحمر مضيق باب المندب جماعة الحوثي جماعة أنصار الله الحوثي قناة السويس ايفرجرين قطاع غزة الملاحة فی البحر الأحمر جماعة الحوثی قناة السویس باب المندب إلى أن

إقرأ أيضاً:

هآرتس: الحرب مع إسرائيل تعزز قبضة الحوثيين على الداخل وتثير قلق دول الخليج (ترجمة خاصة)

قالت صحيفة عبرية إن الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وجماعة الحوثي يعزز قبضة الأخيرة على الداخل اليمني ويثير في الوقت نفسه قلق دول الخليج العربي.

 

وذكرت صحيفة "هارتس" في تحليل للباحث تسفي برئيل وترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست" إن الحرب المستمرة تحافظ على النظام الصارم للحوثيين في اليمن، وليس هناك يقين من أنه إذا انتهت الحرب في غزة، أو إذا طلبت إيران منهم وقف هجماتها، فإن المتمردين سيتوقفون عن إرهاب إسرائيل والبحر الأحمر.

 

وقال التحليل إن اتفاق الرواتب، وهو نتاج لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في عام 2022 بين الحكومة اليمنية والحوثيين، يشكل انتصارا مهما للحوثيين لأنه قد يزيل على الأقل عنصرا واحدا من القائمة الطويلة من العوامل التي تشكل تهديدا مستمرا لاستقرار نظام الحوثيين الذي سيطر على صنعاء في عام 2014.

 

وأضاف "في مواجهة هذه الترتيبات والاتفاقيات التي تدعم نظام الحوثيين، قد يتساءل المرء عن مدى تأثير هجمات إسرائيل على ميناء الحديدة وأهداف أخرى على قدرة النظام على مواصلة الحرب أو ردعه عن إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار على إسرائيل.

 

نطاق العمليات الإسرائيلية محدود

 

وحسب التحليل فإن الأمر الأكثر أهمية هو أنه على الرغم من الصور المثيرة للإعجاب القادمة من المواقع المتضررة وانقطاع التيار الكهربائي المرتبط بها، فإن نطاق العمليات الإسرائيلية في اليمن محدود. ومع ذلك، لا يرجع هذا إلى نقص القدرات العسكرية. فعندما يتم ضرب ميناء الحديدة، لا يتوقف الضرر في مناطق الحوثيين، بل يؤثر على البلاد بأكملها.

 

وطبقا للصحيفة فإن الحديدة هي ميناء الدخول ليس فقط للأسلحة الإيرانية والمساعدات العسكرية، ولكن أيضًا للمساعدات الإنسانية المخصصة لنحو 70 في المائة من سكان البلاد الذين يعيشون تحت خط الفقر. وكان هذا أيضًا السبب وراء تجنب الولايات المتحدة وشركائها في التحالف العسكري الذي أنشأته في البحر الأحمر لمكافحة التهديد الحوثي مهاجمة الميناء باستمرار.

 

ووفقا للصحيفة العبرية فإن استراتيجية الاستجابة الأمريكية تقوم على مبدأ "الردع والتدهور" في مواجهة الحوثيين في اليمن، وهو ما يعني عمليًا ضرب القواعد العسكرية ومواقع إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار، ولكن ليس البنية التحتية المدنية.

 

قلق دول الخليج

 

وترى أن إدارة بايدن، التي لا تخلو إدارتها لحملة البحر الأحمر من التناقضات، سعت دون جدوى إلى اتباع سياسة ثنائية، تعزيز المفاوضات بين شطري اليمن بيد واحدة والعمل بقوة ضد الإرهاب الحوثي الذي شل حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر وألحق أضرارا جسيمة بالاقتصاد العالمي بشكل عام ودول المنطقة بشكل خاص.

 

وقالت "للوهلة الأولى، لا تواجه إسرائيل مثل هذه المعضلة، ولا يشكل تدمير البنية التحتية المدنية عقبة في اعتباراتها الاستراتيجية. ولكن أكثر من غزة ولبنان، والآن في سوريا، يجب على اسرائيل أن تأخذ في الاعتبار ليس فقط المصالح والسياسات الأمريكية، ولكن أيضًا مصالح وسياسات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر.

 

وأردفت "لم تنضم هذه الدول إلى التحالف العسكري المناهض للحوثيين الذي أنشأته واشنطن، على الرغم من الأضرار الاقتصادية التي تعاني منها. ويتمثل خوفها الرئيسي في أن يضعها الحوثيون على قائمة أهدافهم ويجددون هجماتهم على الأصول الاقتصادية الحيوية - وخاصة على المنشآت النفطية، كما فعلوا في عام 2019، عندما تضررت منشآت أرامكو".

 

وأوضحت أن هجمات من هذا النوع دفعت أبو ظبي إلى الانسحاب من التحالف العسكري الذي أنشأته المملكة العربية السعودية في عام 2017 وتوثيق علاقاتها مع إيران مقابل الهدوء من جانب الحوثيين. ولا تزال السعودية ترى نفسها وسيطًا في عملية السلام الداخلية في اليمن، والتي تهدف، من بين أمور أخرى، إلى إنشاء حكومة يمنية يكون الحوثيون شركاء فيها.

 

وأفادت أن مصر حاولت التفاوض مع الحوثيين من أجل السماح لحركة المرور في قناة السويس بالتعافي، ولكن حتى الآن دون جدوى.

 

حرب البحر الأحمر تخدم سياسة الحوثي

 

وزادت هارتس "النتيجة هي أنه في حين أن إسرائيل شريكة في التحالف العسكري في البحر الأحمر، والذي يعتمد بشكل أساسي على القوات الأمريكية والبريطانية في اختيار أهداف هجماته، إلا أنها مقيدة بـ "الخطوط الحمراء" التي تمليها دول المنطقة، وعلى الرغم من توسيع نطاق الهجمات، إلا أنها لا تزال تبدو ملتزمة بنهج إدارة بايدن "الردع والتدهور".

 

"ولا يُتوقع أن يضمن تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب الشهر المقبل توسيع القيود المفروضة على الاستجابات العسكرية. لقد دعم ترامب حرب المملكة العربية السعودية في اليمن، وفي عام 2019 استخدم حق النقض ضد مشروع قانون لخفض مبيعات الأسلحة إلى الرياض بسبب الكارثة الإنسانية الشديدة التي تسببت فيها الحرب في اليمن"، حد قول الصحيفة.

 

"لكن ترامب كان أيضًا الرئيس الذي أجبر السعوديين على بدء مفاوضات مع الحوثيين وحتى صرح بأن الحرب في اليمن لن تنتهي بقوة السلاح بل على طاولة المفاوضات"، وفق التحليل.

 

في غضون ذلك، لا يزال طموح انهيار النظام الحوثي من خلال استهداف البنية التحتية المدنية ومصادر الدخل -حسب التحليل- بعيدًا عن التحقق. مشيرا إلى إن ميناء الحديدة هو في الواقع مصدر دخل مهم للنظام، لكنه ليس المصدر الوحيد.

 

وتطرقت الصحيفة الإسرائيلية إلى إعلان الحوثي أن "الأميركيين يدفعون النظام السعودي نحو تصرفات حمقاء وعدوانية لن نقبلها. وحقيقة أننا منخرطون في "نظام الدعم" لغزة (مصطلح يرمز إلى وحدة الجبهات) لا تعني أننا لا نستطيع أن نفعل أي شيء ضد تصرفاتهم الجنونية. سنرد بالمثل. الموانئ ضد الموانئ، والمطارات ضد المطارات، والبنوك ضد البنوك". وقد نجح التهديد، وتراجعت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا عن قرارها.

 

وحسب هارتس فإن الحرب في البحر الأحمر تخدم السياسة التي يفرضها الحوثي على مواطنيه، فضلا عن فرض التجنيد العسكري والنضال الدؤوب ضد المنافسين السياسيين.

 

وخلصت صحيفة هارتس في تحليلها إلى القول "رغم أن صنعاء جزء من "حلقة النار" التي أنشأتها إيران، فإن بقاء النظام يشكل أولوية قصوى بالنسبة للمتمردين، والحرب المستمرة تخدم هذا الهدف. وبالتالي، ليس هناك يقين من أن الحرب في غزة ستنتهي، وحتى لو طلبت إيران من الحوثي وقف إطلاق النار في البحر الأحمر أو ضد إسرائيل، فقد لا يمتثل".


مقالات مشابهة

  • “ميناء أم الرشراش” والمشروع التوسعي البحري الصهيوني
  • عبدالله علي صبري : ميناء أم الرشراش والمشروع التوسعي البحري الصهيوني
  • النفوذ الإيراني في اليمن على المحك.. إلى أين تتجه المواجهة بين إسرائيل والحوثيين؟
  • هآرتس: الحرب مع إسرائيل تعزز قبضة الحوثيين على الداخل وتثير قلق دول الخليج (ترجمة خاصة)
  • تحليل غربي: رابحان من أزمة البحر الأحمر.. شركات الملاحة والحوثيون (ترجمة خاصة)
  • قناة السويس تعلن بدء تقديم خدمة جمع المخلفات من مدخلي القناة خلال الربع الأول من 2025
  • قناة السويس تدشن خدمة جمع المخلفات للحفاظ على البيئة
  • قناة السويس تعلن وصول أسطول التخلص الآمن من مخلفات السفن العابرة
  • نتنياهو يهدد الحوثيين: ماذا وراء التصعيد؟
  • الحوثيون يؤكدون إسقاط مقاتلة أميركية أعلنت واشنطن سقوطها بالخطأ